Sunday, April 12, 2009

الولايات المتحدة تفقد مواطئ أقدامها في المدن

عن: كريستيان ساينس مونيتر
ترجمة: علاء غزالة

قد لا تكون البناية الصناعية المضجرة على سعتها في وسط تلك المدينة الواقعة في وسط العراق هي المقر الفخم لزهاء مئة من الجنود الاميركيين المقيمين هنا. لكن حينما تم اغلاقها في شهر شباط الماضي، كانت كلمات الوداع التي قالها تيري براون، الكابتن في الجيش الاميركي، تحمل المرارة في ثناياها.
فقد قال، متحدثا من تلك الحامية، التي افتتحت في حزيران من عام 2007:
«يمكنك ان تشارك المعاناة اليومية للسكان طالما كنت تعيش بينهم. لكن اغلاق الحامية ليس امرا سيئا بالضرورة. ذلك سوف يمكننا من التنحي جانبا ومراقبة القوات الامنية العراقية.»
تقوم القوات الاميركية باغلاق الحاميات، التي يتوزع اغلبها في المناطق الاكثر اضطرابا في العراق، كجزء من عملية سحب القوات الى القواعد الرئيسة تمهيدا للانسحاب الكامل في عام 2011. وقد اغلقت القوات الاميركية اواعادت، منذ اوائل شهر شباط 11 حامية ومركزا امنيا مشتركا وقاعدة صغيرة كانت تستضيف كلا من القوات العراقية والاميركية. وقد سلم الجيش الاميركي يوم الثلاثاء واحدة من اكبر قواعد العمليات الامامية، وهي قاعدة الرستمية، التي تبلغ مساحتها 15,000 متر مربع وتقع جنوب شرقي بغداد.
وبينما يأسف العديد من قادة الجيش الاميركي لخسارة مواطىء القدم قرب التجمعات السكنية في العراق، والتي مكنتهم من تقديم بعض الخدمات للاهالي، فان الجنود الاميركيين يرون هذا التحول –عموما– على انه تحرك ايجابي من شأنه ان يسهل تسليم المسؤولية الى الجيش العراقي عن طريق تقليل تواجد القوات الامريكية واجبار السكان المحليين على الاعتماد اكثر على قواتهم الامنية. ومع هذا، يستمر العنف في الموصل واجزاء اخرى من العراق، حتى ان هناك قلقا حول كيفية تعاطي المناطق المضطربة مع التواجد المحدود للقوات الاميركية.
يقول توبي دودج، الخبير في الشؤون العراقية لدى المعهد العالمي للدراسات الستراتيجية في لندن: «ترى هل هناك الآن فسحة للمقاتلين تمكنهم من لم شملهم والتحرك مجددا؟ فالموصل لم تفد من زيادة القوات الاميركية ومازالت في حالة غليان.»
30 حزيران: الموعد النهائي للانسحاب من المدن
وجاء اغلاق الحاميات كجزء من الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة والتي تم توقيعها اواخر عام 2008، والتي تقضي بانسحاب جميع القوات القتالية الاميركية من المدن الكبرى بحلول 30 حزيران. على كل حال، اشار المسؤولون الاميركيون والعراقيون انه مع استمرار العنف في الموصل وديالى فان بعض القوات الاميركية ربما ستبقى في المدن فيما بعد الموعد النهائي.
وقد اظهر الجيش الاميركي في وقت سابق من هذا الشهر اولى الاشارات على تخفيض عديد القوات حينما اعلن عن خطط لترحيل لواءين قتاليين، أي نحو 12,000 جندي، من العراق خلال الاشهر الست القادمة. هذا الترحيل سوف يترك قرابة 128,000 عسكري اميركي في العراق. يضاف الى ذلك مغادرة الالوية القتالية البريطانية للعراق في غضون الاشهر القادمة، والتي يبلغ عديدها 4,000 جندي.
ومن المقرر ان يُخفض تعداد القوات الاميركية الى ما بين 35,000 الى 50,000 عسكري للمساعدة في تدريب القوات العراقية، قبل الانسحاب الكامل في كانون الاول من عام 2011.
خطة بترايوس للتدخل السريع
ربما تكون ازالة الحاميات الصغيرة الموزعة بين المدن الكبرى في العراق هي اكبر تغير ملموس في الوقت الذي تتوغل القوات الاميركية اكثر فاكثر الى الخطوط الجانبية. وقد كانت هذه الحاميات حجر الزاوية في خطة الجنرال ديفيد بترايوس لجلب الاستقرار الى العراق عن طريق تحريك القوات الى الاحياء السكنية والاشراف على امنها مباشرة، حيث يمكن للقوات ان تستجيب بسرعة، انطلاقا من هذه الحاميات، الى الحالات الطارئة، كما يمكنها ان تتواصل اكثر من السكان المحليين.
