عن: لوس انجلس تايمز
ترجمة: علاء غزالة
من الذي اعطى الضوء الاخضر الى عمليات الاستجواب (المحسنة)؟ لقد فعلنا ذلك جميعا. فمن فعلها اذا؟
في اواخر عام 2005، قامت وكالة الاستخبارات المركزية CIA باتلاف اشرطة فيديو تظهر المئات من ساعات الاستجواب لاثنين من كبار مشتبهي القاعدة، بينما كانت تـُلمح باستمرار الى لجنة 11/ 9 والمحاكم بعدم وجود اية اشرطة للتحقيقات البتة.
ماذا كانت تحمل هذه الاشرطة مما يجعل مسؤولي وكالة الاستخبارات متحمسين جدا لاتلافها، بدلا من مجرد بيعها الى منتجي مسلسل "24" والتقاعد بصورة مريحة؟ ومن رخـّص، او علم بهذا الاتلاف؟ يصرُّ مقررنا القومي، من خلال المتحدثة الرسمية للبيت الابيض، دانا بيرينو، انه لم يـُقرر اي شيء بهذا الخصوص، لانه "لا يتذكر انه أُحيط علما بوجود الاشرطة، فضلا عن تدميرها". وهذا يتناقض مع مستشارة البيت الابيض السابقة، هارييت ميرز، والتي يبدو انها علمت بشأن الاشرطة، ولكن لم تكلف نفسها ان تطلع رئيسها على الانباء.
تؤكد مصادر غير مُعرّفة في الادارة، برغم ذلك، ان ميرز اوصت وكالة الاستخبارات بالاحتفاظ بالاشرطة. (ليس من الصعب تخيل كلماتها: "يا الهي، لو حدث واختفت اشرطة التحقيق هذه او ضاعت، فمن المؤكد انه سيكون من الصعب على اي احد ان يقدم جرائم الحرب والتعذيب في المستقبل الى المحاكمة ضد اي شخص في هذه الادارة. لذلك آمل ان تولي الـCIA عناية جيدة جدا لهذه الاشرطة").
بينما يقول مصدر غير مُعرّف في الـ CIA، وهو مسؤول سابق في هذه الوكالة، ان البيت الابيض لم يأمر ابدا بعدم اتلاف هذه الاشرطة، على الاقل لم يقل احدٌ كلماتٍ كثيرةً: "لم يقولوا لنا: قطعا كلا"، حسبما اوردت النيويورك تايمز. كما يقول المسؤولون الحاليون والسابقون في الـCIA ان قنصلها العام بالوكالة، جون ريزو، كان مشتركا في جميع النقاشات حول الاشرطة. في هذه الاثناء، لايزال مسؤول مجهول الهوية مُصرا على ان ريزو لم يُحَط علما وانه كان "غاضبا" بشأن اتلاف الاشرطة.
حينما جاء وقت اقرار الميزانية، ذكـّر مدير الوكالة الحالي، مايكل هايدن، الكونغرس بانه لم يكن حتى في الوكالة عام 2005، ولذلك لم يكن لديه علم من اعطى الاوامر بتدمير الاشرطة، ولذلك فمن الطبيعي انه سيتحرى عن الامر.
وكما اخبر الرئيس شبكة ABC الاخبارية: "سيكون مثيرا ان نعرف ما هي الوقائع الحقيقية". حقا! ولكن السؤال عمن أمر باتلاف الاشرطة يفتقر الى الهدف من عدة نواح. من المحتمل ان لا تكون الاجابة عن هذا السؤال على قدر كبير من الصعوبة. التحقيقات التي يجريها الكونغرس جيدة بما فيه الكفاية بهذا الشأن. ربما يمكن لنا ان نرى محاكمات كنتيجة لهذا الفعل، لان الاشرطة كانت، على الارجح، ادلة مهمة للغاية في المحاكمات الجنائية والاجراءات القانونية الاخرى. ان هؤلاء الذين يرومون الاطاحة بالرؤوس من اجل ذلك فمن المحتمل ان يحصلوا على مبتغاهم.
ولكن، وان يكن؟ في هذه الحالة، كما يذكـّرنا كاتب اليوميات والاستاذ بجامعة جورج تاون، مارتي ليدرمان: "التغطية عن الجريمة ليست اسوأ من الجريمة، وهم يعرفونها. لابد ان تلك الاشرطة قد اظهرت دلائل رهيبة عن عمل جنائي خطير." طريقة الاغراق بالماء؟ بالتأكيد، حسبما اوردت تقارير صحفية والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارت الامريكية، جون كيرياكو. ان الطرق "المحسنة" الاخرى في الاستجواب تبدو بالنسبة للعين غير المحسنة تعذيبا واضحا لا يقبل التمييز. انه رهان جيد نوعا ما. اذا كان لي ان اخمن، فان الاشرطة قد اتلفت بسبب ان تهم اعاقة العدالة لا تمثل شيئا يذكر في مواجهة تهم جرائم الحرب.
بعد ان نعثر على من اصدر الاوامر باتلاف الاشرطة، فسوف يبقى السؤال الحقيقي عمن فعلها: من اعطى وكالة الاستخبارات الضوء الاخضر لاستعمال طرق الاستجواب التي كانت الوكالة تشتبه بانها بالتأكيد جنائية؟ من الذي قرر السماح للولايات المتحدة بتبني طرق استجواب يستعملها المئات من الطغاة قليلي الشأن؟
الاجابة عن هذا التساؤل سوف يكون غير مريح على الاطلاق. سوف يكون من الافضل القاء اللوم على كبش فداء (أها! لقد كان ديك تشيني وراء ذلك!) ولكن الحقيقة غير السارة ان اللوم يقع على شريحة عريضة نوعا ما.
اذن، من فعلها حق؟
انه تشيني والاقزام الاشرار الصغار من موظفيه، والمـُقرر الذي اعطى الموافقة، والذي علم هو الاخر ولم يبد اهتماما، او لم يبد اهتماما بان يعلم. كذلك، قيادة الـCIA وجميع موظفي العمليات والذي كانوا راغبين في تجربة قائمة طويلة من الوسائل غير المشروعة، والتي جلبوها من اعدائنا، لاختصار الطريق. واللوم يقع على المحافظين الاختصاصيين الذين تحمسوا لطرق الاستجواب المحسنة. ويجب ان لا ننسى قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس الذين اعطوا الادارة دفترا كاملا من الموافقات على بياض.
بيد اننا نحتفظ ببعض اللوم على رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، والتي لم تصدر عنها كلمة واحدة للتعبير عن الصدمة عندما أوجزت عام 2002 حول طرق الاستجواب المحسنة، والتي تضمنت الاغراق بالماء. والامر ذاته ينطبق على بضعة ديمقراطيين في الكونغرس، والذي اعتقدوا ان تجاهل وتجاوز جرائم الادارة كان شكلا مشروعا من رقابة الكونغرس. كما ان علينا، كمجموع، ان نلوم انفسنا ايضا. فبعد كل شيئ، نحن الامة التي جعلت مسلسل "24" التلفزيوني عملا ناجحا جدا.
كيف يمكن لنظام ديمقراطي ان يتبنى سياسة تعذيب المعتقلين؟ لاعادة صياغة مقولة هيلاري كلينتون، انها تتطلب قرية.
Thursday, December 27, 2007
Wednesday, December 12, 2007
ساعدوني في التجسس على القاعدة
بقلم: مايك مكونيل، مدير الاستخبارات الوطنية
عن النيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
لقد حقق قانون حماية اميركا، الذي أقر في شهر آب، اسمه وغايته: جعل البلاد اكثر امنا بينما تحمى الحقوق المدنية للاميركيين. وقد اصبحت لدينا اليوم، تحت هذا القانون، القدرة على التحرك بالسرعة الضرورية لاستكشاف الارهابيين، وتحديات الامن الوطني الناشئة الاخرى. ساعدتنا المعلومات المستحصلة من خلال هذا القانون في تطوير فهم اكبر لشبكات القاعدة الدولية، كما اتاح لنا القانون الحصول على استبصار كبير داخل مخططات الارهابيين.
