عن: نيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
ابرمت شركة شيل الملكية الهولندية، احدى كبريات شركات النفط العالمية، صفقة للغاز الطبيعي تقدر بعدة مليارات من الدولارات مع الحكومة العراقية. وقالت الشركة انها قد افتتحت مكتبا لها في بغداد، وبذلك تكون اول شركة نفط اجنبية عملاقة تقدم على مثل هذه الخطوة منذ ان قام العراق بتأميم صناعته النفطية قبل ما يزيد على ثلاثة عقود.
وقد وصفت الشركة قرارها بافتتاحها المكتب في بغداد على انه علامة فارقة تظهر جزئيا التحسن الكبير في استقرار العراق مقارنة مع الظروف التي مر بها البلد خلال اسوأ سنوات الحرب.
لكن الشركة رفضت الافصاح عن موقع المكتب، مما يعد تذكيرا صريحا بمدى الاخطار المحدقة بالاعمال هنا. كما احاطت كتيبة من الحراس المدججين بالسلاح المسؤولة رفيعة المستوى في شركة شيل حينما اعلنت عن صفقة الغاز.
وقد صرحت ليندا كوك، وهي المديرة التنفيذية لقسم الغاز ووحدات الطاقة في الشركة، في مؤتمر صحفي عقد في المنطقة الخضراء المحمية جيدا ببغداد، بالقول: «نحن على استعداد للبدء بالتواجد».
وقد ظهرت السيدة كوك، وهي المشرفة على توقيع صفقة الغاز مع الحكومة العراقية، بصحبة وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني.
ويعد المشروع المشترك باستثمار الغاز، الذي يهدر الان في اثناء عملية استخلاص النفط في البصرة، بمثابة عودة الشركة رسميا الى العراق بعد 36 عاما. وكانت شركة شيل اضافة الى اسلاف الشركات الكبرى مثل بي بي، واكسون موبيل، وتوتال، من بين الشركاء الاصليين في شركة نفط العراق قبل ان تفقد الشركات تراخيصها بعد قرار التأميم الذي تزامن مع صعود صدام حسين الى مركز السلطة في سبعينيات القرن الماضي.
وصرح السيد الشهرستاني بان القسم الاكبر من الغاز المستثمر سوف يذهب الى محطات توليد الكهرباء والمواقع الصناعية مثل معمل البتروكيمياويات ومعامل الاسمدة.
وكان توقيع الصفقة متوقعا. فقد كانت شركة شيل من بين ما يزيد على 30 شركة اجنبية تنافست للحصول على عقد طويل الامد لاستثمار ست من الحقول النفطية المهمة. وسوف يتم الاعلان عن الفائزين في عام 2009. واشترطت الحكومة العراقية على اية شركة ان تكون راغبة في تأسيس مكتب لها في بغداد اذا حصلت على عقد استثمار.
كما ان شركة شيل قد اشتركت مع مجموعة اصغر من الشركات الغربية في التفاوض للحصول على عقد مباشر (من دون طرح عطاءات سرية) لمساعدة العراق على زيادة انتاجه من الحقول النفطية الموجودة حاليا، لكن تم تعليق العملية في وقت سابق من الشهر الحالي بعد انتقادات وجهها بعض اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي.
هذا واشاد السيد الشهرستاني بمشروع الغاز المشترك، الذي يمنح الحكومة العراقية نسبة 51% من شركة نفط الجنوب مقابل 49% لشركة شيل، على انه خطوة في طريق حل المشكلة المزمنة والكسيحة المتمثلة بالنقص الحاد في انتاج الطاقة الكهربائية.
وقد اضحت مشكلة الكهرباء، اضافة الى تأثيراتها الاقتصادية، مشحونة جدا سياسيا وقضية ذات شجون بالنسبة للعراقيين.
يذكر ان الصفقة مع شركة شيل جاءت في اعقاب اتفاقية بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع الصين لتطوير حقل الاحدب في الجنوب، والتي تم توقيعها الشهر الماضي.
Saturday, September 27, 2008
كواليس نقاشات إرسال قوات إضافية الى العراق
عن: الهيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
واشنطن – بينما تقترب فترة الرئيس جورج دبليو بوش من نهايتها، وبينما يركز الحزب الجمهوري على خليفته وتأثير ميراث بوش على مستقبل الحزب، يستعد الرئيس وحلفاؤه لتسويق زيادة القوات الاميركية في العراق على انها من بين اكثر منجزاته فخرا. لكن هذا القرار، الذي كان من بين اكثر القرارات التي اتخذها كقائد عام عاقبة، لم يتم اتخاذه الا بعد اشهر من المداولات الحادة ضمن الادارة، استنادا الى مذكرات لازالت سرية، ومقابلات مع طيف واسع من المسؤولين الحاليين والسابقين. حينما كان الوضع في العراق يبدو باسوأ حالاته في كانون الثاني 2007، اتخذ بوش خيارا صعبا، توافق مع ما نصح به بدأ الكثير من مستشاريه المدنيين والعسكريين، بضمنهم القادة الميدانيون. وقد ساعد قرار بوش ارسال 20,000 عسكري اضافي الى العراق لتنفيذ استراتيجية جديدة، ساعد في ايقاف موجة القتل الطائفي. لكن رغبة بوش في ان يرجع الى قادته الميدانيين ووزير دفاعه القوي قد تأخرت عن تحقيق اي تقدم في هذا المسار حتى اصبحت الظروف في العراق في حالة من الفوضى وتمثل «حرب اهلية»، على حد تعبير احد محللي وكالة الاستخبارات الامريكية الذي بالخدمة في تشرين الثاني 2006.
حينما بدأ البيت الابيض يراجع استراتيجته في العراق ذلك الشهر، كان البنتاغون يفضل بذل جهدا حثيثا لنقل المسؤولية الى القوات العراقية مما سيساعد في تقليل عدد القوات. اما وزارة الخارجية فقد دعت الى خطة بديلة تقوم بالتركيز على قتال المسلحين الارهابيين المنتمين الى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ، واحتواء العنف في بغداد، وعدم التدخل في العنف الطائفي الا اذا وصل الى مستوى «القتل الجماعي». وقد جادل السفير الامريكي في بغداد بانه يجب ان يحصل على المزيد من الصلاحيات لمناقشة المواجهات السياسية بين العراقيين.
وقد كتب السفير زلماي خليلزاد في تقرير سري قائلا: «لن ينتج عن مقترح ارسال المزيد من القوات الاميريكية الى العراق حلا طويل الامد، وسوف يجعل سياستنا ليست اكثر استقرارا، بل اقل». وفي تشرين الاول 2006 بذل اعضاء في مجلس الامن القومي جهدا لاستطلاع احتمالية زيادة القوات، وكتبوا تقريرا طرح المبدأ الذي يقول بان الولايات المتحدة قد «تضاعف الرهان» في العراق بان ترسل المزيد من القوات الى هناك. وقال رئيس هيئة الاركان المشتركة وبعض اعضاء قيادته ان الجيش كان منتشرا بشكل واسع بحيث لا يمكن ارسال المزيد من القوات. وقد طلب من احد اعضاء القيادة، وهو العقيد البحري المتقاعد وليم لوتي، تقويم فيما اذا كانت هناك قوات متوفرة. فأجاب لوتي بانه يمكن ارسال ما يعادل خمسة الوية من القوات القتالية الاضافية، كما انه اوصى بفعل ذلك.
واكتسبت الفكرة المزيد من التأييد بين بعض المسؤولين كنتيجة للدراسة المفصلة التي نشرتها مؤسسة انتربرايز الاميركية لمعدّيها جاك كين، النائب السابق لرئيس اركان الجيش، وفريدريك كاغان، المختص العسكري في نفس المؤسسة البحثية المحافظة.
انقسم العسكريون بشأن الخطة آخر الامر. حتى بعد ان اتخذ الرئيس قراره في ارسال المزيد من القوات الى العراق، لم يطمح الجنرال جورج كيسي وهو القائد العسكري الاعلى في العراق في الحصول على اكثر من لواءين، أي نحو 8,000 عسكري. لكن تم تغيير خطة كيسي بشكل كبير من قبل الجنرال رايموند اويدمو، وهو القائد الثاني في سلسلة القيادة بالعراق، ومن الجنرال ديفيد بترايوس، والذي يقول احد مسؤولي الادارة ان البيت الابيض كان قد عرف وجهات نظره قبل ان يتم اختياره لخلافة كيسي. وقد وافق مسؤولون حاليون وسابقون في الادراة والجيش على كشف تفاصيل جديدة بشأن زيادة القوات استجابة للطلبات المتكررة. وقد طلب اغلبهم عدم كشف اسمائهم لان الوثائق لاتزال سرية، لكنهم قالوا انهم يعتقدون ان سجل التاريخ يجب ان يظهر الامور مثار الاهتمام في حينها. في آب 2006، عقد الرئيس بوش اجتماعا عبر دائرة مغلقة مع اعلى قادته العسكريين شأنا، واقدم مستشاريه.
كانت استراتيجية كيسي تقوم على نقل المسؤولية الامنية الى القوات العراقية تدريجيا وخفض عديد القوات الامريكية مع كل تقدم حاصل. وقد اخبر مسؤولي واشنطن في حزيران 2006 انه يأمل في خفض القوات القتالية الاميركية الى خمسة او ستة الوية بنهاية عام 2007 انخفاضا من 14 لواءا كانت منتشرة في ذلك الوقت.
وبحلول آب، دفع العنف الطائفي كيسي الى زيادة قواته بشكل طفيف. في اجتماع دائرة مغلقة قال كيسي ان لديه قوات كافية، لكنه لم يكن متأكدا من قدرة العراقيين على مواجهة الميلشيات المسلحة المتحصنة في المناطق السكنية. وقد اوضح بوش ان بالامكان ارسال المزيد من القوات اذا دعت الحاجة. وقال بوش مخاطبا كيسي، استنادا الى ملاحظة كتبها احد المشاركين في الاجتماع: «يجب ان ننجح. سوف نلتزم بتوفير الموارد، اذا لم يكن باستطاعتهم، سوف نفعل ذلك نحن. اذا انحرفت الدراجة الهوائية عن مسارها، فسوف نضع ايدينا عليها مجددا». في آذار 2006 دعى فيليب زليكو، المساعد الاقدم لوزيرة الخارجية كونداليزا رايس، لبذل «جهود جبارة من اجل تحسين الوضع الامني في بغداد والمناطق المحيطة بها، ومحاسبة المليشيات الاكثر عنفا». ووضع في حزيران مسودة خطة مع جيمس جيفري، الذي يشغل حاليا منصب نائب مستشار الامن القومي في ادراة بوش، التي اوصت بـ»مواجهة التمرد اختياريا»، وايضا ارسال المزيد من القوات الاميركية. وبغياب سياسة مراجعة رئيسة، بدأ اعضاء المجلس الامني بوضع تحليلاتهم ونقدهم كلاً على حدة للستراتيجية القائمة. وبحلول تشرين الاول، تعاون المساعدون، وهم ميغان اوساليفان وبيرت ماكغورك وبيرت فيفر، في اصدار التقرير الذي اقترح مبدأ زيادة القوات. وقام نائب مستشار الامن القومي جي دي كروتش باستدعاء لوتي.
بعد ان اتصل لوتي بقيادات الجيش، قدم تقريرا سريا في تشرين الثاني يطالب بزيادة ملموسة في القوات، وقد عرّف ذلك فيما بعد بارسال 20,000 مقاتل اضافي (وهو ما يعادل خمسة الوية) الى بغداد والمناطق الساخنة الاخرى. ثم قام ستيفن هادلي، مستشار الامن القومي في ادارة بوش، باعطاء نسخة الى الجنرال بيتر بيس، وهو رئيس رئيس اركان قيادة القوات المشتركة، وطلب منه تقويم التقرير.
وفي نفس الشهر، وبعد مرور ثلاثة ايام على الانتخابات النصفية للكونغرس، اتم البيت الابيض اخيرا المراجعة الحكومية الرسمية الموسعة. وقد تعرض الجمهوريون الى الهزيمة في الاقتراع، بينما كان فريق دراسة العراق، المؤلف من لي هاملتون، وهو نائب ديمقراطي سابق، وجيمس بيكر، وزير الخارجية في عهد جورج بوش الاب، يستعدان لتقديم توصياتهما بزيادة القوات لتدريب العراقيين، وسحب جميع القوات الاميركية المقاتلة –نظريا– بحلول ربيع 2008. في اجتماع عـُقد في البيت الابيض في 22 تشرين الثاني، اوضح كبار المساعدين «الاجماع المتزايد» بان النتائج الناجحة في الحرب في العراق تعد امرا حيويا بالنسبة الى «الحرب على الارهاب» التي تشنها ادارة بوش، وقدموا تقويما صريحا للصعوبات.
وقدمت كل وكالة موقفها في تقارير سرية. واطرى المسؤولون المدنيون في البنتاغون على استراتيجية كيسي التي تقوم على نقل المسؤوليات كاولوية اولى. وحث قادة القوات المشتركة على «تسريع وضع العراقيين في خضم قيادة العمليات العسكرية»، حتى انهم اقترحوا وضع لواء اميركي مع كل فرقة عراقية كأحد الاجراءات.
واوصت رايس مساعديها الاقدمين بالتركيز على المسائل «الجوهرية» مثل مقاتلة الارهاب ومواجهة الاعتداءات الايرانية. اما في اطراف العاصمة، فلن يكون على القوات ان تتدخل في القتال الطائفي في بغداد الا اذا حدثت «مجازر جماعية او تهجير جماعي».
وعلى الجبهة السياسية، لن تؤكد الولايات المتحدة على المصالحة بين القادة العراقيين في المنطقة الخضراء، ولكن تركز على المستوى المحلي، وتضاعف عدد الفرق المدنية التي تساعد العراقيين في بناء وتحسين حكومتهم.
وقد حث جون حنا، مساعد اقدم لدى نائب الرئيس ديك تشيني، على تقوية العلاقات مع الاغلبية العراقية، الذين شعر الكثير منهم بالالم من الهجمات الاميركية ضد المليشيات ، بينما كان المعتدون الاصليون في القتال الطائفي هم من المسلحين. وفي الثلاثين من تشرين الثاني، التقى بوش مع رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي، الذي قدم مشروعه الخاص، والذي لم يعتبره الاميركيين مجديا الا قليلا. هذا المشروع يقضي بان تنسحب قوات الولايات المتحدة الى اطراف بغداد لمقاتلة المسلحين ، بينما تتولى القوات العراقية السيطرة على العاصمة. وفي أي من الاجتماعات التي عقدت في كانون الاول بحضور كبار المسؤولين، حث تشيني على ارسال المزيد من القوات لمواجهة العنف الطائفي في بغداد، بينما تعيد رايس طرح حجتها بان ليس لدى الجيش سوى القليل ليفعله، استنادا الى ملاحظات دونها احد المشاركين.
وقد وقع بوش قراره في المضي قدما بنوع من زيادة القوات حينما اجتمع مجلس الامن القومي يومي الثامن والتاسع من كانون الاول. لكن لم يتم الاتفاق بشأن حجم القوات التي سيتم نشرها ولا كيفية توظيفها واستخدامها.
وحتى هذا التاريخ، كان هناك اختلاف بين العسكريين انفسهم. فقد رقي اوديمو في بداية كانون الاول ليصبح الشخصية العسكرية الثانية في سلسلة القيادة في العراق. وقد اعد مراجعة طالب فيها بخمسة الوية اضافية في بغداد وما حولها وكتيبتين اخريين في محافظة الانبار لتقوية العمل مع القبائل في المحافظة.
ولكن اوديمو، بحكم كونه تحت امرة كيسي، لم يكن يملك دورا في مراجعات مجلس الامن القومي. بيد ان وجهات نظره كانت معروفة لـ(كيني)، الجنرال المتقاعد باربعة نجوم الذي ساعد في الاشراف على الدراسة لمصلحة مؤسسة انتربرايز الاميركية، التي دعت الى اضافة خمسة الوية عسكرية وكتيبتين من المارينز. وطرح كيني اقتراحات اوديمو في اجتماع مع بوش وتشيني في الحادي عشر من كانون الاول، كما ارسلت الى (بيس) ايضا.
وقد وصف كيني، بالتوافق مع كاغان، بالتفصيل الى تشيني وموظفيه خطته لنشر قوات اميركية في الاحياء المختلطة من السنة والشيعة من اجل حماية المدنيين العراقيين من دون انحياز.
وقد ادت استقالة رامسفيلد من منصبه في السادس من تشرين الثاني، وتعيين بديله روبرت غيتس في منتصف كانون الاول، الى ازالة المقاومة المؤسساتية لـ»زيادة القوات». بينما اصبحت رايس هي الاخرى اكثر تأييدا.
واستقل غيتس طائرة الى بغداد في اواخر كانون الاول للتشاور مع كيسي والمالكي. وعلى متن الطائرة، اعطى ايرك ايدلمان، المساعد السياسي لوزير الدفاع، غيتس دراسة مؤسسة انتربرايز.
وفي اثناء الاجتماع الذي عقد ببغداد، اصر كيسي على فكرة انه كان بحاجة الى لواءين اضافيين لبضعة شهور فقط. وفي طريق العودة الى الوطن تساءل حنا، مساعد تشيني، فيما اذا كان ارسال لوائين لن يؤدي الا للفشل، وفيما اذا كان على البنتاغون ان يقترح المزيد. وقال غيتس انه كان من الصعب اقناع المالكي بقبول المزيد.
ثم قام وزير الدفاع بتقديم تقريره الى بوش متضمنا رغبة القائد في ارسال قوات اضافية لاتزيد على 8,000 عسكري.
تم ترتيب اجتماع مجلس الامن القومي في مزرعة بوش في تكساس. وقد خشي كيني ان يقوم بيس بطلب لواءين فقط، فقام بالاتصال بحنا وقال له ان على احد ما ان يؤكد التساؤل فيما اذا كان نشر قوات صغيرة سيكون مؤثرا. وتم في ذلك الاجتماع التأكيد ان هناك حاجة الى ارسال المزيد من القوات الى محافظة الانبار وغيرها، ولكنه شدد على خطة ارسال خمس الوية الى بغداد. كانت وجهة نظر بترايوس مؤثرة ايضا. فقد تم اختياره لخلافة كيسي واراد ان يحصل على اكبر عدد ممكن من القوات ليتسنى له ان يعطي اولوية لحماية المدنيين العراقيين. وبينما كان البيت الابيض يعمل على خطاب بوش في العاشر من كانون الاول الذي يعلن زيادة القوات، تحدثت احدى المسودات عن ارسال «ما لا يزيد عن خمسة» الوية قتالية. وطرح المساعدون في مجلس الامن القومي القضية على بوش، ما حدا به الى ان يعلن التزاما جليا. قال بوش في خطابه المتلفز: «لقد التزمت بارسال اكثر من 20,000 من القوات الاضافية الى العراق. سيتم نشر الاغلبية الساحقة منها، وهي خمسة الوية، في بغداد».
ترجمة: علاء غزالة
واشنطن – بينما تقترب فترة الرئيس جورج دبليو بوش من نهايتها، وبينما يركز الحزب الجمهوري على خليفته وتأثير ميراث بوش على مستقبل الحزب، يستعد الرئيس وحلفاؤه لتسويق زيادة القوات الاميركية في العراق على انها من بين اكثر منجزاته فخرا. لكن هذا القرار، الذي كان من بين اكثر القرارات التي اتخذها كقائد عام عاقبة، لم يتم اتخاذه الا بعد اشهر من المداولات الحادة ضمن الادارة، استنادا الى مذكرات لازالت سرية، ومقابلات مع طيف واسع من المسؤولين الحاليين والسابقين. حينما كان الوضع في العراق يبدو باسوأ حالاته في كانون الثاني 2007، اتخذ بوش خيارا صعبا، توافق مع ما نصح به بدأ الكثير من مستشاريه المدنيين والعسكريين، بضمنهم القادة الميدانيون. وقد ساعد قرار بوش ارسال 20,000 عسكري اضافي الى العراق لتنفيذ استراتيجية جديدة، ساعد في ايقاف موجة القتل الطائفي. لكن رغبة بوش في ان يرجع الى قادته الميدانيين ووزير دفاعه القوي قد تأخرت عن تحقيق اي تقدم في هذا المسار حتى اصبحت الظروف في العراق في حالة من الفوضى وتمثل «حرب اهلية»، على حد تعبير احد محللي وكالة الاستخبارات الامريكية الذي بالخدمة في تشرين الثاني 2006.
حينما بدأ البيت الابيض يراجع استراتيجته في العراق ذلك الشهر، كان البنتاغون يفضل بذل جهدا حثيثا لنقل المسؤولية الى القوات العراقية مما سيساعد في تقليل عدد القوات. اما وزارة الخارجية فقد دعت الى خطة بديلة تقوم بالتركيز على قتال المسلحين الارهابيين المنتمين الى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ، واحتواء العنف في بغداد، وعدم التدخل في العنف الطائفي الا اذا وصل الى مستوى «القتل الجماعي». وقد جادل السفير الامريكي في بغداد بانه يجب ان يحصل على المزيد من الصلاحيات لمناقشة المواجهات السياسية بين العراقيين.
وقد كتب السفير زلماي خليلزاد في تقرير سري قائلا: «لن ينتج عن مقترح ارسال المزيد من القوات الاميريكية الى العراق حلا طويل الامد، وسوف يجعل سياستنا ليست اكثر استقرارا، بل اقل». وفي تشرين الاول 2006 بذل اعضاء في مجلس الامن القومي جهدا لاستطلاع احتمالية زيادة القوات، وكتبوا تقريرا طرح المبدأ الذي يقول بان الولايات المتحدة قد «تضاعف الرهان» في العراق بان ترسل المزيد من القوات الى هناك. وقال رئيس هيئة الاركان المشتركة وبعض اعضاء قيادته ان الجيش كان منتشرا بشكل واسع بحيث لا يمكن ارسال المزيد من القوات. وقد طلب من احد اعضاء القيادة، وهو العقيد البحري المتقاعد وليم لوتي، تقويم فيما اذا كانت هناك قوات متوفرة. فأجاب لوتي بانه يمكن ارسال ما يعادل خمسة الوية من القوات القتالية الاضافية، كما انه اوصى بفعل ذلك.
واكتسبت الفكرة المزيد من التأييد بين بعض المسؤولين كنتيجة للدراسة المفصلة التي نشرتها مؤسسة انتربرايز الاميركية لمعدّيها جاك كين، النائب السابق لرئيس اركان الجيش، وفريدريك كاغان، المختص العسكري في نفس المؤسسة البحثية المحافظة.
انقسم العسكريون بشأن الخطة آخر الامر. حتى بعد ان اتخذ الرئيس قراره في ارسال المزيد من القوات الى العراق، لم يطمح الجنرال جورج كيسي وهو القائد العسكري الاعلى في العراق في الحصول على اكثر من لواءين، أي نحو 8,000 عسكري. لكن تم تغيير خطة كيسي بشكل كبير من قبل الجنرال رايموند اويدمو، وهو القائد الثاني في سلسلة القيادة بالعراق، ومن الجنرال ديفيد بترايوس، والذي يقول احد مسؤولي الادارة ان البيت الابيض كان قد عرف وجهات نظره قبل ان يتم اختياره لخلافة كيسي. وقد وافق مسؤولون حاليون وسابقون في الادراة والجيش على كشف تفاصيل جديدة بشأن زيادة القوات استجابة للطلبات المتكررة. وقد طلب اغلبهم عدم كشف اسمائهم لان الوثائق لاتزال سرية، لكنهم قالوا انهم يعتقدون ان سجل التاريخ يجب ان يظهر الامور مثار الاهتمام في حينها. في آب 2006، عقد الرئيس بوش اجتماعا عبر دائرة مغلقة مع اعلى قادته العسكريين شأنا، واقدم مستشاريه.
