Tuesday, February 03, 2009

ما الذي تعلمناه من الانتخابات المحلية العراقية؟

عن: الغارديان
ترجمة: علاء غزالة

قدمت الانتخابات العراقية المحلية لمحات من فسيفساء معقدة عن المزاج الشعبي، لكن الوقت لازال باكرا لمعرفة النتائج الحقيقية للانتخابات التي اجريت يوم السبت. وحتى بعد اعلان النتائج، فمن الصعب معرفة السبب الذي دفع الناخبين الى اختيار هذا الحزب او ذاك بغياب استطلاعات الرأي العام التي تجرى عادة بعد التصويت.
ولكن يمكن التنويه عن اتجاهين رئيسيين. فقد كانت هناك ابتعاد عن الاحزاب الدينية، بالاضافة الى انخفاض في دعم تلك القوى التي فضلت او توقعت ان يتحول العراق الى نوع من الفيدرالية الرخوة، وحتى ان يتم تقسيمه.
وكان الاتجاه الاول منظورا بالفعل اثناء الحملات الانتخابية. فقد عرّفت اقلية ضئيلة من المرشحين، البالغ عددهم اربعة عشر الفا، عن انفسهم بانهم مرشحو احزاب دينية. حتى ان رئيس الوزراء نوري المالكي غيّر اسم قائمة مرشحيه ليصبح الاسم (إئتلاف دولة القانون).
اما الداعية الاكبر لمنطقة حكم ذاتي في الجنوب العربي، وهو عبد العزيز الحكيم، رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في العراق، الحزب الذي كان ذات مرة ذا نفوذ كبير، فقد التزم الصمت حيال هذا الموضوع خلال الاسابيع الاخيرة من الحملة. وعلى الرغم من ذلك، فانه يبدو ان قائمته قد فقدت ارضية كبيرة لصالح مؤيدي المالكي في معظم مناطق الجنوب في العراق، وهو ما يدل على رفض الجهود المبذولة لاضعاف الحكومة المركزية في بغداد، الرمز التاريخي العراقي وهويته الثقافية. وعلى هذا فقد انحرف ميزان القوى في داخل التحالف الشيعي الذي يقود البلاد بعيدا عن المجلس الاعلى، حتى وان لم تكن انتخابات السبت من اجل انتخاب ممثلين على مستوى البلاد.
وهناك سببين آخرين، وان كانا متناقضين، يوضحان انحدار شعبية المجلس الاعلى. فبعض الناخبين يرون ان هذا الحزب يخضع لنفوذ ايراني كبير. بينما يرى البعض الاخر ان هذا الحزب مقرب للولايات المتحدة اكثر من اللازم، حيث انه كان على الدوام اقوى ظهير لها في العراق. وفي كلتا الحالتين، فان منافس المجلس الاعلى، وهو المالكي، قد نجح في الحصول على دعم الناخبين من خلال اللعب على الورقة الوطنية واظهار نفسه على انه الرجل الذي اجبر واشنطن على تحديد موعد صارم لسحب قواتها من العراق.
ان التحسن الامني المستمر، حيث بلغت الوفيات بين المدنيين نتيجة اعمال العنف اقل نسبة لها منذ الحرب في العراق عام 2003، هو نتيجة طبيعة لاتفاقية سحب القوات تلك. ويستطيع العراقيون الان ان يروا ان الاميركيين سوف يغادون اخيرا. فما الذي يدفع بهم الى تسخين المشهد الامني اذا كان المحتلون على وشك الرحيل؟
يلف الغموض النتائج الخاصة بالمرشحين المقربين من مقتدى الصدر، وهو الشخصية الاقل مساومة والاكثر عداء للاحتلال في جنوب العراق. هناك مؤشرات على انهم ربما جاءوا في المرتبة الثانية، او حتى في المرتبة الاولى في البصرة، وهي من المعاقل التقليدية لهم، لكن لازال الوقت مبكرا للتأكد من ذلك.
وعلى الجانب السني، يبدو ان الاحزاب التي نأت بنفسها عن وصف المتدينة قد احرزت تقدما هي الاخرى. فالحزب الاسلامي العراقي، وهو دعامة للعديد من التحالفات الحاكمة منذ عام 2005، خسر ارضيته في محافظتي الانبار وبغداد لصالح حركات الصحوة التي يقودها زعماء العشائر ومقاتلو المقاومة السابقون. وفي الموصل يبدو ان مجموعة وطنية علمانية، تدعى الحركة الوطنية العربية، والتي يقودها نائب في البرلمان صوت ضد اتفاقية سحب القوات لانه كان يرى ان الجدول الزمني كان طويلا جدا، يبدو انها حصلت على فوز كاسح، على حساب الحزب الاسلامي ايضا، وعلى حساب المجموعات الاصولية. لكن الخاسر الاكبر كانت الاحزاب الكردية والتي افادت من مقاطعة العرب السنة لانتخابات عام 2005. ويهيمن التنافس العربي – الكردي على الاجواء السياسية في الموصل، مركز محافظة نينوى، بشأن مستقبل المحافظة. وتعد نتائج الانتخابات اشارة على ان العرب مصممين على مقاومة ضم أي جزء منها الى محافظات الاكراد الثلاث في الشمال.
وتعد النتائج الاولية بالنسبة الى فريق اوباما الجديد مطمئنة ومحذرة في نفس الوقت. فمن جهة تظهر هذه النتائج ان نفوذ الولايات المتحدة آخذ في التقلص بسرعة، حيث قدم الناخبون المكافأة للاحزاب والمجاميع التي فضلت الانسحاب. ومن شأن هذا الامر ان يرضي الرئيس الاميركي الذي طالما اعلن ان حرب العراق "كانت خاطئة". ومن جهة اخرى، اظهر العراقيون انهم يريدون حكومة مركزية في العراق بدلا عن النظام الذي يؤدي الى التقسيم. وكان نائب الرئيس الاميركي، جو بايدن، قد تعرض الى ادانة واسعة من قبل العديد من السياسيين العراقيين حينما رعى قرارا يدعو الى انشاء فيدراليات شبه مستقلة عن الحكومة المركزية، وحصل على تأييد واسع النطاق بين اعضاء الكونغرس الاميركي. وقد قال الناخبون العراقيون الان "كلا" لهذا القرار.