هناك حاجة ان يقوم الكونغرس باتخاذ قرار مجددا. سوف تنفد مدة سريان قانون حماية اميركا خلال شهرين، في الاول من شباط بالتحديد. يجب ان تتوفر لنا القدرة الفعالة في الحصول على المعلومات والتي تجمع من خلال هذا القانون اذا اردنا ان نبقى متقدمين على الارهابيين الذين عقدوا العزم على مهاجمة الولايات المتحدة.
قبل ان يُمرر قانون حماية اميركا كان علينا في بعض الاحيان العمل تحت قانون مراقبة الاستخبارات الاجنبية لغرض مراقبة الاتصالات التي تجريها اهداف استخبارية اجنبية خارج الولايات المتحدة، والمعروف اختصارا FISA، وهو قانون لم يكن متوافقا مع التغييرات التكنولوجية. في عدد لا بأس به من هذه الحالات تطلب قانون FISA الحصول على امر قضائي. مثل هذا المطلب ابطأ –وفي بعض الاحيان منع- من قدرتنا على جمع استخبارات اجنبية فورية.
وكان خبراؤنا مشتتين بين متابعة التهديدات الاجنبية وكتابة تبريرات مطولة لغرض جمع معلومات عن شخص في بلد اجنبي، فقط لارضاء متطلبات قانون قديم لا يعكس الطرق التي يتواصل بها اندادنا. لقد تم استخدام الاجراءات القانونية، التي قصدت حماية الخصوصية والحريات المدنية للاميركيين، تم استخدامها –عوضا عن ذلك– لاهداف استخبارية خارجية. لم يكن لذلك معنى، وجاء قانون حماية اميركا لينهي المشكلة.
يجب البدء بقانون جديد يكون موافقا للمباديء التي تجعل من قانون حماية اميركا ناجحا. اولا، يحتاج العاملون في مجال الاستخبارات قانونا لا يتطلب امرا قضائيا لعمليات المراقبة الموجهة ضد اهداف استخبارية خارجية والتي يعتقد بشكل معقول انهم يعملون خارج الولايات المتحدة، بغض النظر عن اين اجريت الاتصالات. يجب ان تأخذ اجهزة الاستخبارات وقتها في حماية امتنا، وليس لتوفير حماية لخصوصية الارهابيين الاجانب وتهديدهم المتفشي في ارجاء العالم.
ثانيا، تحتاج الاجهزة الاستخبارية الى وسائل فعالة للحصول على امر قضائي تحت قانون FISA لاجراء المراقبة في الولايات المتحدة لاغراض الاستخبارات الخارجية.
اخيرا، انه في غاية الاهمية لاجهزة الاستخبارات ان تكون لها القدرة على توفير الحماية القانونية للاطراف الخاصة والتي تعرضت للمحاكمة فقط بسبب الاعتقاد بانهم ساعدونا اثناء هجمات 11 ايلول 2001. على الرغم من ان قانون حماية اميركا وفر مثل هذه الحماية الضرورية لهؤلاء الذين انصاعوا للمتطلبات بعد سريانه، الا انه لم يتضمن حماية لهؤلاء الذين انصاعوا قبل ذلك.
لايمكن للاجهزة الاستخبارية العمل بشكل منفرد. يستحق الذين وقفوا الى جانبنا في وقت الطواريء من القطاع الخاص، يستحقون الشكر وليس المقاضاة. وانا اتفق مع رؤية لجنة الكونغرس للاستخبارات والتي توصلت، بعد سنة من الدراسة، الى انه "بدون تلك الحصانة الممتدة تاريخيا فقد يعزف القطاع الخاص عن التعاون مع الطلبات الحكومية القانونية في المستقبل" وحذر بان "التخفيض المحتمل في الاستخبارات والناتج عن هذا التأخير هو ببساطة غير مقبول من ناحية امن امتنا".
يقترب وقت قانون حماية اميركا من النفاد، ولكن لا تزال هناك فرصة لاستصدار قانون دائم من شأنه ان يساعدنا على مواجهة كلا من التغييرات التكنولوجية والاعداء الذين نواجه بطريقة تصون الحريات المدنية.
لقد خدمت قرابة 30 عاما كضابط استخبارات قبل ان امضي وقتا في القطاع الخاص. وحينا عدت الى العمل الحكومي في الشتاء الماضي، اصبح واضحا لدي ان قابلية استخباراتنا الخارجية على جمع المعلومات قد اضمحلت. وقد ساءني ان اكتشف انه لم يتم تحديث قانون FISA ليعكس التكنولوجيا الجديدة وانه كان يمنعنا من جمع المعلومات الاستخبارية الضرورية لكشف التهدديات ضد اميركا.
لقد اصلح قانون حماية اميركا هذا المشكلة، ونحن اكثر امنا بسببه. يساورني همّ قاتل اننا اذا تراجعنا خطوة الى الوراء في هذا العالم من اللايقين، فسوف تكون اميركا مكانا اقل امنا.
عن النيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
لقد حقق قانون حماية اميركا، الذي أقر في شهر آب، اسمه وغايته: جعل البلاد اكثر امنا بينما تحمى الحقوق المدنية للاميركيين. وقد اصبحت لدينا اليوم، تحت هذا القانون، القدرة على التحرك بالسرعة الضرورية لاستكشاف الارهابيين، وتحديات الامن الوطني الناشئة الاخرى. ساعدتنا المعلومات المستحصلة من خلال هذا القانون في تطوير فهم اكبر لشبكات القاعدة الدولية، كما اتاح لنا القانون الحصول على استبصار كبير داخل مخططات الارهابيين.
هناك حاجة ان يقوم الكونغرس باتخاذ قرار مجددا. سوف تنفد مدة سريان قانون حماية اميركا خلال شهرين، في الاول من شباط بالتحديد. يجب ان تتوفر لنا القدرة الفعالة في الحصول على المعلومات والتي تجمع من خلال هذا القانون اذا اردنا ان نبقى متقدمين على الارهابيين الذين عقدوا العزم على مهاجمة الولايات المتحدة.
قبل ان يُمرر قانون حماية اميركا كان علينا في بعض الاحيان العمل تحت قانون مراقبة الاستخبارات الاجنبية لغرض مراقبة الاتصالات التي تجريها اهداف استخبارية اجنبية خارج الولايات المتحدة، والمعروف اختصارا FISA، وهو قانون لم يكن متوافقا مع التغييرات التكنولوجية. في عدد لا بأس به من هذه الحالات تطلب قانون FISA الحصول على امر قضائي. مثل هذا المطلب ابطأ –وفي بعض الاحيان منع- من قدرتنا على جمع استخبارات اجنبية فورية.
وكان خبراؤنا مشتتين بين متابعة التهديدات الاجنبية وكتابة تبريرات مطولة لغرض جمع معلومات عن شخص في بلد اجنبي، فقط لارضاء متطلبات قانون قديم لا يعكس الطرق التي يتواصل بها اندادنا. لقد تم استخدام الاجراءات القانونية، التي قصدت حماية الخصوصية والحريات المدنية للاميركيين، تم استخدامها –عوضا عن ذلك– لاهداف استخبارية خارجية. لم يكن لذلك معنى، وجاء قانون حماية اميركا لينهي المشكلة.
يجب البدء بقانون جديد يكون موافقا للمباديء التي تجعل من قانون حماية اميركا ناجحا. اولا، يحتاج العاملون في مجال الاستخبارات قانونا لا يتطلب امرا قضائيا لعمليات المراقبة الموجهة ضد اهداف استخبارية خارجية والتي يعتقد بشكل معقول انهم يعملون خارج الولايات المتحدة، بغض النظر عن اين اجريت الاتصالات. يجب ان تأخذ اجهزة الاستخبارات وقتها في حماية امتنا، وليس لتوفير حماية لخصوصية الارهابيين الاجانب وتهديدهم المتفشي في ارجاء العالم.
