Tuesday, January 13, 2009

نتيجة للتحسن الأمني..المرشحون يخوضون حملات انتخابية شعبية

عن: هيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة

بغداد – كان صباحا شتويا باردا في بغداد يوم الاثنين، لكن على بعد بضعة كيلومترات من مسجد ، حيث فجر انتحاري نفسه ما ادى الى مقتل وجرح 112 شخصا في اليوم السابق، كان سمسار العقارات ذو الخمسين عاما والذي يدعى عبد الكريم وهو ايضا مرشح مستقل، كان في الشارع يحث على انتخابه في اية حال، موزعا بطاقات حملته الانتخابية ومعلقا ملصقاته على الجدران.
قال عبد الكريم لشخص مسن، وهو يسلمه رزمة من البطاقات المغلفة بالنايلون: «اذا كنت ترى اني رجل جيد، ادع الناس الى انتخابي.»
تعتبر الانتخابات المحلية التي ستجرى في 31 كانون الثاني الاولى التي اعتبرتها الحكومة آمنة بما فيه الكفاية للاعلان عن اسماء المرشحين بدلا عن مجرد اعلان الانتماءات السياسية، حيث ستظهر اسماء المرشحين الساعين للحصول على بطاقات الانتخاب.
وهي ايضا الانتخابات الاولى التي يقرر فيها عدد كبير من المرشحين، امثال عبد الكريم، خوض الحملات الانتخابية الشعبية ووضع صورهم بحجم كبير على ملصقاتهم واعلاناتهم المنتشرة في ارجاء المدينة. ويبدو احيانا ان الاعلانات قد غطت حتى اصغر اجزاء الجدران الكونكريتية الواقية من الانفجارات في بغداد.
وهذه الانتخابات هي جزء من سلسلة من التصويتات التي تم جدولتها في العراق لهذا العام، وتتضمن الانتخابات البرلمانية والاستفتاء على انسحاب القوات الاميركية من العراق.
سوف تشكل هذه الانتخابات، في مجموعها، المستقبل السياسي في العراق، حيث انها تنبثق بعد فترة من الصراع الطائفي واسع المدى، وتواصل طرح اسئلة اساسية، مثل ما اذا كانت وحدة العراق ستستمر ام سوف يتم تقسيمه.
كما ان هذه الانتخابات المحلية سوف تجرى على خلفية انسحاب موجة من القوات الاجنبية، واكثرها عددا من بريطانيا والولايات المتحدة. فقد وافقت الولايات المتحدة على سحب قواتها القتالية، التي يبلغ عديدها حاليا نحو 145,000 مقاتل، من المدن بحلول 30 حزيران، والانسحاب تماما من العراق بحلول نهاية عام 2011.
يتوقع ان يؤدي التصويت لانتخاب مجالس المحافظات الى تصحيح التمثيل في الحكومات المحلية بين العرب السنة، خصوصا في المناطق التي كانت خاضعة للمتمردين، وطالما عانت من العنف الطائفي، وتشمل محافظات بغداد والانبار وديالى ونينوى.
هناك خوف على نطاق واسع، على كل حال، من يؤدي التصويت الى جولة جديدة من الصدامات. فقد تم اغتيال مرشح واحد في الاقل على يد منافسيه السياسيين، كما تم اعتقال عدد من مرشحي المعارضة، والتحقيق مع بعضهم بتهم تتعلق بالارهاب في ديالى.
سوف تؤجل الانتخابات في محافظة كركوك المضطربة، والتي تحتوي على 40% من الاحتياطي النفطي في العراق. ولن تجرى الاتخابات ايضا في محافظات اقليم كردستان الثلاث، المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي.
وما يزيد الانتخابات تعقيدا ان نصف عدد المهجرين فقط، الذين يبلغ تعدادهم 5,1 مليون نسمة حسب منظمة الهجرة العالمية، سوف يسمح لهم بالتصويت، وهم اللاجئون في داخل حدود العراق.
وتعد هذه الانتخابات المحلية بمثابة استفتاء على شعبية الاحزاب الدينية التي سيطرت على الوضع السياسي في العراق، ومن بينها حزب الدعوة، حزب رئيس الوزراء نوري كامل المالكي.
يقول ريدر فيسار، الباحث في المعهد النرويجي للشؤون الدولية في اوسلو، والذي يدير موقعا الكترونيا يركز على الشأن العراقي: «هناك عدم رضا واسع عن الاحزاب الدينية الحاكمة، لكن المالكي يحاول بوضوح التقليل من هذا الشأن عن طريق لعب الورقة الوطنية المعتدلة.»
