Saturday, March 14, 2009

لـم تنته اللعبة في العراق بعد.. لكنها تقترب من النهاية

عن: الهيرالد تربيون
ترجمة : علاء غزالة

المحمودية – بعد ان عاد الكابتن لانغروف، من الفوج الاول من الفرقة المدرعة 63، من دورية في المنطقة التي عرفت ذات مرة باسم (مثلث الموت)، اطلق عبارة تلخص الحرب في العراق بطريقة لم يكن يفكر بها احد، اذ قال: «نحن في نهاية اللعبة الان.» تقتضي خطة الرئيس باراك اوباما للانسحاب من العراق وقف العمليات القتالية للقوات الاميركية بحلول آب من عام 2010، لكن هنا في المحمودية، وعلى غرار مناطق اخرى في العراق، فان الحرب قد انتهت فعليا، وقد اتخذ العد التنازلي لستراتيجة الخروج شكلاً اوضح من أي وقت سابق.
ليس هناك من ضمان ان العراق سيبقى مستقرا، ذلك ان عنف القاعدة المتجرد عن القيم سوف يستمر، لكن العنف الطائفي الذي شهدته الاعوام 2006 و2007 لن يعود. ومع ان القوات الامنية العراقية قد تحسنت بشكل كبير الا انها ما زالت تعتمد بشدة على الاميركيين.
ومع ذلك، فكما ان الركود الاقتصادي يصبح واضحا فقط بعد ان يحدث بالفعل، كذلك هي حظوظ المجهود الحربي الاميركي.
انخفضت الهجمات الى ادنى مستوى لها منذ ايلول عام 2003، وبنسبة تبلغ 70% اقل من عددها في شهر آذار الماضي. وقد تم اغلاق العديد من المعسكرات الصغيرة بينما تقوم القوات الاميركية بالتجمع في القواعد الاكبر، وهو دليل على ان هذه القوات سوف تنسحب كليا تقريبا من المدن بحلول شهر حزيران. ويخطط القادة في معسكر بوكا جنوبي العراق من اجل اغلاق السجن الاميركي هناك، وتسليم السجناء الى العراقيين، واعتبار المعكسر محطة سفر للقوات العائدة الى بلادها.
واليوم، عشية الذكرى السادسة للحرب في العراق، هناك عمليتان قتاليتان نوعيتان فقط تجريان: «عملية الامل الجديد» في الموصل، و«عملية مطاردة الذئب» في ديالى. على ان اياً منهما لا تبلغ المقياس الذي بلغته العمليات في اسوأ اشهر الحرب، كما ان القيادة في كل منهما هي بيد الجيش العراقي.
وقد تغيرت المهمة بالكامل تقريبا من العمليات القتالية الى عمليات توطيد الاستقرار، من قتال المسلحين الى اعادة بناء الخدمات الاساسية في العراق وتحسين الاقتصاد بطريقة يمكن ان تقدم فرصا افضل للبلاد كي تنجح، وهو ما سيجعل الخروج الاميركي نصرا اكثر منه تراجعا.
وتتضمن المهمة الان التركيز على جهود كان الرئيس السابق جورج دبليو بوش يقلل من اهميتها، وهي بناء الامة. وذلك يعني تسليم مقاليد الامور الى الحكومة العراقية فعليا، وهو ما كانت الولايات المتحدة تقوم به سابقا بالاقوال اكثر منه بالافعال.
يقول الميجر جنرال ديفيد بيركنز، المتحدث العسكري الاميركي: «يتوجب علينا ان نرفع ايدينا عن مقود الدراجة، او عجلات التدريب، في وقت ما.» (في اشارة الى دراجة الاطفال التي تحتوي على عجلتين صغيرتين خلفيتين لتدريب الطفل على القيادة).
يقول القادة ان اكبر فرصة قد اتيحت من خلال الاتفاقية الامنية الجديدة بين الولايات المتحدة والعراق، والتي تضع العراقيين تحديدا في موقع المسؤولية عن العمليات القتالية اعتبارا من اول كانون الثاني. هذا يقلل، عن سابق تصميم، الدور الاميركي.
ومنذ ذلك الحين، خطط العراقيون ونفذوا العمليات الامنية للانتخابات المحلية التي اجريت في 31 كانون الثاني، والتي خلت تقريبا من العنف، وللزيارة السنوية لملايين الوافدين من الشيعة الى كربلاء الشهر الماضي.
وكما قال اوباما عند اعلان خطته للخروج من العراق، فان العمليات القتالية سوف تستمر، وستتمخض عن ضحايا. وقد قتل 26 اميركيا في العراق منذ تنصيب الرئيس الرسمي، 17 منهم نتيجة نيران معادية. يقول نائب قائد القوات الاميركية في الشمال، البريغادير جنرال روبرت براون ان القاعدة اضحت «ثعباناً يحتضر»، لكنها ما زالت «قادرة على اللسع.» وبينما يتولى العراقيون قيادة العمليات فان من المرجح ان تكون الضحايا اقل بين الاميركيين نتيجة الصدامات المباشرة مع مقاتلي العدو.
وقد حذر ضباط وجنود اميركيون، في مقابلات مع وسائل الاعلام على مدى الاسابيع الماضية، من الافراط في الثقة بالوضع الراهن، او الاسوأ من ذلك الشعور بالطمأنينة لما تم انجازه.
وقالوا انه ما زال هناك الكثير مما يجب عمله قبل اعلان النصر في الحرب. وخير دليل على هذا التحذير توصيات القائد الاعلى للقوات الاميركية في العراق، الجنرال رايموند اوديرنو، بابقاء اكبر قدر ممكن من القوات في أشهر الانتخابات البرلمانية التي من المقرر اجراؤها في كانون الاول.
