عن: التايمز
ترجمة: علاء غزالة
ديالى – تقف القوات الخاصة الاميركية لحراسة احد البنايات في هذه المدينة العنيدة، رافعين بنادقهم، بينما يحمل الجنود نقالتين لادخالها الى داخل البناية.
ربما لم يمض وقت طويل منذ ان حملت هذه النقالات القتلى والجرحى نتيجة تفجير انتحاري او اشتباك مع المتمردين. اما الان فانها لم تحمل اي سوء غير مواد تستخدم في صناعة الملبوسات النسائية، من اجل مؤتمر لنساء العراق. ويتم اعطاء قطع من النسيج لكل من النسوة اللائي يحضرن اللقاء في بعقوبة.
تناقض صورة القوات الخاصة المعتادة، تلك القوات التي تخوض العمليات القتالية، مع مهمة توفير الامن الى اجتماع نسوي صباحي، لكنها توضح مدى التكتيكات اللينة التي يتم توظيفها في مواجهة التمرد.
تعد مَهمة (العقل والقلب) مُهمة بالتحديد في محافظة ديالى، التي شهدت اكثر من 32 عملية انتحارية قامت بها النساء خلال هذا العام.
يقول احد جنود القوات الخاصة المشاركين في هذه المهمة: «نقوم بخمس او ست عمليات، البعض منها حركي، وبعضها غير حركي، والبعض الاخر مزيج بينهما. ان ما نفعله هو بمساعدة، وبرفقة، ومن خلال العراقيين».
وقد تغيرت طبيعة جهود الجيش الاميركي في العراق في الاشهر الاخيرة، منذ ان انخفض العنف الى ادنى مستوياته خلال اربعة اعوام، بينما تزداد ثقة الجيش والشرطة العراقية بانفسها وتتخذ مواقعها في خط المواجهة عند اي قتال. ونتيجة لذلك، فان من الارجح ان يكون الجنود الاميركيون في زيارة الى احد الشيوخ والسياسيين المحليين، يرتشفون الشاي، لا ان يقوموا بتكسير الابواب واعتقال الناس.
يقود الكولونيل بورت ثومبسون لواءا قتاليا مؤلفا من 4100 جندي في ديالى، التي كانت في الماضي مركزا لعمليات القاعدة في العراق. وهو يمضى وقته اليوم في محاولة مساعدة الحكومة المحلية على انفاق ميزانيتها، وبناء المدارس، والتحضير للانتخابات المحلية، وجهود المصالحة بين الطوائف المختلفة.
يقول الكولونيل ثومبسون: «اشخاصا مثلي يرتاحون اكثر للعمليات القتالية. انا لست مرتاحا جدا مع هذه الاعمال التي تخص الحكومة، فما هي؟ وكيف تقيسها؟ لا أتسلم راتبي من اجل مثل هذا العمل... اجل، يتم دفع راتبي من اجل كل هذا. ان اهم واجبات هذا اللواء هو مساعدة الحكومة المحلية».
تتركز 90 بالمئة من جهود القائد الميدانية على مبادرات مثل ضمان ان تقوم السلطات المحلية بتنفيذ مشاريع الطرق، وحفر الابار، وتوفير الكهرباء الى المدن والقرى في عموم محافظة ديالى.
بينما لا تشكل الجهود «الحركية» الا جزءا بسيطا من مهمات لواء الاسكا القتالي الاول من فرقة المشاة الخامسة والعشرين، وهي تتضمن في مجملها مساعدة القوات العراقية على اصطياد المتمردين.
يقول الكولونيل ثومبسون، الذي وصلت قواته الى محافظة ديالى في الشهر الماضي: «كانت المهمات في عام 2007 حركية بنسبة 99,999 بالمئة.» ويخلد الجنود في قواعدهم داخل بعقوبة الى الراحة وهم يؤدون دورتهم الثانية او الثالثة في العراق، مما يعكس طبيعة التغيير الحاصل.
وقد فقد العريف جيمس ويلسون اعز اصدقائه حينما انفجرت قنبلة زرعت في جانب الطريق على المدرعة التي كانوا يستقلونها في بغداد، عندما كان في اول دورة واجب يؤديها في العراق بين عامي 2005 و2007.
ويقول العريف البالغ 23 عاما من العمر، وهو من ولاية اوهايو، ان فرص الهجمات الان قد تقلصت بشكل كبير، مضيفا: «ارى نفسي في الغالب وكأني في اجازة. ذلك يجعلني اشعر بالسرور». سوف يمّكن التحسن الامني القوات الاميركية على تقليص وجودها في العراق خلال هذا الشهر الى 14 لواءا قتاليا بدلا من 16، اي انهم يستبقون الجدول المعد مسبقا بشهرين.
وعلى الرغم من تغيّر الواجبات من الفعاليات القتالية الى تناول القهوة في الصباح، يبقى الخطر ماثلا. فقد قتل جنديان من لواء الاسكا في الشهر الماضي إثر هجوم صاروخي على القاعدة الرئيسة للقوات الاميركية في ديالى.
كما تحوم علامات استفهام على مستبقل القوات الاميركية في العراق بعد نهاية هذا العام، حينما تنتهي صلاحية تفويض الامم المتحدة الذي يسمح بوجود القوات الاميركية في العراق.
وتستمر المفاوضات بين بغداد وواشنطن على الاتفاقية الامنية، التي يجب ان توقع قبل 31 كانون الاول، والتي سوف يكون لها تأثير رئيس على العمليات.
ويحدد الجدول الزمني موعد انسحاب القوات الاميركية من المدن مثل بعقوبة بحلول الصيف القادم، وان تنسحب من عموم العراق خلال ثلاثة اعوام.
يقول الكولونيل ثومبسون انه مستعد للاستجابة لكل ما قد يحدث. ويستطرد قائلا: «لدي مجموعة من المشاكل. لدي رؤية. سوف اتوقف، واعيد التقييم. سوف ارسم خطة وسوف ننفذها». ويؤكد ان المفتاح يتمثل في تسليم المزيد من المسؤوليات الى السلطات العراقية لتمكين القوات الاميركية من التراجع.
وحضر المؤتمر النسوي هذا الاسبوع، الذي نظمه ضابط الشؤون المدنية الاميركي، شخصية دبلوماسية ونحو 60 او 70 من النساء العراقيات القياديات، ومارسن تبادلا حيا للافكار، وكان الجميع مهتمين بهذه المناسبة.
وخرج الكثير من النسوة ملآى الايادي بالمواد المطلوبة لخياطة ملابسهن، في محاولة وادعة لتشجيع النساء على ايجاد مصدر جديد للدخل في المحافظة التي انفردت فيها القاعدة كأرضية لتجنيد النساء الانتحاريات.
يصف احد جنود القوات الخاصة ستراتيجية التحصين على انها «ترك التفجير»، القفز امام المشكلة، التواصل مع النساء من اجل بديل منافس عن التمرد