كانت استراتيجية كيسي تقوم على نقل المسؤولية الامنية الى القوات العراقية تدريجيا وخفض عديد القوات الامريكية مع كل تقدم حاصل. وقد اخبر مسؤولي واشنطن في حزيران 2006 انه يأمل في خفض القوات القتالية الاميركية الى خمسة او ستة الوية بنهاية عام 2007 انخفاضا من 14 لواءا كانت منتشرة في ذلك الوقت.
وبحلول آب، دفع العنف الطائفي كيسي الى زيادة قواته بشكل طفيف. في اجتماع دائرة مغلقة قال كيسي ان لديه قوات كافية، لكنه لم يكن متأكدا من قدرة العراقيين على مواجهة الميلشيات المسلحة المتحصنة في المناطق السكنية. وقد اوضح بوش ان بالامكان ارسال المزيد من القوات اذا دعت الحاجة. وقال بوش مخاطبا كيسي، استنادا الى ملاحظة كتبها احد المشاركين في الاجتماع: «يجب ان ننجح. سوف نلتزم بتوفير الموارد، اذا لم يكن باستطاعتهم، سوف نفعل ذلك نحن. اذا انحرفت الدراجة الهوائية عن مسارها، فسوف نضع ايدينا عليها مجددا». في آذار 2006 دعى فيليب زليكو، المساعد الاقدم لوزيرة الخارجية كونداليزا رايس، لبذل «جهود جبارة من اجل تحسين الوضع الامني في بغداد والمناطق المحيطة بها، ومحاسبة المليشيات الاكثر عنفا». ووضع في حزيران مسودة خطة مع جيمس جيفري، الذي يشغل حاليا منصب نائب مستشار الامن القومي في ادراة بوش، التي اوصت بـ»مواجهة التمرد اختياريا»، وايضا ارسال المزيد من القوات الاميركية. وبغياب سياسة مراجعة رئيسة، بدأ اعضاء المجلس الامني بوضع تحليلاتهم ونقدهم كلاً على حدة للستراتيجية القائمة. وبحلول تشرين الاول، تعاون المساعدون، وهم ميغان اوساليفان وبيرت ماكغورك وبيرت فيفر، في اصدار التقرير الذي اقترح مبدأ زيادة القوات. وقام نائب مستشار الامن القومي جي دي كروتش باستدعاء لوتي.
بعد ان اتصل لوتي بقيادات الجيش، قدم تقريرا سريا في تشرين الثاني يطالب بزيادة ملموسة في القوات، وقد عرّف ذلك فيما بعد بارسال 20,000 مقاتل اضافي (وهو ما يعادل خمسة الوية) الى بغداد والمناطق الساخنة الاخرى. ثم قام ستيفن هادلي، مستشار الامن القومي في ادارة بوش، باعطاء نسخة الى الجنرال بيتر بيس، وهو رئيس رئيس اركان قيادة القوات المشتركة، وطلب منه تقويم التقرير.
وفي نفس الشهر، وبعد مرور ثلاثة ايام على الانتخابات النصفية للكونغرس، اتم البيت الابيض اخيرا المراجعة الحكومية الرسمية الموسعة. وقد تعرض الجمهوريون الى الهزيمة في الاقتراع، بينما كان فريق دراسة العراق، المؤلف من لي هاملتون، وهو نائب ديمقراطي سابق، وجيمس بيكر، وزير الخارجية في عهد جورج بوش الاب، يستعدان لتقديم توصياتهما بزيادة القوات لتدريب العراقيين، وسحب جميع القوات الاميركية المقاتلة –نظريا– بحلول ربيع 2008. في اجتماع عـُقد في البيت الابيض في 22 تشرين الثاني، اوضح كبار المساعدين «الاجماع المتزايد» بان النتائج الناجحة في الحرب في العراق تعد امرا حيويا بالنسبة الى «الحرب على الارهاب» التي تشنها ادارة بوش، وقدموا تقويما صريحا للصعوبات.
وقدمت كل وكالة موقفها في تقارير سرية. واطرى المسؤولون المدنيون في البنتاغون على استراتيجية كيسي التي تقوم على نقل المسؤوليات كاولوية اولى. وحث قادة القوات المشتركة على «تسريع وضع العراقيين في خضم قيادة العمليات العسكرية»، حتى انهم اقترحوا وضع لواء اميركي مع كل فرقة عراقية كأحد الاجراءات.
واوصت رايس مساعديها الاقدمين بالتركيز على المسائل «الجوهرية» مثل مقاتلة الارهاب ومواجهة الاعتداءات الايرانية. اما في اطراف العاصمة، فلن يكون على القوات ان تتدخل في القتال الطائفي في بغداد الا اذا حدثت «مجازر جماعية او تهجير جماعي».
وعلى الجبهة السياسية، لن تؤكد الولايات المتحدة على المصالحة بين القادة العراقيين في المنطقة الخضراء، ولكن تركز على المستوى المحلي، وتضاعف عدد الفرق المدنية التي تساعد العراقيين في بناء وتحسين حكومتهم.
وقد حث جون حنا، مساعد اقدم لدى نائب الرئيس ديك تشيني، على تقوية العلاقات مع الاغلبية العراقية، الذين شعر الكثير منهم بالالم من الهجمات الاميركية ضد المليشيات ، بينما كان المعتدون الاصليون في القتال الطائفي هم من المسلحين. وفي الثلاثين من تشرين الثاني، التقى بوش مع رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي، الذي قدم مشروعه الخاص، والذي لم يعتبره الاميركيين مجديا الا قليلا. هذا المشروع يقضي بان تنسحب قوات الولايات المتحدة الى اطراف بغداد لمقاتلة المسلحين ، بينما تتولى القوات العراقية السيطرة على العاصمة. وفي أي من الاجتماعات التي عقدت في كانون الاول بحضور كبار المسؤولين، حث تشيني على ارسال المزيد من القوات لمواجهة العنف الطائفي في بغداد، بينما تعيد رايس طرح حجتها بان ليس لدى الجيش سوى القليل ليفعله، استنادا الى ملاحظات دونها احد المشاركين.
وقد وقع بوش قراره في المضي قدما بنوع من زيادة القوات حينما اجتمع مجلس الامن القومي يومي الثامن والتاسع من كانون الاول. لكن لم يتم الاتفاق بشأن حجم القوات التي سيتم نشرها ولا كيفية توظيفها واستخدامها.
وحتى هذا التاريخ، كان هناك اختلاف بين العسكريين انفسهم. فقد رقي اوديمو في بداية كانون الاول ليصبح الشخصية العسكرية الثانية في سلسلة القيادة في العراق. وقد اعد مراجعة طالب فيها بخمسة الوية اضافية في بغداد وما حولها وكتيبتين اخريين في محافظة الانبار لتقوية العمل مع القبائل في المحافظة.
ولكن اوديمو، بحكم كونه تحت امرة كيسي، لم يكن يملك دورا في مراجعات مجلس الامن القومي. بيد ان وجهات نظره كانت معروفة لـ(كيني)، الجنرال المتقاعد باربعة نجوم الذي ساعد في الاشراف على الدراسة لمصلحة مؤسسة انتربرايز الاميركية، التي دعت الى اضافة خمسة الوية عسكرية وكتيبتين من المارينز. وطرح كيني اقتراحات اوديمو في اجتماع مع بوش وتشيني في الحادي عشر من كانون الاول، كما ارسلت الى (بيس) ايضا.
وقد وصف كيني، بالتوافق مع كاغان، بالتفصيل الى تشيني وموظفيه خطته لنشر قوات اميركية في الاحياء المختلطة من السنة والشيعة من اجل حماية المدنيين العراقيين من دون انحياز.
وقد ادت استقالة رامسفيلد من منصبه في السادس من تشرين الثاني، وتعيين بديله روبرت غيتس في منتصف كانون الاول، الى ازالة المقاومة المؤسساتية لـ»زيادة القوات». بينما اصبحت رايس هي الاخرى اكثر تأييدا.
واستقل غيتس طائرة الى بغداد في اواخر كانون الاول للتشاور مع كيسي والمالكي. وعلى متن الطائرة، اعطى ايرك ايدلمان، المساعد السياسي لوزير الدفاع، غيتس دراسة مؤسسة انتربرايز.
وفي اثناء الاجتماع الذي عقد ببغداد، اصر كيسي على فكرة انه كان بحاجة الى لواءين اضافيين لبضعة شهور فقط. وفي طريق العودة الى الوطن تساءل حنا، مساعد تشيني، فيما اذا كان ارسال لوائين لن يؤدي الا للفشل، وفيما اذا كان على البنتاغون ان يقترح المزيد. وقال غيتس انه كان من الصعب اقناع المالكي بقبول المزيد.
ثم قام وزير الدفاع بتقديم تقريره الى بوش متضمنا رغبة القائد في ارسال قوات اضافية لاتزيد على 8,000 عسكري.
تم ترتيب اجتماع مجلس الامن القومي في مزرعة بوش في تكساس. وقد خشي كيني ان يقوم بيس بطلب لواءين فقط، فقام بالاتصال بحنا وقال له ان على احد ما ان يؤكد التساؤل فيما اذا كان نشر قوات صغيرة سيكون مؤثرا. وتم في ذلك الاجتماع التأكيد ان هناك حاجة الى ارسال المزيد من القوات الى محافظة الانبار وغيرها، ولكنه شدد على خطة ارسال خمس الوية الى بغداد. كانت وجهة نظر بترايوس مؤثرة ايضا. فقد تم اختياره لخلافة كيسي واراد ان يحصل على اكبر عدد ممكن من القوات ليتسنى له ان يعطي اولوية لحماية المدنيين العراقيين. وبينما كان البيت الابيض يعمل على خطاب بوش في العاشر من كانون الاول الذي يعلن زيادة القوات، تحدثت احدى المسودات عن ارسال «ما لا يزيد عن خمسة» الوية قتالية. وطرح المساعدون في مجلس الامن القومي القضية على بوش، ما حدا به الى ان يعلن التزاما جليا. قال بوش في خطابه المتلفز: «لقد التزمت بارسال اكثر من 20,000 من القوات الاضافية الى العراق. سيتم نشر الاغلبية الساحقة منها، وهي خمسة الوية، في بغداد».
Wednesday, September 24, 2008
تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: ايران طورت برنامجها النووي
عن: الهيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
باريس: اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران قد حسنت بشكل كبير من اداء اجهزة الطرد المركزي التي تنتج اليورانيوم المخصب، ما يشير بان هذا البلد قد تغلب على التحديات الفنية التي عرقلت برنامجها لتخصيب اليورانيوم.واتهم تقرير يقع في ست صفحات صدر عن هذه الوكالة، اتهم ايران بالاستمرار في التضليل بشأن برنامجها البحثي في الماضي والذي تشك بعض الحكومات الغربية بانه يهدف لتصميم سلاح نووي.واقرت الوكالة بانها قد فشلت في «تحقيق تقدم ملموس» في التحقيق. يقول احد كبار المسؤولين في الوكالة: «يبدو اننا وصلنا الى طريق مسدود. يمكنني ان اصف ذلك باننا نراوح في مكاننا».
ويعد التقرير بمثابة انتكاسة لمبادرة الوكالة التي اطلقت قبل ستة شهور والتي اعطت ايران موعدا نهائيا للاجابة عن الاسئلة بخصوص نشاطاتها النووية في العقدين الماضيين وطلبت من الولايات المتحدة وبلدان اخرى التحلي بالصبر قبل فرض العقوبات الجديدة.
وقالت الوكالة، في خطوة ثورية اخرى، ان خبيرا اجنبيا او مجموعة من الخبراء ربما ساعدوا ايران في اجراء التجارب على الصاعق الذي يستخدم لتفجير السلاح النووي، غير ان التقرير اشار الى «الخبراء الاجانب» دون تحديد اصولهم.
واكد المسؤول في الوكالة ان الحكومات الاجنبية لم تكن متورطة في هذا الامر. كما استثنى اي تورط لليبيا والبقية الباقية لشبكة عبد القدير خان، العالم الباكستاني الذي اسس السوق السوداء الاكبر في العالم لتسويق التقنية النووية.
ويقول مسؤول غربي ان كوريا الشمالية، المتهمة بمساعدة سوريا في بناء مفاعلها النووي، لم تكن هي الاخرى متورطة في برنامج ايران النووي، وقد طلب المسؤولون عدم الافصاح عن هوياتهم حسب القواعد الدبلوماسية.
وكانت ايران قد نفت في الماضي انها قامت بمثل هذه الانشطة، ولكن طلب منها توضيح الامر.
وانتقدت الوكالة ايران ايضا لاستمرارها في توسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم، خلافا لقرارات مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة.
ويضيف التقرير بان ايران تقوم الان بتشغيل 3,800 من وحدات الطرد المركزي، وهي المكائن التي تعمل على تخصيب اليورانيوم، اي بزيادة بضعة مئات عن الاشهر الاربعة الماضية، والاكثر أهمية ان إيران قد زادت من كفاءة وحدات الطرد المركزي من 50%- 80% استنادا الى الحسابات التي وردت ضمن معطيات التقرير، وهذا يعني ان هذه المكائن تقوم بمعالجة المزيد من المواد، كما انها اصبحت قليلة العطب واقرب الى تحقيق كفاءاتها المقررة.
يشير تحليل اعده معهد العلوم والامن الدولي، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، ان العلامة الفارقة في تقدم عملية التخصيب تكون بتمكن ايران من تجميع الكمية الكافية من اليورانيوم قليل التخصيب حتى يتسنى لها انتاج يورانيوم من العيار الذي يستخدم في الاسلحة النووية بالسرعة الكافية لانتاج السلاح النووي.
وتشير التخمينات التي قامت بها المخابرات الاميركية بان اقرب تاريخ يمكن لايران فيه ان تجمع المواد الكافية لانتاج السلاح النووي هو اواخر عام 2009.
لكن ايران تصر على ان برنامجها النووي معد للاستخدامات السلمية مثل انتاج الطاقة الكهربائية، كما ان التقرير اوضح بجلاء انه لم يتم استخدام اية مواد نووية لاغراض انتاج الاسلحة.
وسوف تقوم كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا باستخدام تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجل دفع مجلس الامن الدولي لاصدار مجموعة جديدة من العقوبات ضد ايران هذا الخريف. غير ان روسيا، التي وقعت صفقات تجارية ضخمة مع ايران كما حسنت من علاقتها الدبلوماسية معها، سوف تقاوم هذه المبادرة على الارجح، وقد ادى توتر العلاقات بين الغرب وروسيا بسبب غزوها لجورجيا، وما يقول المسؤولون بانه فقدان التركز في ادارة بوش خلال الاشهر الاخيرة من توليها مقاليد الامور، قد عرقلت جهود الدول العظمى على صياغة استراتيجة مشتركة تجاه ايران.
ترجمة: علاء غزالة
باريس: اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران قد حسنت بشكل كبير من اداء اجهزة الطرد المركزي التي تنتج اليورانيوم المخصب، ما يشير بان هذا البلد قد تغلب على التحديات الفنية التي عرقلت برنامجها لتخصيب اليورانيوم.واتهم تقرير يقع في ست صفحات صدر عن هذه الوكالة، اتهم ايران بالاستمرار في التضليل بشأن برنامجها البحثي في الماضي والذي تشك بعض الحكومات الغربية بانه يهدف لتصميم سلاح نووي.واقرت الوكالة بانها قد فشلت في «تحقيق تقدم ملموس» في التحقيق. يقول احد كبار المسؤولين في الوكالة: «يبدو اننا وصلنا الى طريق مسدود. يمكنني ان اصف ذلك باننا نراوح في مكاننا».
ويعد التقرير بمثابة انتكاسة لمبادرة الوكالة التي اطلقت قبل ستة شهور والتي اعطت ايران موعدا نهائيا للاجابة عن الاسئلة بخصوص نشاطاتها النووية في العقدين الماضيين وطلبت من الولايات المتحدة وبلدان اخرى التحلي بالصبر قبل فرض العقوبات الجديدة.
وقالت الوكالة، في خطوة ثورية اخرى، ان خبيرا اجنبيا او مجموعة من الخبراء ربما ساعدوا ايران في اجراء التجارب على الصاعق الذي يستخدم لتفجير السلاح النووي، غير ان التقرير اشار الى «الخبراء الاجانب» دون تحديد اصولهم.
واكد المسؤول في الوكالة ان الحكومات الاجنبية لم تكن متورطة في هذا الامر. كما استثنى اي تورط لليبيا والبقية الباقية لشبكة عبد القدير خان، العالم الباكستاني الذي اسس السوق السوداء الاكبر في العالم لتسويق التقنية النووية.
ويقول مسؤول غربي ان كوريا الشمالية، المتهمة بمساعدة سوريا في بناء مفاعلها النووي، لم تكن هي الاخرى متورطة في برنامج ايران النووي، وقد طلب المسؤولون عدم الافصاح عن هوياتهم حسب القواعد الدبلوماسية.
وكانت ايران قد نفت في الماضي انها قامت بمثل هذه الانشطة، ولكن طلب منها توضيح الامر.
وانتقدت الوكالة ايران ايضا لاستمرارها في توسيع برنامجها لتخصيب اليورانيوم، خلافا لقرارات مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة.
ويضيف التقرير بان ايران تقوم الان بتشغيل 3,800 من وحدات الطرد المركزي، وهي المكائن التي تعمل على تخصيب اليورانيوم، اي بزيادة بضعة مئات عن الاشهر الاربعة الماضية، والاكثر أهمية ان إيران قد زادت من كفاءة وحدات الطرد المركزي من 50%- 80% استنادا الى الحسابات التي وردت ضمن معطيات التقرير، وهذا يعني ان هذه المكائن تقوم بمعالجة المزيد من المواد، كما انها اصبحت قليلة العطب واقرب الى تحقيق كفاءاتها المقررة.
يشير تحليل اعده معهد العلوم والامن الدولي، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، ان العلامة الفارقة في تقدم عملية التخصيب تكون بتمكن ايران من تجميع الكمية الكافية من اليورانيوم قليل التخصيب حتى يتسنى لها انتاج يورانيوم من العيار الذي يستخدم في الاسلحة النووية بالسرعة الكافية لانتاج السلاح النووي.
وتشير التخمينات التي قامت بها المخابرات الاميركية بان اقرب تاريخ يمكن لايران فيه ان تجمع المواد الكافية لانتاج السلاح النووي هو اواخر عام 2009.
لكن ايران تصر على ان برنامجها النووي معد للاستخدامات السلمية مثل انتاج الطاقة الكهربائية، كما ان التقرير اوضح بجلاء انه لم يتم استخدام اية مواد نووية لاغراض انتاج الاسلحة.
وسوف تقوم كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا باستخدام تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجل دفع مجلس الامن الدولي لاصدار مجموعة جديدة من العقوبات ضد ايران هذا الخريف. غير ان روسيا، التي وقعت صفقات تجارية ضخمة مع ايران كما حسنت من علاقتها الدبلوماسية معها، سوف تقاوم هذه المبادرة على الارجح، وقد ادى توتر العلاقات بين الغرب وروسيا بسبب غزوها لجورجيا، وما يقول المسؤولون بانه فقدان التركز في ادارة بوش خلال الاشهر الاخيرة من توليها مقاليد الامور، قد عرقلت جهود الدول العظمى على صياغة استراتيجة مشتركة تجاه ايران.
Tuesday, September 23, 2008
البرلمان الايراني يؤجل التصويت على قانون أغضب القضاء والناشطات النسوية
عن: الواشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
أجل البرلمان الايراني الى اجل غير مسمى التصويت على تغييرات مقترحة على القانون المدني في هذا البلد، والتي ادت الى اثارة غضب منظمات حقوق المرأة والقضاء الايراني على السواء. ورغم ان المعترضون اعتادوا على عدم الاتفاق بدلا من ايجاد ارضية لقضية عامة، الا انهم اشتركوا في قلقهم من ان يؤدي القانون الى اشاعة تعدد الزوجات والحط من استقلال النساء ماليا.
وقرر المجلس التشريعي اعادة مشروع القانون الى اللجنة القانونية لمزيد من الدراسة، وهو القرار الذي يقول المحللون انه سيؤدي الى ازالة التغييرات التي وضعتها حكومة محمد احمدي نجاد.
واوضح علي رضا جامشيدي، المتحدث بلسان الهيئة القضائية، انه هيئته غير متفقة مع موقف الحكومة من تعدد الزوجات وفرض ضريبة على "المهر المؤجل". يشار الى ان الكثير من الازواج الايرانين يتفقون لدى اتمام الزواج على يقوم الزوج بتحويل مقدار من الاموال او الاملاك الى الزوجة عند طلبها.
لا تنحصر مهمة القضاء الايراني في الاجراءات القانونية والمحاكمات، بل تتعداها الى اعداد مسودات القوانين بما يتلائم والشريعة الاسلامية. ولم يتعرض جامشيدي بالتفصيل الى اعتراضات الهيئة القضائية على ما اصبح يعرف بقانون دعم العائلة. وقد قال للصحفيين: "لقد عملنا على مشروع القانون هذا لمدة طويلة وينبغي ان نحاول ان نحل هذه القضايا".
وقد حصلت الناشطات النسوية، اللواتي تعرض بعضهن الى السجن والجلد بتهمة تنظيم مظاهرات وحملة جمع تواقيع غير قانونية، حصلت على حليف غير متوقع عندما بدأوا في الاعتراض على مشروع القانون الذي ارسلته الحكومة هذا العام.
تقول الناشطة مينو مرتضي: "لقد فتح الباب من قبل الهيئة القضائية". وكان قد تم الحكم عليها بالسجن ستة اشهر وعشرة جلدات لقيامها بالتظاهر امام المحكمة احتجاجا على اعتقال ناشطات اخريات، لكن العقوبة لم تنفذ.
ويدعو بعض الفرقاء في الهيئة القضائية الى تفسير صارم للشريعة الاسلامية. لكن قائد هذه الهيئة، آية الله محمد هاشمي شهرودي، قد ابتعد عن التفسير الصارم. بل انه اقترح في شهر آب ترك اعدام المحكومين عن طريق الرجم. وتعد ايران البلد الثاني بعد الصين في عدد احكام الاعدام المنفذة، حيث تم تنفيذ 297 حكما بالاعدام في عام 2007 وحده.
وتركز معظم الاحتجاج على ما فسر بانه دعوة الى تعدد الزوجات في النسخة التي اعدتها الحكومة. تقول مرتضي: "لقد وضع مشروع القانون الاصلي موافقة القاضي كشرط اضافي وعائق مفروض على الرجال الراغبين في اتخاذ زوجة ثانية. لكن الحكومة شطبت الحاجة الى موافقة الزوجة الاولى".
ورغم ان ايران بلد اسلامي يبيح تعدد الزوجات، الا انه من غير الشائع ان يتخذ الرجال الايرانيون اكثر من زوجة واحدة في نفس الوقت. وتجادل مرتضي بانه: "بعض الرجال وجدوا طرقا للالتفاف على شرط موافقة الزوجة الاولى في الماضي. لكن اذا تم ازالة هذا الشرط القانوني تماما من القانون، فسيؤدي ذلك بالتأكيد الى زيادة نسبة تعدد الزوجات".
لكن الجدل تصاعد ايضا حول التغييرات التي قامت بها الحكومة في المادة المتعلقة بضرائب مؤجل الصداق. يعطي قانون الطلاق الايراني افضلية للرجال، لذلك فانه ينظر الى المؤخر على انه شبكة حماية مالية في حال قرر الزوج ترك الزواج ولم يكن مجبرا على دفع تعويضات.
تقول مرتضي: "هذه اتفاقية خاصة بين الرجل وزوجته. ليس للحكومة الحق في التدخل في هذا الامر." يقول جامشيدي ان الهيئة القضائية اعترضت على هذا الجزء من مشروع القانون الذي اعيد النظر فيه.
وكان مشروع القانون قد اعد في الاصل من قبل الهيئة القضائية لتبسيط القانون المدني الذي وضع موضع التنفيذ بعد ثورة 1979، التي جاءت برجال الدين الشيعة الى الحكم في ايران وحولتها الى جمهورية اسلامية.
