Wednesday, March 04, 2009

القاعدة في العراق تبحث عن مأوى بعد هزيمتها

عن: كريستيان ساينز مونيتر
ترجمة : علاء غزالة

تـُنغص الملازم درو فاندرهوف احد احباطات حرب مقارعة التمرد التقليدية وهو ينظر عبر قناة ماء الى قرية (ام الكطان) التي تضم 20 منزلا. يقول: نحن نعلم ان هناك وجوداً لتنظيم القاعدة في العراق في هذه القرية، وعلى الرغم من انه يمتلك قوائماً بالاسماء وحتى المعلومات الحيوية عن كل فرد في هذه القرية، التي تقع على بعد 40 كيلومتراً عن بغداد، الا انه لا يعرف على وجه التأكيد من يعمل مع هذا التنظيم ومن لا يعمل معه. لكن القصة تختلف على جانبه من القناة. فاحد الجنود في فصيل الملازم فاندرهوف يلحظ بروز مشروعاً زراعياً جديداً، وهو علامة على ان المهجرين قد بدأوا بالعودة بعد تحسن الوضع الامني على الرغم من بقاء تنظيم القاعدة في العراق في المنطقة.
فالعنف المستمر في المحافظات البعيدة مثل ديالى ونينوى يدلل على انه برغم انخفاض العنف وعودة الحياة الى طبيعتها في بغداد، فان اطراف العراق، وهي المدن الريفية والقرى الزراعية والمناطق الصحراوية، قد اصبحت الجبهة الجديدة في الحرب ضد تهديد التمرد، مع فرار المتطرفين من المدن واختبائهم في الاماكن النائية من البلاد.
وتبدو آثار من نشاطات التمرد جلية في اثناء دورية مشتركة للقوات الاميركية والعراقية، فقد اكتشف جنود في فصيل الملازم فاندرهوف، في اثناء تفتيشهم القناة التي جفّ ماؤها، «حفر عناكب» وانفاق حفرت على جانب الجرف الجاف. يستخدم المتمردون نظام الانفاق هذا للتخفي عن الطائرات العمودية المارة، ولخزن كل شيء يحتاجونه من الاسلحة الى الدراجات النارية.
يقول ضابط الصف باتريك ويكسون: اينما نذهب يخبرنا الناس انهم هنا وانهم في هذا المكان، ويضيف زميله في الفصيل العريف كريس كالهون: انهم ليسوا نشيطين جدا في فصل الشتاء، ما يعني ان التوقف الحالي عن النشاطات المسلحة قد يكون خادعاً.
ومع ذلك، بينما اظهر المتمردون مثابرة في العودة الى نشاطاتهم السابقة، فان القوات الاميركية تقول انها بدأت أخيراً في إحراز تقدم، والفضل في ذلك يعود بشكل كبير الى تنامي قدرات القوات الامنية العراقية واقدام سكان القرى المحلية.
يتساءل اوستن لونغ، الخبير في شؤون الحرب على التمرد في مجموعة راند بواشنطن: «لقد اصبحت الاحداث تسير الان في مصلحتنا، لكن السؤال هل سيستمر الحال على نفس المنوال في حال انسحبت القوات الاميركية؟» فعلى محيط منطقة بغداد هناك «وجود هائل للقوات الاميركية، مع الاعداد الاضافية من الجنود (التي ساعدت في الوصول الى النجاح)، وهو ما لم يتوفر في مناطق مثل ديالى.»
ومع تراجع التوتر الطائفي في بغداد، فقد حول تنظيم القاعدة في العراق تركيزه على المناطق ذات خطوط التماس الطائفي الهشة. وتضم محافظة ديالى بين طياتها جميع الأطياف العراقية الرئيسة، من العرب الشيعة والعرب السنة والاكراد، ما يعطي تنظيم القاعدة فرصة اكبر لتحريض احد الاطراف ضد الآخر لنشر الفوضى وخلق فراغ في السلطة، وهو ما يتيح للتنظيم بالتالي ان يمارس اكبر سيطرة.
يقول المستر لونغ: «لقد تمكنت القاعدة من اللعب على التقسيمات الطائفية بشكل اكبر في ديالى، وبالتحديد في منطقة بعقوبة، منها في محافظة الانبار، لانه لا يوجد أي تقسيم طائفي في هذه الاخيرة من الاساس.» لقد اتضح التغيير جليا مع حقيقة ان ارقام الضحايا العراقيين في المناطق خارج بغداد قد تجاوزت مثيلتها في بغداد. فبينما جرت العادة على ان تكون اكبر نسبة للضحايا في العاصمة، وقد بلغت 54 بالمائة في عامي 2006 و2007، اصبحت هذه النسبة 32 بالمائة فقط خلال عام 2008، حسب احصائيات موقع الكتروني يسمى (ايراك بودي كاونت)، وهو متخصص في حساب اعداد الضحايا في العراق.
وفي ديالى، يقول القادة الأميركيون انهم على الرغم من تجشمهم عناءا شديدا للحصول على مكاسب طيبة في الماضي، الا انهم قد بدءوا للتو في تحقيق بعض التقدم. يقول الكولونيل برت ثومسون، قائد اللواء الاول القتالي المتمركز حاليا في ديالى: «نحن لم ندمر تنظيم القاعدة في ديالى. لكننا اجبرنا القاعدة على اعادة النظر في نشاطاتها.»
وقد جهدت القوات الاميركية في تأمين محافظة ديالى حتى وقت قريب، بسبب النقص في اعداد القوات المطلوبة لمسك الارض التي يتم تحريرها. يقول السرجنت وايني لاكلير، من بطرية المدفعية الميدانية التي تتمركز حاليا في ديالى: «نحن ندخل الى الموقع، وننفذ عملية ما، ثم نترك الموقع، ومن ثم تعود المليشيات من جديد.» ويضيف انه في بداية الحرب «لم نتفهم كم كانت هذه المليشيات متفانينة وصعبة المراس.»
اما الان، فبعد ان تنتهي قوات الولايات المتحدة من تطهير منطقة معينة، تقوم قوات الجيش والشرطة العراقية، ومجاميع مراقبة الاحياء المعروفة باسم (ابناء العراق) بنصب نقاط سيطرة على طول الطريق لضمان عدم عودة المتمردين. وعلى الرغم من استمرار زرع القنابل على جانب الطريق وعدائية السكان المحليين، الا ان القوات الامريكية تقول ان الوضع الامني قد تحسن بشكل درامي.
يقول الميجر جون سوردز، الضابط التنفيذي في بطرية المدفعية الميدانية: «لم يعد هذا المكان معقلا للمليشات كما كان سابقا. انهم الان اما فارين او خافضي الرؤوس... واوضح مؤشر على ذلك ان الناس قد بدءوا بالعودة الى منازلهم.»
ذلك حق. فبعد ان أخليتْ قرىً على بكرة أبيها خلال احلك ايام القتال بين عامي 2006 و2008، فان عددا يصل الى ثلث تعداد سكان المدن في المحافظة قد عادوا في غضون ثلاثة اشهر.
يقول الميجر فيليب جنيسون، ضابط العمليات في بطرية المدفعية الميدانية، في معرض حديثه عن المناطق التي عاد اليها المهجرون: «نحن على وشك تحقيق الامن التام. لعل من الجدير بالإشارة إلى أن الناس كانوا مرتعبين من العودة قبل ثلاثة او اربعة شهر فقط».