ثانيا، تحتاج الاجهزة الاستخبارية الى وسائل فعالة للحصول على امر قضائي تحت قانون FISA لاجراء المراقبة في الولايات المتحدة لاغراض الاستخبارات الخارجية.
اخيرا، انه في غاية الاهمية لاجهزة الاستخبارات ان تكون لها القدرة على توفير الحماية القانونية للاطراف الخاصة والتي تعرضت للمحاكمة فقط بسبب الاعتقاد بانهم ساعدونا اثناء هجمات 11 ايلول 2001. على الرغم من ان قانون حماية اميركا وفر مثل هذه الحماية الضرورية لهؤلاء الذين انصاعوا للمتطلبات بعد سريانه، الا انه لم يتضمن حماية لهؤلاء الذين انصاعوا قبل ذلك.
لايمكن للاجهزة الاستخبارية العمل بشكل منفرد. يستحق الذين وقفوا الى جانبنا في وقت الطواريء من القطاع الخاص، يستحقون الشكر وليس المقاضاة. وانا اتفق مع رؤية لجنة الكونغرس للاستخبارات والتي توصلت، بعد سنة من الدراسة، الى انه "بدون تلك الحصانة الممتدة تاريخيا فقد يعزف القطاع الخاص عن التعاون مع الطلبات الحكومية القانونية في المستقبل" وحذر بان "التخفيض المحتمل في الاستخبارات والناتج عن هذا التأخير هو ببساطة غير مقبول من ناحية امن امتنا".
يقترب وقت قانون حماية اميركا من النفاد، ولكن لا تزال هناك فرصة لاستصدار قانون دائم من شأنه ان يساعدنا على مواجهة كلا من التغييرات التكنولوجية والاعداء الذين نواجه بطريقة تصون الحريات المدنية.
لقد خدمت قرابة 30 عاما كضابط استخبارات قبل ان امضي وقتا في القطاع الخاص. وحينا عدت الى العمل الحكومي في الشتاء الماضي، اصبح واضحا لدي ان قابلية استخباراتنا الخارجية على جمع المعلومات قد اضمحلت. وقد ساءني ان اكتشف انه لم يتم تحديث قانون FISA ليعكس التكنولوجيا الجديدة وانه كان يمنعنا من جمع المعلومات الاستخبارية الضرورية لكشف التهدديات ضد اميركا.
لقد اصلح قانون حماية اميركا هذا المشكلة، ونحن اكثر امنا بسببه. يساورني همّ قاتل اننا اذا تراجعنا خطوة الى الوراء في هذا العالم من اللايقين، فسوف تكون اميركا مكانا اقل امنا.
Wednesday, December 05, 2007
واحة ام سراب؟
بقلم: توماس فريدمان، عن: نيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
يختبر الشرق الاوسط امرا لم نره منذ مدة طويلة جدا: المعتدلون ينسقون نشاطهم قليلا معا، ويتخذون مواقف مترددة، ويدفعون بالاشرار الى الوراء. اذا كان ذلك يبدو نوعا ما، بطريقة ما، ربما، مُرضيا، حسنا... انه كذلك. ولكن في المنطقة التي يسيطر عليها المتطرفون بينما ينأى المعتدلون بانفسهم، فان هذه هي اول الاخبار السارة منذ سنوات. انها واحة في صحراء اليأس.
المشكلة الوحيدة تكمن في ان هذه الخطة المبدئية للمعتدلين –والتي تلقى دفعا مفيدا هنا في تجمع انابوليس للسلام– قد انقادت بشكل رئيس الى عامل الخوف، وليس الى أية رؤية مشتركة الى منطقة يتمكن فيها السنة والشيعة، العرب واليهود، من التجارة والتبادل والتعاون وايجاد التسويات بالطريقة التي تعلمتها بلدان جنوب شرق اسيا لاجل منفعتها المتبادلة.
ولحد الان، يقول هشام ملحم مدير مكتب قناة العربية في واشنطن: "هذا هو سلام الخائفين". الخوف قد يكون عنصرا محفزا. لقد دفع الخوف من تسطير القاعدة على حياة العشائر السنية في العراق، دفعهم الى النهوض ضد السنة المناصرين للقاعدة، حتى اذا اقتضى الامر ان يصطفوا مع الامريكان. الخوف من العصابات المدعومة من ايران المتلبسة بلبوس جيش المهدي قد دعا عددا اكبر من الشيعة في العراق الى الوقوف مع القوات والحكومة العراقية الموالية لامريكا. الخوف من استيلاء حماس على مقاليد الامور دفع فتح الى بناء علاقات اقوى مع اسرائيل. والخوف من انتشار النفوذ الايراني قد حمل جميع الدول العربية –خصوصا المملكة العربية السعودية ومصر والاردن– ان تتعاون بشكل اوثق مع امريكا وان تبني علاقات غير معلنة مع اسرائيل. الخوف من انهيار فتح وان ترث اسرائل المسؤولية عن الفلسطينين في الضفة الغربية الى الابد قد اعاد اسرائل مجددا الى طاولة مفاوضات واشنطن. حتى سوريا جلبها الخوف من العزلة الى هذا المكان.
لكن الخوف من المفترسين يمكنه فقط ان يبلغ بك هذا المبلغ. ولاجل بناء سلام طويل الامد، يتوجب ان تكون الاجندة مشتركة، وان يعقد المعتدلون نواياهم على العمل سويا لمساندة بعضهم البعض وان يساعد كل منهم الاخر في ان يضرب المتطرفين في كل معسكر. يتطلب ذلك امرا غاب بشكل مؤلم منذ رحيل انور السادات واسحق رابين والملك حسين: الشجاعة المعنوية بعينها للقيام بشيء "مفاجيء".
منذ العام 2000 كان الناس الوحيدون الذين فاجأونا هم الاشخاص الاشرار. لقد فاجأونا كل اسبوع بمكان جديد وطريقة جديدة في قتل الناس. وعلى النقيض من ذلك، غاب عنصر المفاجأة لدى المعتدلين، حتى تولـّت القبائل السنية في العراق قتال القاعدة. ان ما اتطلع اليه في الاشهر القادمة هو ما اذا كان بامكان المعتدلين ان يفاجأوا بعضهم بعضا وان يفاجأوا المتطرفين.
اعلن وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، قبل ان يصل الى انابوليس، انه لن تكون هناك مصافحة بالايدي مع اي اسرائيلي. امر سيء للغاية. ان مصافحة بالايدي لن تحمل اسرائيل على تسليم الضفة الغربية. لكن التفاتة انسانية مفاجئة، مثل مصافحة بسيطة من قائد سعودي الى قائد اسرائيلي، يمكن لها في الواقع ان تقطع شوطا بعيدا في اقناع الاسرائيلين ان هناك شيئا جديدا هنا، شيئا لا يكون ناتجا فقط عن خوف العرب من ايران، لكنهم حقيقة راغبون في التعايش مع اسرائيل. الامر ذاته ينطبق على اسرائيل. لماذا لا تفاجيء الفلسطينين ببادرة كريمة في اطلاق الاسرى او رفع حواجز الطرق؟ هل أجدت الطريقة المتهورة القديمة نفعا؟
لقد عانت عملية السلام الفلسطينية–الاسرائيلية كثيرا من غياب المحتوى العاطفي منذ اغتيال رابين، بحيث لم يعد لها ارتباط مع الناس العاديين. انها مجرد كلمات، الفاظ غير مفهومة عن "خارطة الطريق". السعوديون خبراء في اخبار امريكا انها يجب ان تكون اكثر جدية. هل ان سؤال السعوديين ان يجعلوا عملنا ايسر قليلا، عن طريق مصافحة قائد اسرائيلي، سيكون طلبا كبيرا؟
المفاجأة الاخرى التي تمسّ الحاجة الى ان نراها تتمثل في ان يتولى المعتدلون زمام الامور. اذا لم يكن هؤلاء المعتدلين مستعدين بالمخاطرة في انتحار سياسي لتحقيق اهدافهم فلن يستنى لهم ابدا ان يهزموا المتطرفين الذين هم على اتم الاستعداد لانتحار جسدي.