غير ان المنظمات النسوية لم ترحب جميعا باعادة القانون الى الحكومة، مطالبين بمساواة تامة على جميع الجبهات.
تقول الناشطة بارفين اردلان: "ان مجمل مشروع القانون غير صالح على الاطلاق، وليس اجزاءا منه. لايزال هناك تحيز ضد المرأة في هذا القانون. لم ترفض الهيئة القضائية مبدأ تعدد الزوجات، وهو ما يجب ايقافه بالكامل.
لكن مرتضي تقول ان التغيير يمكن ان يحدث بالتدريج، مؤكدة بان: "الناس يستجيبون سلبيا للتحولات المفاجئة".
وقد وجدت بعض النقاط الجيدة في مشروع القانون والتي لم يتم اعادة كتابتها من قبل الحكومة.
فهي تقول: "يذكر مشروع القانون انه يتوجب ان تكون هناك قاضيات في محكمة الاحوال المدنية. بالاضافة الى ذلك، ينبغي ان يكون نصف مستشاري شؤون العوائل من النساء". وحتى الان لم تسمح ايران للنساء بتولي القضاء.
وتضيف مرتضي قائلة: "لقد اوجدت الحكومة الايرانية فرقا من الشرطة النسائية وسائقات الحافلات والطالبات الجامعيات. ولكنهم في نفس الوقت يريدون تحويل النساء الى ربات بيوت وجعلهن يقبلن تعدد الزوجات. هناك الكثير من المفارقة هنا".
على ان حكومة احمدي نجاد لم تعلن التزامها بقرار البرلمان في اجراء المزيد من الدراسة على مشروع القانون.
ترجمة: علاء غزالة
أجل البرلمان الايراني الى اجل غير مسمى التصويت على تغييرات مقترحة على القانون المدني في هذا البلد، والتي ادت الى اثارة غضب منظمات حقوق المرأة والقضاء الايراني على السواء. ورغم ان المعترضون اعتادوا على عدم الاتفاق بدلا من ايجاد ارضية لقضية عامة، الا انهم اشتركوا في قلقهم من ان يؤدي القانون الى اشاعة تعدد الزوجات والحط من استقلال النساء ماليا.
وقرر المجلس التشريعي اعادة مشروع القانون الى اللجنة القانونية لمزيد من الدراسة، وهو القرار الذي يقول المحللون انه سيؤدي الى ازالة التغييرات التي وضعتها حكومة محمد احمدي نجاد.
واوضح علي رضا جامشيدي، المتحدث بلسان الهيئة القضائية، انه هيئته غير متفقة مع موقف الحكومة من تعدد الزوجات وفرض ضريبة على "المهر المؤجل". يشار الى ان الكثير من الازواج الايرانين يتفقون لدى اتمام الزواج على يقوم الزوج بتحويل مقدار من الاموال او الاملاك الى الزوجة عند طلبها.
لا تنحصر مهمة القضاء الايراني في الاجراءات القانونية والمحاكمات، بل تتعداها الى اعداد مسودات القوانين بما يتلائم والشريعة الاسلامية. ولم يتعرض جامشيدي بالتفصيل الى اعتراضات الهيئة القضائية على ما اصبح يعرف بقانون دعم العائلة. وقد قال للصحفيين: "لقد عملنا على مشروع القانون هذا لمدة طويلة وينبغي ان نحاول ان نحل هذه القضايا".
وقد حصلت الناشطات النسوية، اللواتي تعرض بعضهن الى السجن والجلد بتهمة تنظيم مظاهرات وحملة جمع تواقيع غير قانونية، حصلت على حليف غير متوقع عندما بدأوا في الاعتراض على مشروع القانون الذي ارسلته الحكومة هذا العام.
تقول الناشطة مينو مرتضي: "لقد فتح الباب من قبل الهيئة القضائية". وكان قد تم الحكم عليها بالسجن ستة اشهر وعشرة جلدات لقيامها بالتظاهر امام المحكمة احتجاجا على اعتقال ناشطات اخريات، لكن العقوبة لم تنفذ.
ويدعو بعض الفرقاء في الهيئة القضائية الى تفسير صارم للشريعة الاسلامية. لكن قائد هذه الهيئة، آية الله محمد هاشمي شهرودي، قد ابتعد عن التفسير الصارم. بل انه اقترح في شهر آب ترك اعدام المحكومين عن طريق الرجم. وتعد ايران البلد الثاني بعد الصين في عدد احكام الاعدام المنفذة، حيث تم تنفيذ 297 حكما بالاعدام في عام 2007 وحده.
وتركز معظم الاحتجاج على ما فسر بانه دعوة الى تعدد الزوجات في النسخة التي اعدتها الحكومة. تقول مرتضي: "لقد وضع مشروع القانون الاصلي موافقة القاضي كشرط اضافي وعائق مفروض على الرجال الراغبين في اتخاذ زوجة ثانية. لكن الحكومة شطبت الحاجة الى موافقة الزوجة الاولى".
ورغم ان ايران بلد اسلامي يبيح تعدد الزوجات، الا انه من غير الشائع ان يتخذ الرجال الايرانيون اكثر من زوجة واحدة في نفس الوقت. وتجادل مرتضي بانه: "بعض الرجال وجدوا طرقا للالتفاف على شرط موافقة الزوجة الاولى في الماضي. لكن اذا تم ازالة هذا الشرط القانوني تماما من القانون، فسيؤدي ذلك بالتأكيد الى زيادة نسبة تعدد الزوجات".
لكن الجدل تصاعد ايضا حول التغييرات التي قامت بها الحكومة في المادة المتعلقة بضرائب مؤجل الصداق. يعطي قانون الطلاق الايراني افضلية للرجال، لذلك فانه ينظر الى المؤخر على انه شبكة حماية مالية في حال قرر الزوج ترك الزواج ولم يكن مجبرا على دفع تعويضات.
تقول مرتضي: "هذه اتفاقية خاصة بين الرجل وزوجته. ليس للحكومة الحق في التدخل في هذا الامر." يقول جامشيدي ان الهيئة القضائية اعترضت على هذا الجزء من مشروع القانون الذي اعيد النظر فيه.
وكان مشروع القانون قد اعد في الاصل من قبل الهيئة القضائية لتبسيط القانون المدني الذي وضع موضع التنفيذ بعد ثورة 1979، التي جاءت برجال الدين الشيعة الى الحكم في ايران وحولتها الى جمهورية اسلامية.
غير ان المنظمات النسوية لم ترحب جميعا باعادة القانون الى الحكومة، مطالبين بمساواة تامة على جميع الجبهات.
تقول الناشطة بارفين اردلان: "ان مجمل مشروع القانون غير صالح على الاطلاق، وليس اجزاءا منه. لايزال هناك تحيز ضد المرأة في هذا القانون. لم ترفض الهيئة القضائية مبدأ تعدد الزوجات، وهو ما يجب ايقافه بالكامل.
لكن مرتضي تقول ان التغيير يمكن ان يحدث بالتدريج، مؤكدة بان: "الناس يستجيبون سلبيا للتحولات المفاجئة".
وقد وجدت بعض النقاط الجيدة في مشروع القانون والتي لم يتم اعادة كتابتها من قبل الحكومة.
فهي تقول: "يذكر مشروع القانون انه يتوجب ان تكون هناك قاضيات في محكمة الاحوال المدنية. بالاضافة الى ذلك، ينبغي ان يكون نصف مستشاري شؤون العوائل من النساء". وحتى الان لم تسمح ايران للنساء بتولي القضاء.
وتضيف مرتضي قائلة: "لقد اوجدت الحكومة الايرانية فرقا من الشرطة النسائية وسائقات الحافلات والطالبات الجامعيات. ولكنهم في نفس الوقت يريدون تحويل النساء الى ربات بيوت وجعلهن يقبلن تعدد الزوجات. هناك الكثير من المفارقة هنا".
على ان حكومة احمدي نجاد لم تعلن التزامها بقرار البرلمان في اجراء المزيد من الدراسة على مشروع القانون.
Saturday, September 20, 2008
الخطر المتزايد من ارتفاع أسعار النفط
عن: الهيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
يمثل تضاعف اسعار النفط، من 30 دولاراً للبرميل عام 2001 الى اكثر من 100 دولار للبرميل اليوم، اكبر تحويل للثروة في تاريخ البشرية. يتوقع ان يجني اعضاء منظمة الاوبك الثلاثة عشر لوحدهم ما يزيد على ترليون دولار.
ومن المحتم ان يجلب هذا الامر عواقب سياسية كبرى. وليست اقل المظاهر اهمية لهذا الزلزال السياسي والاقتصادي ان هذا المال سوف يتحصل من الدول الاكثر قوة من قبل الدول الاضعف ، ومع ذلك يقف الضحايا عاجزين كما لو كانت اسعار النفط مجرد حدث طبيعي قررته اقتصاديات السوق التنافسي والذي يكون غير متأثر وغير قادر على التأثر بالقوى السياسية.
لكن اسعار النفط لم تقررها قواعد السوق التنافسية المتعارف عليها. بامكان المنتجين الرئيسيين ان يرفعوا او يخفضوا اسعار النفط عن طريق تخفيض او زيادة انتاجهم. وطالما ان اسعار النفط اليوم تعكس العرض والطلب المستقبلي المتوقع، فان هؤلاء المجهزين المحتكرين قادرون على التلاعب بالسوق وزعزعة استقراره من خلال الادلاء بتصريحات عن نواياهم المستقبلية. سوف يستمر المجهزون المحتكرون في الاستحواذ على سيطرة قوية على السوق حتى تقلل الامم المستهلكة من اعتمادها على النفط بشكل كبير وتطور استراتيجية سياسية لمقارعة التلاعب السياسي باسواق النفط، او استخدام معظم الفائض المتحقق لدى الاوبك لابتزاز القطاع الاقتصادي او الصناعي لكل من الأمم المنتجة على حدة. اذا فشلت مثل هذه الجهود فستؤدي اسعار النفط المرتفعة والمتصاعدة الى عواقب سياسية واقتصادية دائمة:
في الدول الصناعية المتطورة، سوف يؤدي ارتفاع اسعار الطاقة الى خفض مستوى المعيشة، واختلال مستمر في ميزان المدفوعات، كما يقود الى ضغوط تضخمية متزايدة.
غير ان ارتفاع اسعار النفط يؤثر على المستوى المعيشي بشكل اكبر في الدول النامية. حيث ان المحروقات وتكاليف الطعام تمثل الجزء الاكبر من مصاريف البيت الاعتيادي، كما ان تصنيع الطعام لا يتم الا بوجود النفط من خلال التكرير البتروكيمياوي، والذي يستخدم ايضا لانتاج الوقود اللازم لوسائل المواصلات. وهكذا فان اسعار النفط العالية تقود الى عدم الاستقرار السياسي. حتى مع انخفاض اسعار النفط الى نحو 100 دولار للبرميل، فان الدول المصدرة في الشرق الاوسط سوف تحصل على 800 مليار دولار عام 2008.
ان معظم هذه العائدات تذهب الى ايدي بلدان ذات تعداد سكاني قليل. على سبيل المثال، يبلغ تعداد سكان امارة ابو ظبي 850 ألف نسمة، ليس منهم الا 400 ألف من المواطنين، ولديها احتياطيات مؤكدة من النفط تبلغ 92 مليار برميل، كما انها تستحوذ على ثروة مالية حصلت عليها من خلال مبيعاتها السابقة للطاقة تقدر بما يزيد على تريلون دولار. ان تركيز عائدات النفط والثروة بيد هذه البلدان الغنية، لكن الضعيفة من الناحية الاستراتيجية، يجعلها هدفا لجيرانهم المتطرفين.
كما انه يعطيهم تأثيرا في الشؤون السياسية العالمية لا يتناسب وحجمهم، من ناحيتين:
الاولى: يذهب جزء من هذه العائدات النفطية الكبيرة الى المجاميع المتطرفة في مختلف ارجاء العالم الاسلامي، مثل حزب الله، ومن خلال ما يسمى بـ(المؤسسات) العامة والخاصة. فالمدارس التي تحض على الجهاد تتلقى تمويلا قانونيا من اموال النفط.
والثانية: يتم تدوير العائدات الناجمة عن اسعار النفط العالية الى موازانات دول الاوبك المتنامية بشكل سريع والمستقلة، والتي تقوم بدورها في استثمارها في الدول النامية. لدى ابو ظبي ما يزيد على ترليون دولار من الاموال القابلة للاستثمار. وقد اغرى التصاعد المتفجر لاسعار النفط على اتخاذ سياسات اكثر اعتمادا على النفس. فرؤوس الاموال بدأت بالنزوح من الاستثمار السلبي في الاسهم الحكومية في الولايات المتحدة واوربا، الى شراء حصص في مؤسسات تمويل، والى شراء مستقل تماما للاعمال في اميركا واوروبا. ان تضاعف قيمة هذه الاستثمارات الجديدة سوف يغري المستثمرين على ممارسة تأثير متزايد في الاقتصاديات الغربية.لا يمكن السماح بمثل هذه الحالة في الشؤون الدولية على المدى الطويل. يجب ان لا تصبح السياسة الخارجية للدول الصناعية رهينة بيد منتجي النفط. يجب على الدول الصناعية ان تجد طرقا لتثبيط قدرة المستثمرين على التهديد ببيع الاسهم الاميركية، او حتى بيعها حقيقة، ما يؤدي الى تدني نسبة الفائدة الاميركية بشكل مزمن الى مستويات تدفع الاقتصاد نحو الكساد، او استهداف مؤسسات او صناعات بعينها من خلال بيع اسهمها التي تم الحصول عليها برؤوس اموال ذاتية.
وهكذا فما دامت الدول المستهلكة تتخذ موقفا سلبيا في مواجهة التحدي على اسس اوسع قوميا، بينما تأمل في الاستنفاع من جهود الاخرين، فان الخطر الحالي سوف يستمر، ان لم يتزايد. وفي نهاية الامر فان جميع الدول المستهلكة تركب نفس القارب. والكساد العالمي لن يكترث للحدود الدولية. لن تستطيع امة واحدة ان تجد لها موقعا تفضيليا دائما وسط المنتجين. لن تستطيع امة منفردة ان تغير في وضع الانتاج بجهودها الذاتية فقط. لكن الدول المستهلكة للنفط، على كل حال، هي في وضع يجعلها قادرة على ايجاد التوازن على الصعيدين السياسي والاقتصادي، اذا قامت بتنسيق وتوحيد جهودها الى حد ما.
ويتوجب على اميركا ان تؤدي دورا رئيسا في هذه الجهود. وبدلا من الانتظار بشكل سلبي للنفخة التالية التي ستحدث السقوط، فان على الدول المستهلكة الرئيسة، مجموعة السبع بالتعاون مع الهند والصين والبرازيل، ان تؤسس مجموعة تنسيقية تعمل على تغيير الاتجاه طويل الامد في العرض والطلب لصالحها، وانهاء ابتزاز القوي من قبل الضعيف. يجب دعوة روسيا الى المساهمة في هذه الجهود. يمكن للافعال المنسقة ان تخفض من اسعار النفط، من خلال تقليل وانهاء الضغوط المضمرة التي ادت الى الارتفاع الاخير في الاسعار على المدى البعيد، ومن خلال ايجاد سياسة تجهيز محكمة. ان العديد من التوصيات لغرض الوصول الى ذلك، ومنها تقليل استخدام النفط وتطوير تجهيز النفط المحلي والوسائل البديلة للطاقة المتجددة، سوف يتطلب سنوات عديدة لكي تصبح مؤثرة. في اية حال، حتى قبل ان يحدث تحولا في ميزان قوة السوق، فان توقعات التغيير سوف تؤدي الى تقليل اسعار النفط. ويجب ان تتضمن السياسة التعاونية ايضا تحضيرات مشتركة للحالات الطارئة لمقارعة المقاطعة الانتقائية او قطع امدادات التجهيز. لقد ادى التغيير في توقعات الطلب على النفط في المدى البعيد الى ازدياد الاسعار عام 2008 بينما بقي التجهيز على حاله عموما. وبنفس المنطوق، فان الافعال التي تؤدي الى تباطؤ النمو في الطلب المستقبلي وازياد سريع في العرض سوف تترجم سريعا الى اسعار نفط حالية قليلة نسبيا.ان تغيير سياسة الولايات المتحدة الوطنية بشأن الطاقة اصبح ملحا. لكن ذلك سوف يكون اكثر تأثيرا اذا حدث كجزء من جهود اممية منسقة.يستعمل النفط في الولايات المتحدة بشكل رئيس كوقود للسيارات. وفي خارج الولايات المتحدة يستخدم النفط اساسا في التدفئة ولتوليد الكهرباء.
وهكذا فان الجهود المنسقة سوف تركز على تقليل اعتماد الولايات المتحدة على استخدام وقود السيارات، بينما تقوم الدول الاجنبية بالمساهمة في التحول من النفط الى الهايدرو، وتقنية الفحم النظيف، والطاقة النووية لانتاج الكهرباء.
يستحق ازدياد توفير النفط ان يولى عناية فائقة. يجب ان تتوافق السياسات الاميركية، المتمثلة في زيادة التجهيز من خلال توسيع اعمال التنقيب وحفر الابار وتطوير استخدام النفط المستخرج من الصخور السطحية، مع سياسات لزيادة لرفع المعروض عالميا. ان هذا يتطلب استثمارات اكثر من قبل مؤسسات نفطية مملوكة للدولة، وهي المصدر الرئيس للنفط اليوم. ان الدول المستهلكة للنفط هي في وضع يمكنها من استخدام الوسائل الدبلوماسية لايجاد ميزان جديد بين المنتجين والمصدرين. ان بعض السياسات المتبعة لتخفيض اسعار النفط يمكن لها ان تخفض اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد، بدون قطعه تماما. سوف تبقى الولايات المتحدة دولة مستوردة للنفط الى ان يتم استبدال البنزين بالبطاريات او الهيدروجين. وفي نفس الوقت، فان الجهود التي تبذل لزيادة تجهيز النفط وبقية انواع الوقود الكاربوني الاخرى في المرحلة الراهنة يجعل من الصعوبة تقليل نسب انبعاث الكاربون في الجو.
ولكن بسبب العواقب السياسية الوخيمة لاسعار النفط المرتفعة فان تخفيض اسعار النفط يجب ان يكون هدفا فوريا ويحظى باقصى اولوية.
ترجمة: علاء غزالة
يمثل تضاعف اسعار النفط، من 30 دولاراً للبرميل عام 2001 الى اكثر من 100 دولار للبرميل اليوم، اكبر تحويل للثروة في تاريخ البشرية. يتوقع ان يجني اعضاء منظمة الاوبك الثلاثة عشر لوحدهم ما يزيد على ترليون دولار.
ومن المحتم ان يجلب هذا الامر عواقب سياسية كبرى. وليست اقل المظاهر اهمية لهذا الزلزال السياسي والاقتصادي ان هذا المال سوف يتحصل من الدول الاكثر قوة من قبل الدول الاضعف ، ومع ذلك يقف الضحايا عاجزين كما لو كانت اسعار النفط مجرد حدث طبيعي قررته اقتصاديات السوق التنافسي والذي يكون غير متأثر وغير قادر على التأثر بالقوى السياسية.
لكن اسعار النفط لم تقررها قواعد السوق التنافسية المتعارف عليها. بامكان المنتجين الرئيسيين ان يرفعوا او يخفضوا اسعار النفط عن طريق تخفيض او زيادة انتاجهم. وطالما ان اسعار النفط اليوم تعكس العرض والطلب المستقبلي المتوقع، فان هؤلاء المجهزين المحتكرين قادرون على التلاعب بالسوق وزعزعة استقراره من خلال الادلاء بتصريحات عن نواياهم المستقبلية. سوف يستمر المجهزون المحتكرون في الاستحواذ على سيطرة قوية على السوق حتى تقلل الامم المستهلكة من اعتمادها على النفط بشكل كبير وتطور استراتيجية سياسية لمقارعة التلاعب السياسي باسواق النفط، او استخدام معظم الفائض المتحقق لدى الاوبك لابتزاز القطاع الاقتصادي او الصناعي لكل من الأمم المنتجة على حدة. اذا فشلت مثل هذه الجهود فستؤدي اسعار النفط المرتفعة والمتصاعدة الى عواقب سياسية واقتصادية دائمة:
في الدول الصناعية المتطورة، سوف يؤدي ارتفاع اسعار الطاقة الى خفض مستوى المعيشة، واختلال مستمر في ميزان المدفوعات، كما يقود الى ضغوط تضخمية متزايدة.
غير ان ارتفاع اسعار النفط يؤثر على المستوى المعيشي بشكل اكبر في الدول النامية. حيث ان المحروقات وتكاليف الطعام تمثل الجزء الاكبر من مصاريف البيت الاعتيادي، كما ان تصنيع الطعام لا يتم الا بوجود النفط من خلال التكرير البتروكيمياوي، والذي يستخدم ايضا لانتاج الوقود اللازم لوسائل المواصلات. وهكذا فان اسعار النفط العالية تقود الى عدم الاستقرار السياسي. حتى مع انخفاض اسعار النفط الى نحو 100 دولار للبرميل، فان الدول المصدرة في الشرق الاوسط سوف تحصل على 800 مليار دولار عام 2008.
ان معظم هذه العائدات تذهب الى ايدي بلدان ذات تعداد سكاني قليل. على سبيل المثال، يبلغ تعداد سكان امارة ابو ظبي 850 ألف نسمة، ليس منهم الا 400 ألف من المواطنين، ولديها احتياطيات مؤكدة من النفط تبلغ 92 مليار برميل، كما انها تستحوذ على ثروة مالية حصلت عليها من خلال مبيعاتها السابقة للطاقة تقدر بما يزيد على تريلون دولار. ان تركيز عائدات النفط والثروة بيد هذه البلدان الغنية، لكن الضعيفة من الناحية الاستراتيجية، يجعلها هدفا لجيرانهم المتطرفين.
كما انه يعطيهم تأثيرا في الشؤون السياسية العالمية لا يتناسب وحجمهم، من ناحيتين:
الاولى: يذهب جزء من هذه العائدات النفطية الكبيرة الى المجاميع المتطرفة في مختلف ارجاء العالم الاسلامي، مثل حزب الله، ومن خلال ما يسمى بـ(المؤسسات) العامة والخاصة. فالمدارس التي تحض على الجهاد تتلقى تمويلا قانونيا من اموال النفط.
والثانية: يتم تدوير العائدات الناجمة عن اسعار النفط العالية الى موازانات دول الاوبك المتنامية بشكل سريع والمستقلة، والتي تقوم بدورها في استثمارها في الدول النامية. لدى ابو ظبي ما يزيد على ترليون دولار من الاموال القابلة للاستثمار. وقد اغرى التصاعد المتفجر لاسعار النفط على اتخاذ سياسات اكثر اعتمادا على النفس. فرؤوس الاموال بدأت بالنزوح من الاستثمار السلبي في الاسهم الحكومية في الولايات المتحدة واوربا، الى شراء حصص في مؤسسات تمويل، والى شراء مستقل تماما للاعمال في اميركا واوروبا. ان تضاعف قيمة هذه الاستثمارات الجديدة سوف يغري المستثمرين على ممارسة تأثير متزايد في الاقتصاديات الغربية.لا يمكن السماح بمثل هذه الحالة في الشؤون الدولية على المدى الطويل. يجب ان لا تصبح السياسة الخارجية للدول الصناعية رهينة بيد منتجي النفط. يجب على الدول الصناعية ان تجد طرقا لتثبيط قدرة المستثمرين على التهديد ببيع الاسهم الاميركية، او حتى بيعها حقيقة، ما يؤدي الى تدني نسبة الفائدة الاميركية بشكل مزمن الى مستويات تدفع الاقتصاد نحو الكساد، او استهداف مؤسسات او صناعات بعينها من خلال بيع اسهمها التي تم الحصول عليها برؤوس اموال ذاتية.
