عن: الغارديان
ترجمة: علاء غزالة
إيران، أفغانستان–الباكستان، الانتشار النووي، اسرائيل–فلسطين، روسيا، هذه هي نقاط التركيز في الستراتيجية الامنية لادارة اوباما كما باتت تتوضح مع الايام، كما يمكن – بسهولة – ملاحظة غياب اية مناقشة جدية حول العراق، ان قضية العراق التي وسمت سنوات حكم بوش، ونشرت الخلاف والبغضاء عبر العالم الاسلامي، قد احتكمت للتاريخ الان. يبدو هذا وكأنه خطأ. فالعراق لم ينته بعد. لقد التقى هؤلاء الذين ساندوا زيادة القوات عام 2007، واولئك الذين عارضوها، في قضية مشتركة تطالب باسدال الستار حيث حيّا فريدريك كاغان، علامة مؤسسة انتربرايز الاميركية، الانتخابات المحلية العراقية المسالمة على انها «انجاز مميز»، يثبت صحة الغزو عام 2003، ويعزز المكاسب الديمقراطية اللاحقة.
كتب كاغان في صحيفة وول ستريت جورنال: «لقد مضى العراق من وضع الكارثة الموقوتة الى الفرصة الذهبية... ما زالت الرهانات عالية، لكننا اخيرا بدأنا نرى عوائد استثمارنا.» اما المحلل المحافظ عامر طاهري فقد ذهب الى أبعد من ذلك في نيويورك بوست قائلا: «من الواضح ان الامة قد اتخذت خطوة كبرى اخرى في طريق الديمقراطية.»
كما يبدو منتقدو سياسة الولايات المتحدة مستبشرين بالمستقبل. فهم يعتقدون ان انتخاب باراك اوباما قد أدى اخيرا الى انهاء التدخل الكارثي، والذي حددته، باي حال، اتفاقية مستوى القوات التي عقدت في شهر كانون الاول مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وتدعو الاتفاقية الى مغادرة القوات الاميركية بحلول عام 2011. وقد تعهد اوباما بازالة جميع القوات القتالية في وقت اقرب من ذلك، أي في غضون 16 شهراً.
لاشك في ان العراق يمر في اكثر الفترات استقرارا على مدى السنوات الست الماضية. وقد برز المالكي بشكل غير متوقع كقائد صلب، وبراغماتي في هيئة الرجل الوطني القوي. كما فازت قائمته (دولة القانون) بمعظم المقاعد في تسع من المحافظات الاربع عشرة التي خاضت الانتخابات، وقد خفف المالكي من الجذور الاسلامية لحزبه، حزب الدعوة، مشجعا جوا من العلمانية والوطنية القوية والتأكيد على وحدة العراق.
وحسب النتائج المعلنة للانتخابات فان الاحزاب الدينية قد عانت اكثر من غيرها، ومن بينها الأحزاب في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى، والتي شكلت في الماضي قلب التمرد، أما حزب المجلس الاعلى الاسلامي الذي ، دعا الى الحكم الفيدرالي في الجنوب فيما مضى، فقد حصل على نتائج ضعيفة.
مع ازدياد تركيز الناخبين العراقيين على الامن والاقتصاد والقضايا الاجتماعية اكثر من الهوية العرقية والدينية، ومع بناء التحالفات السياسية حسب متطلبات الساعة، يبدو المالكي في موقف حسن لمواصلة تأهيل الهوية الوطنية للعراق استباقا للانتخابات العامة في وقت لاحق من هذا العام.
لكن المتشككون يقولون ان ذلك لن يكون بهذه السرعة. فلايزال الوقت باكرا لاعلان النجاح في العراق وتحويل الانتباه الى اماكن اخرى. ومن بين اكثر الطواقم الحذرة يبرز جنرالات الجيش الذين يعتمد عليهم اوباما في اسداء النصيحة. يقول المسؤولون الاميركيون ان الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الوسطى وصاحب فكرة زيادة القوات، والجنرال راي اوديرنو، الذي يقود حاليا 144,000 عسكري اميركي في العراق، يعتقدان انه لا يمكن سحب القوات بشكل آمن خلال فترة 16 شهرا. وتشير التقارير ان كلا من الرجلين قد حث على جدول زمني يبلغ 23 شهرا، وربما اطول من ذلك.
ففي حديثه الى الواشنطن بوست قبل فترة وجيزة، حذر اوديرنو من ان المكاسب الامنية قد تتعرض الى الخطر اذا غادرت القوات الاميركية، وان الطوائف العراقية قد تنجرف بسرعة الى المواجهات العنيفة. وفي معرض اجابته على السؤال عن أي نوع من التواجد العسكري الذي يتوقعه في العراق في الاعوام 2014 و2015، قال اوديرنو: «اود ان ارى... قوات يبلغ قوامها بحدود 30,000 او 35,000 عسكري» لاستخدامها في تدريب القوات العراقية ولخوض العمليات القتالية ضد (القاعدة في العراق) وحلفائها.
يبدو هذا، بالنسبة للكثيرين، خطة لاحتلال غير محدد الزمن، مدفوعة بأمن الولايات المتحدة الاقليمي والمخاوف الاقتصادية، التي تتمثل اساسا في ايران وانتاج النفط العراقي، لكن هناك اسبابا موضوعية تدفعنا للتأني في القول،
يضاف إلى ذلك أن هناك قلقا مستمرا حول عدم قدرة القوات العراقية على التعامل مع القاعدة والمجاميع المتطرفة الاخرى بدون مساعدة خارجية، ومخاوف من العودة الى العنف الطائفي ، ومخاوف من تأثير اسعار النفط المنخفضة على النمو الاقتصادي للبلاد.
إن الحقيقة المزعجة هي ان قصة العراق مازال امامها طريق تسلكه، والخطر بالنسبة الى اوباما انه، مثل رجل اطفاء استرالي، ما ان يوجه خرطوم مياه الاطفاء في اتجاه ما حتى يكتشف ان اللهب الذي اعتقد انه كان قد خمد عاد الى الاشتعال مجددا.