ان سبب تشكيل السيد رابين والسيد السادات تهديدا للمتطرفين يكمن في كونهم معتدلين راغبين في قطع الطريق الى اخره، لقد كانوا ذرية نادرة. ادرك تماما انه ليس من قائد اليوم راغب في مدّ عنقه خارجا. لديهم اسباب تبرر خوفهم، ولكن ليس لديهم اسباب تجعلهم يعتقدون انهم قادرون على صنع التاريخ باية طريقة اخرى.
لقد قال الرئيس بوش، في افتتاح مؤتمر انابوليس، ان هذه ليست نهاية لشيء ما، ولكنها بداية جديدة لمفاوضات اسرائيلية–فلسطينية. لن تحتاج الى خبير في الشرق الاوسط ليوضح لك ما اذا كانت سوف تنجح. اذا قرأت عناوين الصحف في الاشهر القادمة فحسب، بحيث تتشوش عينيك، فستعلم، كما اوضح لي الصحفي الاسرائيلي ناحوم بارنيا، ان انابوليس قد اعطت مفتاح القدح الى "سيارة لها اربع عجلات معطوبة".
ولكن اذا التقطت الصحيفة ورأيت المعتدلين العرب والاسرائيلين يقومون بافعال مفاجئة، وتسمع نفسك تصرخ متعجبا: "يا للهول، لم ارَ مثل هذا من قبل"، فسوف تعلم اننا سائرون الى نتيجة ما.
ترجمة: علاء غزالة
يختبر الشرق الاوسط امرا لم نره منذ مدة طويلة جدا: المعتدلون ينسقون نشاطهم قليلا معا، ويتخذون مواقف مترددة، ويدفعون بالاشرار الى الوراء. اذا كان ذلك يبدو نوعا ما، بطريقة ما، ربما، مُرضيا، حسنا... انه كذلك. ولكن في المنطقة التي يسيطر عليها المتطرفون بينما ينأى المعتدلون بانفسهم، فان هذه هي اول الاخبار السارة منذ سنوات. انها واحة في صحراء اليأس.
المشكلة الوحيدة تكمن في ان هذه الخطة المبدئية للمعتدلين –والتي تلقى دفعا مفيدا هنا في تجمع انابوليس للسلام– قد انقادت بشكل رئيس الى عامل الخوف، وليس الى أية رؤية مشتركة الى منطقة يتمكن فيها السنة والشيعة، العرب واليهود، من التجارة والتبادل والتعاون وايجاد التسويات بالطريقة التي تعلمتها بلدان جنوب شرق اسيا لاجل منفعتها المتبادلة.
ولحد الان، يقول هشام ملحم مدير مكتب قناة العربية في واشنطن: "هذا هو سلام الخائفين". الخوف قد يكون عنصرا محفزا. لقد دفع الخوف من تسطير القاعدة على حياة العشائر السنية في العراق، دفعهم الى النهوض ضد السنة المناصرين للقاعدة، حتى اذا اقتضى الامر ان يصطفوا مع الامريكان. الخوف من العصابات المدعومة من ايران المتلبسة بلبوس جيش المهدي قد دعا عددا اكبر من الشيعة في العراق الى الوقوف مع القوات والحكومة العراقية الموالية لامريكا. الخوف من استيلاء حماس على مقاليد الامور دفع فتح الى بناء علاقات اقوى مع اسرائيل. والخوف من انتشار النفوذ الايراني قد حمل جميع الدول العربية –خصوصا المملكة العربية السعودية ومصر والاردن– ان تتعاون بشكل اوثق مع امريكا وان تبني علاقات غير معلنة مع اسرائيل. الخوف من انهيار فتح وان ترث اسرائل المسؤولية عن الفلسطينين في الضفة الغربية الى الابد قد اعاد اسرائل مجددا الى طاولة مفاوضات واشنطن. حتى سوريا جلبها الخوف من العزلة الى هذا المكان.
لكن الخوف من المفترسين يمكنه فقط ان يبلغ بك هذا المبلغ. ولاجل بناء سلام طويل الامد، يتوجب ان تكون الاجندة مشتركة، وان يعقد المعتدلون نواياهم على العمل سويا لمساندة بعضهم البعض وان يساعد كل منهم الاخر في ان يضرب المتطرفين في كل معسكر. يتطلب ذلك امرا غاب بشكل مؤلم منذ رحيل انور السادات واسحق رابين والملك حسين: الشجاعة المعنوية بعينها للقيام بشيء "مفاجيء".
منذ العام 2000 كان الناس الوحيدون الذين فاجأونا هم الاشخاص الاشرار. لقد فاجأونا كل اسبوع بمكان جديد وطريقة جديدة في قتل الناس. وعلى النقيض من ذلك، غاب عنصر المفاجأة لدى المعتدلين، حتى تولـّت القبائل السنية في العراق قتال القاعدة. ان ما اتطلع اليه في الاشهر القادمة هو ما اذا كان بامكان المعتدلين ان يفاجأوا بعضهم بعضا وان يفاجأوا المتطرفين.
اعلن وزير الخارجية السعودي، الامير سعود الفيصل، قبل ان يصل الى انابوليس، انه لن تكون هناك مصافحة بالايدي مع اي اسرائيلي. امر سيء للغاية. ان مصافحة بالايدي لن تحمل اسرائيل على تسليم الضفة الغربية. لكن التفاتة انسانية مفاجئة، مثل مصافحة بسيطة من قائد سعودي الى قائد اسرائيلي، يمكن لها في الواقع ان تقطع شوطا بعيدا في اقناع الاسرائيلين ان هناك شيئا جديدا هنا، شيئا لا يكون ناتجا فقط عن خوف العرب من ايران، لكنهم حقيقة راغبون في التعايش مع اسرائيل. الامر ذاته ينطبق على اسرائيل. لماذا لا تفاجيء الفلسطينين ببادرة كريمة في اطلاق الاسرى او رفع حواجز الطرق؟ هل أجدت الطريقة المتهورة القديمة نفعا؟
لقد عانت عملية السلام الفلسطينية–الاسرائيلية كثيرا من غياب المحتوى العاطفي منذ اغتيال رابين، بحيث لم يعد لها ارتباط مع الناس العاديين. انها مجرد كلمات، الفاظ غير مفهومة عن "خارطة الطريق". السعوديون خبراء في اخبار امريكا انها يجب ان تكون اكثر جدية. هل ان سؤال السعوديين ان يجعلوا عملنا ايسر قليلا، عن طريق مصافحة قائد اسرائيلي، سيكون طلبا كبيرا؟
المفاجأة الاخرى التي تمسّ الحاجة الى ان نراها تتمثل في ان يتولى المعتدلون زمام الامور. اذا لم يكن هؤلاء المعتدلين مستعدين بالمخاطرة في انتحار سياسي لتحقيق اهدافهم فلن يستنى لهم ابدا ان يهزموا المتطرفين الذين هم على اتم الاستعداد لانتحار جسدي.
ان سبب تشكيل السيد رابين والسيد السادات تهديدا للمتطرفين يكمن في كونهم معتدلين راغبين في قطع الطريق الى اخره، لقد كانوا ذرية نادرة. ادرك تماما انه ليس من قائد اليوم راغب في مدّ عنقه خارجا. لديهم اسباب تبرر خوفهم، ولكن ليس لديهم اسباب تجعلهم يعتقدون انهم قادرون على صنع التاريخ باية طريقة اخرى.
لقد قال الرئيس بوش، في افتتاح مؤتمر انابوليس، ان هذه ليست نهاية لشيء ما، ولكنها بداية جديدة لمفاوضات اسرائيلية–فلسطينية. لن تحتاج الى خبير في الشرق الاوسط ليوضح لك ما اذا كانت سوف تنجح. اذا قرأت عناوين الصحف في الاشهر القادمة فحسب، بحيث تتشوش عينيك، فستعلم، كما اوضح لي الصحفي الاسرائيلي ناحوم بارنيا، ان انابوليس قد اعطت مفتاح القدح الى "سيارة لها اربع عجلات معطوبة".