وهكذا فما دامت الدول المستهلكة تتخذ موقفا سلبيا في مواجهة التحدي على اسس اوسع قوميا، بينما تأمل في الاستنفاع من جهود الاخرين، فان الخطر الحالي سوف يستمر، ان لم يتزايد. وفي نهاية الامر فان جميع الدول المستهلكة تركب نفس القارب. والكساد العالمي لن يكترث للحدود الدولية. لن تستطيع امة واحدة ان تجد لها موقعا تفضيليا دائما وسط المنتجين. لن تستطيع امة منفردة ان تغير في وضع الانتاج بجهودها الذاتية فقط. لكن الدول المستهلكة للنفط، على كل حال، هي في وضع يجعلها قادرة على ايجاد التوازن على الصعيدين السياسي والاقتصادي، اذا قامت بتنسيق وتوحيد جهودها الى حد ما.
ويتوجب على اميركا ان تؤدي دورا رئيسا في هذه الجهود. وبدلا من الانتظار بشكل سلبي للنفخة التالية التي ستحدث السقوط، فان على الدول المستهلكة الرئيسة، مجموعة السبع بالتعاون مع الهند والصين والبرازيل، ان تؤسس مجموعة تنسيقية تعمل على تغيير الاتجاه طويل الامد في العرض والطلب لصالحها، وانهاء ابتزاز القوي من قبل الضعيف. يجب دعوة روسيا الى المساهمة في هذه الجهود. يمكن للافعال المنسقة ان تخفض من اسعار النفط، من خلال تقليل وانهاء الضغوط المضمرة التي ادت الى الارتفاع الاخير في الاسعار على المدى البعيد، ومن خلال ايجاد سياسة تجهيز محكمة. ان العديد من التوصيات لغرض الوصول الى ذلك، ومنها تقليل استخدام النفط وتطوير تجهيز النفط المحلي والوسائل البديلة للطاقة المتجددة، سوف يتطلب سنوات عديدة لكي تصبح مؤثرة. في اية حال، حتى قبل ان يحدث تحولا في ميزان قوة السوق، فان توقعات التغيير سوف تؤدي الى تقليل اسعار النفط. ويجب ان تتضمن السياسة التعاونية ايضا تحضيرات مشتركة للحالات الطارئة لمقارعة المقاطعة الانتقائية او قطع امدادات التجهيز. لقد ادى التغيير في توقعات الطلب على النفط في المدى البعيد الى ازدياد الاسعار عام 2008 بينما بقي التجهيز على حاله عموما. وبنفس المنطوق، فان الافعال التي تؤدي الى تباطؤ النمو في الطلب المستقبلي وازياد سريع في العرض سوف تترجم سريعا الى اسعار نفط حالية قليلة نسبيا.ان تغيير سياسة الولايات المتحدة الوطنية بشأن الطاقة اصبح ملحا. لكن ذلك سوف يكون اكثر تأثيرا اذا حدث كجزء من جهود اممية منسقة.يستعمل النفط في الولايات المتحدة بشكل رئيس كوقود للسيارات. وفي خارج الولايات المتحدة يستخدم النفط اساسا في التدفئة ولتوليد الكهرباء.
وهكذا فان الجهود المنسقة سوف تركز على تقليل اعتماد الولايات المتحدة على استخدام وقود السيارات، بينما تقوم الدول الاجنبية بالمساهمة في التحول من النفط الى الهايدرو، وتقنية الفحم النظيف، والطاقة النووية لانتاج الكهرباء.
يستحق ازدياد توفير النفط ان يولى عناية فائقة. يجب ان تتوافق السياسات الاميركية، المتمثلة في زيادة التجهيز من خلال توسيع اعمال التنقيب وحفر الابار وتطوير استخدام النفط المستخرج من الصخور السطحية، مع سياسات لزيادة لرفع المعروض عالميا. ان هذا يتطلب استثمارات اكثر من قبل مؤسسات نفطية مملوكة للدولة، وهي المصدر الرئيس للنفط اليوم. ان الدول المستهلكة للنفط هي في وضع يمكنها من استخدام الوسائل الدبلوماسية لايجاد ميزان جديد بين المنتجين والمصدرين. ان بعض السياسات المتبعة لتخفيض اسعار النفط يمكن لها ان تخفض اعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد، بدون قطعه تماما. سوف تبقى الولايات المتحدة دولة مستوردة للنفط الى ان يتم استبدال البنزين بالبطاريات او الهيدروجين. وفي نفس الوقت، فان الجهود التي تبذل لزيادة تجهيز النفط وبقية انواع الوقود الكاربوني الاخرى في المرحلة الراهنة يجعل من الصعوبة تقليل نسب انبعاث الكاربون في الجو.
ولكن بسبب العواقب السياسية الوخيمة لاسعار النفط المرتفعة فان تخفيض اسعار النفط يجب ان يكون هدفا فوريا ويحظى باقصى اولوية.
Thursday, September 18, 2008
مبيعات الاسلحة الامريكية تشهد تصاعدا سريعا
عن الهيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
واشنطن: تدفع ادارة بوش من اجل صفقات اسلحة واسعة المدى في سعيها لاعادة تسليح العراق وافغانستان، واحتواء كوريا الشمالية وايران، والتضامن مع حلفاء روسيا السابقين. وقد وافقت وزارة الدفاع على بيع او تحويل ما قيمته 32 مليار دولار من الدبابات والطائرات العمودية والطائرات المقاتلة والصواريخ والطائرات المسيرة بدون طيار وحتى السفن الحربية وغير ذلك من التجهيزات العسكرية الى الحكومات الاجنبية، وذلك مقارنة مع 12 مليار دولار هي قيمة مبيعات الاسلحة عام 2005.
وقد ظهرهذا الاتجاه، الذي ابتدأ عام 2005، بشكل جلي في منطقة الشرق الاوسط، الا انه شمل مناطق شمال افريقيا واسيا واميركا اللاتينية واوربا وحتى كندا، من خلال العشرات من الصفقات التي يقول كبار موظفي بوش انهم واثقون انها ستقوي التحالفات العسكرية وتدعم مواجهة الارهاب.
يقول بروس ليمكن، نائب مساعد وزير القوة الجوية والذي يعمل على تنسيق العديد من الصفقات الضخمة: "لسنا بائعي اسلحة مهربة. يدور الامر كله حول بناء عالم اكثر امنا".
يعكس التزايد في مبيعات الاسلحة الاميركية موجات المد للسياسة الخارجية، بضمنها الحرب في العراق وافغانستان والحملة الاوسع ضد الارهاب العالمي التي طغت على ادارة بوش. ربما يكون اخر تراث للرئيس جورج دبليو بوش ان قائمة الطلبات على الاسلحة سوف تستمر لعدة سنوات.
غير ان الولايات المتحدة هي ابعد ما تكون الدولة الوحيدة التي تقوم بتزويد نظم اسلحة متطورة، فهي تواجه منافسة شديدة من قبل روسيا ودول اوربية اخرى، تشمل المنافسة المستمرة لتزويد الهند والبرازيل بالطائرات المقاتلة في صفقات تبلغ قيمتها المليارات من الدولارات.
في هذا السوق المتفجر، يعمل المقاولون العسكريون الاميركيون بشكل وثيق مع البنتاغون الذي يقوم بدور الوسيط في شراء الاسلحة الى الزبائن الاجانب من خلال برنامج مبيعات الاسلحة الخارجية.
اما صفقات بيع الاسلحة الاقل تطورا، وخدمات صيانة نظم التسلح هذه، فيتم عقدها مع الحكومات الاجنبية مباشرة. وبالمثل، فقد شهد هذا الصنف من مبيعات الاسلحة التجارية المباشرة ازديادا هائلا، حسب مقاييس اجازات التصدير التي صدرت خلال السنة المالية الحالية، وذلك بما يقدر بـ 96 مليار دولار، ارتفاعا من 58 مليار دولار عام 2005، استنادا الى وزارة الخارجية التي لابد من ان توافق على اجازات التصدير تلك.
تتلقى نحو 60 دولة مساعدات عسكرية سنوية من الولايات المتحدة، تبلغ قيمتها 4.5 مليار دولار، لمساعدتها في شراء اسلحة اميركية. وتبلغ حصة اسرائيل ومصر اكثر من 80% من هذه المساعدات. كما قدمت الولايات المتحدة كميات كبيرة من الاسلحة والمعدات الاخرى الى كل من العراق وافغانستان، وبدأت في تدريب الوحدات العسكرية الناشئة بدون مقابل، وقد تم احتساب قيمة هذه المساعدات ضمن مبيعات الاسلحة الاجنبية. غير ان قيمة معظم مبيعات الاسلحة المصدرة يتم دفعها بدون تمويل اميركي.
ان نمو مجموع اقيام صفقات الاسلحة الدولية، الذي بدأ في التصاعد عام 2006، اصبح يثير جدلا بين دعاة السيطرة على التسلح وبعض اعضاء الكونغرس.
يقول وليم هارتونغ، المختص في السيطرة على التسلح في مؤسسة اميركا الجديدة، وهي معهد للسياسة العامة: "هذه بالتأكيد طريقة سريعة وسهلة لتقوية التحالفات. لكن ما يحدث اخذت الامور بالخروج عن السيطرة".
يتم ابلاغ الكونغرس قبل عقد صفقات مبيعات الاسلحة الضخمة بين الحكومات الاجنبية والبنتاغون. وعلى الرغم من ان المشرعين يملكون الصلاحية الرسمية للاعتراض ومنع مبيعات بعينها، الا انهم نادرا ما استخدموا هذه الصلاحيات.
يقول النائب هاوارد بيرمان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي، انه قد ساند العديد من مبيعات الاسلحة المنفردة، مثل مساعدة العراق على بناء قدراته الدفاعية الذاتية، لكنه قلق من ان الازدياد الكبير في مبيعات الاسلحة قد يحدث تأثيرات سلبية، مضيفا: "قد يؤدي هذا الى تصاعد وتيرة سباق التسلح ما يؤدي في النهاية الى زعزعة الاستقرار".
بقيت الولايات المتحدة لفترة طويلة المزود الرئيس للاسلحة الى العالم. على انه في السنوات القليلة الماضية توسعت قائمة الدول التي تعتمد على الولايات المتحدة كمصدر اول للاسلحة بشكل كبير. ومن بين الدول التي اضيفت الى القائمة حديثا الارجنتين واذربيحان والبرازيل وجورجيا والهند والعراق والمغرب والباكستان، حسب ما تشير معطيات مبيعات الاسلحة حتى نهاية الشهر الماضي والتي اصدرتها وزارة الدفاع الاميركية. وقد وقعت هذه البلدان مجتمعة ما قيمته 870 مليون دولار من الاسلحة بين عامي 2001 و2004. لكن خلال السنوات المالية الاربع الماضية بلغ مجموع مبيعات الاسلحة لهذه الدول 13.8 مليار دولار.
تعكس هذه المبيعات في الكثير من الحالات تحولا ثقافيا، فدول مثل رومانيا وبولندا والمغرب، والتي اعتمدت لمدة طويلة على الطائرات المقاتلة ميغ-17 روسية الصنع، اصبحت تشتري الان طائرات اف-16 اس التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن.
وقد ارتفعت المبيعات الخارجية لشركة لوكهيد مارتن، وهي احدى اكبر الشركات المتعاقدة مع الجيش الاميركي، الى 6,3 مليار دولار، او ما يعادل 15% من مجموع مبيعات الشركة الكلية، مقارنة بـ 4,8 مليار دولار عام 2001. وقد ساعدت المبيعات الخارجية شركة لوكهيد ومتعاقدين عسكريين اميركيين اخرين في الحفاظ على بعض خطوط الانتاج عاملة، مثل تلك التي تنتج الطائرة المقاتلة اف-16 وطائرة الشحن سي-17.
يقول ليمكين، المسؤول في القوة الجوية، ان المقاتلات النفاثة المصنوعة في اميركا سوف تحلق في بلدان اخرى لسنوات كثيرة قادمة، مما يعني ان المتعاقدين الاميركيين سيستمرون في جني العوائد من صيانتها، ومن التفاعل الاعتيادي بين جيش الولايات المتحدة والقوات الجوية الاجنبية في الكثير من الحالات.
كما تأثرت المبيعات بالضغط الذي تسلطه الدول الاجنبية للالتحاق بالنادي الحصري للبلدان التي تمتلك خزينا من الصواريخ الدقيقة الموجهة بالليزر، وهي التقنية الاميركية باهظة الثمن التي استعرضتها الولايات المتحدة خلال غزوها كل من العراق افغانستان.
يعود السبب في اعادة التسلح في منطقة الخليج الى الخوف من ايران.
على سبيل المثال، تفكر الامارت العربية المتحدة في انفاق مبلغ قدره 16 مليار دولار في بناء نظام دفاع صاروخي اميركي الصنع، استنادا الى اشعار ارسل حديثا الى الكونغرس من قبل وزارة الدفاع.
كما اعلنت الامارات عن عزمها شراء اسلحة هجومية، بضمنها 26 طائرة عمودية نوع بلاك هوك و900 صاروخ لونغبو هيلفاير-2، القادرة على تدمير دبابات العدو.
وقد وقعت المملكة العربية السعودية لوحدها خلال السنة المالية الحالية اتفاقيات بما لايقل عن ستة مليارات دولار لشراء اسلحة من الولايات المتحدة، وهو اعلى رقم بالنسبة لهذا البلد منذ عام 1993، العام الذي شهد قمة اخرى في مبيعات الاسلحة الاميركية بعد حرب الخليج الاولى.
كما زادت اسرائيل،التي اضحت منذ زمن بعيد احد المشترين الرئيسيين للمعدات العسكرية الاميركية، من حجم طلبها، بضمنها مشتريات محتملة لاربع سفن حربية ساحلية بقيمة تبلغ 1,9 مليار دولار.
وفي آسيا يعكف حلفاء الولايات المتحدة على شراء المزيد من المعدات الاميركية بعد ان اجرت كوريا الشمالية تجارب على الصواريخ بعيدة المدى. فقد وقعت كوريا الجنوبية، وهي احدى الدول الحليفة، اتفاقية مع البنتاغون هذا العام بقيمة تبلغ 1,1 مليار دولار.
وكانت طلبات الاسلحة من قبل الدول الاجنبية والتي انجزتها الولايات المتحدة حتى الان قد تزايدت بشكل معقول لتبلغ 13 مليار دولار العام الماضي مقارنة بـ 12 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث السابقة. غير ان من المتوقع ان تتزايد قيمة صفقات الاسلحة اكبر بكثير خلال السنوات القادمة، حيث ان انتاج انظمة الاسلحة المعقدة يستغرق وقتا اطول. (جميع قيم الدولار للسنوات الماضية الواردة في هذا المقال تم تعديلها لتعكس تأثير التضخم).
وقد اثار تدفق الاسلحة الاميركية المتطورة الى منطقة الشرق الاوسط مخاوف وسط بعض اعضاء الكونغرس، والذين يخشون ان ادارة بوش ربما تعرض اسرائيل الى الخطر، وهي الواجهة العسكرية التي تم الحفاظ عليها في المنطقة لفترة طويلة.
ولا مفاجأة في ان يكون اكبر زبائن الاسلحة الاميركية هما العراق وافغانستان.
فعلى مدى السنتين الماضيتين، وقع العراق اتفاقيات شراء اسلحة بقيمة تزيد على 3 مليارات دولار، كما اعلن عن الخطط لشراء تجهيزات اميركية بقيمة قد تصل الى 7 مليارات دولار، يتم تمويلها من عائدات النفط المتزايدة.
تقول المتحدثة باسم البنتاغون، المقدم الميرا بيلك، ان عقد صفقة السلاح هذه يخدم المصلحة العليا لكل من العراق والولايات المتحدة بسبب انها "تقلل من الفساد وتساعد العراقيين على الخروج من عنق الزجاجة في طريقهم لتحقيق النجاح".
على مدى السنوات الثلاث الماضية وافقت الولايات المتحدة، بشكل منفصل، على شراء معدات واسلحة حربية بقيمة 10 مليارات دولار بالنيابة عن افغانستان، استنادا الى السجلات الرسمية لوزراة الدفاع، تتضمن البنادق الالية ام-16 وطائرات الشحن سي-27.
حتى الدول الصغيرة مثل استونيا ولاتافيا بدأت تدخل في هذه الخلطة، حيث تؤدي دوراً في جهد مشترك لـ 15 دولة، معظمها في اوربا، من اجل شراء طائرتي شحن بوينغ سي-17 والتي تستعمل في نقل المعدات العسكرية، كما تستعمل في مهمات الاغاثة الانسانية ايضا.
يقول تومي دانيهو، المدير الدولي لمبيعات بوينغ سي-17، ان شركة بوينغ قد انتجت 176 من هذه الطائرات، التي تبلغ قيمة الواحدة منها 200 مليون دولار، لصالح الولايات المتحدة الاميركية. لكن حتى عام 2006، كانت بريطانيا الدولة الوحيدة التي حلقت بها. اما الان، فإضافة الى الاتحاد الاوروبي، فان كلا من كندا واستراليا وقطر قد قدمت طلبات للحصول على هذه الطائرات، كما تنافس بوينغ لبيع طائراتها الى ست دول اخرى.
وقد حققت المبيعات الاجنبية في العام الماضي ما يقارب نصف الانتاج في معامل كاليفورنيا حيث تنتج طائرة سي-17. يقول دانيهو: "لقد كانت تملأ المعمل بالكامل خلال السنتين الماضيتين".
وحتى بدون هذه الجولة الاخيرة من المبيعات، فان حصة الولايات المتحدة من تجارة الاسلحة العالمية بدأت بالتزايد من 40% عام 2000 الى 52% عام 2006، وهي السنة الاخيرة في تحليل البيانات التي قام بها مركز ابحاث الكونغرس. وكان ثاني اكبر بائع هي روسيا، فهي مسؤولة عن 21% من المبيعات العالمية عام 2006.
يقول احد مسؤولي التسويق في الجيش الامريكي عن النائب بيرمان، الذي تولى تقديم مقترح تمت الموافقة عليه في ايار لغرض اصلاح عملية تصدير السلاح، انه بينما كان النائب عادة حسن النية، الا انه يتعرض للتضليل في بعض الاحيان. لقد استشهد بالمبيعات العسكرية الى الباكستان، وقال انه يخشى اننا بفعلنا ذلك فاننا نقوم بتأجيج التوتر مع الهند اكثر من مجابهة الارهاب في المنطقة.
يقول ترافيس شارب، وهو محلل سياسات عسكرية في مركز السيطرة على التسلح والحد من الانتشار النووي، وهي مجموعة بحثية في واشنطن، ان اكثر ما يقلقه انه اذا انحاز الحلفاء الحاليون الى الجهة الاخرى، فان الولايات المتحدة قد تواجه في النهاية عدوا مسلحا باسلحة اميركية الصنع. فقد حملت تجارة الاسلحة عواقب غير محسوبة من قبل. على سبيل المثال حينما قامت الولايات المتحدة بتسليح المليشيات المناوئة للاتحاد السوفياتي في افغانستان، ثم اضطرت في نهاية الامر الى مواجهة مقاتلي حركة طالبان المتمردين المسلحين بنفس الاسلحة هناك.
يقول شارب: "ما ان تبيع الاسلحة الى بلد اخر حتى تفقد السيطرة على كيفية استعماله. ولسوء الحظ فان الاسلحة ليس لها فترة انتهاء صلاحية".
لكن ليمكين من البنتاغون يرد بالقول انه مع وجود الكثير من الدول الراغبة في بيع انظمة اسلحة متطورة فلا يمكن للولايات المتحدة ان تعمل على تقييد مبيعات اسلتحها.
ويضيف: "هل تفضل ان يقوموا بشراء الاسلحة والطائرات من بلدان اخرى؟ لابد انهم سوف يقومون بذلك".
ترجمة: علاء غزالة
واشنطن: تدفع ادارة بوش من اجل صفقات اسلحة واسعة المدى في سعيها لاعادة تسليح العراق وافغانستان، واحتواء كوريا الشمالية وايران، والتضامن مع حلفاء روسيا السابقين. وقد وافقت وزارة الدفاع على بيع او تحويل ما قيمته 32 مليار دولار من الدبابات والطائرات العمودية والطائرات المقاتلة والصواريخ والطائرات المسيرة بدون طيار وحتى السفن الحربية وغير ذلك من التجهيزات العسكرية الى الحكومات الاجنبية، وذلك مقارنة مع 12 مليار دولار هي قيمة مبيعات الاسلحة عام 2005.
وقد ظهرهذا الاتجاه، الذي ابتدأ عام 2005، بشكل جلي في منطقة الشرق الاوسط، الا انه شمل مناطق شمال افريقيا واسيا واميركا اللاتينية واوربا وحتى كندا، من خلال العشرات من الصفقات التي يقول كبار موظفي بوش انهم واثقون انها ستقوي التحالفات العسكرية وتدعم مواجهة الارهاب.
يقول بروس ليمكن، نائب مساعد وزير القوة الجوية والذي يعمل على تنسيق العديد من الصفقات الضخمة: "لسنا بائعي اسلحة مهربة. يدور الامر كله حول بناء عالم اكثر امنا".
يعكس التزايد في مبيعات الاسلحة الاميركية موجات المد للسياسة الخارجية، بضمنها الحرب في العراق وافغانستان والحملة الاوسع ضد الارهاب العالمي التي طغت على ادارة بوش. ربما يكون اخر تراث للرئيس جورج دبليو بوش ان قائمة الطلبات على الاسلحة سوف تستمر لعدة سنوات.
غير ان الولايات المتحدة هي ابعد ما تكون الدولة الوحيدة التي تقوم بتزويد نظم اسلحة متطورة، فهي تواجه منافسة شديدة من قبل روسيا ودول اوربية اخرى، تشمل المنافسة المستمرة لتزويد الهند والبرازيل بالطائرات المقاتلة في صفقات تبلغ قيمتها المليارات من الدولارات.
في هذا السوق المتفجر، يعمل المقاولون العسكريون الاميركيون بشكل وثيق مع البنتاغون الذي يقوم بدور الوسيط في شراء الاسلحة الى الزبائن الاجانب من خلال برنامج مبيعات الاسلحة الخارجية.
اما صفقات بيع الاسلحة الاقل تطورا، وخدمات صيانة نظم التسلح هذه، فيتم عقدها مع الحكومات الاجنبية مباشرة. وبالمثل، فقد شهد هذا الصنف من مبيعات الاسلحة التجارية المباشرة ازديادا هائلا، حسب مقاييس اجازات التصدير التي صدرت خلال السنة المالية الحالية، وذلك بما يقدر بـ 96 مليار دولار، ارتفاعا من 58 مليار دولار عام 2005، استنادا الى وزارة الخارجية التي لابد من ان توافق على اجازات التصدير تلك.
تتلقى نحو 60 دولة مساعدات عسكرية سنوية من الولايات المتحدة، تبلغ قيمتها 4.5 مليار دولار، لمساعدتها في شراء اسلحة اميركية. وتبلغ حصة اسرائيل ومصر اكثر من 80% من هذه المساعدات. كما قدمت الولايات المتحدة كميات كبيرة من الاسلحة والمعدات الاخرى الى كل من العراق وافغانستان، وبدأت في تدريب الوحدات العسكرية الناشئة بدون مقابل، وقد تم احتساب قيمة هذه المساعدات ضمن مبيعات الاسلحة الاجنبية. غير ان قيمة معظم مبيعات الاسلحة المصدرة يتم دفعها بدون تمويل اميركي.
ان نمو مجموع اقيام صفقات الاسلحة الدولية، الذي بدأ في التصاعد عام 2006، اصبح يثير جدلا بين دعاة السيطرة على التسلح وبعض اعضاء الكونغرس.
يقول وليم هارتونغ، المختص في السيطرة على التسلح في مؤسسة اميركا الجديدة، وهي معهد للسياسة العامة: "هذه بالتأكيد طريقة سريعة وسهلة لتقوية التحالفات. لكن ما يحدث اخذت الامور بالخروج عن السيطرة".
