Wednesday, December 31, 2008

على الرغم من تحسن الوضع الأمني.. تبقى الموصل ساحة للمعركة

عن: كريستيان ساينس مونيتر
ترجمة:علاء غزالة

تقلصت الهجمات بشكل ملحمي في عموم العراق، لتنخفض بنسبة 80% منذ آذار الماضي، حينما اشتبكت القوات الاميركية والعراقية مع المتمردين ورجال المليشيات في قتال مرير، واليوم تبدو الظروف، في الكثير من انحاء البلاد، مهيأة لبدء انسحاب القوات الاميركية من العراق، وللقوات العراقية ان تتولى الزمام. لكن العنف في المدينة الشمالية، الموصل، مازال مستشرياً، وتواصل القوات الاميركية قتال فلول تنظيم القاعدة في العراق، والذي يَعتبر هذه المدينة مجالا حيويا لنشاطاته، واعلن فيها ولاية اسلامية.

كما اضاف موقع المدينة قرب الحدود السورية اهمية خاصة لها، حيث يَعبر المقاتلون الاجانب من هذه الحدود الى العراق. والمكاسب الامنية هنا هشة، ولا يستطيع القادة العراقيون ولا قادة الجيش الاميركي احتمال رؤية عودة المدينة الى ايدي المتمردين.
ولهذا فحينما يحين موعد انسحاب القوات الاميركية الى قواعدها في حزيران القادم حسب الاتفاقية مع الحكومة العراقية، فان هناك احتمالا كبيرا في أنها ستبقى على وضعها في الموصل، حسبما افاد مسؤولون اميركيون وعراقيون.
يقول زهير الاعرجي، قائمقام الموصل: لا يمكننا العمل بدون الاميركيين في هذه الظروف. فحكومتنا لا تزال ضعيفة جدا لكي تساند القوات الامنية العراقية بالكامل، وكان الجنرال راي ادويرنو، قائد القوات الاميركية في العراق قد صرح السبت الماضي بانه على الرغم من الاتفاقية الامنية المشتركة التي تدعو الى سحب القوات الاميركية من المدن، الا ان بعض الالوية سوف تبقى قرب المدن، مضيفاً: من المهم ان نحافظ على وجود كافٍ هنا حتى نساعدهم في ان يقفوا على اقدامهم خلال هذه السنة الانتقالية.
واقرّ الجنرال اوديرنو بان الموصل هي احدى الاماكن التي يمكن ان يبقى فيها الجيش الأميركي، قائلاً: ما تزال هناك بعض القضايا في الموصل والتي نحتاج الى التعامل معها.
وكان البرلمان العراقي قد صادق على الاتفاقية الأمنية (التي تسمى اتفاقية انسحاب القوات –صوفا) في شهر تشرين الثاني بعد اشهر عديدة من المداولات، وهي تتيح للقوات الاميركية ان تبقى تمارس نشاطاتها في المدن العراقية، طالما طلبت منها الحكومة العراقية ذلك.
يقول احد المسؤولين الأميركيين، طلب عدم الافصاح عن هويته: لم يحصل في التاريخ ان نعقد اتفاقية امنية تحدد لنا جدولا زمنيا لكي نجلي قواتنا، ويقول مسؤولون عسكريون أميركيين ان من المرجح ان تبقى القوات الاميركية في مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى المبتلية بالعنف، ومن المحتمل ان تبقى في اجزاء من تكريت.
يقول العقيد ديلدار دوسكي، وهو احد ضباط الجيش العراقي: الموصل هي عراق مصغر، لدينا كل اللهجات المختلفة، والاديان المتنوعة.. ولهذا السبب فان من الصعب السيطرة على الموصل.
ويستطرد العقيد دوسكي، وهو امر اللواء الثاني في الفرقة الثانية للجيش العراقي: أريد ان يبقى الأميركيون، فجيشنا ما يزال ناشئا، ونحن بحاجة على اعوام قليلة اخرى.
وعلى الرغم من الخطر الدائم الكامن في عدم التفاهم بين الجنود الاميركيين والشعب العراقي، الذي لاتزال ثقافته غريبة عليهم، الا ان الوجود الاميركي هنا كان بمثابة الغراء الذي يَقي طوائف الموصل من التباعد عن بعضها البعض.