ولكن اذا التقطت الصحيفة ورأيت المعتدلين العرب والاسرائيلين يقومون بافعال مفاجئة، وتسمع نفسك تصرخ متعجبا: "يا للهول، لم ارَ مثل هذا من قبل"، فسوف تعلم اننا سائرون الى نتيجة ما.
Monday, November 26, 2007
طبيعة العلاقات الدولية عند سعر 100 دولار لبرميل النفط
عن واشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
بدأ سعر برميل النفط يغازل الـ100 دولار، لكن لا ينبغي لك ان تعتقد ان ذلك هو قمة الصعود. انه يقترح عهدا جديدا من العلاقات الدولية، حيث يتزايد استعمال النفط كسلاح سياسي. المنتجون (او بعضهم) سوف يستخدمونه للمضي قدما في اجندتهم السياسية، بينما المستهلكون (او بعضهم) سوف يبحثون عن معاملة تفضيلية. نحن نشاهد بالفعل مثل هذا الاتجاه من خلال تخفيض الرئيس الفنزويلي، هوغو سانشيز، من اسعار النفط لحلفائه المفضلين، ومن خلال الجهود الصينية المحمومة لتأمين مجهزين مضمونين، وكذلك التهديدات الروسية المـُقـّنعة باستخدام الغاز الطبيعي –الذي يُجهز جزء كبير منه الى اوربا– لترهيب جيرانها وزبائنها.
طمحت الولايات المتحدة، منذ الحرب العالمية الثانية، في الحفاظ على الطاقة –النفط بشكل رئيس– متوفرا بالمعنى التجاري بشكل واسع. وقد اتجهت السياسة الامريكية الخارجية، من حيث التأثير، لمنع الامم الاخرى من استخدام النفط في خدمة سياستها الخارجية. ادى ذلك –على العموم– الى تقليل النزاعات حول مصادر الثروة الطبيعية وشجعت نمو الاتقصاد العالمي. ركزت الدول المنتجة على تعظيم ثروتها، بينما اعتمدت الدول المستهلكة على الاسواق للحصول على حصتها من النفط. لكن الانحراف في اتجاه العرض والطلب اصبح يهدد هذا النظام.
في الاسبوع الماضي، توقعت وكالة الطاقة الدولية في باريس ان ينمو الطلب على النفط ليصل الى 116 مليار برميل يوميا بحلول عام 2030 صعودا من مستوى 86 مليار برميل يوميا عام 2007. سوف تأتي ما يقرب من خمسي الزيادة في الطلب من الصين والهند، بينما ستكون الدولة النامية الاخرى مسؤولة عن معظم المتبقي من الزيادة. سوف تتضاعف اعداد السيارات والشاحنات في العالم اجمع لتصل الى 2.1 مليار. لكن هناك معوق واحد: من المحتمل ان توفير النفط للاسواق لن يجاري الطلب المتوقع.
ان عنق الزجاجة لا يتمثل في شحة النفط في باطن الارض. سوف يحدث ذلك يوما ما، ولكنه لم يحدث بعد. يصل حجم الاحتياطات النفطية المعروفة –النفط المكتشف، والذي يعتقد ان بالامكان استخراجه– الى ما مقداره 1.2 تريليون برميل، حسب ادعاء مجلس البترول الوطني، وهو فريق من الصناعيين والخبراء الاكاديميين الذي يقدمون استشارات لحكومة الولايات المتحدة. ان هذا الرقم يعني مدة 38 سنة من التجهيز بمعدل الاستهلاك الراهن. يلي ذلك النفط غير المستكشف، حيث ان مجلس مجلس البترول الوطني يرى –بشكل غير قاطع– ان هناك تريليون برميل نفط آخر. اخيرا، هناك 1.5 تريليون برميل من احتياطيات غير تقليدية مثل الرمال القيرية، والصخور الطينية النفطية، والتي يمكن استخراج النفط منها بكلف عالية.
ان استخراج هذا النفط هي قضية اخرى. فقد أدت اسعار النفط المنخفضة في الماضي (في السنوات 1985–2002 حيث بلغ معدل سعر البرميل 21 دولارا) الى تثبيط استكشاف الحقول النفطية. وقد انضمت الشركات مع بعضها البعض، اكسون اندمجت مع موبيل، واندمجت جيفرون مع تكساكو. ادى التقليل من الانتاج الى نقصان في معدات ضخ النفط والانابيب والمهندسين والجيولوجيين وطواقم الحفر. في اواخر الثمانينات من القرن الماضي كان بالامكان استئجار معدات ضخ الماء العميق مقابل 200,000 دولار يوميا، حسبما يفيد بيتر روبرتسن، نائب رئيس جيفرون. اصبحت التكلفة الان ما يناهز 600,000 دولار يوميا.
يجب ان تـُستوفى هذه الاحتياجات مع الزمن. لكن العائق الاكبر سيكون في كيفية الحصول على الاحتياطيات. يحتمل ان تكون الشركات الحكومية الوطنية مسيطرة على ثلاثة ارباع الاحتياطي النفطي المعروف. لكنها ستبقى في حاجة مستمرة للشركات الاهلية (مثل شركة اكسون وBP) لغرض الاستكشاف والتطوير. وعلى خلاف المتوقع، فان الاسعار العالية تجعل المفاوضات اطول واصعب. لدى الحكومات بالفعل امولا من النفط اكثر مما كانت تتوقع. ففي عام 2007، توقعت منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) ان تحقق اربحا تصل الى 658 مليار دولار، ارتفاعا من 195 مليار دولار عام 2002. اتاح ذلك للحكومات من الموارد ما يجعلها صعبة المراس وصبورة.
بالفعل، ادى ارتفاع اسعار النفط الى رفع الرسوم والضرائب على استخراج النفط التي تدفعها المؤسسات النفطية الخاصة. بعض الشركات فضلت الانسحاب على القبول بشروط مجحفة. ففي السنة الماضية، قامت اكسون موبيل وكونوكوفيلبس بمغادرة فنزويلا، بحسب سيمون ووردل، المحلل في غلوبل انسايت. كل هذه المشاكل تدعو للاعتقاد بان الانتاج النفطي العالمي سوف يتقدم ببطء. ولاسباب مختلفة فان كلا من فنزويلا وايران والعراق تنتج اقل مما كانت في السابق، واقل من طاقتها الفعلية.
وفي مرحلة ما سوف يؤدي تزايد الاسعار الى التقليل من الطلب، بينما قد تقود التغييرات المناخية ودورات الاقتصاد ايضا الى تقليل الاسعار. ومع ذلك فقد تم الوصول الى نقطة التحول الرئيسة. يبقى تهديد العلاقات الدولية –حتى الآن– قائما حيث تتركز الاحتياطات النفطية في منطقة الخليج العربي غير المستقرة. لقد اجتمعت الحروب والثورات على احداث انقطاع في التجهيز في السنوات (1973، 1979-1980، 1990). وبخلاف ذلك، فان الطاقة الانتاجية الزائدة غطت الخسائر نتيجة المناخ والحوادث. اما الآن، فقد اختفى معظم الفائض في الانتاج. لقد كانت سنة 2004 محورية، حين ارتفع الطلب العالمي، بدفع من الصين، بما يقرب من ثلاثة اضعاف المعدل المتوقع، بحسب لاري غولدستين، من مؤسسة ابحاث سياسة الطاقة.