يتم ابلاغ الكونغرس قبل عقد صفقات مبيعات الاسلحة الضخمة بين الحكومات الاجنبية والبنتاغون. وعلى الرغم من ان المشرعين يملكون الصلاحية الرسمية للاعتراض ومنع مبيعات بعينها، الا انهم نادرا ما استخدموا هذه الصلاحيات.
يقول النائب هاوارد بيرمان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي، انه قد ساند العديد من مبيعات الاسلحة المنفردة، مثل مساعدة العراق على بناء قدراته الدفاعية الذاتية، لكنه قلق من ان الازدياد الكبير في مبيعات الاسلحة قد يحدث تأثيرات سلبية، مضيفا: "قد يؤدي هذا الى تصاعد وتيرة سباق التسلح ما يؤدي في النهاية الى زعزعة الاستقرار".
بقيت الولايات المتحدة لفترة طويلة المزود الرئيس للاسلحة الى العالم. على انه في السنوات القليلة الماضية توسعت قائمة الدول التي تعتمد على الولايات المتحدة كمصدر اول للاسلحة بشكل كبير. ومن بين الدول التي اضيفت الى القائمة حديثا الارجنتين واذربيحان والبرازيل وجورجيا والهند والعراق والمغرب والباكستان، حسب ما تشير معطيات مبيعات الاسلحة حتى نهاية الشهر الماضي والتي اصدرتها وزارة الدفاع الاميركية. وقد وقعت هذه البلدان مجتمعة ما قيمته 870 مليون دولار من الاسلحة بين عامي 2001 و2004. لكن خلال السنوات المالية الاربع الماضية بلغ مجموع مبيعات الاسلحة لهذه الدول 13.8 مليار دولار.
تعكس هذه المبيعات في الكثير من الحالات تحولا ثقافيا، فدول مثل رومانيا وبولندا والمغرب، والتي اعتمدت لمدة طويلة على الطائرات المقاتلة ميغ-17 روسية الصنع، اصبحت تشتري الان طائرات اف-16 اس التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن.
وقد ارتفعت المبيعات الخارجية لشركة لوكهيد مارتن، وهي احدى اكبر الشركات المتعاقدة مع الجيش الاميركي، الى 6,3 مليار دولار، او ما يعادل 15% من مجموع مبيعات الشركة الكلية، مقارنة بـ 4,8 مليار دولار عام 2001. وقد ساعدت المبيعات الخارجية شركة لوكهيد ومتعاقدين عسكريين اميركيين اخرين في الحفاظ على بعض خطوط الانتاج عاملة، مثل تلك التي تنتج الطائرة المقاتلة اف-16 وطائرة الشحن سي-17.
يقول ليمكين، المسؤول في القوة الجوية، ان المقاتلات النفاثة المصنوعة في اميركا سوف تحلق في بلدان اخرى لسنوات كثيرة قادمة، مما يعني ان المتعاقدين الاميركيين سيستمرون في جني العوائد من صيانتها، ومن التفاعل الاعتيادي بين جيش الولايات المتحدة والقوات الجوية الاجنبية في الكثير من الحالات.
كما تأثرت المبيعات بالضغط الذي تسلطه الدول الاجنبية للالتحاق بالنادي الحصري للبلدان التي تمتلك خزينا من الصواريخ الدقيقة الموجهة بالليزر، وهي التقنية الاميركية باهظة الثمن التي استعرضتها الولايات المتحدة خلال غزوها كل من العراق افغانستان.
يعود السبب في اعادة التسلح في منطقة الخليج الى الخوف من ايران.
على سبيل المثال، تفكر الامارت العربية المتحدة في انفاق مبلغ قدره 16 مليار دولار في بناء نظام دفاع صاروخي اميركي الصنع، استنادا الى اشعار ارسل حديثا الى الكونغرس من قبل وزارة الدفاع.
كما اعلنت الامارات عن عزمها شراء اسلحة هجومية، بضمنها 26 طائرة عمودية نوع بلاك هوك و900 صاروخ لونغبو هيلفاير-2، القادرة على تدمير دبابات العدو.
وقد وقعت المملكة العربية السعودية لوحدها خلال السنة المالية الحالية اتفاقيات بما لايقل عن ستة مليارات دولار لشراء اسلحة من الولايات المتحدة، وهو اعلى رقم بالنسبة لهذا البلد منذ عام 1993، العام الذي شهد قمة اخرى في مبيعات الاسلحة الاميركية بعد حرب الخليج الاولى.
كما زادت اسرائيل،التي اضحت منذ زمن بعيد احد المشترين الرئيسيين للمعدات العسكرية الاميركية، من حجم طلبها، بضمنها مشتريات محتملة لاربع سفن حربية ساحلية بقيمة تبلغ 1,9 مليار دولار.
وفي آسيا يعكف حلفاء الولايات المتحدة على شراء المزيد من المعدات الاميركية بعد ان اجرت كوريا الشمالية تجارب على الصواريخ بعيدة المدى. فقد وقعت كوريا الجنوبية، وهي احدى الدول الحليفة، اتفاقية مع البنتاغون هذا العام بقيمة تبلغ 1,1 مليار دولار.
وكانت طلبات الاسلحة من قبل الدول الاجنبية والتي انجزتها الولايات المتحدة حتى الان قد تزايدت بشكل معقول لتبلغ 13 مليار دولار العام الماضي مقارنة بـ 12 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث السابقة. غير ان من المتوقع ان تتزايد قيمة صفقات الاسلحة اكبر بكثير خلال السنوات القادمة، حيث ان انتاج انظمة الاسلحة المعقدة يستغرق وقتا اطول. (جميع قيم الدولار للسنوات الماضية الواردة في هذا المقال تم تعديلها لتعكس تأثير التضخم).
وقد اثار تدفق الاسلحة الاميركية المتطورة الى منطقة الشرق الاوسط مخاوف وسط بعض اعضاء الكونغرس، والذين يخشون ان ادارة بوش ربما تعرض اسرائيل الى الخطر، وهي الواجهة العسكرية التي تم الحفاظ عليها في المنطقة لفترة طويلة.
ولا مفاجأة في ان يكون اكبر زبائن الاسلحة الاميركية هما العراق وافغانستان.
فعلى مدى السنتين الماضيتين، وقع العراق اتفاقيات شراء اسلحة بقيمة تزيد على 3 مليارات دولار، كما اعلن عن الخطط لشراء تجهيزات اميركية بقيمة قد تصل الى 7 مليارات دولار، يتم تمويلها من عائدات النفط المتزايدة.
تقول المتحدثة باسم البنتاغون، المقدم الميرا بيلك، ان عقد صفقة السلاح هذه يخدم المصلحة العليا لكل من العراق والولايات المتحدة بسبب انها "تقلل من الفساد وتساعد العراقيين على الخروج من عنق الزجاجة في طريقهم لتحقيق النجاح".
على مدى السنوات الثلاث الماضية وافقت الولايات المتحدة، بشكل منفصل، على شراء معدات واسلحة حربية بقيمة 10 مليارات دولار بالنيابة عن افغانستان، استنادا الى السجلات الرسمية لوزراة الدفاع، تتضمن البنادق الالية ام-16 وطائرات الشحن سي-27.
حتى الدول الصغيرة مثل استونيا ولاتافيا بدأت تدخل في هذه الخلطة، حيث تؤدي دوراً في جهد مشترك لـ 15 دولة، معظمها في اوربا، من اجل شراء طائرتي شحن بوينغ سي-17 والتي تستعمل في نقل المعدات العسكرية، كما تستعمل في مهمات الاغاثة الانسانية ايضا.
يقول تومي دانيهو، المدير الدولي لمبيعات بوينغ سي-17، ان شركة بوينغ قد انتجت 176 من هذه الطائرات، التي تبلغ قيمة الواحدة منها 200 مليون دولار، لصالح الولايات المتحدة الاميركية. لكن حتى عام 2006، كانت بريطانيا الدولة الوحيدة التي حلقت بها. اما الان، فإضافة الى الاتحاد الاوروبي، فان كلا من كندا واستراليا وقطر قد قدمت طلبات للحصول على هذه الطائرات، كما تنافس بوينغ لبيع طائراتها الى ست دول اخرى.
وقد حققت المبيعات الاجنبية في العام الماضي ما يقارب نصف الانتاج في معامل كاليفورنيا حيث تنتج طائرة سي-17. يقول دانيهو: "لقد كانت تملأ المعمل بالكامل خلال السنتين الماضيتين".
وحتى بدون هذه الجولة الاخيرة من المبيعات، فان حصة الولايات المتحدة من تجارة الاسلحة العالمية بدأت بالتزايد من 40% عام 2000 الى 52% عام 2006، وهي السنة الاخيرة في تحليل البيانات التي قام بها مركز ابحاث الكونغرس. وكان ثاني اكبر بائع هي روسيا، فهي مسؤولة عن 21% من المبيعات العالمية عام 2006.
يقول احد مسؤولي التسويق في الجيش الامريكي عن النائب بيرمان، الذي تولى تقديم مقترح تمت الموافقة عليه في ايار لغرض اصلاح عملية تصدير السلاح، انه بينما كان النائب عادة حسن النية، الا انه يتعرض للتضليل في بعض الاحيان. لقد استشهد بالمبيعات العسكرية الى الباكستان، وقال انه يخشى اننا بفعلنا ذلك فاننا نقوم بتأجيج التوتر مع الهند اكثر من مجابهة الارهاب في المنطقة.
يقول ترافيس شارب، وهو محلل سياسات عسكرية في مركز السيطرة على التسلح والحد من الانتشار النووي، وهي مجموعة بحثية في واشنطن، ان اكثر ما يقلقه انه اذا انحاز الحلفاء الحاليون الى الجهة الاخرى، فان الولايات المتحدة قد تواجه في النهاية عدوا مسلحا باسلحة اميركية الصنع. فقد حملت تجارة الاسلحة عواقب غير محسوبة من قبل. على سبيل المثال حينما قامت الولايات المتحدة بتسليح المليشيات المناوئة للاتحاد السوفياتي في افغانستان، ثم اضطرت في نهاية الامر الى مواجهة مقاتلي حركة طالبان المتمردين المسلحين بنفس الاسلحة هناك.
يقول شارب: "ما ان تبيع الاسلحة الى بلد اخر حتى تفقد السيطرة على كيفية استعماله. ولسوء الحظ فان الاسلحة ليس لها فترة انتهاء صلاحية".
لكن ليمكين من البنتاغون يرد بالقول انه مع وجود الكثير من الدول الراغبة في بيع انظمة اسلحة متطورة فلا يمكن للولايات المتحدة ان تعمل على تقييد مبيعات اسلتحها.
ويضيف: "هل تفضل ان يقوموا بشراء الاسلحة والطائرات من بلدان اخرى؟ لابد انهم سوف يقومون بذلك".
Tuesday, September 16, 2008
الحرب الحقيقية حرب الولايات المتحدة الثقافية
عن: هيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
جاءت الحرب الثقافية المقحمة في الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة على حساب النقاش المفيد بشأن الحرب في العراق وافغانستان. ذلك امر خطير كونها تأتي اوقات عصيبة.
فقد رأينا ساره بالين في مؤتمر الحزب الجمهوري القومي تحط من قدر السياسة الخارجية بمحاولتها السخرية من طريقة تعامل باراك اوباما مع الارهاب العالمي بالقول: "انه قلق من ان احدا ما لن يقرأ عليهم حقوقهم".
عذرا، سيدة بالين، لكن فيما كنت في الاسكا تمارسين صيد الوعول، هل سمعت عن باغرام، وابو غريب، وتسفير المحتجزين عبر الدول، والتعذيب بالماء، ومعتقل غوانتنامو، وغيرها؟
يعلم جون ماكين ماذا يحدث عندما تختفي هذه الحقوق. لقد وصف كابوسه في فيتنام في الليلة التالية: "لقد عذبوني كما لم يفعلوا من قبل. واستمروا في ذلك لمدة طويلة. لقد حطموني".
هذا رجل يتذكر كيف اصبح محطما: لذلك حارب ضد استخدام التعذيب من قبل ادارة بوش. لكن تغاضيه عن هذه الكلمات التي نطقت بها مرشحته لمنصب نائب الرئيس انما هي صدمة. فلتصب اللعنة على السياسة الخارجية ان كان لك ان تحرز نقطة لحساب الفحول المدعين مخافة الرب على حساب الليبراليين الدستوريين.
لكن الحروب الدموية، حتى بعد سبع سنوات من هجمات الحادي عشر من ايلول، لم تتوقف عند هذه المعارك الثقافية العقيمة في الولايات المتحدة، فمع وجود 180,000 عسكري في كلا المشهدين (العراق وافغانستان) فقد تم استنزاف احتياطي الولايات المتحدة الى اقصى مدى ممكن، وهو ما تعرفه ايران جيدا عندما استمرت في تشغيل اجهزة الطرد المركزي، كما تعيه روسيا حينما قبضت على جورجيا.
وفي افغانستان، تزداد فعالية التمرد الذي تقوده حركة طالبان كما يزداد اتباعه. يدور الحديث عن زيادة صغيرة في القوات هناك، والتي تبلغ الان 34,000 عسكري لمواجهة هذا التهديد، لكن ليس هناك الا تركيز ضئيل على ماهية النتيجة التي ربما سيخدم من اجلها 12,000 من الجنود الاضافيين. حتى يتضح ذلك، انا ضد زيادة القوات المحدود.
وقد انخرطت فرنسا، التي زادت حجم قواتها في افغانستان قبل فترة وجيزة، في نقاش مؤلم بصدد مقتل عشرة من جنودها، معظمهم من المظليين، شرقي كابول في الثامن عشر من آب. وقد تم حز رقبة احدهم في اقل تقدير. كما اثارت صور نشرت في باريس لمقاتلي حركة طالبان يرتدون البزات العسكرية للجنود الفرنسيين، اثارت حفيظة الامة.
وقد دعى وزير الدفاع الفرنسي، هارفي مورين، الى الوحدة الوطنية في مواجهة التهديد القادم من "العصور الوسطى". لكن استطلاعات الرأي العام تؤكد على ان معظم الفرنسيين يفضلون الانسحاب. وقد تصاعد الغضب بعد ورود تقارير تفيد بان المظليين قد تركوا لمصيرهم.
هذا التخبط الفرنسي هو مجرد تذكار بان حلف الناتو في افغانستان لايزال هشا وان ارسال المزيد من القوات ليس علاجا بحد ذاته.
لقد كان اوباما على حق في التأكيد على الثمن الذي تكبدته الحملة في افغانستان نتيجة الحملة في العراق، الامر الذي نفاه ماكين سابقا. لكن دعوته لارسال "في الاقل لواءين قتاليين اضافيين" الى افغانستان والوعد الذي قطعه في دنفر "بانهاء القتال ضد القاعدة وطالبان في افغانستان" هما مجرد طفح.
بعد ثلاثين عاما من الحرب، لن ينتهي القتال الافغاني قبل مرور ثلاثين عاما اخرى. انه بلد ضعيف منحصر بين ايران والباكستان، وكلاهما اقوى بكثير ولا يريدان له الخير. ليس بالامكان اقفال الحدود الافغانية-الباكستانية، وان كان بالامكان حراستها بشكل افضل. غير ان حركة مرور الجهاديين عبرها سوف تستمر.
على ان هذا لا يعني استنكار وجود عشرات الالاف من الجنود الاميركيين هناك لعدة عقود، برغم اني ربما اقول ان ذلك يعد نوعا من النصر خلال اربعة اعوام.
وفي اليوم الذي تعرض له الجنود الفرنسيون الى الهجوم، اصبحت قاعدة عسكرية اميركية ضخمة، وتسمى كامب ساليرمو وتقع شرقي محافظة خوست، اصبحت عرضة لهجمات مستمرة من حركة طالبان. لقد تحدثت الى مسؤول اميركي عاد للتو بعد ان خدم مدة 18 شهرا في خوست.
وهو يرى ان التركيز الحصري على زيادة القوات انما يدفع الى الوجهة الخاطئة. يجب اعطاء الاولوية الى "زيادة حجم القوات الافغانية". يجب ان يصل مستوى القوات الافغانية الوطنية الى 120,000 عسكري كأولوية اولى، ارتفاعا من نحو نصف هذا العدد هو تعدادها اليوم. واذا كان لمزيد من القوات ان تذهب فيجب ان تكون مهمتها تدريب الافغانيين. الافغانيون فحسب قادرون على احراز النصر.
يجب ان يضخ المزيد من المال الى رواتب الجنود الافغان (التي تبلغ الان 100 دولار في الشهر). يجب الاستمرار في شراء الولاء باستخدام المال الاميركي في المحافظات، عندما يكون ذلك مجديا. يجب اعطاء دفعة قوية الى رأس المال البشري، "اصبحت هندسة العقول اهم بكثير من هندسة الطرق في هذه الايام". اذا هاجرت افضل الكفاءات، فسوف تضيع البلاد.
يجب اعادة النظر في السياسة الخاصة بالمدارس. يجب تسجيل (المدارس) لدى الحكومة مما يتيح لها المزيد من السيطرة على المناهج. ذلك ادهى من تحقيرهم ودفع الطلبة نحو مناطق التمرد في وزيرستان. يجب ابداء الجدية نحو برنامج المصالحة الوطنية، والذي صمم لاستدراج معتدلي حركة طالبان السابقين الى العملية السياسية. يجب التركيز على الباكستان.
وبغياب احجار الزاوية لاستراتيجية ما، وغياب التوقعات الواقعية، فان من الخطأ ارسال المزيد من القوات الى افغانستان.
وكما هو الحال في العراق، فان الثمرات حقيقية لكنها هشة. لا استطيع ان ارى كيف يكون انسحاب اوباما "المسؤول" منحصرا في مدة زمنية تبلغ 16 شهرا ان هذا لا يتطلب العدد الحالي من القوات، والذي يبلغ 146,000 عسكري، ولكنه سوف يتطلب عدة عشرات من الالاف من الجنود خلال الفترة الرئاسية القادمة.
ينبغي لحربين ضروسين ان يمنعا حرب ماكين الثقافية التي بدأ في اعتناقها بلا وجل. فهو يحب كلمة "القتال" فليقاتل اذا من اجل هذه القضايا وليدع الشعب يقرر.
ترجمة: علاء غزالة
جاءت الحرب الثقافية المقحمة في الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة على حساب النقاش المفيد بشأن الحرب في العراق وافغانستان. ذلك امر خطير كونها تأتي اوقات عصيبة.
فقد رأينا ساره بالين في مؤتمر الحزب الجمهوري القومي تحط من قدر السياسة الخارجية بمحاولتها السخرية من طريقة تعامل باراك اوباما مع الارهاب العالمي بالقول: "انه قلق من ان احدا ما لن يقرأ عليهم حقوقهم".
عذرا، سيدة بالين، لكن فيما كنت في الاسكا تمارسين صيد الوعول، هل سمعت عن باغرام، وابو غريب، وتسفير المحتجزين عبر الدول، والتعذيب بالماء، ومعتقل غوانتنامو، وغيرها؟
يعلم جون ماكين ماذا يحدث عندما تختفي هذه الحقوق. لقد وصف كابوسه في فيتنام في الليلة التالية: "لقد عذبوني كما لم يفعلوا من قبل. واستمروا في ذلك لمدة طويلة. لقد حطموني".
هذا رجل يتذكر كيف اصبح محطما: لذلك حارب ضد استخدام التعذيب من قبل ادارة بوش. لكن تغاضيه عن هذه الكلمات التي نطقت بها مرشحته لمنصب نائب الرئيس انما هي صدمة. فلتصب اللعنة على السياسة الخارجية ان كان لك ان تحرز نقطة لحساب الفحول المدعين مخافة الرب على حساب الليبراليين الدستوريين.
لكن الحروب الدموية، حتى بعد سبع سنوات من هجمات الحادي عشر من ايلول، لم تتوقف عند هذه المعارك الثقافية العقيمة في الولايات المتحدة، فمع وجود 180,000 عسكري في كلا المشهدين (العراق وافغانستان) فقد تم استنزاف احتياطي الولايات المتحدة الى اقصى مدى ممكن، وهو ما تعرفه ايران جيدا عندما استمرت في تشغيل اجهزة الطرد المركزي، كما تعيه روسيا حينما قبضت على جورجيا.
وفي افغانستان، تزداد فعالية التمرد الذي تقوده حركة طالبان كما يزداد اتباعه. يدور الحديث عن زيادة صغيرة في القوات هناك، والتي تبلغ الان 34,000 عسكري لمواجهة هذا التهديد، لكن ليس هناك الا تركيز ضئيل على ماهية النتيجة التي ربما سيخدم من اجلها 12,000 من الجنود الاضافيين. حتى يتضح ذلك، انا ضد زيادة القوات المحدود.
وقد انخرطت فرنسا، التي زادت حجم قواتها في افغانستان قبل فترة وجيزة، في نقاش مؤلم بصدد مقتل عشرة من جنودها، معظمهم من المظليين، شرقي كابول في الثامن عشر من آب. وقد تم حز رقبة احدهم في اقل تقدير. كما اثارت صور نشرت في باريس لمقاتلي حركة طالبان يرتدون البزات العسكرية للجنود الفرنسيين، اثارت حفيظة الامة.
وقد دعى وزير الدفاع الفرنسي، هارفي مورين، الى الوحدة الوطنية في مواجهة التهديد القادم من "العصور الوسطى". لكن استطلاعات الرأي العام تؤكد على ان معظم الفرنسيين يفضلون الانسحاب. وقد تصاعد الغضب بعد ورود تقارير تفيد بان المظليين قد تركوا لمصيرهم.
هذا التخبط الفرنسي هو مجرد تذكار بان حلف الناتو في افغانستان لايزال هشا وان ارسال المزيد من القوات ليس علاجا بحد ذاته.
لقد كان اوباما على حق في التأكيد على الثمن الذي تكبدته الحملة في افغانستان نتيجة الحملة في العراق، الامر الذي نفاه ماكين سابقا. لكن دعوته لارسال "في الاقل لواءين قتاليين اضافيين" الى افغانستان والوعد الذي قطعه في دنفر "بانهاء القتال ضد القاعدة وطالبان في افغانستان" هما مجرد طفح.
بعد ثلاثين عاما من الحرب، لن ينتهي القتال الافغاني قبل مرور ثلاثين عاما اخرى. انه بلد ضعيف منحصر بين ايران والباكستان، وكلاهما اقوى بكثير ولا يريدان له الخير. ليس بالامكان اقفال الحدود الافغانية-الباكستانية، وان كان بالامكان حراستها بشكل افضل. غير ان حركة مرور الجهاديين عبرها سوف تستمر.
على ان هذا لا يعني استنكار وجود عشرات الالاف من الجنود الاميركيين هناك لعدة عقود، برغم اني ربما اقول ان ذلك يعد نوعا من النصر خلال اربعة اعوام.
وفي اليوم الذي تعرض له الجنود الفرنسيون الى الهجوم، اصبحت قاعدة عسكرية اميركية ضخمة، وتسمى كامب ساليرمو وتقع شرقي محافظة خوست، اصبحت عرضة لهجمات مستمرة من حركة طالبان. لقد تحدثت الى مسؤول اميركي عاد للتو بعد ان خدم مدة 18 شهرا في خوست.
وهو يرى ان التركيز الحصري على زيادة القوات انما يدفع الى الوجهة الخاطئة. يجب اعطاء الاولوية الى "زيادة حجم القوات الافغانية". يجب ان يصل مستوى القوات الافغانية الوطنية الى 120,000 عسكري كأولوية اولى، ارتفاعا من نحو نصف هذا العدد هو تعدادها اليوم. واذا كان لمزيد من القوات ان تذهب فيجب ان تكون مهمتها تدريب الافغانيين. الافغانيون فحسب قادرون على احراز النصر.
يجب ان يضخ المزيد من المال الى رواتب الجنود الافغان (التي تبلغ الان 100 دولار في الشهر). يجب الاستمرار في شراء الولاء باستخدام المال الاميركي في المحافظات، عندما يكون ذلك مجديا. يجب اعطاء دفعة قوية الى رأس المال البشري، "اصبحت هندسة العقول اهم بكثير من هندسة الطرق في هذه الايام". اذا هاجرت افضل الكفاءات، فسوف تضيع البلاد.
