Thursday, April 23, 2009

عيد الفصح في العراق يبعث الروح في المجتمع المسيحي

عن: كريستيان ساينس مونيتر
ترجمة: علاء غزالة

احتفل المسيحيون العراقيون يوم الاحد الماضي علنا في بغداد، في واحدة من المناطق التي كانت تعد الاكثر خطرا، وذلك للمرة الاولى منذ ثلاث سنوات.
واضافة الى الاحتفال بعيد قيامة المسيح، فان القداس الذي اقيم في منطقة الدورة يمثل انبعاثا لهذه الطائفة من جديد . فالدورة هي واحدة من احياء قليلة في العاصمة العراقية التي بدأ المسيحيون في العودة اليها بعد ان هُجّروا منها بسبب العنف وعلى يد المتطرفين. ويمثل المسيحيون اقلية ضئيلة في العراق اذ لا تكاد نسبتهم تتجاوز 3 بالمئة من تعداد سكان العراق في الوقت الحاضر. ويُعتقد ان اكثر من 300,000 من مسيحيي العراق البالغ تعدادهم 800,000 نسمة قد غادروا منذ عام 2003.
وقد غامر المؤمنون من المسيحيين يوم الاحد من اجل التأكيد على هويتهم العراقية التي تمتد جذورها هناك الى الايام الاولى للمسيحية. ان اغلب مسيحيي العراق هم من الكلدان، وينتمون الى الكنيسة الكاثوليكية الشرقية، وهم يعتقدون انهم ينحدرون من البابليين. وقد اقام الاسقف شليمون وردوني، من البطرياركية البابلية، القداس في كنيسة القديسين بطرس وبولس الكائنة في حي الدورة جنوبي بغداد، باللغتين العربية والارامية، وهي لغة السيد المسيح.
وهي المرة الاولى التي يُتلى فيها القداس منذ عام 2007، بعد ان تضررت ونُهبت في القتال الذي نشب في منطقة الدورة.
قال الاسقف للجمع المحتفل بهذه المناسبة: "اليوم نحتفل بعيد الفصح، لكن لدينا سبب آخر للاحتفال في هذه المنطقة التي تعرضت الى الدمار وهُجّرت عوائلها. اتذكر كيف كانت هذه الكنيسة ممتلئة بالمصلين بداخلها وفي ساحاتها الخارجية، وكانت القاعة مليئة بالناس الطيبين." وكانت آخر مرة اجتمعوا فيها للاحتفال بعيد الفصح في عام 2006 تحت نظر رجال مسلحين من وزارة الداخلية اعتلوا سطحها لحمايتها.
وقد امضى العمال اسابيع في اصلاح اثار الاطلاقات النارية وترميم البناية. ولايزال دير قريب، تعرض للنهب بعد ان احتلته القوات الاميركية، لايزال شاغرا.
يقول لؤي بداويدي، وهو احد مئتين من المؤمنين الذي توالوا على الكنيسة المرممة حديثا يوم الاحد: "بقينا في بيوتنا في العامين الماضيين يوم الفصح وشاهدنا القداس على التلفاز." ويضيف ان خبز القداس كان يُجلب الى المصلين في منازلهم.

الدعم الرسمي للمسيحيينوقام عميد في وزارة الداخلية بتقديم التهاني الى المحتفلين، في لفتة من الحكومة العراقية لطمأنة المسيحيين انهم مرحب بهم. كما حضر القداس قائد قوة المتطوعين الامنية التي تسمى ابناء العراق وجلس الى جانب المسؤول بوزارة الداخلية في الصف الاول من مقاعد كنيسة الدورة.
وقال الاسقف وردوني مخاطبا المسؤولين الامنيين: "انهم رسل سلام. اخبروا الجميع ان المسيحيين يريدون السلام." ركعت امرأة شابة، ترتدي بنطالا من الجينز السميك وقميصا نصف كان يحمل صفوفا من النجوم البراقة على ركبتيها، الى جانب قريباتها اللائي غطين شعورهن بوشاح خفيف. وقامت احدى المصليات، وهي وفاء شابا، والتي تعرضت للاختطاف قبل ثلاث سنوات، بتمرير قطعة من القماش بوقار على صولجان الاسقف المرصع بالذهب والفضة. ثم طرق صبي واسع العينين اجراس المذبح بينما غُمرت الكنيسة بالبخور.
ردد المصلون: "بُعث المسيح." رددوا هذه الكلمات القديمة باللغة القديمة.

هجّرتهم القاعدةاصبحت الدورة، في خضم فورة العنف التي نشبت في عام 2006، معقلا للقاعدة في العراق. فبإضافة الى العنف ، وُزعت منشورات تهدد بقتل المسيحيين اذا اقاموا صلواتهم علنا، وتأمرهم بالتحول الى الاسلام.
حينما تصدت الميليشيات لقتال المسلحين، أصبح حي الدورة على درجة من الخطورة بحيث لا يمكن المكوث فيه. يقول جورج اوراوا، الذي اعاد عائلتة من شمال العراق: "كانت هناك 3,000 عائلة مسيحية هنا، اما الان فلم يبق سوى 500 عائلة فقط."
واليوم تمتليء الكنيسة بالعوائل الذين لديهم اقرباء من الذين هاجروا في غضون الاعوام الست المنصرمة.
تقول رندة صباغ، الطالبة الجامعية التي عادت الى الدورة مع والديها قبل ستة شهور: "انها لمفاجأة كبيرة ان ترى هذا العدد من الناس هنا." وقد عاشوا في حي سكني آخر في بغداد، الا ان احد اخوتها هاجر الى استراليا وذهب الاخر الى سوريا.
ويلقي الاسقف وردوني باللائمة في الهجرة على البلدان الاوروبية والولايات المتحدة، التي يقول انها ساعدت المسيحيين على مغادرة العراق بدلا من تحسين معيشتهم في بلدهم.
وقال في مقابلة سابقة هذا الاسبوع: "بدلا من البحث عن وظائف لهم والمساعدة على تحقيق السلام، وتحقيق المصالحة في البلاد، قبلوا المهاجرين. هذا سيئ."
وادت الهجمات في الموصل في شهر تشرين الثاني الى هجرة جماعية ثانية الى منطقة كردستان في شمال العراق وعبر الحدود العراقية. غير ان موجة الهجمات في الاسبوع الماضي ببغداد، والتي ساد الاعتقاد بانها اصبحت اكثر امنا في الشهور الاخيرة، أقلقت الكثيرين.
يقول الاسقف: "اعتقدنا قبل اسبوع ان الوضع اصبح افضل بكثير. لكن ما حدث يجعلنا اكثر قلقا لانه لن يكون هناك تغيير طالما بقيت تلك السيارات المفخخة."
لكنه يصر على ان يبقى وجود للطائفة المسيحية في العراق.
ويضيف: "هذا بلدنا. لن يتمكن احد من طردنا. لقد كنا هنا قبل كل شيء."