عن: نيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
في لعبة الثقة التي من شأنها أن تحط من قدر احد أكثر المواقع الأميركية تحصينا في العراق، قامت ثلة من المتعاقدين الأميركيين وسائقي شاحناتهم النيباليين بتزوير مستندات، بدون وجل، من اجل سرقة ما لا تقل قيمته عن 40 مليون دولار قيمة وقود الطائرات والديزل في مستودع عسكري، حسبما جاء في لائحة الاتهام التي أودعتها هيئة المحلفين الكبرى في فرجينيا يوم الجمعة الماضي. وكان الرجال المشتركون في عملية النصب المذهلة التي وقعت في منطقة الحرب، والذين يبلغ عددهم نحو اثني عشر شخصا، قد اعدوا الأوراق الثبوتية المزورة، وخرجوا في الطرقات بهويات مزورة، ما يظهر براعة في تقليد الأوراق الرسمية. وتشير أوراق المحكمة إلى أن هؤلاء الرجال دأبوا على ملء خزانات شاحناتهم بالوقود من المستودع الأميركي الرئيس في مطار بغداد، ومن ثم قيادة الشاحنات إلى مدينة بغداد وبيع الوقود في السوق السوداء المحلية.
كما تنص أوراق الدعوى القضائية على أن تلك العصابة باعت عشرة ملايين غالون من الوقود المسروق خلال عامي 2007 و2008، وربما أكثر من ذلك بكثير، إلى تجار السوق السوداء المعروفين باتصالاتهم مع المتمردين في العراق. كما أنهم معروفون بسيطرتهم على قطاع كبير من هذه السوق بتقاضيهم نسباً عالية من عوائدها.
تصف لائحة الاتهام هذه العملية بطريقة مشابهة لما نشاهده في أفلام التشويق والجريمة الدولية: رسائل الكترونية مشفرة تحتوي على تفاصيل الدفع إلى أعضاء المجموعة، شخص يدعى بونغ يتقمص شخصية عنصر امني،يقوم بتزوير توقيع ضابط التعاقدات الأميركي، السر جنت بوناس. ويقول أعضاء العصابة أنهم عملوا لصالح شركة تسمى (فيوتشر سيرفس، خدمات المستقبل).
كما تقول وثيقة المحكمة أن أعضاء هذه المجموعة لم يجدوا سببا لان يكتفوا بما حصلوا عليه من مال، لأنه كان سهلا جدا، حتى جاء العملاء الفيدراليون. وجاء في إحدى الرسائل الالكترونية التي تم اعتراضها، وكانت قد أرسلت في كانون الثاني من عام 2008 إلى روبرت جون جفري المتهم بالانتماء إلى العصابة: "لا أرى مشكلة، ويمكن لهذا الأمر أن يدوم عاما أو عامين آخرين." لكن لم يتم تعريف المرسل إلا بالحرفين (آر. واي.) في أوراق المحكمة.
غير إن آر. واي. أضاف بلمحة من القلق: "سوف أكون ممتنا لك إذا لم تناقش الجوانب القانونية فيما نقوم به مع أي شخص".
وكانت لائحة الدعوى، التي تم إيداعها في محكمة الكساندريا الفيدرالية بفرجينيا، قد اتهمت السيد جفري، 55 عاما، بالتآمر وسرقة ممتلكات حكومية، وهي الجرائم التي تقول وزارة العدل أن عقوبتها القصوى تصل إلى السجن 15 عاما وغرامة مالية تزيد على 250,000 دولار. وقد تولى عملاء من الأف بي اي التحقيقات التي تضمنت عمليات مراقبة من قبل الوكلاء الفيدراليين واعتراض رسائل الكترونية بالإضافة إلى المقابلات مع المخبرين، كما شارك في التحقيقات مكتب مكافحة تزوير المشتريات الحكومية في وزارة العدل.
يذكر ان لي وليام دوبوا، 32 عاما، وهو من مدينة ليكسينغتون بولاية ساوث كارولاينا، اعترف في أواخر العام الماضي بالمشاركة في عملية النصب هذه، لكن لم ترد غير تفاصيل قليلة حينذاك. ولا يعرف إلا القليل عن أي من الرجلين. فالسيد جفري عاش في الفترة الأخيرة بولاية بنسلفانيا.
وتذكر لائحة الدعوى انه قد يكون عشرة من النيباليين ونحو ستة رجال آخرين، يبدو أنهم عراقيون وأميركيون، متورطين في هذه القضية، وقد أدلى احدهم، وهو الفريدو اغويلار، والذي تمت الإشارة إليه باسم بونغ في الرسائل الالكترونية، أدلى بتفاصيل وافية لعملية النصب إلى المحققين، حيث يتظاهرون بأنهم متعاقدون أميركيون يقومون بحماية القوافل المؤلفة من شاحنات حوضية مزورة، وليس من المعروف إذا كانت قد وجهت اتهامات جنائية إلى السيد اغويلار.
وتؤكد أوراق المحكمة إن الرجال، الذين انتحلوا شخصية متعاقدين أمنيين، قد حازوا على هويات تعريف شخصية صادرة عن وزارة الدفاع، واظهروا وثائق حكومية مزورة لعناصر من الجيش الأميركي والعراقي في متاهة نقاط التفتيش التي تؤدي إلى المستودع الهائل، في كامب فيكتوري (المطار) وما كان على منتسبي الجيش إلا أن يسمحوا للقوافل بالمرور.
ولم توضح وثائق المحكمة إذا كان منتسبو القوات العسكرية الأميركية، وفي الجيش تحديدا، قد تعرضوا إلى استغفال واسع النطاق، أو إنهم كانوا مشتركين في هذه العملية. غير أن المحققين اخلوا سبيل السرجنت ارفنت بوناس وبرأوا ساحته.
وتقول أوراق القضية إن السيد جفري قد استخدم نماذج يبدو إن السرجنت بوناس قد وقعها للحصول على هوية وزارة الدفاع التعريفية في 17 كانون الأول 2007. لكن السرجنت بوناس قال في لقائه مع العملاء الفيدراليين انه لم يكن موجودا في العراق في ذلك الوقت.
و تنص هذه الأوراق على أن: "بوناس قد عاد إلى هاواي في تشرين الثاني من عام 2007، حيث تقاعد من الجيش الأميركي في آيار 2008."
ومع ذلك، فان لائحة الدعوى والأوراق الأخرى لا توضح كيف تمكنت المجموعة من تزوير أو الحصول على تواقيع ضباط الجيش الأميركي على الأوراق الرسمية، مرارا وتكرارا.
وقال اللفتنانت كولونيل كريستوفر غارفر: "طالما كانت هناك إجراءات قضائية جارية بشأن هذه القضية، فمن غير اللائق أن يعلق الجيش عليها في الوقت الحالي".