يجب اعادة النظر في السياسة الخاصة بالمدارس. يجب تسجيل (المدارس) لدى الحكومة مما يتيح لها المزيد من السيطرة على المناهج. ذلك ادهى من تحقيرهم ودفع الطلبة نحو مناطق التمرد في وزيرستان. يجب ابداء الجدية نحو برنامج المصالحة الوطنية، والذي صمم لاستدراج معتدلي حركة طالبان السابقين الى العملية السياسية. يجب التركيز على الباكستان.
وبغياب احجار الزاوية لاستراتيجية ما، وغياب التوقعات الواقعية، فان من الخطأ ارسال المزيد من القوات الى افغانستان.
وكما هو الحال في العراق، فان الثمرات حقيقية لكنها هشة. لا استطيع ان ارى كيف يكون انسحاب اوباما "المسؤول" منحصرا في مدة زمنية تبلغ 16 شهرا ان هذا لا يتطلب العدد الحالي من القوات، والذي يبلغ 146,000 عسكري، ولكنه سوف يتطلب عدة عشرات من الالاف من الجنود خلال الفترة الرئاسية القادمة.
ينبغي لحربين ضروسين ان يمنعا حرب ماكين الثقافية التي بدأ في اعتناقها بلا وجل. فهو يحب كلمة "القتال" فليقاتل اذا من اجل هذه القضايا وليدع الشعب يقرر.
Tuesday, September 02, 2008
إذا كنت بحاجة إلى طبيب، أخبرنا .. الإرهابيون من هم؟
ترجمة: علاء غزالة
عن: الاندبندنت
يقول تقرير صد ر حديثا ان الاستخبارات الاسرائلية تجبر المرضى الفلسطينيين على التعاون معهم بتقديم المعلومات عن عناصر المليشيات والنشاطات الاخرى في مقابل السماح لهم بمغادرة قطاع غزة من اجل تلقي العلاج الطبي. وتدعي منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان ان وكالة الاستخبارات المحلية (شين بيت) تؤدي دورا متزايدا ومهما في تحديد فيما اذا كان يجب السماح للمرضى في الحفاظ على مواعيدهم في مستشفيات اسرائيل او الضفة الغربية.
وقد جمعت هذه المنظمة شهادات اكثر من 30 مريضا مصابين بامراض خطيرة، من بينها السرطان، وقد وصفوا كيف يتم الضغط عليهم من قبل المحققين في المعبر الرئيس (اريز) بين اسرائيل وقطاع غزة.
وتتضمن الشهادات افادة رجل يبلغ من العمر 38 عاما وتقرر علاجه في مستشفى اتشيلوف في تل ابيب، والذي تم اخباره بانه: "تم تشخيص اصابتك بالسرطان والذي سينتشر الى دماغك. وطالما انك لا تساعدنا، عليك الانتظار لحين فتح معبر رفح (المعبر مع مصر الذي لا يفتح الا نادرا)".
ويقول التقرير، الذي يتهم الشين بيت بـ(اكراه وابتزاز) المرضى، ان هذا ياتي على خلفية زيادة حادة في نسبة المرضى من الذين يتم رفض التصريح لهم بالدخول الى اسرائيل لغرض المعالجة الطبية منذ ان تولت حماس السلطة في حزيران من عام 2007.
ويتزامن ارتفاع نسبة رفض مرور المرضى من 10% في النصف الاول من عام 2007 الى 35% في النصف الاول من عام 2008 مع ما يشير اليه تقرير اطباء من اجل حقوق الانسان في ازدياد المعوقات في توفير المستلزمات الطبية، والوقود والكهرباء، كجزء من الحصار الاسرائيلي على دخول جميع المواد ما عدا المسلتزمات الانسانية الاساسية فقط. وقد ادى ذلك بدوره الى ازدياد الاحالات الطبية لعلاج المرضى خارج قطاع غزة.
ويقول التقرير انه، استنادا الى الشين بيت، فان الهدف من التحقيقات هو: "تحديد درجة الخطر التي يمثلها الشخص." ويذهب الى القول: "تجمع الوكالة معلومات استخبارية من خلال هذه الممارسة، والتي تعدّها قضايا امنية".
وقد رفض معظم الذين ادلوا بشهاداتهم الكشف عن اسمائهم خوفا من ان يخاطروا بفرصهم المستقبلية في مغادرة غزة للعلاج. لكن احدهم، وهو الصحفي بسام الواحدي البالغ من العمر 28 عاما، اكد انه تم احتجازه والتحقيق معه لمدة ست ساعات في معبر ايرز مما ادى الى فقدان موعده الطبي في مستشفى سانت جونز في القدس الشرقية والذي تقرر إنقاذ بصره في العين اليمنى التي تعاني من تضرر الشبكية.
ويقول انه بعد ان وصل الى الجانب الاسرائيلي تم اقتياده الى غرفة التحقيق حيث وجد رجلا يتحدث لغة عربية فصيحة قدم نفسه باسم موشي. قال له موشي: "اريد ان تصنع لي جميلا. سوف اخاطب قادة كبار في قوة الدفاع الاسرائيلية واخبرهم انه رجل طيب. يجب علينا ان نساعده".
ويضيف ان موشي طلب منه ان يستخدم مهنته كصحفي في الذهاب الى الحدود وتقصي من يطلق الصواريخ ومن اين، وان يحضر المؤتمرات الصحفية التي تعقدها مختلف الفصائل المسلحة. وكان سيزود بشريحة هاتف نقال اسرائيلي وطلب منه ان يطلب رقما معينا لتزويدهم بالمعلومات. واذا استطاع اثبات نفسه خلال عشرة ايام فسيسمح له بالمغادرة من خلال معبر ايرز "بدون تصريح" كما سيسمح بتلقي العلاج في مستشفى ايتشيلوف في تل ابيب. كما لمّح موشي الى انه سيحصل على تمويل ومساعدات اخرى.
ولكن السيد الواحدي، الذي كان قد حصل على التصريح بالمغادرة من قبل، اوضح بجلاء انه لن يتعاون، وانه سوف يذهب الى منظمات حقوق الانسان، والصليب الاحمر، والصحافة. وهو يدعي ان موشي، الذي قال قبلا انه نفد صبره، ضحك من ذلك مضيفا: "ان الذي تتحدث عنه غير موجود في قاموس قوات الدفاع الاسرائيلية".
ويقول السيد الواحدي انه حينما عرض على موشي ان يعتقله او يسمح له بالمغادرة لتلقي العلاج، فان هذا الاخير اجاب قائلا: "سوف اعيدك الى غزة وادعك تعيش ما تبقى من حياتك اعمى لانك غبي".
وبالفعل، فقد تم اعادة السيد الواحدي الى غزة ولم يتلق أي علاج منذ ذلك الحين. ويقول انه فقد البصر في عينه اليمنى وهو الان في حاجة ماسة لتلقي العلاج في عينه اليسرى، وان الاطباء طلبوا منه، قبل شهر، التوقف عن القراءة والكتابة لتقليل الضغط على عينه اليسرى.
من جهة اخرى، فقد اخبر الشين بين منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان ان ثلاثة انتحاريين محتملين قد ادعوا انهم مرضى منذ عام 2005. وهم ينكرون ان منح التصاريح يعتمد على امداد المعلومات من قبل المريض "فيما عدا المعلومات المعتمدة عن حالته الطبية". بينما يؤكد الجيش ان عدد الذين غادروا المعبر لغرض العلاج الطبي قد ارتفع من 8,325 حالة الى 15,148 في عام 2007. ويضيف الجيش ان المحكمة العليا قد قضت بان: "للدولة حق سيادي في تقرير من يدخل ابوابها، وان مدى التخويل الممنوح الى السلطات هو... واسع جدا".
عن: الاندبندنت
يقول تقرير صد ر حديثا ان الاستخبارات الاسرائلية تجبر المرضى الفلسطينيين على التعاون معهم بتقديم المعلومات عن عناصر المليشيات والنشاطات الاخرى في مقابل السماح لهم بمغادرة قطاع غزة من اجل تلقي العلاج الطبي. وتدعي منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان ان وكالة الاستخبارات المحلية (شين بيت) تؤدي دورا متزايدا ومهما في تحديد فيما اذا كان يجب السماح للمرضى في الحفاظ على مواعيدهم في مستشفيات اسرائيل او الضفة الغربية.
وقد جمعت هذه المنظمة شهادات اكثر من 30 مريضا مصابين بامراض خطيرة، من بينها السرطان، وقد وصفوا كيف يتم الضغط عليهم من قبل المحققين في المعبر الرئيس (اريز) بين اسرائيل وقطاع غزة.
وتتضمن الشهادات افادة رجل يبلغ من العمر 38 عاما وتقرر علاجه في مستشفى اتشيلوف في تل ابيب، والذي تم اخباره بانه: "تم تشخيص اصابتك بالسرطان والذي سينتشر الى دماغك. وطالما انك لا تساعدنا، عليك الانتظار لحين فتح معبر رفح (المعبر مع مصر الذي لا يفتح الا نادرا)".
ويقول التقرير، الذي يتهم الشين بيت بـ(اكراه وابتزاز) المرضى، ان هذا ياتي على خلفية زيادة حادة في نسبة المرضى من الذين يتم رفض التصريح لهم بالدخول الى اسرائيل لغرض المعالجة الطبية منذ ان تولت حماس السلطة في حزيران من عام 2007.
ويتزامن ارتفاع نسبة رفض مرور المرضى من 10% في النصف الاول من عام 2007 الى 35% في النصف الاول من عام 2008 مع ما يشير اليه تقرير اطباء من اجل حقوق الانسان في ازدياد المعوقات في توفير المستلزمات الطبية، والوقود والكهرباء، كجزء من الحصار الاسرائيلي على دخول جميع المواد ما عدا المسلتزمات الانسانية الاساسية فقط. وقد ادى ذلك بدوره الى ازدياد الاحالات الطبية لعلاج المرضى خارج قطاع غزة.
ويقول التقرير انه، استنادا الى الشين بيت، فان الهدف من التحقيقات هو: "تحديد درجة الخطر التي يمثلها الشخص." ويذهب الى القول: "تجمع الوكالة معلومات استخبارية من خلال هذه الممارسة، والتي تعدّها قضايا امنية".
وقد رفض معظم الذين ادلوا بشهاداتهم الكشف عن اسمائهم خوفا من ان يخاطروا بفرصهم المستقبلية في مغادرة غزة للعلاج. لكن احدهم، وهو الصحفي بسام الواحدي البالغ من العمر 28 عاما، اكد انه تم احتجازه والتحقيق معه لمدة ست ساعات في معبر ايرز مما ادى الى فقدان موعده الطبي في مستشفى سانت جونز في القدس الشرقية والذي تقرر إنقاذ بصره في العين اليمنى التي تعاني من تضرر الشبكية.
ويقول انه بعد ان وصل الى الجانب الاسرائيلي تم اقتياده الى غرفة التحقيق حيث وجد رجلا يتحدث لغة عربية فصيحة قدم نفسه باسم موشي. قال له موشي: "اريد ان تصنع لي جميلا. سوف اخاطب قادة كبار في قوة الدفاع الاسرائيلية واخبرهم انه رجل طيب. يجب علينا ان نساعده".
ويضيف ان موشي طلب منه ان يستخدم مهنته كصحفي في الذهاب الى الحدود وتقصي من يطلق الصواريخ ومن اين، وان يحضر المؤتمرات الصحفية التي تعقدها مختلف الفصائل المسلحة. وكان سيزود بشريحة هاتف نقال اسرائيلي وطلب منه ان يطلب رقما معينا لتزويدهم بالمعلومات. واذا استطاع اثبات نفسه خلال عشرة ايام فسيسمح له بالمغادرة من خلال معبر ايرز "بدون تصريح" كما سيسمح بتلقي العلاج في مستشفى ايتشيلوف في تل ابيب. كما لمّح موشي الى انه سيحصل على تمويل ومساعدات اخرى.
ولكن السيد الواحدي، الذي كان قد حصل على التصريح بالمغادرة من قبل، اوضح بجلاء انه لن يتعاون، وانه سوف يذهب الى منظمات حقوق الانسان، والصليب الاحمر، والصحافة. وهو يدعي ان موشي، الذي قال قبلا انه نفد صبره، ضحك من ذلك مضيفا: "ان الذي تتحدث عنه غير موجود في قاموس قوات الدفاع الاسرائيلية".
ويقول السيد الواحدي انه حينما عرض على موشي ان يعتقله او يسمح له بالمغادرة لتلقي العلاج، فان هذا الاخير اجاب قائلا: "سوف اعيدك الى غزة وادعك تعيش ما تبقى من حياتك اعمى لانك غبي".
وبالفعل، فقد تم اعادة السيد الواحدي الى غزة ولم يتلق أي علاج منذ ذلك الحين. ويقول انه فقد البصر في عينه اليمنى وهو الان في حاجة ماسة لتلقي العلاج في عينه اليسرى، وان الاطباء طلبوا منه، قبل شهر، التوقف عن القراءة والكتابة لتقليل الضغط على عينه اليسرى.
من جهة اخرى، فقد اخبر الشين بين منظمة اطباء من اجل حقوق الانسان ان ثلاثة انتحاريين محتملين قد ادعوا انهم مرضى منذ عام 2005. وهم ينكرون ان منح التصاريح يعتمد على امداد المعلومات من قبل المريض "فيما عدا المعلومات المعتمدة عن حالته الطبية". بينما يؤكد الجيش ان عدد الذين غادروا المعبر لغرض العلاج الطبي قد ارتفع من 8,325 حالة الى 15,148 في عام 2007. ويضيف الجيش ان المحكمة العليا قد قضت بان: "للدولة حق سيادي في تقرير من يدخل ابوابها، وان مدى التخويل الممنوح الى السلطات هو... واسع جدا".
Monday, September 01, 2008
القاعدة تدير الارهاب بثمن بخس..الالتفاف على الاجراءات القانونية لمراقبة التمويل
ترجمة: علاء غزالة
عن: الواشنطن بوست
لندن-منذ هجمات 11 ايلول تزايد تحول القاعدة الى خلايا محلية قادرة على القيام بعمليات ذات كلفة منخفضة للغاية، وتوفير السيولة النقدية من خلال عمليات النصب الاجرامية، متخطية اجراءات مراقبة التمويل التي اعدتها الولايات المتحدة واوربا. وعلى الرغم من القاعدة انفقت ما يقدر بخمسمئة الف دولار للتخطيط وتنفيذ هجمات 11 ايلول، الا ان عمليات التفجير والاعتداءات التي قامت بها هذه المجموعة منذ ذلك الحين في اوربا وشمال افريقيا وجنوب شرق اسيا تمت بكلف تبلغ معشار ذلك المبلغ، او اقل.واستنادا الى بعض المسؤولين الامريكيين والاوربيين، الذين يعملون في مجال مقارعة الارهاب، فان الكلف البخسة لتنفيذ العمليات هي دليل على ان الولايات المتحدة وحلفاءها قد اخطأوا من الاساس في حساباتهم بانهم قادرون على هزيمة شبكة الارهاب عن طريق اصطياد الممولين الاثرياء وتجميد الحسابات المصرفية.
وقد أخبر المتهمون، في المحاكمة الجارية لثمانية رجال متهمين في التخطيط لتفجير طائرة اثناء تحليقها، هيئة المحلفين كيف انهم اشتروا من الصيدليات مواد تستخدم في بناء قنبلة بكلفة تبلغ 15 دولارا للقطعة الواحدة.
وبالمثل، فان الخلية المسؤولة عن تفجير السابع من تموز عام 2005 الذي استهدف وسائط النقل في لندن احتاجت الى نحو 15 الف دولار لتمويل مجمل المؤامرة، بضمنها اجور تذاكر الطائرة الى الباكستان من اجل التشاور مع قادة القاعدة، بحسب تقارير بريطاني رسمية.
وتظهر التحقيقات حول بضعة عمليات تفجير جرت في اوروبا ان المنفذين كانوا من المعدمين، الا انهم تمكنوا من جمع اموال اكثر من المطلوب من خلال عمليات اجرامية مثل تجارة المخدرات وسرقة بطاقات الائتمان.
كما تبين الافادات التي ادلى بها المتهمون في قضية محاولة تفجير الطائرة انهم تمكنوا من جمع اموال كافية لشراء شقة في شمال شرق لندن بقيمة 260 ألف دولار قبل فترة وجيزة من اعتقالهم، بادعاء الحصول على مكان آمن لمزج المتفجرات السائلة المستخدمة في قنبلتهم.
وقد ترك احد المفجرين الانتحاريين في اعتداءات تموز 2005، وهو شاب يبلغ 22 سنة من العمر ويعمل بوقت مستقطع في محل لبيع الاسماك ورقائق البطاطا، ترك عقارا بقيمة 240 ألف دولار بعد ان فجر قطار الانفاق. ولم توضح السلطات او عائلته كيفية حصوله على هذا المبلغ من المال.
واستنادا الى وثائق محكمة اسبانية، فان الخلية التي نفذت تفجيرات القطارات في آذار 2004 بمدريد كانت بحاجة الى مبلغ 80 ألف دولار لتمويل العملية. وتبين الوثائق انهم تمكنوا من ادارة عمليات إتجار بالمخدرات تقدر بما يزيد على 2,3 مليون دولار من الحشيش والمخدرات غير القانونية الاخرى، والتي تمكنوا من بيعها لتوفير المزيد من الاموال.
حتى ان مختطفي الطائرات الذين نفذوا عمليات 11 ايلول تمكنوا من ارسال اموال الكترونيا تبلغ 26 ألف دولار كفائض تمويل الى منطقة الخليج الفارسي قبل ايام قليلة من الهجمات.
تقول السلطات ان من المستحيل عادة مراقبة جمع الاموال من قبل هذه الخلايا لانها-عموما-لا تحتفظ الا بالقيل منها في المصارف. فبدلا من تلقي الاموال الكترونيا او القيام بايداعات ضخمة تلفت الانتباه آليا، فانهم ينقلون الاموال النقدية عن طريق الاشخاص ويتكتمون في طريقة انفاقها.
يقول جين-لويس بروغويري، وهو قاض ٍ اقدم سابق في مجال مكافحة الارهاب في فرنسا، ويعمل حاليا كمستشار في الاتحاد الاوروبي لشؤون تمويل الارهاب: "لا تحتاج المجموعات العاملة في اوروبا الى اموال طائلة، حيث ان كلفة العمليات منخفضة جدا. الا انهم ماهرون في الحصول على الاموال واستخدام انظمة اجرامية لفعل ذلك. انهم قادرون على جمع الالاف والالاف من الدولارات او اليورو في بضعة اسابيع، الامر الذي يقع بعيدا عن سيطرتنا".
يقول ضباط فرض القانون في لندن ان خلايا القاعدة مدربون على التخطيط والعيش بابخس الاثمان. فهم يعيشون حياة زاهدة، محتفظين بوظيفتهم اليومية او معتمدين على عوائلهم لتغطية نفقاتهم. علاوة على ذلك، فقد تعلموا بناء قنابل قاتلة، الا انها بسيطة وغير باهظة الثمن. وقد اتبعت معظم العمليات الارهابية التي خطط لها في اوربا مقاربة بسيطة: متفجرات مصنوعة منزليا يتم حشوها في حقيبة الظهر او الاحذية او الحقائب او صناديق السيارات الخلفية.
الالتفاف على القانون
بعد مرور ثلاثين يوما على هجمات الحادي عشر من ايلول، اطلق الرئيس بوش التي سماها البيت الابيض فيما بعد "الضربة الاولى في الحرب على الارهاب". فقد وقـّع امرا تنفيذيا يقضي بتجميد اموال 27 شخصا ومجموعة مشتبه بهم بالارهاب، ويحرم على أي فرد عقد الصفقات التجارية معهم.
وقد قال الرئيس بوش في حديقة الزهور: "الاموال هي شريان الحياة للعمليات الارهابية. نحن نسأل العالم اليوم التوقف عن الدفع".
وبعد مضي شهر آخر، ذهب الكونغرس وبوش الى ابعد من ذلك من خلال تبني قانون الوطنية، والذي يطلب من المصارف تبليغ دائرة الخزينة عن اية عملية لتحويل للاموال بقيمة تزيد على عشرة الاف دولار من اجل تدقيق ما اذا وردت اسماء اي من المتعاملين ضمن قاعدة البيانات.
وبحلول كانون الاول من عام 2001، كانت الحكومة قد جمدت مبالغ تصل الى 33 مليون دولار ووسعت قائمتها السوداء التي تتضمن اسماء ممولي الارهاب لتشمل 153 اسما. فيما اعلن البيت البيض في تقرير لتقويم التقدم في الحرب على القاعدة انه: "لقد كسبت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب في جبهة التمويل".
غير ان هذه الاجراءات، في اية حال، قد فشلت في تجفيف منابع التمويل المتاحة الى القاعدة، ولم يكن لها أثرا محسوسا في منع الشبكة من تنفيذ الهجمات، حسبما اشار بعض ضباط مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة واوربا.
يقول الضباط والخبراء انه قبل 11 ايلول لم يستخدم افراد القاعدة النظم المصرفية بطريقة تثير الشبهات الا نادرا. بيد ان الشبكة اصبحت اكثر حرصا، استجابة منها للقوانين الجديدة الصادرة بشأن مكافحة تمويل الارهاب، معتمدين عند الحاجة على الاشخاص في حمل الاموال عبر الحدود، كما تقول السلطات.
يقول ابراهيم وردي، الاستاذ الملحق في جامعة تافتس والخبير في انظمة التمويل في البلدان الاسلامية، ان ادارة بوش وحلفاءها قد افترضوا بشكل خاطيء ان القاعدة كانت قد خبأت اموالا ضخمة في حسابات مصرفية سرية.
ويضيف قائلا: "وقد انطلقت عموم البيروقراطية المالية في عملية متابعة مشابهة لصيد البط البري. لم يكن هناك رابط على الاطلاق بين هذه المقاربة والحقيقة الكامنة في كيفية حصول الارهاب على التمويل".
يقول دينيس لورميل، وهو الرئيس السابق لقسم عمليات تمويل الارهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ان القوانين التي تم اقرارها منذ عام 2001 قد اغلقت بعض الفجوات، وعرفت نقاط الضعف التي سهلت على القاعدة جمع وتحويل الاموال.
لكنه يضيف ان الشبكة استجابت بسرعة. فخلاياها في اوربا والبلدان الاخرى اخذت تجمع الاموال بطريقتها الخاصة بدلا من الاعتماد على نظم التحويل المالي من مصادر خارجية، والتي يمكن لضباط فرض القانون تتبعها.
يقول لورميل، والذي يشغل منصب نائب الرئيس الاقدم لمجموعة ريسك العالمية، التي يقع مقرها في ريستون: "من الواضح انك اذا كنت تتعامل مع مجموعة ذات تمويل ذاتي، فانك تتعامل مع ظروف مختلفة عن تلك التي كانت موجودة حينما اقرت هذه القوانين".
ويضيف: " سوف يدرك الاشرار، بعد فترة من الزمن، ما نفعل، ومن ثم فانهم يغيرون الطريقة التي يقومون فيها بالاعمال. ومن الجلي انك لن تستطيع منعهم من الحصول على الاموال، وانهم سيكونون قادرين على التكيف".
طرق مبتكرة لتوفير التمويل
يقول المسؤولون ان خلايا القاعدة المكتفية ذاتيا في اوربا قد اصبحت خلاقة اكثر فاكثر في طرق توفير التمويل.
بعد تفجيرات الانفاق في لندن في تموز عام 2005، طرقت الشرطة باب مزارع يقوم بتربية الاغنام في اسكتلندا للسؤال عن صفقة ماشية تبين انها سيئة. وقد اكد المزارع، ويدعى بلير دوفتن، انه قد خسر اكثر من مئتي الف دولار عندما ارسل بضع شاحنات من الاغنام الى دار الذبح في مدينة ليدز، بانكلترا، ولكنه لم يتسلم ابدا ثمن الاغنام.
