اضغط لقراءة المقال في نيويورك تايمز بالانكليزية
كتب ديفيد كيركباتريك في صحيفة نيويورك تايمز بعددها الصادر في 28 ديسمبر 2013 تقريرا موسعا عن احداث بنغازي وتداعياتها، وقسمه الى ستة فصول هي: الاشارات التحذيرية، القائد، السفير، الشرارة، الهرج والمرج، التداعيات.
ترجمة: علاء خالد غزالة
الفصل السادس: التداعيات
وعد السيد اوباما بعد الهجوم بالقصاص. فقد قال في
خطاب متلفز من واشنطن صبيحة يوم 12 سبتمبر: "سوف لن نتنازل عن التزامنا
بتحقيق العدالة في هذا الفعل الرهيب. ويجب ان لا تخطيء في ان العدالة سوف
تتحقق."
لكن اكثر النقاش الذي جري في واشنطن حول بنغازي
كان يتمحور على التصريح الذي أُطلق بعد اربعة ايام من قبل السيدة رايس، التي كانت
سفيرة الولايات المتحدة الى الامم المتحدة.
فقد قالت لبرنامج "واجه الصحافة" الذي
تبثه قناة سي بي اس: "ان ما حدث في بنغازي كان في الواقع رد فعل عفوي لما
انبثق قبل ساعات في القاهرة. لقد كان نسخا مطابقا تقريبا للمظاهرات التي خرجت ضد
بعثتنا في القاهرة، والتي حفزها الفيديو."
وجادل الجمهوريون، منقضين على هذا التصريح
باعتباره كاذبا، بان ادارة اوباما كانت تحاول التغطية على دور القاعدة. وقال النائب
مايك روجرز، الجمهوري من ميشيغان والذي يرأس لجنة مجلس النواب للاستخبارات، الشهر
الماضي لمحطة فوكس نيوز: "انه لمن الواضح للأشخاص الذي كانوا هناك ان ذلك كان
حدثا قادته القاعدة."
واضاف: "لقد كان هذا حدثا ارهابيا منظما
ومسبق التخطيط. اما الفيديو، فقد اتضح زيف ذلك الادعاء المرة تلو الاخرى."
لكن حجة الجمهوريين تبدو انها تخلط بين المنظمات
المتطرفة المحلية، مثل انصار الشريعة، وبين شبكة القاعدة الدولية الارهابية. ان
المعلومة الاستخبارية الوحيدة التي تربط بين القاعدة وهذا الهجوم هو مكالمة هاتفية
مُتعرضة أُجريت تلك الليلة من قبل احد المشاركين في الموجة الاولى من الهجمات الى
صديق في بلد افريقي آخر لديه صلات بأعضاء من القاعدة، استنادا الى بعض المسؤولين
المطلعين على تلك المكالمة. ويقول هؤلاء المسؤولون ان الصديق صُعق عندما سمع
بتفاخر المهاجم، مما يشير انه لم تكن لديه معرفة سابقة بالاعتداء.
وكانت لدى القاعدة مشاكلها الخاصة بما يتعلق
بالفوضى في ليبيا. فبعد ثلاثة اسابيع من الهجوم، في 3 اكتوبر 2012، ارسل قادة
المجموعة الاقليمية المنضوية تحت القاعدة، والمسماة القاعدة في المغرب [الاسلامي]،
رسالة الى احد المساعدين حول الجهود المبذولة لفتح منطقة جديدة. وقال القائد انه
ارسل اربعة فرق لمحاولة تأسيس موضع قدم في ليبيا. لكن من بين هذه الفرق الاربع،
تمكن اثنان فقط في الصحراء الجنوبية "من دخول المناطق الليبية ووضع حجر
الاساس هناك"، حسبما ذكرت الرسالة.
وتم الحصول على الرسالة، التي تركتها المجموعة
وراءها عندما فرّت من القوات الفرنسية في مالي، ونشرها من قبل الاستوشيتدبرس. وقد أحصت
اعمال الارهاب "المذهلة" التي حققتها المجموعة في انحاء المنطقة، لكنها
لم تذكر بنغازي او اي هجوم في ليبيا.
وبعد اكثر من عام، يبدو ان المجموعة قد لاقت نجاحا
اكثر. يقول الاشخاص المطلعون على الاستخبارات الاميركية ان المجاميع الاقليمية قد
أسست وجودها في درنه.
من جهة أخرى، في الايام التالية لبنغازي، كان
السيد ابو ختالة ما يزال يقوم بعمله في مواقع البناء ويتحرك بيسر في انحاء
المدينة، حتى انه يسخر من النقاش السياسي الاميركي حول موت السفير. وقال في
مقابلة: "هناك دائما نفس الفريقين، ولكن ما يتغير هو الكرة. انهم يضحكون على
شعبهم."
واعترف السيد ابو ختالة، في مقابلة اجريت من على
شرفة فندق في بنغازي بعد ثلاثة اسابيع من الهجوم، انه كان في مشهد الحدث. ولكنه
قال انه توقف قرب مقر البعثة تلك الليلة فقط لفض ازدحام مروري. وقال انه غادر بعد
ذلك، وعاد لاحقا للمساعدة في انقاذ الحراس الليبيين الذين سمع بانهم علقوا في
الداخل.
ولكنه لا يكاد يخفي تعاطفه مع المهاجمين. ففي
الوقت الذي نعى كل شخص آخر في بنغازي السيد ستيفنز باعتباره صديقا للثورة، لم
تتحرك مشاعر السيد ابو ختالة لموته، قائلا ببرود: "لم اكن اعرفه."