يقول ساجان غوهيل، مدير منظمة الامن الدولي في مؤسسة آسيا-المحيط الهادىء، وهي مؤسسة مستقلة للاستخبارات والامن في لندن: «لعبت سياسة زيادة القوات دورا مهما، وتشعر الولايات المتحدة الآن بثقة اكبر ويمكنهم تحويل المسؤولية الى القوات العراقية.»
على كل حال، بينما ينخفض القتال في معظم اجزاء العراق، حيث بلغ عدد الضحايا بين القوات الاميركية خمس عددها في نفس الوقت من العام الماضي، ومغادرة الالوية التي جاءت ضمن عملية زيادة القوات، فان هذه الحاميات قد اضحت عبءا بالنسبة الى القادة. اذ بدلا من استخدام القوات للقيام بدوريات، فان قواتهم القتالية يجب ان تستخدم لتوفير الامن الى القواعد الصغيرة.
يقول الكولونيل في الجيش الاميركي بيرت ثومبسون، وهو قائد لواء سترايكر الاول التابع الى فرقة المشاة
الخامسة والعشرين في ديالى: «لقد اختلف الوضع عمّا كان عليه عندما كان الجنرال بترايوس هنا. الحاميات هي الحاضرة، وليس الناس. اريد ان اجعل الناس هم الحاضرين.»
القوات العراقية تقترب من عدد 600,000 عنصر
عندما تغادر القطعات الاميركية بعيدا عن الحاميات نحو القواعد المركزية فسيكون عليها ان تقطع مسافات اطول حينما يتطلب منها الوصول الى المدن والبلدات، لكن سيتاح للمزيد من الجنود الاميركيين العمل مع نظرائهم العراقيين، وهو محور تركيز القوات الاميركية في الوقت الراهن.
سوف تتولى القوات العراقية المسؤولية عن بعض الحاميات، بينما ستتم اعادة البعض الآخر الى وضعها المدني السابق.
وقد تطورت سمعة القوات الامنية العراقية بشكل كبير على مدى سني الحرب، لكن يبقى عليهم ان يفوزوا بالثقة الكاملة من الناس المحليين. وحتى العراقيين الواثقين في جيشهم، الذي بات يربو على 600,000 رجل قوي، فهم لايزالون يفضلون ان يأتوا الى القوات الاميركية عندما تعترضهم المشاكل، بسبب النظرة السائدة من ان الاميركيين لديهم موارد اكبر.
يقول السرجنت جيمس كلارك، الذي انهى للتو واجبه في حامية ببعقوبة: «ان اكبر شيء تحصل عليه، من خلال اخلاء الحاميات، ان الناس سيتوجب عليهم ان يعتمدوا اكثر على القوات الامنية العراقية وستكون لديهم فرص افضل في الظفر بثقة الناس.»
مخاوف من عودة المليشيات
غير أن هناك مخاوف في الشمال من ان يوفر انسحاب القوات الاميركية من مدن مثل الموصل، وهي آخر المعاقل الكبرى للمليشيات في العراق، الفرصة للمتمردين ليعودوا الى الساحة من جديد.
مثل هذه الهواجس خلقت حالة من الضبابية بالنسبة الى حاميات مثل المركز الاعلامي في ديالى الواقع على بعد 10 اميال جنوب شرقي بعقوبة. فهذه الحامية الكائنة في واحدة من اكثر المحافظات اضطرابا بنيت حول محطة تلفزة واذاعة صغيرتين، وتضم برجا للارسال. وتقع في منطقة ريفية من المحافظة، ما يعني انه لا يجب اغلاقها استنادا الى الاتفاقية الامنية.
يقول الكابتن في الجيش الاميركي جيمس لابوينتي انها تبعد مسافة اربعين دقيقة بالسيارة عن اقرب قاعدة عسكرية اميركية «وتسمح لنا بارسال قوة صغيرة خارج المدينة، ما يمكنها من الاستجابة بشكل اسرع، وهي مكان آخر يأتي اليه الناس ليقدموا لنا المعلومات.»
بينما يبقى مستقبل القواعد الصغيرة مثل المركز الاعلامي في ديالى غير واضح، وصعوبة التنبؤ بما تؤول اليه الامور في مناطق مثل ديالى والموصل، فان المرجح ان تخضع القوات العراقية الى اختبار عسير خلال الأشهر القادمة.
يقول السيد غوهيل: «هذا الاختبار الحاسم يتمثل بالكيفية التي ستتعامل بها الحكومة العراقية مع استمرار تقليص القوات الاميركية