وقد تخصصت دار الذبح في اللحم الحلال، او الطعام الذي يُعد وفقا للشريعة الاسلامية. وقد اخبر المحققون دوفتن ان الشخص الذي نصب عليه في صفقة الاغنام هو شريك لـ(شاه زاد تنوير)، احد المفجرين الثلاثة، والذين عاشوا في ليدز.
وقد تذكر دوفتن تلك الحادثة في اتصال هاتفي قائلا: "كنت على وشك الافلاس. لم استطع تصديقهم حينما اخبروني ان ذلك ربما كان على علاقة بالارهاب".
لم تعلق الحكومة البريطانية علانية على عملية النصب الخاصة بالاغنام تلك، او بينت فيما اذا كان اي من العوائد قد استخدم في تنفيذ الهجمات. ويخضع ثلاثة رجال للمحاكمة في لندن تحت تهمة توفير الدعم الى المفجرين الانتحاريين.
وفي المانيا، فقد تم الحكم في كانون الاول بادانة ثلاثة رجال عرب بمحاولة توفير مبلغ 6,3 مليون دولار الى القاعدة عن طريق تزييف الموت بغرض صرف اقيام تسع بوليصات تأمين على الحياة. اما في سويسرا واسبانيا فقد تمكنت السلطات عام 2006 من اختراق خلية سرقت حواسيب وسيارات واثاث منزلي بقيمة مليوني دولار. وتقول الشرطة ان المجموعة باعت هذه المسروقات في السوق السوداء، وكان لهم اشخاص يحملون الاموال، بمقدار الفي دولار لكل منهم، الى عناصر القاعدة في الجزائر.
كما تم ضبط عمر خيام، احد قياديي القاعدة في بريطانيا، في شريط مراقبة وهو يحث بعض مفجري لندن الانتحاريين في تموز عام 2005 على خداع المصارف ومحال بيع المعدات عن طريق الامتناع عن دفع الديون التي تبلغ قيمتها اقل من 25 الف دولار.
وقد قال خيام ان الغرض من ذلك ليس جمع الاموال من اجل العمليات فحسب، وانما "لتحطيم اقتصاد البلد ايضا"، بحسب افادات الرجال الثلاثة المتهمين في توفير الدعم الى المفجرين في المحاكمة التي اجريت في نيسان.
وعملا بنصيحة خيام، فقد قام احد المفجرين بالحصول على قرض بقيمة 20 ألف دولار من مصرف (اتش اس بي سي) ثم امتنع عن الدفع. بينما قام آخر بتأمين مبلغ 14 الف دولار على شكل إئتمان من شركة لتجهيزات المباني.
يقول المسؤولون انه طالما كانت التحويلات المصرفية تتم بمقياس صغير فان المصارف او رجال الشرطة ليس لديهم الا القليل من الاسباب للظن بانها على علاقة بالارهاب.
يقول ستيفن سوين، الرئيس السابق لوحدة مكافحة الارهاب العالمي في سكوتلنديارد: "هذا هو دهاء هذه المناهج؛ ان تبقى تحت مستوى الرصد. يمكنهم، باستخدام هذه الطرق، توفير اموال كبيرة وبسرعة نسبيا، كما انه لا توجد طريقة حقيقية لاستكشافها".
اجراءات منع الارهاب بعد وقوع الهجمات
بعد اسابيع قليلة من هجمات 11 ايلول اعلن غولدن براون، وقد كان وزيرا للخزانة آنذاك، عن جهود رئيسه لـ"كسر الشفرة" الخاصة بتمويل الارهاب. وقال ان بريطانيا سوف تضغط على الاتحاد الاوروبي لاصطياد القاعدة عن طريق تفحص النظام المصرفي الدولي.
وقد قال براون، وهو الان رئيس وزراء بريطانيا: "اذا كان التعصب قلب الارهاب الحديث، فان التمويل هو شريان الحياة له."
وقال براون، في استجابة منه لتفجيرات لندن في تموز عام 2005، ان الحكومة سوف تجمد الحسابات المصرفية للمشتبه بهم وتضع المزيد من الضوابط على عمليات تحويل الاموال الدولية، حتى مع عدم وجود دليل على ان الخلية كانت تلقت اية اموال من مصادر خارجية. كما وعد بانه: "لن يكون هناك مخبأ لاولئك الذين يقدمون التمويل الى الارهاب".
واكد براون، بعد شهرين من كشف مؤامرة تفجير الطائرات العابرة للمحيط الاطلسي في آب 2008، ان المفتاح في محاربة الارهاب انما يكون من خلال اعتراض الحسابات المصرفية للقاعدة. وقال ان بريطانيا سوف تستخدم المعلومات الاستخبارية السرية لتجميد حسابات الاشخاص الذين يشتبه بعلاقتهم بالمجموعات الارهابية وانها سوف تمارس سيطرة اكبر على الجمعيات الخيرية الاسلامية.
وقال بروان، مكررا كلامه عام 2005: "سوف نتخذ الخطوات الضرورية وسوف نجد الموارد الضرورية للتأكد انه لن يكون في العراق او افغانسان او أي مكان آخر ملاذ آمن وانه لن يكون هناك مكان لاخفاء تمويل الارهاب".
وقد قامت بريطانيا بتجميد ودائع تعود الى 359 شخصا و126 منظمة يشتبه في مساعدتها للقاعدة، بحسب تقرير لوزارة الخزانة اصدر العام المنصرم. ويبين هذا التقرير ان مجموع الاموال المصادرة بلغ نحو مليوني دولار.
يقول ضباط بريطانيون سابقون في مجال مكافحة الارهاب، وآخرون مازالوا في الخدمة، ان الجهود الحكومية كان لها اقل تأثير من الناحية العملية. فعلى سبيل المثال، جمدت الحكومة البريطانيا حسابات 19 مشتبهاً به في مؤامرة عام 2006 التي استهدفت الطائرات العابرة للاطلسي، ولكن فقط بعد ان تم توقيفهم. يقول المسؤولون ان معظم هذه الحسابات لم تحتو ِ الا على ايداعات ضئيلة.
وقد اعلن المسؤولون البريطانيون، ضمن نفس التحقيقات، عن اجراء تحقيق في عمليات جمعية خيرية، تدعى (جمعية الهلال للاغاثة)، بادعاء انها وفرت اموالا للخلية. لكن القائمون على الجميعة الخيرية، التي تأسست لغوث الناجين من الزلزال في الباكستان، انكروا قيامهم باي فعل خاطيء.
غير انه بعد مرور عامين اظهرت المحاكمة عدم وجود أي دليل يربط جمعية الهلال للاغاثة بالمتهمين. ويقول الناطق باسم مفوضية الجمعيات الخيرية البريطانية، وهي التي تقوم بتنظيم اعمال المنظمات غير النفعية، ان التحقيقات مازالت مستمرة، ولكنه رفض اعطاء المزيد من التعليقات.
يقول سوين، الضابط السابق في قسم مكافحة الارهاب في سكوتلنديارد، ان السياسيين عادة ما يعلنون قوانين اكثر حزما لمكافحة تمويل الارهاب بعد حصول هجوم، كاجراء علاقات عامة. لكنه يقول انهم لا يعملون واقع الامر الا القليل فيما يخص منع الارهاب.
ويستطرد سوين: "اعتقد ان هناك ادراكا ان تأثيرهم ليس كبيرا. لكنهم يريدون ان يظهروا على انهم يعملون شيئا لطمأنة العامة انهم يقومون بفعل شيء ما. نحن نعيش في فردوس زائف اذا كنت تعتقد ان هذه الاشياء ستوقف الارهاب".
ابرة في كومة قش
يدافع بعض المسؤولين عن قوانين مكافحة تمويل الارهاب منذ عام 2001، بالقول انه لولا تطبيق هذه الاجراءات لتمكنت القاعدة من الحصول على التمويل بيسر اكبر.
يقول مايكل جاندلر، والذي ترأس فريق الامم المتحدة الذي راقب التحويلات المالية الى القاعدة وحركة طالبان بين عامي 2001 و2004: "يجب ان لا تغرينا فكرة انه بسبب تناقص كلفة الهجمات، لم يكن هناك حاجة الى المال، او انه لم يكن متوفرا. لم تكن حاجتهم للمال من اجل بناء جهاز تفجير فقط. كانوا في حاجة الى المال من اجل اشياء اخرى: لدعم الشبكة والتجنيد والتدريب."
غير ان جاندلر اقر بان القاعدة والمتعاطفين معها قد تكيفوا، وانهم لا يواجهون الا مصاعب بسيطة في تمويل عملياتهم.
ويتحدث جاندلر، وهو ايضا ضابط سابق في الجيش البريطاني ودبلوماسي في الامم المتحدة، بشأن طالبان والخلايا في العراق وشمال افريقيا قائلا: "بدون ان نقلل من اهمية النجاح الذي تحقق لنا، فان المجاميع المرتبطة بالقاعدة او المتعاطفة معها تبدو مازالت قادرة على تنفيذ هجمات حينما يحزمون امرهم. انهم اما يمتلكون المال فعلا حينما يحتاجون اليه، او انهم لا يواجهون مشكلة في الحصول عليه".
يقول ضباط فرض القانون ان ضوابط تمويل الارهاب سهلت من التحقيقات حول الخلايا تحت المراقبة، او بعد حصول هجوم. فباقتفاء اثر المشتبه بهم ماليا، مهما كان صغيرا، امكن للتحقيقات ان ترسم خارطة لتحركاتهم وبالتالي تطوير مسارات جديدة للتحقيق.
لكن كليف كنوكلي، وهو رئيس محققين سابق في قضايا غسيل الاموال ضمن السكوتلنديارد يقول انه من الصعب استكشاف المخططات الارهابية الكامنة عن طريق مراقبة السيولة النقدية او التحويلات المصرفية، وهي الاساس للكثير من قوانين مكافحة تمويل الارهاب الحالية.
ويضيف قائلا: "انت تبحث عن ابرة في كومة قش، ولسوء الحظ فان لديك حقلا مليئا باكوام القش".
عن: الواشنطن بوست
لندن-منذ هجمات 11 ايلول تزايد تحول القاعدة الى خلايا محلية قادرة على القيام بعمليات ذات كلفة منخفضة للغاية، وتوفير السيولة النقدية من خلال عمليات النصب الاجرامية، متخطية اجراءات مراقبة التمويل التي اعدتها الولايات المتحدة واوربا. وعلى الرغم من القاعدة انفقت ما يقدر بخمسمئة الف دولار للتخطيط وتنفيذ هجمات 11 ايلول، الا ان عمليات التفجير والاعتداءات التي قامت بها هذه المجموعة منذ ذلك الحين في اوربا وشمال افريقيا وجنوب شرق اسيا تمت بكلف تبلغ معشار ذلك المبلغ، او اقل.واستنادا الى بعض المسؤولين الامريكيين والاوربيين، الذين يعملون في مجال مقارعة الارهاب، فان الكلف البخسة لتنفيذ العمليات هي دليل على ان الولايات المتحدة وحلفاءها قد اخطأوا من الاساس في حساباتهم بانهم قادرون على هزيمة شبكة الارهاب عن طريق اصطياد الممولين الاثرياء وتجميد الحسابات المصرفية.
وقد أخبر المتهمون، في المحاكمة الجارية لثمانية رجال متهمين في التخطيط لتفجير طائرة اثناء تحليقها، هيئة المحلفين كيف انهم اشتروا من الصيدليات مواد تستخدم في بناء قنبلة بكلفة تبلغ 15 دولارا للقطعة الواحدة.
وبالمثل، فان الخلية المسؤولة عن تفجير السابع من تموز عام 2005 الذي استهدف وسائط النقل في لندن احتاجت الى نحو 15 الف دولار لتمويل مجمل المؤامرة، بضمنها اجور تذاكر الطائرة الى الباكستان من اجل التشاور مع قادة القاعدة، بحسب تقارير بريطاني رسمية.
وتظهر التحقيقات حول بضعة عمليات تفجير جرت في اوروبا ان المنفذين كانوا من المعدمين، الا انهم تمكنوا من جمع اموال اكثر من المطلوب من خلال عمليات اجرامية مثل تجارة المخدرات وسرقة بطاقات الائتمان.
كما تبين الافادات التي ادلى بها المتهمون في قضية محاولة تفجير الطائرة انهم تمكنوا من جمع اموال كافية لشراء شقة في شمال شرق لندن بقيمة 260 ألف دولار قبل فترة وجيزة من اعتقالهم، بادعاء الحصول على مكان آمن لمزج المتفجرات السائلة المستخدمة في قنبلتهم.
وقد ترك احد المفجرين الانتحاريين في اعتداءات تموز 2005، وهو شاب يبلغ 22 سنة من العمر ويعمل بوقت مستقطع في محل لبيع الاسماك ورقائق البطاطا، ترك عقارا بقيمة 240 ألف دولار بعد ان فجر قطار الانفاق. ولم توضح السلطات او عائلته كيفية حصوله على هذا المبلغ من المال.
واستنادا الى وثائق محكمة اسبانية، فان الخلية التي نفذت تفجيرات القطارات في آذار 2004 بمدريد كانت بحاجة الى مبلغ 80 ألف دولار لتمويل العملية. وتبين الوثائق انهم تمكنوا من ادارة عمليات إتجار بالمخدرات تقدر بما يزيد على 2,3 مليون دولار من الحشيش والمخدرات غير القانونية الاخرى، والتي تمكنوا من بيعها لتوفير المزيد من الاموال.
حتى ان مختطفي الطائرات الذين نفذوا عمليات 11 ايلول تمكنوا من ارسال اموال الكترونيا تبلغ 26 ألف دولار كفائض تمويل الى منطقة الخليج الفارسي قبل ايام قليلة من الهجمات.
تقول السلطات ان من المستحيل عادة مراقبة جمع الاموال من قبل هذه الخلايا لانها-عموما-لا تحتفظ الا بالقيل منها في المصارف. فبدلا من تلقي الاموال الكترونيا او القيام بايداعات ضخمة تلفت الانتباه آليا، فانهم ينقلون الاموال النقدية عن طريق الاشخاص ويتكتمون في طريقة انفاقها.
يقول جين-لويس بروغويري، وهو قاض ٍ اقدم سابق في مجال مكافحة الارهاب في فرنسا، ويعمل حاليا كمستشار في الاتحاد الاوروبي لشؤون تمويل الارهاب: "لا تحتاج المجموعات العاملة في اوروبا الى اموال طائلة، حيث ان كلفة العمليات منخفضة جدا. الا انهم ماهرون في الحصول على الاموال واستخدام انظمة اجرامية لفعل ذلك. انهم قادرون على جمع الالاف والالاف من الدولارات او اليورو في بضعة اسابيع، الامر الذي يقع بعيدا عن سيطرتنا".
يقول ضباط فرض القانون في لندن ان خلايا القاعدة مدربون على التخطيط والعيش بابخس الاثمان. فهم يعيشون حياة زاهدة، محتفظين بوظيفتهم اليومية او معتمدين على عوائلهم لتغطية نفقاتهم. علاوة على ذلك، فقد تعلموا بناء قنابل قاتلة، الا انها بسيطة وغير باهظة الثمن. وقد اتبعت معظم العمليات الارهابية التي خطط لها في اوربا مقاربة بسيطة: متفجرات مصنوعة منزليا يتم حشوها في حقيبة الظهر او الاحذية او الحقائب او صناديق السيارات الخلفية.
الالتفاف على القانون
بعد مرور ثلاثين يوما على هجمات الحادي عشر من ايلول، اطلق الرئيس بوش التي سماها البيت الابيض فيما بعد "الضربة الاولى في الحرب على الارهاب". فقد وقـّع امرا تنفيذيا يقضي بتجميد اموال 27 شخصا ومجموعة مشتبه بهم بالارهاب، ويحرم على أي فرد عقد الصفقات التجارية معهم.
وقد قال الرئيس بوش في حديقة الزهور: "الاموال هي شريان الحياة للعمليات الارهابية. نحن نسأل العالم اليوم التوقف عن الدفع".
وبعد مضي شهر آخر، ذهب الكونغرس وبوش الى ابعد من ذلك من خلال تبني قانون الوطنية، والذي يطلب من المصارف تبليغ دائرة الخزينة عن اية عملية لتحويل للاموال بقيمة تزيد على عشرة الاف دولار من اجل تدقيق ما اذا وردت اسماء اي من المتعاملين ضمن قاعدة البيانات.
وبحلول كانون الاول من عام 2001، كانت الحكومة قد جمدت مبالغ تصل الى 33 مليون دولار ووسعت قائمتها السوداء التي تتضمن اسماء ممولي الارهاب لتشمل 153 اسما. فيما اعلن البيت البيض في تقرير لتقويم التقدم في الحرب على القاعدة انه: "لقد كسبت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب في جبهة التمويل".
غير ان هذه الاجراءات، في اية حال، قد فشلت في تجفيف منابع التمويل المتاحة الى القاعدة، ولم يكن لها أثرا محسوسا في منع الشبكة من تنفيذ الهجمات، حسبما اشار بعض ضباط مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة واوربا.
يقول الضباط والخبراء انه قبل 11 ايلول لم يستخدم افراد القاعدة النظم المصرفية بطريقة تثير الشبهات الا نادرا. بيد ان الشبكة اصبحت اكثر حرصا، استجابة منها للقوانين الجديدة الصادرة بشأن مكافحة تمويل الارهاب، معتمدين عند الحاجة على الاشخاص في حمل الاموال عبر الحدود، كما تقول السلطات.
يقول ابراهيم وردي، الاستاذ الملحق في جامعة تافتس والخبير في انظمة التمويل في البلدان الاسلامية، ان ادارة بوش وحلفاءها قد افترضوا بشكل خاطيء ان القاعدة كانت قد خبأت اموالا ضخمة في حسابات مصرفية سرية.
ويضيف قائلا: "وقد انطلقت عموم البيروقراطية المالية في عملية متابعة مشابهة لصيد البط البري. لم يكن هناك رابط على الاطلاق بين هذه المقاربة والحقيقة الكامنة في كيفية حصول الارهاب على التمويل".
يقول دينيس لورميل، وهو الرئيس السابق لقسم عمليات تمويل الارهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ان القوانين التي تم اقرارها منذ عام 2001 قد اغلقت بعض الفجوات، وعرفت نقاط الضعف التي سهلت على القاعدة جمع وتحويل الاموال.
لكنه يضيف ان الشبكة استجابت بسرعة. فخلاياها في اوربا والبلدان الاخرى اخذت تجمع الاموال بطريقتها الخاصة بدلا من الاعتماد على نظم التحويل المالي من مصادر خارجية، والتي يمكن لضباط فرض القانون تتبعها.
يقول لورميل، والذي يشغل منصب نائب الرئيس الاقدم لمجموعة ريسك العالمية، التي يقع مقرها في ريستون: "من الواضح انك اذا كنت تتعامل مع مجموعة ذات تمويل ذاتي، فانك تتعامل مع ظروف مختلفة عن تلك التي كانت موجودة حينما اقرت هذه القوانين".
ويضيف: " سوف يدرك الاشرار، بعد فترة من الزمن، ما نفعل، ومن ثم فانهم يغيرون الطريقة التي يقومون فيها بالاعمال. ومن الجلي انك لن تستطيع منعهم من الحصول على الاموال، وانهم سيكونون قادرين على التكيف".
طرق مبتكرة لتوفير التمويل
يقول المسؤولون ان خلايا القاعدة المكتفية ذاتيا في اوربا قد اصبحت خلاقة اكثر فاكثر في طرق توفير التمويل.
بعد تفجيرات الانفاق في لندن في تموز عام 2005، طرقت الشرطة باب مزارع يقوم بتربية الاغنام في اسكتلندا للسؤال عن صفقة ماشية تبين انها سيئة. وقد اكد المزارع، ويدعى بلير دوفتن، انه قد خسر اكثر من مئتي الف دولار عندما ارسل بضع شاحنات من الاغنام الى دار الذبح في مدينة ليدز، بانكلترا، ولكنه لم يتسلم ابدا ثمن الاغنام.
وقد تخصصت دار الذبح في اللحم الحلال، او الطعام الذي يُعد وفقا للشريعة الاسلامية. وقد اخبر المحققون دوفتن ان الشخص الذي نصب عليه في صفقة الاغنام هو شريك لـ(شاه زاد تنوير)، احد المفجرين الثلاثة، والذين عاشوا في ليدز.
وقد تذكر دوفتن تلك الحادثة في اتصال هاتفي قائلا: "كنت على وشك الافلاس. لم استطع تصديقهم حينما اخبروني ان ذلك ربما كان على علاقة بالارهاب".
لم تعلق الحكومة البريطانية علانية على عملية النصب الخاصة بالاغنام تلك، او بينت فيما اذا كان اي من العوائد قد استخدم في تنفيذ الهجمات. ويخضع ثلاثة رجال للمحاكمة في لندن تحت تهمة توفير الدعم الى المفجرين الانتحاريين.
وفي المانيا، فقد تم الحكم في كانون الاول بادانة ثلاثة رجال عرب بمحاولة توفير مبلغ 6,3 مليون دولار الى القاعدة عن طريق تزييف الموت بغرض صرف اقيام تسع بوليصات تأمين على الحياة. اما في سويسرا واسبانيا فقد تمكنت السلطات عام 2006 من اختراق خلية سرقت حواسيب وسيارات واثاث منزلي بقيمة مليوني دولار. وتقول الشرطة ان المجموعة باعت هذه المسروقات في السوق السوداء، وكان لهم اشخاص يحملون الاموال، بمقدار الفي دولار لكل منهم، الى عناصر القاعدة في الجزائر.
كما تم ضبط عمر خيام، احد قياديي القاعدة في بريطانيا، في شريط مراقبة وهو يحث بعض مفجري لندن الانتحاريين في تموز عام 2005 على خداع المصارف ومحال بيع المعدات عن طريق الامتناع عن دفع الديون التي تبلغ قيمتها اقل من 25 الف دولار.
وقد قال خيام ان الغرض من ذلك ليس جمع الاموال من اجل العمليات فحسب، وانما "لتحطيم اقتصاد البلد ايضا"، بحسب افادات الرجال الثلاثة المتهمين في توفير الدعم الى المفجرين في المحاكمة التي اجريت في نيسان.
وعملا بنصيحة خيام، فقد قام احد المفجرين بالحصول على قرض بقيمة 20 ألف دولار من مصرف (اتش اس بي سي) ثم امتنع عن الدفع. بينما قام آخر بتأمين مبلغ 14 الف دولار على شكل إئتمان من شركة لتجهيزات المباني.
يقول المسؤولون انه طالما كانت التحويلات المصرفية تتم بمقياس صغير فان المصارف او رجال الشرطة ليس لديهم الا القليل من الاسباب للظن بانها على علاقة بالارهاب.
يقول ستيفن سوين، الرئيس السابق لوحدة مكافحة الارهاب العالمي في سكوتلنديارد: "هذا هو دهاء هذه المناهج؛ ان تبقى تحت مستوى الرصد. يمكنهم، باستخدام هذه الطرق، توفير اموال كبيرة وبسرعة نسبيا، كما انه لا توجد طريقة حقيقية لاستكشافها".
اجراءات منع الارهاب بعد وقوع الهجمات
بعد اسابيع قليلة من هجمات 11 ايلول اعلن غولدن براون، وقد كان وزيرا للخزانة آنذاك، عن جهود رئيسه لـ"كسر الشفرة" الخاصة بتمويل الارهاب. وقال ان بريطانيا سوف تضغط على الاتحاد الاوروبي لاصطياد القاعدة عن طريق تفحص النظام المصرفي الدولي.
وقد قال براون، وهو الان رئيس وزراء بريطانيا: "اذا كان التعصب قلب الارهاب الحديث، فان التمويل هو شريان الحياة له."
