عن: فاينيشيال تايمز
ترجمة: علاء غزالة
تقف مجموعة من الجنود العراقيين في سلسلة من نقاط التفتيش على الطريق المؤدية الى منطقة الحيانية، الحي الاكثر فقرا والاصعب مراسا في مدينة البصرة، ليفتشوا السيارات المارة ويستجوبوا سائقيها. وفي بعض نقاط التفتيش هذه توجد حاملات الجنود المدرعة نوع همفي التي تبرعت بها الولايات المتحدة، وهي تحمل العلم العراقي ومحاطة بالاسلاك الشائكة، هذه المدرعات، إضافة الى تعدد نقاط التفتيش، تضفي جوا من عسكرة المنطقة.
لكن الحقيقة، في اية حال، ان نشر الجنود في منطقة الحيانية، التي كانت في الماضي منطقة محرمة ومعقلا للجماعات المسلحة، يعتبر اشارة على التقدم الحاصل في الجيش العراقي.
ان التحسن الامني المستمر قد اتضح اكثر ما يمكن من خلال الانتخابات المحلية التي جرت الشهر الماضي بسلام، كما ان استمرار تطور القوات الامنية العراقية الناشئة هو امر حيوي لاستقرار البلاد التي تنظر الولايات المتحدة وبريطانيا في سحب قواتهما منها.
في منطقة كهذه يكمن الاختبار الحقيقي للقوات العراقية. فهي المنطقة الصعبة التي كانت تعد مأوى المليشيات المسلحة وقد شهدت عددا من اشد المعارك في السنة الماضية حينما همّ الجيش بالسيطرة على مدينة البصرة، معقل هذه المليشيات.
مازال الحذر يخيم على حي الحيانية، لكن لا يوجد شك في ان البصراويين قد استعادوا احساسهم بالامن بسبب تلك العملية العسكرية الواسعة التي اطلق عليها صولة الفرسان.
وكان نجاح هذه العملية عاملا مهما وراء الظهور القوي للكتلة السياسية التي يدعمها رئيس الوزراء، نوري المالكي، في انتخابات الشهر الماضي.
لايزال السؤال فيما اذا كانت المليشيات قد هُزمت او انها ببساطة اختفت عن الانظار، يبحث عن اجابة، كما ان العملية العسكرية اظهرت بعض نقاط الضعف في القوات الامنية العراقية في الوقت نفسه الذي أظهرت فيه مكاسبها.
يقول الخبراء ان القوات الامنية العراقية اعتمدت على مساعدة قوات التحالف، في امور ليس اقلها الدعم التعبوي في الطعام والماء والذخيرة. وقد عانت كل من قوات الجيش والشرطة من انقطاع السبل اليهم، ويقدر هؤلاء ما بين عدة مئات الى الف من العناصر الامنية.
ويقول المسؤولون العسكريون العراقيون والغربيون ان الجيش قد حصل على تقدم منذ ذلك الحين، وتمكن من تحسين بنيته الهيكلية للسيطرة والتحكم ومن قدراته التعبوية، لكنهم، على كل حال، يقرون بوجود نقص في القوة في العمق على مستوى الضباط وضباط الصف.
ويقول احد ضباط الجيش العراقي ان اكبر مشاكلهم تكمن في نقص المعدات الثقيلة، ويشتكون من ان لديهم «سائقي دبابات بلا دبابات».
وهو يعبر أيضاً عن المخاوف من ان تؤدي اية صراعات بين الاحزاب السياسية ضمن الحكومة في المستقبل الى التأثير على فاعلية الجيش.
لكن الشرطة هي التي تدور حولها اكبر المخاوف في البصرة. فقبل شن عملية صولة الفرسان كان ينظر اليها على انها جزء من المشكلة، حيث يُعتقد انها كانت مخترقة من قبل عناصر المليشيات ويُشتبه في ضلوعها في اعمال قتل واختطاف.
كما قاتل العديد من رجال الشرطة اثناء العملية الى جانب المليشيات، وتم طرد 4000 منتسب بسبب علاقتهم معهم . يقول ضابط شرطة، وهو حاليا في دورة تدريبية على الادلة الجنائية في بريطانيا، ان القوات قد تحسن اداؤها، لكن اعضاء المليشيات مايزالون يتولون مواقع مهمة.
وهو يشارك الكثير من البصراويين مخاوفهم من ان تعاود المليشيات الظهور مجددا اذا سنحت لها الفرصة.
فهو يقول: «انهم (المليشيات) لا يفعلون أي شيء الان... لكنهم انما ينتظرون الاسد (القوات الاميركية) ليغادر ثم تعود الجرذان الى مواقعها ثانية».
وحينما سُئل هذا الضابط وزميل له فيما اذا كان بامكان الشرطة ان تسيطر على البصرة اذا انسحب الجيش، هزّ كل منهما رأسه.
ويلقي ضابط الشرطة باللائمة على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وحُجته في ذلك انها سمحت للاحزاب السياسية، التي يمتلك العديد منها مليشياه الخاصة، بأن تختار من سيكون في سلك الشرطة، ويضيف: «وهكذا وجدت نفسي فجأة اخدم المليشيا».
ويقول بعض الضباط البريطانيين انه لم تكن هناك خطة تدريب مناسبة، وان التحالف اغتر بعديد رجال الشرطة وليس مهاراتهم وقدراتهم.
ويتم اعداد الشرطة العسكرية الاميركية لتقديم المزيد من التدريب. لكن هناك شكاوى من عدم قدرة وزارة الداخلية على تجهيز القوات بكل شيء من الاقلام الى الاطلاقات النارية، كما يتطلب الامر عملا مضنيا لبناء ثقة البصراويين بالشرطة.
يقول احدهم: «لقد كانت الشرطة متخفية تحت بطانياتها (حينما غزت المليشيات البصرة)، واذا ذهب الجيش فان الشرطة سوف تعود الى التخفي تحت بطانياتها».