كما انه
اقترح ان يكون الفيديو المسيء للنبي محمد ربما يكون تبريرا كافيا لمقتل اربعة
اميركيين. وقال: "من وجهة النظر الدينية، انه لمن الصعب القول فيما اذا كان
ذلك حسنا ام قبيحا."
غير ان المحققين الاميركيين ركزوا على السيد ابو
ختالة في الاسابيع اللاحقة، بالاضافة الى قادة المليشيات الآخرين المقربين منه.
وعرض السيد برغاثي والسيد بن حامد حجة غياب له،
معارضين الكثير من الشهود. وقال السيد برغاثي انه تلقى مكالمة من السيد ابو ختالة
بعد بدء الهجوم بدا فيها السيد ابو ختالة متفاجئا بالاخبار الواردة.
وقال السيد بن حامد، الذي تم اخباره بان السيد ابو
ختالة قد أعطى اسمه على انه شاهد موثوق، بانهما وقفا معا خارج المجمع لانه بدا ان
الدخول اليه سيكون خطرا جدا.
وقال السيد بن حامد، في مقابلة أُجريت الربيع
الماضي، انه قرر ان يعين السيد ابو ختالة قاضيا محليا لشؤون العقار، محملا اياه
مسؤولية فض النزاعات المتعلقة بالملكية.
وقال السيد بن حامد : "لقد كان سعيدا بذلك.
انه ماهر في هذا. انه شخص مخلص. الناس يحترموه."
ويصر اسلاميون آخرون في بنغازي، بشكل غريب وبدون
اي دليل، على انهم يشتبهون بان السي آي أيه هي من قتلت السفير.
واعلن قادة انصار الشريعة، المجموعة الاسلامية
المتشددة المتحالفة مع السيد ابو ختالة، في بيان تُلي مع من على شاشة التلفاز في
صبيحة اليوم التالي للهجوم، انهم لم يشاركوا فيه. ولكنهم صرحوا بان الهجوم لم يكن
الا استجابة للفيديو. كما انهم يصرون على ان "مظاهرة سلمية" قد
"تصاعدت إثر اطلاق رصاص جاء من القنصلية، والذي أدى الى موت السفير
اختناقا."
وقام قادة المليشيات المحلية، وحتى مسؤولون
منتخبون، باحتضان انصار الشريعة، كما فعلوا مع السيد ابو ختالة. والتقى يوسف
المنقوش، رئيس اركان الجيش الليبي، مع قادة المجموعة لتأكيد الصلات الحميمة. يقول
ابراهيم البرغاثي، رئيس كتيبة الامن الوقائي والذي رتب لذلك الاجتماع: "لدى
المنقوش انطباع جيد جدا عنهم."
تُركز انصار الشريعة على الاعمال الخيرة، ومن
ضمنها الحملة لمكافحة المخدرات برعاية شركة محلية، والتقاط النفايات اثناء اضراب
عمال النظافة، وتقديم الرُقى لطرد الارواح الشريرة من الاشخاص الذين أُبتلوا بها.
يقول السيد برغاثي: "انهم مثل (بوي سكوتز).
انهم يدعمون كل ما يدعو الى الخير."
مع حلول الصيف الماضي، أجرى محققو الولايات
المتحدة المئات من المقابلات مع الشهود، كما انهم وجهوا طلبا رسميا الى الحكومة
الليبية لاعتقال السيد ابو ختالة، بالاضافة الى عشرات آخرين مطلوبين للاستجواب.
وأعد جيش الولايات المتحدة خطة لاعتقاله ينفذها بنفسه، بانتظار موافقة الرئيس
[الاميركي]، حسب المسؤولين. ولكن الادارة تراجعت، مخافة ان يؤدي عمل منفرد تقوم به
القوات العسكرية الاميركية الى ارتدادات من شأنها ان تحط من شأن الحكومة الليبية
الهشة.
من ناحية ثانية، فان العنف بين المجاميع المحلية
قد شتت المليشيات. فقد خاضعت انصار الشريعة، هذا الخريف، معارك بالأسلحة النارية
مع الوحدات العسكرية التي تخلت عنها، مما تسبب في مقتل ما لا يقل عن تسعة اشخاص.
وأحرق مناوئو انصار الشريعة مقرهم، وفجروا عيادتهم، وأُجبر مقاتلوهم على الاختباء.
ويتم القاء اللوم على هؤلاء المقاتلين، بشكل واسع،
في التفجيرات التي دمرت جميع مراكز الشرطة بالمدينة فيما يبدو، بالاضافة الى
التفجيرات وحوادث الاغتيال التي تستهدف الوحدات التي برأت منها.
وما ان شاعت شائعة بان عصبة من الساعين للانتقام
من السيد ابو ختالة تهدد بملاحقته حتى هبّ العشرات من جيرانه للدفاع عنه في مشهد
يُذكّر بشارع فنيزيا ليلة الهجوم. وسارع المقاتلون باقامة نقاط سيطرة على الطرق
المحيطة بمنزله، وحملوا اسلحتهم الكلاشنكوف، ومدافع اطلاق الهاون، والمدفعية
المحمولة على الشاحنات، وحتى الدبابات. وبعضهم جاء بالشاحنات المملوكة للحكومة.
يقول السيد غرابي ان رئيس الوزراء الليبي، تحت ضغط
من الاميركيين، قد طلب من قائد الجيش في بنغازي للمساعدة في القاء القبض على السيد
ابو ختالة.
ولكن السيد غرابي يقول ان القائد رد عليه بالقول:
"ستكون محظوظا ان لم يلق [ابو ختالة] القبض عليك [على رئيس الوزراء]."