Saturday, September 06, 2014

المزيج القاتل في بنغازي- الفصل الرابع: الشرارة أُوقدت

اضغط لقراءة المقال في نيويورك تايمز بالانكليزية

كتب ديفيد كيركباتريك في صحيفة نيويورك تايمز بعددها الصادر في 28 ديسمبر 2013 تقريرا موسعا عن احداث بنغازي وتداعياتها، وقسمه الى ستة فصول هي: الاشارات التحذيرية، القائد، السفير، الشرارة، الهرج والمرج، التداعيات.



ترجمة: علاء خالد غزالة


الفصل الرابع: الشرارة أُوقدت


"براءة المسلمين" هي خلاصة اعلان عن فيلم تم اعداده عن اساءة معاملة المسلمين في مصر المعاصرة. لكنه تضمن استرجاعات تاريخية فاجرة سخرت من النبي محمد. وقام احدهم بدبلجته الى العربية في سبتمبر 2012، ثم عمدت صحيفة في القاهرة الى تضخيم هذا الخبر من خلال تقرير مفاده ان واعظ فلوريدا الشهير بحرقه للقرآن كان يخطط لعرض الفيلم في الذكرى الحادية عشرة لهجمات 11 سبتمبر 2001 الارهابية.

ثم قام خطيب اسلامي ذو شعبية باشعال الشرارة عن طريق تمرير المقاطع الاعلانية خلال غربال قناة الناس، القناة الفضائية الاكثر تحفظا. ورفع الدبلوماسيون الاميركيون في القاهرة التحذير الى واشنطن حول التداعيات المتصاعدة، وبضمنها الدعوة الى التظاهر امام السفارة.
ولم يبلغ احدٌ الدبلوماسيين في ليبيا بذلك الامر. لكن الاسلاميين في بنغازي كانوا يراقبون. لقد كانت القنوات التلفازية مثل قناتي الناس والرحمة متاحة بشكل واسع في بنغازي. يقول احد الشباب الاسلاميين في بنغازي، والذي انقلب الى المجمع اثناء الهجوم، طالبا عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام: "انها القناة التي تشاهدها نهار الجمعة"، وهو اليوم الشهير للصلاة.
وبحلول يوم 9 سبتمبر شجبت الفلم صفحة فيسبوك ذات شعبية في شرقي ليبيا. وفي صبيحة يوم 11 سبتمبر، وضع النشطاء السياسيون، حتى العلمانيون منهم، دعوات على الانترنت تنادي للتظاهر في يوم الجمعة، بعد ثلاثة ايام.
شهد حسين ابو حميدة، قائد شرطة بنغازي غير الرسمية بالوكالة، تصاعدا للسخط وخشي ان تحدث اعمال عنف ضد المصالح الغربية. وتداول مع عبد السلام البرغاثي، من كتيبة الامن الوقائي، وهي مليشيا اسلامية ذائعة الصيت، حيث تشاور كل مهما على حدة، ومن ثم زادا من الامن خارج مكتب الامم المتحدة. ولكنهما قالا لن نفعل شيئا للاميركيين.
كانت التقارير عن الفيديو قد بدأت في الانتشار للتو يوم 9 سبتمبر حين عقد السيد مكفيرلاند، الذي كان في وقتها المسؤول السياسي والاقتصادي في سفارة الولايات المتحدة بطرابلس، اجتماعه مع قادة المليشيا في بنغازي. وكان بينهم نفس الرجال الذين رحبوا بالسيد ستيفنز لدى وصوله الى بنغازي في بداية الثورة، بضمنهم السيد غرابي، 39 سنة، الذي كان اكثر من قضى فترة حكم في سجن ابو سيلم، والذي كان يدير مطعما متنقلا قبل ان يصبح قائد مليشيا راف الله السهاتي. والآخر كان وسام بن حامد، 39 سنة ايضا، ذو القوام النحيف بكرش خفيف، ويعمل ميكانيكا معروفا بحذقه في تصليح السيارات الاميركية، والذي اصبح عند ذاك قائدا لمليشيا درع ليبيا، والتي تعتبر احدى اقوى المليشيات في ليبيا.
وقال السيد غرابي، في مقابلة، انه علم بشأن الغضب المتنامي في مصر حول الفيديو، ولكن "لم نكن نعلم فيما اذا كانت ستصل الى هنا."
بدا السيد مكفيرلاند قلقا حول قادة المليشيات الكبرى. واستنادا الى السيد غرابي، تساءل الاميركيون: "ما هو شعور الثوار حول بناء علاقات مع البلدان الغربية؟ ما هو رأيك بالولايات المتحدة؟" يقول: "لقد كان ذلك استجوابا."
يقول: "اخبرناهم اننا نأمل في ان تعمل البلدان التي ساعدتنا اثناء الحرب على مساعدتنا في عملية التنمية." مضيفا: "واميركا تقبع على قمة الهرم."
لكن السيد غرابي واثنين من قادة المليشيا الذين حضروا ذلك الاجتماع حاولوا تحذير السيد مكفيرلاند. يقول السيد بن حامد قائد درع ليبيا: "لقد قلنا لهم ان السلاح في كل مكان وفي كل بيت وليست هناك سيطرة حقيقية."
جهد السيد مكفيرلاند في ان يحصل على معنى من الاشارات المتناقضة. اخبر السيد مكفيرلاند زملاءه لاحقا: "كانت الرسالة: لا تأتوا الى هنا لانه ليس هناك أمن، لكن تعالوا حالا لاننا نحتاج اليكم."
يقول زملاؤه ان قادة المليشيا بدوا غير قادرين على ان يوحدوا رواياتهم، وعادلت التحذيرات الغامضة التذكير بما كان يعرفه الدبلوماسيون بالفعل: كانت بنغازي في فترة ما بعد الثورة مكانا خطرا.