وعلى ذلك فان الفجوة الضيقة بين العرض والطلب قد اعطت الهيمنة الى المنتجين. يتسائل تقرير صادر عن مجلس البترول الوطني: "هل سيؤدي التنافس على المصادر الشحيحة الى تصادمات سياسية او حتى عسكرية بين القوى الرئيسة؟ هل ستصبح الترتيبات العرضية بين الامم شائعة بينما تسعى الحكومات الى (تأمين) تجهيز الطاقة خارج نطاق آليات السوق التقليدية؟"
اليك ما يمكننا فعله: ان نرفع مواصفات الوقود الاقتصادي القياسية للسيارات والشحانات الجديدة، وان نزيد بالتدريج ضريبة الوقود (من الممكن ان يتم ذلك بالتوازي مع تخفيض الضرائب) بحيث تشمل الناس الذين يقتنون هذه المركبات، وزيادة انتاج النفط والغازي الطبيعي في الاسكا وخليج المكسيك وسواحل المحيطين الهادي والاطلسي. سوف تؤدي هذه الخطوات، بمرور الزمن، الى حث زيادة انتاج النفط، في نفس الوقت الذي تتم فيه ايضا مراجعة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن العديد من الليبراليين والمحافظين والمهتمين بالبيئة يعارضون اجزاءا من المقارنة المنطقية. ان حالة (عدم الاتفاق) تؤذينا نحن بالدرجة الاولى.
ترجمة: علاء غزالة
بدأ سعر برميل النفط يغازل الـ100 دولار، لكن لا ينبغي لك ان تعتقد ان ذلك هو قمة الصعود. انه يقترح عهدا جديدا من العلاقات الدولية، حيث يتزايد استعمال النفط كسلاح سياسي. المنتجون (او بعضهم) سوف يستخدمونه للمضي قدما في اجندتهم السياسية، بينما المستهلكون (او بعضهم) سوف يبحثون عن معاملة تفضيلية. نحن نشاهد بالفعل مثل هذا الاتجاه من خلال تخفيض الرئيس الفنزويلي، هوغو سانشيز، من اسعار النفط لحلفائه المفضلين، ومن خلال الجهود الصينية المحمومة لتأمين مجهزين مضمونين، وكذلك التهديدات الروسية المـُقـّنعة باستخدام الغاز الطبيعي –الذي يُجهز جزء كبير منه الى اوربا– لترهيب جيرانها وزبائنها.
طمحت الولايات المتحدة، منذ الحرب العالمية الثانية، في الحفاظ على الطاقة –النفط بشكل رئيس– متوفرا بالمعنى التجاري بشكل واسع. وقد اتجهت السياسة الامريكية الخارجية، من حيث التأثير، لمنع الامم الاخرى من استخدام النفط في خدمة سياستها الخارجية. ادى ذلك –على العموم– الى تقليل النزاعات حول مصادر الثروة الطبيعية وشجعت نمو الاتقصاد العالمي. ركزت الدول المنتجة على تعظيم ثروتها، بينما اعتمدت الدول المستهلكة على الاسواق للحصول على حصتها من النفط. لكن الانحراف في اتجاه العرض والطلب اصبح يهدد هذا النظام.
في الاسبوع الماضي، توقعت وكالة الطاقة الدولية في باريس ان ينمو الطلب على النفط ليصل الى 116 مليار برميل يوميا بحلول عام 2030 صعودا من مستوى 86 مليار برميل يوميا عام 2007. سوف تأتي ما يقرب من خمسي الزيادة في الطلب من الصين والهند، بينما ستكون الدولة النامية الاخرى مسؤولة عن معظم المتبقي من الزيادة. سوف تتضاعف اعداد السيارات والشاحنات في العالم اجمع لتصل الى 2.1 مليار. لكن هناك معوق واحد: من المحتمل ان توفير النفط للاسواق لن يجاري الطلب المتوقع.
ان عنق الزجاجة لا يتمثل في شحة النفط في باطن الارض. سوف يحدث ذلك يوما ما، ولكنه لم يحدث بعد. يصل حجم الاحتياطات النفطية المعروفة –النفط المكتشف، والذي يعتقد ان بالامكان استخراجه– الى ما مقداره 1.2 تريليون برميل، حسب ادعاء مجلس البترول الوطني، وهو فريق من الصناعيين والخبراء الاكاديميين الذي يقدمون استشارات لحكومة الولايات المتحدة. ان هذا الرقم يعني مدة 38 سنة من التجهيز بمعدل الاستهلاك الراهن. يلي ذلك النفط غير المستكشف، حيث ان مجلس مجلس البترول الوطني يرى –بشكل غير قاطع– ان هناك تريليون برميل نفط آخر. اخيرا، هناك 1.5 تريليون برميل من احتياطيات غير تقليدية مثل الرمال القيرية، والصخور الطينية النفطية، والتي يمكن استخراج النفط منها بكلف عالية.
ان استخراج هذا النفط هي قضية اخرى. فقد أدت اسعار النفط المنخفضة في الماضي (في السنوات 1985–2002 حيث بلغ معدل سعر البرميل 21 دولارا) الى تثبيط استكشاف الحقول النفطية. وقد انضمت الشركات مع بعضها البعض، اكسون اندمجت مع موبيل، واندمجت جيفرون مع تكساكو. ادى التقليل من الانتاج الى نقصان في معدات ضخ النفط والانابيب والمهندسين والجيولوجيين وطواقم الحفر. في اواخر الثمانينات من القرن الماضي كان بالامكان استئجار معدات ضخ الماء العميق مقابل 200,000 دولار يوميا، حسبما يفيد بيتر روبرتسن، نائب رئيس جيفرون. اصبحت التكلفة الان ما يناهز 600,000 دولار يوميا.
يجب ان تـُستوفى هذه الاحتياجات مع الزمن. لكن العائق الاكبر سيكون في كيفية الحصول على الاحتياطيات. يحتمل ان تكون الشركات الحكومية الوطنية مسيطرة على ثلاثة ارباع الاحتياطي النفطي المعروف. لكنها ستبقى في حاجة مستمرة للشركات الاهلية (مثل شركة اكسون وBP) لغرض الاستكشاف والتطوير. وعلى خلاف المتوقع، فان الاسعار العالية تجعل المفاوضات اطول واصعب. لدى الحكومات بالفعل امولا من النفط اكثر مما كانت تتوقع. ففي عام 2007، توقعت منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) ان تحقق اربحا تصل الى 658 مليار دولار، ارتفاعا من 195 مليار دولار عام 2002. اتاح ذلك للحكومات من الموارد ما يجعلها صعبة المراس وصبورة.
بالفعل، ادى ارتفاع اسعار النفط الى رفع الرسوم والضرائب على استخراج النفط التي تدفعها المؤسسات النفطية الخاصة. بعض الشركات فضلت الانسحاب على القبول بشروط مجحفة. ففي السنة الماضية، قامت اكسون موبيل وكونوكوفيلبس بمغادرة فنزويلا، بحسب سيمون ووردل، المحلل في غلوبل انسايت. كل هذه المشاكل تدعو للاعتقاد بان الانتاج النفطي العالمي سوف يتقدم ببطء. ولاسباب مختلفة فان كلا من فنزويلا وايران والعراق تنتج اقل مما كانت في السابق، واقل من طاقتها الفعلية.
وفي مرحلة ما سوف يؤدي تزايد الاسعار الى التقليل من الطلب، بينما قد تقود التغييرات المناخية ودورات الاقتصاد ايضا الى تقليل الاسعار. ومع ذلك فقد تم الوصول الى نقطة التحول الرئيسة. يبقى تهديد العلاقات الدولية –حتى الآن– قائما حيث تتركز الاحتياطات النفطية في منطقة الخليج العربي غير المستقرة. لقد اجتمعت الحروب والثورات على احداث انقطاع في التجهيز في السنوات (1973، 1979-1980، 1990). وبخلاف ذلك، فان الطاقة الانتاجية الزائدة غطت الخسائر نتيجة المناخ والحوادث. اما الآن، فقد اختفى معظم الفائض في الانتاج. لقد كانت سنة 2004 محورية، حين ارتفع الطلب العالمي، بدفع من الصين، بما يقرب من ثلاثة اضعاف المعدل المتوقع، بحسب لاري غولدستين، من مؤسسة ابحاث سياسة الطاقة.