لايزال امام القوات العراقية المزيد من التدريب، كما يجب تعزيز نظام الاستخبارات العسكرية، والقوة الجوية، والعناية الطبية، والامور التعبوية، التي تقدمها القوات الاميركية الان. تقع مهمة التدريب في هذه الامور على عاتق القوات التي اعلن اوباما انها ستبقى في العراق، والتي يقدر عددها بين 35,000 و50,000 عسكري اميركي، بعد الموعد النهائي في شهر آب عام 2010، وان كان عليها ان تنسحب هي الاخرى قبل حلول عام 2011.
ينظر الى الانتخابات الوطنية التي يطمح رئيس الوزراء نوري كامل المالكي في ان تمنحه دورة ثانية، على انها اختبار حيوي للتحول الديمقراطي في العراق، وهي اللحظة التي ستبرهن فيها البلاد قدرتها على اسناد نفسها، والا فان الوضع الامني قد ينهار مع كفاح الفرق المتعددة للحصول على السلطة، ويشتعل لهيب الانقسام الطائفي والعرقي.
يقول الميجر جنرال غاي سوان، مدير عمليات لدى الجنرال اوديرنو: «لا اعتقد ان أي احد لديه أي وهم بان هذا الامر قد قضي باي شكل من الاشكال. في الواقع، قد يكون هذا الوقت اكثر الأوقات هشاشة في عموم السنوات الست التي مرت علينا هنا.»
يتواجد الان في العراق اكثر من 140,000 عسكري اميركي، وهو عدد يزيد على العدد السابق لزيادة القوات من قبل بوش عام 2007، ولايزال السؤال عن أي عراق سوف تتركه هذه القوات خلفها بعد رحيل جلها يبحث عن اجابة.
يتساءل الكولونيل برت ثومبسون، احد قادة الجيش في ديالى: «هل العراق في وضع جيد بما فيه الكفاية لكي نقول اننا نستطيع ان نسحب قواتنا في 18 او 19 شهرا؟»
لكن خطة اوباما، على اية حال، قد حددت الموعد النهائي، وهو ليس لانهاء العمليات القتالية فقط. انها تعطي القادة نفاذة نهائية لكي يعززوا القوات الامنية العراقية.
يحدث هذا الامر في القاعدة الامامية للعمليات في شمال العراق.
حينما وصل القائد الاميركي، اللفتنانت كولونيل غاي بارميتر من فرقة الخيالة الثالثة، اول الامر في كانون الاول فانه دعا الضباط العراقيين الى مركز العمليات الذي يديره، بدلا من عزلهم في مقر منفصل. ويعمل العراقيون والاميركيون الان بعض مع بعضهم بشكل وثيق، حتى ان احد ضباطه يناقش الخطط مع نظيره العراقي عبر برنامج المحادثة الفوري لـ(ياهو).يقول بارميتر: «تعرف انهم سوف يوقفون الساعة. وعليك ان تسرع بقدر ما تستطيع.»تتباين قدرات الجيش والشرطة العراقية، ودرجة احترافهم ومهارتهم وتجهيزهم، من محافظة الى اخرى، كما تختلف التهديدات ايضا.
وفي المحمودية كادت شاحنة نيسان مستهلكة تحمل جنودا عراقيين ان تدهس سميث.ومن الواضح ان الشاحنة تعرضت الى عطب في جهاز الموقفات، فانحرفت عن مسارها الى الجزرة الوسطية حيث كان الكابتن واقفا. وهذه حقيقة مرّة عن تفاصيل الضبط والمعدات العاملة. وفي عموم العراق، فان دروية مثل تلك التي يقودها سميث هي القاعدة وليست الاستثناء.توقف الكابتن مع جنوده في احد مقرات الجيش العراقي لمناقشة مقترح لتدريب ضباط الصف.وزاروا السوق المحلي لتفقد نجار اثاث تلقى منحة من الاميركيين.
وكانوا ينوون ان يحصلوا على توقيع النجار على وصل عن عمله لوحة تعلن افتتاح طريق سريع جديد بالقرب من القاعدة الاميركية، لكن مساعده نسي جلب الوصل المطلوب معه.
يقول العقيد وسيم الساعدي من اللواء الخامس والعشرين في الجيش العراقي: «العراق آمن. هذا هو الوقت المناسب لكم لكي ترحلوا.»
وهذا ما يقوم به الاميركيون باطراد. فحتى الخريف الماضي، عملت ست افواج اميركية، تضم ما يزيد على 5,000 جندي، على القيام بدوريات في المناطق الواقعة جنوبي بغداد الممتدة من المحمودية الى الفرات. اما الان فلا تقوم بهذه العملية سوى دورية واحدة.
وقد اغلق الاميركيون العشرات من القواعد الصغيرة حول المحمودية، تاركين 1,000 جندي في القاعدة الرئيسة الكائنة في شمال المدينة.
ويكرم النصب المقام قرب القاعدة تضحيات الجنود الذين خدموا هنا، ولكن لم يكن هناك قتلى في قتال منذ آذار عام 2008. وفي الاجتماع الاخير لقادة الوحدة العسكرية كانت الاصابة الوحيدة التي اعلنت تعود لسرجنت التوى كاحله في لعب البيسبول.
يطلق اللفتنانت كولونيل جيم برادفورد، قائد الفوج الاول، على ما يواجهه الان تسمية «المشكلة الجيدة». ويقول ان العراقيين ينفذون غارات الان بدون ان نطلب منهم.
ويضيف: «ليس غريبا ان نستيقظ في الصباح ويأتينا خبر ان الجيش العراقي نفذ عملية تفتيش في الليلة الماضية، ومن ثم نسعى لمعرفة ما حدث. الامر الحسن في هذا انهم يفعلونه.»