وقال براون، في استجابة منه لتفجيرات لندن في تموز عام 2005، ان الحكومة سوف تجمد الحسابات المصرفية للمشتبه بهم وتضع المزيد من الضوابط على عمليات تحويل الاموال الدولية، حتى مع عدم وجود دليل على ان الخلية كانت تلقت اية اموال من مصادر خارجية. كما وعد بانه: "لن يكون هناك مخبأ لاولئك الذين يقدمون التمويل الى الارهاب".
واكد براون، بعد شهرين من كشف مؤامرة تفجير الطائرات العابرة للمحيط الاطلسي في آب 2008، ان المفتاح في محاربة الارهاب انما يكون من خلال اعتراض الحسابات المصرفية للقاعدة. وقال ان بريطانيا سوف تستخدم المعلومات الاستخبارية السرية لتجميد حسابات الاشخاص الذين يشتبه بعلاقتهم بالمجموعات الارهابية وانها سوف تمارس سيطرة اكبر على الجمعيات الخيرية الاسلامية.
وقال بروان، مكررا كلامه عام 2005: "سوف نتخذ الخطوات الضرورية وسوف نجد الموارد الضرورية للتأكد انه لن يكون في العراق او افغانسان او أي مكان آخر ملاذ آمن وانه لن يكون هناك مكان لاخفاء تمويل الارهاب".
وقد قامت بريطانيا بتجميد ودائع تعود الى 359 شخصا و126 منظمة يشتبه في مساعدتها للقاعدة، بحسب تقرير لوزارة الخزانة اصدر العام المنصرم. ويبين هذا التقرير ان مجموع الاموال المصادرة بلغ نحو مليوني دولار.
يقول ضباط بريطانيون سابقون في مجال مكافحة الارهاب، وآخرون مازالوا في الخدمة، ان الجهود الحكومية كان لها اقل تأثير من الناحية العملية. فعلى سبيل المثال، جمدت الحكومة البريطانيا حسابات 19 مشتبهاً به في مؤامرة عام 2006 التي استهدفت الطائرات العابرة للاطلسي، ولكن فقط بعد ان تم توقيفهم. يقول المسؤولون ان معظم هذه الحسابات لم تحتو ِ الا على ايداعات ضئيلة.
وقد اعلن المسؤولون البريطانيون، ضمن نفس التحقيقات، عن اجراء تحقيق في عمليات جمعية خيرية، تدعى (جمعية الهلال للاغاثة)، بادعاء انها وفرت اموالا للخلية. لكن القائمون على الجميعة الخيرية، التي تأسست لغوث الناجين من الزلزال في الباكستان، انكروا قيامهم باي فعل خاطيء.
غير انه بعد مرور عامين اظهرت المحاكمة عدم وجود أي دليل يربط جمعية الهلال للاغاثة بالمتهمين. ويقول الناطق باسم مفوضية الجمعيات الخيرية البريطانية، وهي التي تقوم بتنظيم اعمال المنظمات غير النفعية، ان التحقيقات مازالت مستمرة، ولكنه رفض اعطاء المزيد من التعليقات.
يقول سوين، الضابط السابق في قسم مكافحة الارهاب في سكوتلنديارد، ان السياسيين عادة ما يعلنون قوانين اكثر حزما لمكافحة تمويل الارهاب بعد حصول هجوم، كاجراء علاقات عامة. لكنه يقول انهم لا يعملون واقع الامر الا القليل فيما يخص منع الارهاب.
ويستطرد سوين: "اعتقد ان هناك ادراكا ان تأثيرهم ليس كبيرا. لكنهم يريدون ان يظهروا على انهم يعملون شيئا لطمأنة العامة انهم يقومون بفعل شيء ما. نحن نعيش في فردوس زائف اذا كنت تعتقد ان هذه الاشياء ستوقف الارهاب".
ابرة في كومة قش
يدافع بعض المسؤولين عن قوانين مكافحة تمويل الارهاب منذ عام 2001، بالقول انه لولا تطبيق هذه الاجراءات لتمكنت القاعدة من الحصول على التمويل بيسر اكبر.
يقول مايكل جاندلر، والذي ترأس فريق الامم المتحدة الذي راقب التحويلات المالية الى القاعدة وحركة طالبان بين عامي 2001 و2004: "يجب ان لا تغرينا فكرة انه بسبب تناقص كلفة الهجمات، لم يكن هناك حاجة الى المال، او انه لم يكن متوفرا. لم تكن حاجتهم للمال من اجل بناء جهاز تفجير فقط. كانوا في حاجة الى المال من اجل اشياء اخرى: لدعم الشبكة والتجنيد والتدريب."
غير ان جاندلر اقر بان القاعدة والمتعاطفين معها قد تكيفوا، وانهم لا يواجهون الا مصاعب بسيطة في تمويل عملياتهم.
ويتحدث جاندلر، وهو ايضا ضابط سابق في الجيش البريطاني ودبلوماسي في الامم المتحدة، بشأن طالبان والخلايا في العراق وشمال افريقيا قائلا: "بدون ان نقلل من اهمية النجاح الذي تحقق لنا، فان المجاميع المرتبطة بالقاعدة او المتعاطفة معها تبدو مازالت قادرة على تنفيذ هجمات حينما يحزمون امرهم. انهم اما يمتلكون المال فعلا حينما يحتاجون اليه، او انهم لا يواجهون مشكلة في الحصول عليه".
يقول ضباط فرض القانون ان ضوابط تمويل الارهاب سهلت من التحقيقات حول الخلايا تحت المراقبة، او بعد حصول هجوم. فباقتفاء اثر المشتبه بهم ماليا، مهما كان صغيرا، امكن للتحقيقات ان ترسم خارطة لتحركاتهم وبالتالي تطوير مسارات جديدة للتحقيق.
لكن كليف كنوكلي، وهو رئيس محققين سابق في قضايا غسيل الاموال ضمن السكوتلنديارد يقول انه من الصعب استكشاف المخططات الارهابية الكامنة عن طريق مراقبة السيولة النقدية او التحويلات المصرفية، وهي الاساس للكثير من قوانين مكافحة تمويل الارهاب الحالية.
ويضيف قائلا: "انت تبحث عن ابرة في كومة قش، ولسوء الحظ فان لديك حقلا مليئا باكوام القش".
بوتين يرى أن الولايات المتحدة حرّضت على صدامات جورجيا
ترجمة: علاء غزالة
عن: النيويورك تايمز
موسكو – بينما تحاول روسيا ان تستجلب الدعم الدولي لعمليتها العسكرية في جورجيا، فقد وجه فلاديمير بوتين، القائد السياسي المهيمن في البلاد، انتقادات شديدة الى الولايات المتحدة مدعيا ان البيت الابيض ربما خطط ونظم الصراع لمصلحة احد المرشحين الرئاسيين في الانتخابات الامريكية. وجاءت تعليقات بوتين، في لقاء تلفزيوني هو الاكثر تفصيلا حتى هذا اليوم حول قرار روسيا ارسال القوات الى جورجيا في بداية آب، لتظهر ان العملية العسكرية لم تكن الا استجابة الى استفزاز مفضوح من طراز الحرب الباردة من قبل الولايات المتحدة. وقال بنبرة بدت غاضبة تارة ومزعجة طورا، ان ادارة بوش ربما حاولت ان تخلق ازمة من شأنها ان تؤثر على الناخبين الاميركيين في اختيار خليفة بوش.
وقال بوتين في لقاء مع محطة سي ان ان: "ربما تدور الشبهات بان احدا ما في الولايات المتحدة قد خلق هذا الصراع عن عمد من اجل خلط الاوضاع واعطاء فائدة الى احد المرشحين المتنافسين في السباق نحو رئاسة الولايات المتحدة".
وقد اضاف: "كانوا بحاجة الى حرب صغيرة ينتصرون فيها".
لم يحدد بوتين أياً من المرشحين كان يقصد، الا انه لاشك في انه كان يشير الى السيناتور الجمهوري جون مكين. ويعد مكين من المكروهين في الكرملين بسبب علاقته الوثيقة بالرئيس الجورجي، ميكائيل ساكاشفيلي، كما انه دعا الى فرض عقوبات قاسية على روسيا، تتضمن طردها من عضوية مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى.
ولم يقدم السيد بوتين الا دليلا ضئيلا لدعم ادعائه، بينما وصف البيت الابيض تعليقاته بالسخيفة. لكنهم شددوا على عمق الخلاف بين موسكو وواشنطن بشأن ازمة جورجيا، والتي اشتعلت عندما حاول الجيش الجورجي استعادة المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون المتحالفون مع روسيا. كما انهم اقترحوا ايضا ان لدى القائد الروسي مخاوف عميقة من احتمالية ان يصبح مكين رئيسا، مع ما عرف عنه بشكل واسع بانه منحاز بقوة ضد روسيا.
في الربيع الماضي، عقد بوتين، وقد كان رئيسا في ذلك الوقت، لقاء قمة مع بوش، عبر فيه الاثنان عن مشاعر شخصية لكل منهما الاخر، وسعيا من اجل تخفيف التوتر في علاقاتهما الثنائية.
وقد كانت روسيا تجهد في اقناع دول العالم ان تدعم العمليات في جورجيا. وقد رفضت الصين، واربع دول اخرى كانت مجتمعة مع روسيا ضمن مؤتمر القمة السنوي لمنظمة شنغهاي للتعاون، وهو حلف امني، رفضت دعم العمليات العسكرية في جورجيا، في بيان مشترك صادر عنها.
وجاءت تعليقات بوتين في المقابلة بعد ان تحدث صنيعته الرئيس ديتمري ميدفيديف، الى عدة وكالات انباء اجنبية هذا الاسبوع كجزء من حملة منسقة يقوم بها الكرملين لمعارضة حملة العلاقات العامة التي تقوم بها جورجيا في الصحافة الدولية. لكن نبرة ميدفيديف كانت اقل حدة برغم انه انتقد الغرب.
كما قال بوتين، وهو الان رئيس الوزراء، ان مسؤولي وزارة الدفاع الروسية يعتقدون ان مواطني الولايات المتحدة كانوا يساندون الجيش الجورجي في هذا الصراع، حينما هاجمت المناطق الانفصالية في جورجيا.
واضاف: "حتى في اثناء الحرب الباردة، تلك الاوقات التي شهدت مواجهات قاسية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، فقد كنا دائما نتجنب الصدامات المباشرة بين مواطنينا، تاركين المسؤولين يتولون الامر على عاتقهم. لدينا اسباب جدية للاعتقاد ان المواطنين الاميركيين كانوا حاضرين في منطقة القتال مباشرة".
واستطرد بوتين قائلا: "اذا تأكدت هذه الحقائق، من ان المواطنين الاميركيين كانوا موجودين في ساحة القتال، فان لذلك معنى واحد: انهم كانوا هناك فقط بناء على تعليمات مباشرة من قادتهم. واذا كان الامر كذلك، فان ذلك يعني ان المواطنين الاميركيين، كانوا في ساحة المعركة، وانهم كانوا يؤدون واجباتهم، وانهم انما كانوا يقومون بذلك بناء على اوامر مباشرة من زعمائهم، وليس بمبادرة من عندهم".
اما في واشنطن، فقد رفضت المتحدثة باسم البيت الابيض، دانا برينو، تعليقات بوتين، قائلة: "ان القول بان الولايات المتحدة نسقت هذا الامر لصالح احد المرشحين انما يبدو غير عقلاني".
واضافت: "كما يبدو ان مسؤولي الدفاع لديه، والذين اخبروه انهم يعتقدون ان ذلك صحيح، انما كانوا يقدمون له مشورة سيئة جدا".
وكان احد كبار ضباط وزارة الدفاع الروسي، الفريق اناتولي نوغوفيتسين، قد قال في مؤتمر صحفي عقد في موسكو ان القوات الروسية عثرت على جواز سفر امريكي في انقاض بناية قرب تسكينفالي، عاصمة اوسيتيا الجنوبية. واضاف ان الموقع سبق وان احتلته قوات وزارة الداخلية الجورجية.
واستطرد الفريق ناغوفيتسن قائلا، وهو يلوح بما يقول انه نسخة ملونة لجواز السفر: "ما كانت غاية هذا الشخص من وجوده بين القوات الخاصة، وما الذي يفعله اليوم، لا اجد اجابة حتى الان". كما قال ان بعض اعضاء الوحدات الجورجية قد قتلوا وان البناية قد دمرت.
حينما نشبت الحرب، كان هناك قرابة 130 مدرباً عسكرياً من الولايات المتحدة يتهيئون للخدمة في العراق. وقالت السفارة الامريكية في تبليسي ان هؤلاء المدربين ليسوا متورطين في القتال، وبقي منهم 100 عنصر للمساعدة في تقديم المعونات الى جورجيا والتي بدأت تتوافد عبر الطائرات والسفن.
وقال الفريق نوغوفيتسين ان جواز السفر كان باسم مايكل لي وايت من تكساس، ولكن لم يعطِ اية معلومات فيما اذا كان الروس يعتقدون انه كان عنصرا في الجيش الامريكي. واخبرت سفارة الولايات الامريكية في جورجيا وكالة الانباء استوشيتدبرس انها لاتملك اية معلومات عن هذا الامر.
وقال بوتين في مقابلته مع الـ(سي ان ن) ان الروس اعتقدوا ان تقوم الولايات المتحدة بمنع جورجيا من مهاجمة جنوب اوسيتا، لكنه يرى الان ان ادارة بوش شجعت ساكاشفيلي على ارسال قواته العسكرية هناك.
واضاف بوتين: "قام الجانب الامريكي في الواقع بتجهيز وتدريب الجيش الجورجي. لماذا يتوجب الخوض في سنوات من المحادثات الصعبة والبحث عن حلول عبر مساومات معقدة لصراع عرقي؟ من الاسهل ان يتم تسليح احد الفريقين ودفعه لقتل الطرف الاخر، ثم ينتهي الامر. يبدو ذلك حلا سهلا. على انه اتضح ان الامور لاتجري دائما هكذا ".
وقد تحول الصراع في جورجيا الى علامة دالة في الانتخابات الرئاسية الاميركية، حيث يقوم السناتور مكين بمهاجمة الذين يسميهم بـ"الانتقاميين الروس"، ومؤكدا انه مؤهل لخوض مثل هذه الازمات بما يفوق كثيرا المرشح الديمقراطي، السيناتور باراك اوباما.
وتربط مكين علاقة صداقة طويلة مع ساكاشفيلي، الذي كان قال انه يتحدث الى مكين باستمرار. وقد عمل كبير مستشاري مكين للسياسة الخارجية، راندي شيونمان، كأحد الدعاة لصالح الحكومة الجورجية، كما سافرت سيندي، زوجة مكين، الى العاصمة الجورجية تبليسي في الاسبوع الماضي في مهمة لتقديم مساعدات انسانية.
ان جميع هذه الروابط، اذا ضمت الى انتقادات مكين لروسيا، قد ادت الى ان يكسب نوعا من الكراهية في موسكو. وحينما مرر البرلمان قرارا في الاسبوع الماضي يحث الحكومة الروسية على الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين، لم يكتف المشرعون بالاشادة بشجاعة جنوب اوسيتيا، ولكن ايضا بتوجيه بعض الشتائم الى مكين.
عن: النيويورك تايمز
موسكو – بينما تحاول روسيا ان تستجلب الدعم الدولي لعمليتها العسكرية في جورجيا، فقد وجه فلاديمير بوتين، القائد السياسي المهيمن في البلاد، انتقادات شديدة الى الولايات المتحدة مدعيا ان البيت الابيض ربما خطط ونظم الصراع لمصلحة احد المرشحين الرئاسيين في الانتخابات الامريكية. وجاءت تعليقات بوتين، في لقاء تلفزيوني هو الاكثر تفصيلا حتى هذا اليوم حول قرار روسيا ارسال القوات الى جورجيا في بداية آب، لتظهر ان العملية العسكرية لم تكن الا استجابة الى استفزاز مفضوح من طراز الحرب الباردة من قبل الولايات المتحدة. وقال بنبرة بدت غاضبة تارة ومزعجة طورا، ان ادارة بوش ربما حاولت ان تخلق ازمة من شأنها ان تؤثر على الناخبين الاميركيين في اختيار خليفة بوش.
وقال بوتين في لقاء مع محطة سي ان ان: "ربما تدور الشبهات بان احدا ما في الولايات المتحدة قد خلق هذا الصراع عن عمد من اجل خلط الاوضاع واعطاء فائدة الى احد المرشحين المتنافسين في السباق نحو رئاسة الولايات المتحدة".
وقد اضاف: "كانوا بحاجة الى حرب صغيرة ينتصرون فيها".
لم يحدد بوتين أياً من المرشحين كان يقصد، الا انه لاشك في انه كان يشير الى السيناتور الجمهوري جون مكين. ويعد مكين من المكروهين في الكرملين بسبب علاقته الوثيقة بالرئيس الجورجي، ميكائيل ساكاشفيلي، كما انه دعا الى فرض عقوبات قاسية على روسيا، تتضمن طردها من عضوية مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى.
ولم يقدم السيد بوتين الا دليلا ضئيلا لدعم ادعائه، بينما وصف البيت الابيض تعليقاته بالسخيفة. لكنهم شددوا على عمق الخلاف بين موسكو وواشنطن بشأن ازمة جورجيا، والتي اشتعلت عندما حاول الجيش الجورجي استعادة المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون المتحالفون مع روسيا. كما انهم اقترحوا ايضا ان لدى القائد الروسي مخاوف عميقة من احتمالية ان يصبح مكين رئيسا، مع ما عرف عنه بشكل واسع بانه منحاز بقوة ضد روسيا.
في الربيع الماضي، عقد بوتين، وقد كان رئيسا في ذلك الوقت، لقاء قمة مع بوش، عبر فيه الاثنان عن مشاعر شخصية لكل منهما الاخر، وسعيا من اجل تخفيف التوتر في علاقاتهما الثنائية.
وقد كانت روسيا تجهد في اقناع دول العالم ان تدعم العمليات في جورجيا. وقد رفضت الصين، واربع دول اخرى كانت مجتمعة مع روسيا ضمن مؤتمر القمة السنوي لمنظمة شنغهاي للتعاون، وهو حلف امني، رفضت دعم العمليات العسكرية في جورجيا، في بيان مشترك صادر عنها.
وجاءت تعليقات بوتين في المقابلة بعد ان تحدث صنيعته الرئيس ديتمري ميدفيديف، الى عدة وكالات انباء اجنبية هذا الاسبوع كجزء من حملة منسقة يقوم بها الكرملين لمعارضة حملة العلاقات العامة التي تقوم بها جورجيا في الصحافة الدولية. لكن نبرة ميدفيديف كانت اقل حدة برغم انه انتقد الغرب.
كما قال بوتين، وهو الان رئيس الوزراء، ان مسؤولي وزارة الدفاع الروسية يعتقدون ان مواطني الولايات المتحدة كانوا يساندون الجيش الجورجي في هذا الصراع، حينما هاجمت المناطق الانفصالية في جورجيا.
واضاف: "حتى في اثناء الحرب الباردة، تلك الاوقات التي شهدت مواجهات قاسية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، فقد كنا دائما نتجنب الصدامات المباشرة بين مواطنينا، تاركين المسؤولين يتولون الامر على عاتقهم. لدينا اسباب جدية للاعتقاد ان المواطنين الاميركيين كانوا حاضرين في منطقة القتال مباشرة".
واستطرد بوتين قائلا: "اذا تأكدت هذه الحقائق، من ان المواطنين الاميركيين كانوا موجودين في ساحة القتال، فان لذلك معنى واحد: انهم كانوا هناك فقط بناء على تعليمات مباشرة من قادتهم. واذا كان الامر كذلك، فان ذلك يعني ان المواطنين الاميركيين، كانوا في ساحة المعركة، وانهم كانوا يؤدون واجباتهم، وانهم انما كانوا يقومون بذلك بناء على اوامر مباشرة من زعمائهم، وليس بمبادرة من عندهم".
اما في واشنطن، فقد رفضت المتحدثة باسم البيت الابيض، دانا برينو، تعليقات بوتين، قائلة: "ان القول بان الولايات المتحدة نسقت هذا الامر لصالح احد المرشحين انما يبدو غير عقلاني".
واضافت: "كما يبدو ان مسؤولي الدفاع لديه، والذين اخبروه انهم يعتقدون ان ذلك صحيح، انما كانوا يقدمون له مشورة سيئة جدا".
وكان احد كبار ضباط وزارة الدفاع الروسي، الفريق اناتولي نوغوفيتسين، قد قال في مؤتمر صحفي عقد في موسكو ان القوات الروسية عثرت على جواز سفر امريكي في انقاض بناية قرب تسكينفالي، عاصمة اوسيتيا الجنوبية. واضاف ان الموقع سبق وان احتلته قوات وزارة الداخلية الجورجية.
واستطرد الفريق ناغوفيتسن قائلا، وهو يلوح بما يقول انه نسخة ملونة لجواز السفر: "ما كانت غاية هذا الشخص من وجوده بين القوات الخاصة، وما الذي يفعله اليوم، لا اجد اجابة حتى الان". كما قال ان بعض اعضاء الوحدات الجورجية قد قتلوا وان البناية قد دمرت.
حينما نشبت الحرب، كان هناك قرابة 130 مدرباً عسكرياً من الولايات المتحدة يتهيئون للخدمة في العراق. وقالت السفارة الامريكية في تبليسي ان هؤلاء المدربين ليسوا متورطين في القتال، وبقي منهم 100 عنصر للمساعدة في تقديم المعونات الى جورجيا والتي بدأت تتوافد عبر الطائرات والسفن.
وقال الفريق نوغوفيتسين ان جواز السفر كان باسم مايكل لي وايت من تكساس، ولكن لم يعطِ اية معلومات فيما اذا كان الروس يعتقدون انه كان عنصرا في الجيش الامريكي. واخبرت سفارة الولايات الامريكية في جورجيا وكالة الانباء استوشيتدبرس انها لاتملك اية معلومات عن هذا الامر.
وقال بوتين في مقابلته مع الـ(سي ان ن) ان الروس اعتقدوا ان تقوم الولايات المتحدة بمنع جورجيا من مهاجمة جنوب اوسيتا، لكنه يرى الان ان ادارة بوش شجعت ساكاشفيلي على ارسال قواته العسكرية هناك.
واضاف بوتين: "قام الجانب الامريكي في الواقع بتجهيز وتدريب الجيش الجورجي. لماذا يتوجب الخوض في سنوات من المحادثات الصعبة والبحث عن حلول عبر مساومات معقدة لصراع عرقي؟ من الاسهل ان يتم تسليح احد الفريقين ودفعه لقتل الطرف الاخر، ثم ينتهي الامر. يبدو ذلك حلا سهلا. على انه اتضح ان الامور لاتجري دائما هكذا ".
وقد تحول الصراع في جورجيا الى علامة دالة في الانتخابات الرئاسية الاميركية، حيث يقوم السناتور مكين بمهاجمة الذين يسميهم بـ"الانتقاميين الروس"، ومؤكدا انه مؤهل لخوض مثل هذه الازمات بما يفوق كثيرا المرشح الديمقراطي، السيناتور باراك اوباما.
وتربط مكين علاقة صداقة طويلة مع ساكاشفيلي، الذي كان قال انه يتحدث الى مكين باستمرار. وقد عمل كبير مستشاري مكين للسياسة الخارجية، راندي شيونمان، كأحد الدعاة لصالح الحكومة الجورجية، كما سافرت سيندي، زوجة مكين، الى العاصمة الجورجية تبليسي في الاسبوع الماضي في مهمة لتقديم مساعدات انسانية.
ان جميع هذه الروابط، اذا ضمت الى انتقادات مكين لروسيا، قد ادت الى ان يكسب نوعا من الكراهية في موسكو. وحينما مرر البرلمان قرارا في الاسبوع الماضي يحث الحكومة الروسية على الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين، لم يكتف المشرعون بالاشادة بشجاعة جنوب اوسيتيا، ولكن ايضا بتوجيه بعض الشتائم الى مكين.
Subscribe to:
Posts (Atom)