ويقول الجنود الاميركيون في الميدان، كما يقول قادتهم ايضا، ان القوات العراقية، التي تضاعف عددها خلال السنة الماضية، قد حققت خطوات هائلة منذ ان قدِموا الى العراق.
يؤكد ذلك ضابط الصف كريستوفر شيرمان المنتسب الى الكتيبة الثالثة من فرقة الخيالة المدرعة الثالثة بالقول: في الأشهر القلائل الأولى منذ ان قدمنا هنا كان هناك قتل كل يوم. وكان من الصعب ان تحملهم (القوات العراقية) على الخروج (للقتال).
ويضيف، وهو يتطلع الى طريق تم اعادة انشائه، وكان خطرا جدا بالنسبة للاميركيين والعراقيين على حد سواء حينما وصلت وحدته العسكرية الى هنا قبل اكثر من سنة: «اما الان فهم يتخذون الموقف على عاتقهم، وحينما نأتي هنا عادة، نرى انهم يبقون مرتدين الزي النظامي في معظم الوقت، ويؤدون عملهم، ويفتشون المركبات، هؤلاء الرجال يفتخرون بما يفعلون.
وفي أوائل هذا العام، قامت الوحدات الاضافية الاميركية والعراقية بتحقيق الاستقرار في بغداد ودفعت بالمتمردين نحو الشمال.
يقول الميجر ادم بويد، ضابط استخبارات الفرقة: في اشد الأوقات كان هناك اكثر من 50 هجوما في اليوم الواحد. اما الان فالهجمات اقل من عشرة في اليوم، وفي معظم الايام لا تزيد عن خمسة.
ويأمل المسؤولون ان تساعد الانتخابات المقررة في كانون الثاني على تحقيق الاستقرار للمدينة، التي غذا التمرد فيها عوامل منها البطالة والتأثيرات المزمنة لحلّ الجيش السابق وعملية اجتثاث البعث. ويُقدر انه كان هناك 1500 ضابط عراقي برتبة عميد فما فوق في الموصل وحدها حينما حلّت الولايات المتحدة الجيش بعد ان اسقطت نظام صدام.
ويقول الميجر بويد: الكل في هذه المدينة يريد الانتخابات، حتى المتمردين. فهم لا يريدون ان يفعلوا اي شي قد يفقدهم الدعم الذي يمكن ان يحصلوا عليه من الشعب. يمكنك ان ترهب الشعب الى حد معين، ولكن اذا تجاوزت حدودك فلن تكون لديك ارضية كافية من الاسناد التي تساعدك على القيام بالعمليات (الإرهابية).
وبينما يُرجح ان يبقى الامريكيون هنا لبعض الوقت، فان بانتظارهم الكثير من النكسات، حيث سوف تتخذ القوات الامنية العراقية المزيد من المسؤوليات، وقبل فترة وجيزة، عَلِق الجنود الاميركيون في قتال بالبنادق وسط موكب عرس.
فقد عبر موكب العرس نقطة تفتيش عراقية، مع اطفال يلوحون بايديهم، وسائقين يزمرون ابواق سياراتهم كاشارة على الاحتفال. كما خطت كلمة (حب) بالورود الحمر البلاستيكية على مقدمة احدى السيارات.
وبعد اقل من دقيقة بدأ اطلاق النار، وكان من الصعب تحديد مصدر النار من المدرعة العسكرية القريبة. فاستجاب الجنود الاميركيون بوابل من بنادقهم الالية على مصدر النار، الذي بدا انه آتيا من بناية مهجورة.
وحينما توقف اطلاق النار، قفز الملازم جون بارلي الى خارج المدرعة لاستطلاع ما حدث للتو. لم يصب احد في هذا الحادث.
وهتف الملازم غاضبا، موجها الكلام الى عناصر الجيش العراقي المسؤولين عن نقطة التفتيش: احد عناصر الشرطة اطلق النار علينا.
فما كان من الملازم سعيد محمد الا ان يأخذ البندقية من احد رجال الشرطة الذي كان يطلق النار في الهواء احتفالا بالعرس. وقال المسؤولون لاحقا ان احد المتمردين اطلق النار في نفس الوقت من بناية قريبة.
يقول السرجنت رايان مادريس، ضابط الصف في الجيش الاميركي الذي قاد المدرعة مبتعدا عن نقطة التفتيش: اننا جميعا نحاول ان نفعل الصواب، لكن من الصعب تحديد مَن يفعل ذلك.