وعلى الرغم من ان المالكي نفسه ليس مرشحا، الا ان حزب الدعوة الذي يقوده قد نظم مجموعة من المنظمات السياسية في إئتلاف اطلق عليه «دولة القانون»، والذي يحاول التقليل من اهمية جذوره والتركيز على التحسن الامني، والروح الوطنية، والتنمية الاقتصادية.
وقد عبر الناخبون، في مقابلات اجريت على مدى الاسبوعين الماضيين، عن اعتقادهم بان العنف الطائفي الذي تأجج في عموم البلاد مرتبط بصعود الاحزاب الدينية. وقال هؤلاء الناخبون ان الحكومات المحلية لم تفعل الا القليل من اجل توفير الخدمات الاساسية مثل الكهرباء. واليوم، بعد اربع سنوات من رفع الاصبع البنفسجي الذي اضحى رمزا للديمقراطية في العراق، فان هناك املاً بان تعيد انتخابات منفردة الامن والنظام، التي استبدلت بروح الاستسلام للقدر في ديمقراطيات اقدم بكثير.
تقول ايمان كركز، الاكاديمية البالغة خمسين عاما، التي تسكن مدينة الفلوجة، تلك المدينة التي مزقتها الحرب: «لن اشارك في هذه الانتخابات، لان من انتخبنا في المرة الماضية قد قادونا الى الفشل. لقد استخدمت معظم الاحزاب الدين والاسلام كغطاء، ومن ثم اوجدت الطائفية والشغب في مجتمعنا.»
سعت الحكومة للحد من تأثير الاحزاب الدينية على الانتخابات المحلية عن طريق منع الدعاية الانتخابية في المساجد واماكن العبادة الاخرى، ومنع استخدام صور الرموز الدينية في الشعارات السياسية، وهي الستراتيجيات التي وظفتها الاحزاب الدينية ، بنجاح كبير، في الانتخابات السابقة.
وقد قال رجل الدين الأكثر نفوذا، آية الله العظمى على السيستاني، وهو رجل الدين البالغ 78 عاما من العمر انه يخطط في البقاء على الحياد بشكل كبير خلال هذه الانتخابات.
وصرح الصدر، الذي ضعف موقفه كثيرا عما كان عليه في انتخابات 2005، انه سوف يساند هذه المرة مرشحين بعينهم لخوض الانتخابات المحلية، بدلا من وضع اسمه على قائمة المرشحين.
يقول صلاح العبيدي، المتحدث باسم الصدر: «لم نشأ ان نفقد ثقة الشعب عن طريق تسييس الانتخابات المحلية.»
ربما جاء هذا القرار متأخرا. يقول كرار علي، عامل البناء البالغ 28 عاما في محافظة ميسان جنوب العراق، انه يخطط للتصويت لمرشحين ذوي خلفية علمانية فقط.
ويضيف: «لن انتخب اية قائمة دينية. تلك القوائم التي تعتقد ان الفن حرام، وان الرياضة حرام، وان حرية التعبير حرام، لن تحصل على صوتي لانها تربطني بقيود طالما عانيت منها، وانا اريد ان اكون حرا الان، بدون هذه القيود.»
هناك علامات اخرى تشير الى سأم الناخبين من الممارسات السياسية في العراق.
ففي استبيان حكومي، اجري في شهر تشرين الثاني الماضي وشمل 3,000 ناخب عراقي مؤهل، ساند ما يقارب الثلث منهم فكرة الدولة ذات الحزب الواحد، بينما قال 46 بالمائة من مؤيدي التعددية ان اداء الحكومات المحلية القائمة كان ضعيفا. وبرغم هذا، فان 75 بالمائة من المستفتين عبروا عن تفاؤلهم بمستقبل العراق، وقال 69 بالمائة انهم ينوون التصويت.
لكن على الرغم من ان الاحزاب الدينية قد لا تحصل على النجاح الذي حازته في الانتخابات السابقة، فان المحللين يقولون ان استحواذهم على الاموال، وقبضتهم على المقاعد في المجالس المحلية والوطنية، وقدرتهم على تشكيل تحالفات سياسة سوف تضمن لهم، الى حد كبير، تبعية كبيرة في التنافس المحلي.
يقول كريم المحمداوي ، سائق التاكسي البالغ من العمر 57 عاما من محافظة ميسان: «نحن بلد مسلم لا يتقبل ابدا من يوزع المشروبات الكحولية ويحث اولادنا على التشبه بالنساء.»
وتبذل الحكومة، التي رصدت مبلغ 225 مليون دولار من اجل الانتخابات، جهودا حثيثة لتصل الى نسبة المشاركة التي بلغت 63 بالمائة في انتخابات عام 2005، والتي اجريت في نفس يوم انتخابات الجمعية الوطنية.
ومن اجل منع التزوير سيسمح لـ 46,000 من المراقبين غير المتحزبين، بمتابعة سير التصويت في داخل مراكز الاقتراع.