وعلى ذلك فان الفجوة الضيقة بين العرض والطلب قد اعطت الهيمنة الى المنتجين. يتسائل تقرير صادر عن مجلس البترول الوطني: "هل سيؤدي التنافس على المصادر الشحيحة الى تصادمات سياسية او حتى عسكرية بين القوى الرئيسة؟ هل ستصبح الترتيبات العرضية بين الامم شائعة بينما تسعى الحكومات الى (تأمين) تجهيز الطاقة خارج نطاق آليات السوق التقليدية؟"
اليك ما يمكننا فعله: ان نرفع مواصفات الوقود الاقتصادي القياسية للسيارات والشحانات الجديدة، وان نزيد بالتدريج ضريبة الوقود (من الممكن ان يتم ذلك بالتوازي مع تخفيض الضرائب) بحيث تشمل الناس الذين يقتنون هذه المركبات، وزيادة انتاج النفط والغازي الطبيعي في الاسكا وخليج المكسيك وسواحل المحيطين الهادي والاطلسي. سوف تؤدي هذه الخطوات، بمرور الزمن، الى حث زيادة انتاج النفط، في نفس الوقت الذي تتم فيه ايضا مراجعة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن العديد من الليبراليين والمحافظين والمهتمين بالبيئة يعارضون اجزاءا من المقارنة المنطقية. ان حالة (عدم الاتفاق) تؤذينا نحن بالدرجة الاولى.
Sunday, November 11, 2007
اصداء الثورة الايرانية تتردد في الباكستان
كتابة: ديفيد اغناتيوس، عن: واشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
بينما نكافح من اجل ان نفهم الازمة الحالية في الباكستان، من المفيد ان نتفكر في ما جرى قبل ما يقرب من ثلاثين سنة مضت، عندما اطاحت موجة من المظاهرات بشاه ايران وانتهت باقامة الجمهورية الاسلامية، الزلزال الثوري الذي لازالت موجاته الارتدادية تعصف بالشرق الاوسط.
لقد كان الشاه صديقا لامريكا، كما هو حال الرئيس الباكستاني برويز مُشرّف. لقد كان حليفنا القوي والمخلص ضد بُعبع الشر في ذلك الوقت، الاتحاد السوفيتي، تماما كما كان مُشرّف شريكا لامريكا في الحرب على القاعدة. لقد تجاهل الشاه التحذيرات الامريكية لتنظيف نظامه الغير ديمقراطي، كما يفعل مُشرّف الان. وحينما تعمقت متاعب الشاه، أملت الولايات المتحدة ان يحافظ المعارضون المعتدلون على البلاد بمأمن من المتعصبين المسلمين، تماما كما نأمل الان في الباكستان.
ومع ذلك، جاء الانفجار الايراني عاصفة نارية من الغضب احرقت كل محاولة للاعتدال او التسوية. لقد بدأت عملية مشابهة لاحداث تغيير كبير غير اعتيادي. لكن هناك فرقا واحدا مرعبا: الباكستان لديها اسلحة نووية.
لقد قدم غاري سيك، وهو استاذ في جامعة كولمبيا ساعد ادارة كارتر في مراقبة السياسة الايرانية اثناء فترة الثورة، قدم المقارنة الايرانية بشكل قوي، حيث كتب قائلا: "لم تكن هناك (الخطة ب)"، وهو يرى ان نفس الدينامية تجري في الباكستان، مضيفا: "لقد رهنا المزرعة لرجل واحد، بوفيز مُشرّف في هذه الحالة، وليس لدينا موقعا نتراجع اليه، ليس لدينا استراتيجية بديلة في حالة الاخفاق".
اذا، لنسأل انفسنا: الان، وقد فهمنا الموقف بعد فوات الاوان، هل كان للسياسة تجاه ايران اي معنى، مع الاخذ بنظر الاعتبار العواقب الوخيمة للثورة الايرانية؟ هل كان على الولايات المتحدة ان تشجع الشاه لان يضرب المتظاهرين بشكل اشد وان ينجو من العاصفة، كما كان يدعو بعض المتشددين في ذلك الوقت؟ ام كان ينبغي التشجيع على الاسراع في تغيير النظام بعد ان اصبح واضحا عدم قدرة الشاه على الاصلاح؟
حتى الآن، بعد مضي ثلاثين عاما، من الصعب معرفة ما الذي توجب علينا فعله في ذلك الوقت. وربما يكون ذلك هو بيت القصيد. يشعر الكثير من الامريكيين –غريزيا– انه كان على الولايات المتحدة ان تدفع من اجل اصلاح فوري، وان تساعد في هندسة التحول الى ايران ديمقراطية. كان ينبغي لنا ان نتقدم على العاصفة، استنادا الى هذه الجدلية (قبل ان تـُستغل حركة التغيير الايرانية من قبل اية الله الخميني، والذي تبين انه يسعى الى تدمير الحداثة) من اجل دولة علمانية كانت في مخاض الولادة اثناء فترة حكم الشاه المضطربة.
يتخذ الدعاة الى التدخل (الرفيق) في الباكستان خطا مشابها. لم يكن فرض مُشرّف لحالة الطواريء سوى تصرفا يائسا. حسب هذا النقاش فان تغيير النظام قادم في الباكستان، وينبغي علينا العمل مع زعماء المعارضة المسؤولة مثل رئيسة الوزراء السابقة بينازير بوتو من اجل التشجيع على احداث انتقال سياسي. وما لم يوافق على المضي قدما في اجراء الانتخابات النيابية المقررة في كانون الثاني، فان على امريكا ان تحاصره من خلال تخفيض مقدار المساعدات التي تقدمها له والبالغة 150 مليون دولار شهريا.
يجادل دعاة تغيير النظام الاصلاحيون ابعد من ذلك بالقول باننا في وضع افضل في حالة الباكستان مما كنا عليه في حالة ايران. فقد بدأت ادارة بوش باقناع مُشرّف قبل عدة اشهر لتوسيع القاعدة السياسية من خلال السماح بعودة بوتو. كما ان العديد من المتظاهرين في شوارع لاهور واسلام اباد وكراتشي ليسوا اسلاميين سلفيين، بل محامين من الطبقة المتوسطة. وقائدهم ليس المتعصب اسامة بن لادن، ولكن افتخار محمد جاودري رئيس المحكمة العليا المُـقال.
بيد اننا بينما نراقب آلام ولادة باكستان افضل، فنحن نعلم ان نشطاء القاعدة يخططون للاستفادة من الفوضى. ونحن نعي ايضا انه اذا اطيح بمشرف فان هناك تهديدا جديدا سوف ينشأ عن الاسلحة النووية الباكستانية، والاكثر من ذلك تهديدا يتمثل في السماح للاخرين بالاستفادة من القدرات النووية لبناء اسلحة نووية او قنابل قذرة.
ان الحقيقة الراسخة، حول ايران والآن حول الباكستان، ان الغرباء لا يفهمون القوى الفاعلة في هذه المجتمعات بالقدر الكافي لكي يحاولوا التلاعب بالاحداث. ان كارثة ايران حدثت جزئيا بسبب التوسط الامريكي، من خلال تنصيب الشاه بالمقام الاول، ومن ثم تمكينه من الحكم الاوتوقراطي. وبالمثل، عانت الباكستان على مدى سنين من التدخلات الامريكية الكثيرة.
لقد جاب الباكستانيون الشوارع احتجاجا على اعتداء مُشرّف الفظ على الديمقراطية. وانا آمل ان ينجحوا في تأسيس باكستان اكثر حرية وديمقراطية. وانا اصلي لكي يعمل الاصلاحيون مع الجيش الباكستاني لاخماد تحركات القاعدة وحركة طالبان، واللتين يمكن لهما ان تدمرا اي أثر للديمقراطية في ذلك البلد.
ولكن تغيير الباكستان هو مهمة الباكستانيين، ويبين التاريخ اننا كلما افرطنا في التدخل، كلما زادت فرص ان نقوم بالاشياء الخاطئة.
ترجمة: علاء غزالة
بينما نكافح من اجل ان نفهم الازمة الحالية في الباكستان، من المفيد ان نتفكر في ما جرى قبل ما يقرب من ثلاثين سنة مضت، عندما اطاحت موجة من المظاهرات بشاه ايران وانتهت باقامة الجمهورية الاسلامية، الزلزال الثوري الذي لازالت موجاته الارتدادية تعصف بالشرق الاوسط.
