عن: هيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
اكد مسؤولون عراقيون، يوم الخميس، موجة الاعتقالات التي يبدو انها عملية داخلية واسعة لتنظيف الاجهزة الامنية الوطنية. ولكن في جو التنافس الامني والسياسي، لم يتفق المسؤولون الا على القليل من الحقائق الاخرى، ابتداءا من عددالمعتقلين الى جدية التهم الموجهة اليهم.
وردد اللواء عبد الكريم خلف الناطق باسم وزارة الداخلية، في مؤتمر صحفي عقد يوم الخميس، بعضا من الاتهامات الخطيرة التي كانت قد سُربت في الليلة السابقة. واخبر الصحفيين ان قد تم اعتقال 23 من ضباط وزارة الداخلية في الايام الاخيرة، حيث ينتمي الكثير منهم الى حزب (العودة)، المتحدّر عن حزب البعث الذي كان يقوده صدام حسين، والذي اصبح محضورا الان.
وفي اشارة محتملة الى اتساع التحقيقات، فان وزارة الداخلية قالت انها لم تقتصر على الوزارة نفسها، كما تم تناقله في الاخبار، ولكن اشتملت على وزارتي الدفاع والامن الوطني ايضا. اما المسؤولين الاخرين فقالوا ان التحقيقات لم تنته بعد وانه يتوقع القيام بالمزيد من الاعتقالات.
لكن خلف انكر الاتهامات الاكثر جدية التي صرح بها مسؤولون عراقيون في وقت سابق، قائلا انه لا توجد ادلة على ان المعتقلين كانوا في المراحل الاولى من التخطيط لانقلاب ضد حكومة رئيس الوزراء نوري كامل المالكي.
دفع التضارب في سرد التفاصيل نقاد المالكي الى طرح السؤال الملح: هل هناك دوافع سياسية وراء عمليات الاعتقال، والتي تم تنفيذها قبل المالكي، لاضعاف خصومه قبيل الانتخابات المحلية التي خـُطط لاجرائها في عموم البلاد الشهر المقبل؟
ومما يعزز هذه الشكوك التقارير بان قوات مكافحة الارهاب، التي يشرف المالكي بنفسه عليها، كان لها دور في عمليات الاعتقال، برغم ان بعض المسؤولين انكر ذلك الدور.
وقال محمود عثمان، وهو نائب برلماني كوردي مستقل، ان اثارة الاسئلة جاء على خلفية تغيير الادعاءات التي سمعها هو ذاته كما سمعها قادة عراقيون اخرون خلال الايام القليلة الماضية: ذلك ان المعتقلين كانوا يخططون لانقلاب، وان المعتقلين كانوا اعضاء في حزب (العودة)، وان المعتقلين كانوا يخططون لحرق الوزراة.
يضاف الى ذلك ان الاعتقالات جاءت في معظمها من وزراة الداخلية، وهي الوزارة التي يسيطر عليها عدد من الاحزاب المنافسة للمالكي.
واكد عثمان: "ان هذه الروايات المتناقضة والافتقار الى الشفافية قادت بعض الناس الى الاعتقاد بان الاعتقالات كانت لغايات سياسية، وانه لابد ان يكون ذلك بسبب الانتخابات".
اما اللواء احمد ابو رغيف، مدير الشؤون الداخلية في وزراة الداخلية فقال ان الاعتقالات جاءت ضمن مهام لجنة شُكلت قبل اسبوعين من قبل المالكي.
واشارت التقارير الاولية التي صدرت عن مسؤولين امنيين عراقيين، واوردتها صحيفة نيويورك تايمز يوم الخميس، الى ان ابو رغيف كان من بين المعتقلين. لكنه قال في ذات اليوم ان هذه التقارير خاطئة. واضاف انه كان في الواقع مشاركا في اللجنة التي اشرفت على التحقيقات بشأن عدد من المسؤولين الامنيين العراقيين الذين وجهت لهم عدد من الاتهامات.
ويضيف ابو رغيف ان اللجنة تتألف من قاض وخمسة ضباط امنيين ذوي رتب رفيعة، بالاضافة الى ممثلين عن ثلاثة وزارات امنية، وهي وزارات الداخلية والدفاع والامن الوطني.
تقوم اللجنة بالتحري عن دور الضباط في اصدار هويات دخول (باجات) مزيفة، مفسحين المجال للنشاطات الارهابية، او لارتباطهم بشكل مشبوه مع البلدان الاجنبية او الاحزاب السياسية، ومن بينها حزب (العودة).
وقال ابو رغيف انه ليس هناك من دليل دامغ يدين الضباط المعتقلين، على الاقل اولئك المنتمين الى وزارة الداخلية. لكنه يستدرك قائلا انه أمر باعتقال 16 ضابطا في الوزراة كجزء من التحقيقات، وانها ما زالت مستمرة. واكد انه لم يكن يعلم كم هو عدد المعتقلين من بين منتسبي الوزارات الاخرى.
من ناحية اخرى، قدم احد كبار مستشاري وزير الداخلية جواد البولاني، والذي لم يرغب في نشر اسمه لانه غير مخول بالتصريح الصحفي، قدم قائمة باسماء ورتب 24 من منتسبي وزراة الداخلية الذين يقول انهم من بين المعتقلين، تشتمل على رتب ملازم ونقيب ورائد ومقدم ولواء.
وقال عباس البياتي، وهو عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان ان اكثر من 30 من منتسبي وزراة الداخلية قد تم اعتقالهم.
كما ان عدد المعتقلين من الوزارات الاخرى غير مؤكد هو الآخر. وصرح العميد قاسم عطا، المتحدث باسم الجيش، ان ضابطا واحدا من وزارة الدفاع قد تم اعتقاله. لكن مدير العلاقات العامة في وزراة الداخلية، اياد الطائي، قال ان سبعة من متسبي وزارة الدفاع قد اعتقلوا.
بيد ان وزير الدفاع، عبد القادر العبيدي، نفسه صرح بانه لم يتلق اية معلومات عن اية اعتقالات.
وقال مسؤول امني رفيع، غير مخول بالتصريح عن العملية، انه قد تم القيام بـ39 اعتقال من بين منتسبي الوزارات، من بينها اربع اعتقالات تمت يوم الخميس.
وجاء رد فعل العديد من المسؤولين العراقيين غاضبا تجاه الاعتقالات والتحقيقات السرية.
وقال وليد شركه، العضو التركماني في البرلمان العراقي، وهو ايضا عضو لجنة الامن والدفاع: "هذه ليست المرة الاولى، ولن تكون الاخيرة، التي تنفذ فيها الحكومة العراقية مثل هذه العمليات بدون علم مجلس النواب، والذي هو جسم تشريعي ورقابي على نشاطات الحكومة. نحن لم نعلم شيئا عنها بالتأكيد."
وقال مستشار البولاني ان رئيس الوزراء كان يضغط في الخفاء من اجل اعتقال عدد من ضباط الداخلية منذ فترة شهرين، لكن البولاني قاوم ذلك، مصرا على ان الضباط ابرياء".
لكن يد البولاني، على كل حال، قد قـُيدت حينما وافقت الوزارات الاخرى على تشكيل اللجنة، ومن ثم اعطى اغلى ما عنده، على حد قول المستشار، الذي عزا الحادثة الى التنافس السياسي بين البولاني، الذي يبني حزبه الخاص المسمى الحزب الدستوري، والمالكي.
وفي اية حال، فان كلا من ابو رغيف والطائي، مدير العلاقات العامة في وزراة الداخلية، قالا بان وزارة الداخلية دعمت بالكامل تشكيل اللجنة.
وكان البولاني في رحلة الى الخارج، الا انه يتوقع ان يعود الى العراق يوم الجمعة.