لقد كان الشاه صديقا لامريكا، كما هو حال الرئيس الباكستاني برويز مُشرّف. لقد كان حليفنا القوي والمخلص ضد بُعبع الشر في ذلك الوقت، الاتحاد السوفيتي، تماما كما كان مُشرّف شريكا لامريكا في الحرب على القاعدة. لقد تجاهل الشاه التحذيرات الامريكية لتنظيف نظامه الغير ديمقراطي، كما يفعل مُشرّف الان. وحينما تعمقت متاعب الشاه، أملت الولايات المتحدة ان يحافظ المعارضون المعتدلون على البلاد بمأمن من المتعصبين المسلمين، تماما كما نأمل الان في الباكستان.
ومع ذلك، جاء الانفجار الايراني عاصفة نارية من الغضب احرقت كل محاولة للاعتدال او التسوية. لقد بدأت عملية مشابهة لاحداث تغيير كبير غير اعتيادي. لكن هناك فرقا واحدا مرعبا: الباكستان لديها اسلحة نووية.
لقد قدم غاري سيك، وهو استاذ في جامعة كولمبيا ساعد ادارة كارتر في مراقبة السياسة الايرانية اثناء فترة الثورة، قدم المقارنة الايرانية بشكل قوي، حيث كتب قائلا: "لم تكن هناك (الخطة ب)"، وهو يرى ان نفس الدينامية تجري في الباكستان، مضيفا: "لقد رهنا المزرعة لرجل واحد، بوفيز مُشرّف في هذه الحالة، وليس لدينا موقعا نتراجع اليه، ليس لدينا استراتيجية بديلة في حالة الاخفاق".
اذا، لنسأل انفسنا: الان، وقد فهمنا الموقف بعد فوات الاوان، هل كان للسياسة تجاه ايران اي معنى، مع الاخذ بنظر الاعتبار العواقب الوخيمة للثورة الايرانية؟ هل كان على الولايات المتحدة ان تشجع الشاه لان يضرب المتظاهرين بشكل اشد وان ينجو من العاصفة، كما كان يدعو بعض المتشددين في ذلك الوقت؟ ام كان ينبغي التشجيع على الاسراع في تغيير النظام بعد ان اصبح واضحا عدم قدرة الشاه على الاصلاح؟
حتى الآن، بعد مضي ثلاثين عاما، من الصعب معرفة ما الذي توجب علينا فعله في ذلك الوقت. وربما يكون ذلك هو بيت القصيد. يشعر الكثير من الامريكيين –غريزيا– انه كان على الولايات المتحدة ان تدفع من اجل اصلاح فوري، وان تساعد في هندسة التحول الى ايران ديمقراطية. كان ينبغي لنا ان نتقدم على العاصفة، استنادا الى هذه الجدلية (قبل ان تـُستغل حركة التغيير الايرانية من قبل اية الله الخميني، والذي تبين انه يسعى الى تدمير الحداثة) من اجل دولة علمانية كانت في مخاض الولادة اثناء فترة حكم الشاه المضطربة.
يتخذ الدعاة الى التدخل (الرفيق) في الباكستان خطا مشابها. لم يكن فرض مُشرّف لحالة الطواريء سوى تصرفا يائسا. حسب هذا النقاش فان تغيير النظام قادم في الباكستان، وينبغي علينا العمل مع زعماء المعارضة المسؤولة مثل رئيسة الوزراء السابقة بينازير بوتو من اجل التشجيع على احداث انتقال سياسي. وما لم يوافق على المضي قدما في اجراء الانتخابات النيابية المقررة في كانون الثاني، فان على امريكا ان تحاصره من خلال تخفيض مقدار المساعدات التي تقدمها له والبالغة 150 مليون دولار شهريا.
يجادل دعاة تغيير النظام الاصلاحيون ابعد من ذلك بالقول باننا في وضع افضل في حالة الباكستان مما كنا عليه في حالة ايران. فقد بدأت ادارة بوش باقناع مُشرّف قبل عدة اشهر لتوسيع القاعدة السياسية من خلال السماح بعودة بوتو. كما ان العديد من المتظاهرين في شوارع لاهور واسلام اباد وكراتشي ليسوا اسلاميين سلفيين، بل محامين من الطبقة المتوسطة. وقائدهم ليس المتعصب اسامة بن لادن، ولكن افتخار محمد جاودري رئيس المحكمة العليا المُـقال.
بيد اننا بينما نراقب آلام ولادة باكستان افضل، فنحن نعلم ان نشطاء القاعدة يخططون للاستفادة من الفوضى. ونحن نعي ايضا انه اذا اطيح بمشرف فان هناك تهديدا جديدا سوف ينشأ عن الاسلحة النووية الباكستانية، والاكثر من ذلك تهديدا يتمثل في السماح للاخرين بالاستفادة من القدرات النووية لبناء اسلحة نووية او قنابل قذرة.
ان الحقيقة الراسخة، حول ايران والآن حول الباكستان، ان الغرباء لا يفهمون القوى الفاعلة في هذه المجتمعات بالقدر الكافي لكي يحاولوا التلاعب بالاحداث. ان كارثة ايران حدثت جزئيا بسبب التوسط الامريكي، من خلال تنصيب الشاه بالمقام الاول، ومن ثم تمكينه من الحكم الاوتوقراطي. وبالمثل، عانت الباكستان على مدى سنين من التدخلات الامريكية الكثيرة.
لقد جاب الباكستانيون الشوارع احتجاجا على اعتداء مُشرّف الفظ على الديمقراطية. وانا آمل ان ينجحوا في تأسيس باكستان اكثر حرية وديمقراطية. وانا اصلي لكي يعمل الاصلاحيون مع الجيش الباكستاني لاخماد تحركات القاعدة وحركة طالبان، واللتين يمكن لهما ان تدمرا اي أثر للديمقراطية في ذلك البلد.
ولكن تغيير الباكستان هو مهمة الباكستانيين، ويبين التاريخ اننا كلما افرطنا في التدخل، كلما زادت فرص ان نقوم بالاشياء الخاطئة.
Monday, October 08, 2007
فيدرالية.. ليست تقسيما
عن واشنطن بوست، بقلم: جوزيف بايدن وليزلي غيلب*
ترجمة: علاء غزالة
استقبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قرار مجلس الشيوخ على السياسة في العراق –والذي بني على خطة اقترحت عام 2006– استقبله بسوء الفهم والاوهام. لقد صوت خمس وسبعون سيناتورا، بضمنهم ست وعشرون جمهوريا على الترويج لتسوية سياسية مستندة على تقاسم السلطة غير المركزي. لقد كان القرار بمثابة سفينة نجاة للسياسة في العراق، والتي تسير على غير هدى.
بدلا من ذلك، قام المالكي والادارة الامريكية –من خلال سفارتنا في بغداد– بتشويه تعديل بايدن–براونباك فلم يعد ممكنا التعرف اليه، مدعين اننا نبحث عن "تقسيم او تقطيع العراق من خلال الترهيب او القوة او وسائل اخرى".
نريد ان نوضح شيئا للتوثيق. اذا لم تستطع الولايات المتحدة على ان تضع الفيدرالية على الطريق، فلن يكون لدينا فرصة في تسوية سياسية في العراق ولن تكون لدينا فرصة –بدون ذلك– لمغادرة العراق بدون ان نخلف الفوضى خلفنا.
اولا، ان خطتنا ليست التقسيم، وان سميت بذلك خطأ حتى من قبل بعض المساندين ووسائل الاعلام. يمكن لخطتنا ان تحافظ على العراق موحدا من خلال نفخ الروح في النظام الفيدرالي الذي وقـّره ونص عليه الدستور. ان عراقا فيدراليا هو عراق موحد الا ان السلطات فيه تكون موزعة على حكومات الاقاليم، مع مسؤوليات محدودة للحكومة المركزية في القضايا العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية.
لم يعرف العراق الفيدرالية يوما. وهي، بغياب المحتل او الطاغية، كانت على مدى التاريخ الطريق الوحيد للحافظ على بلدان غير متحدة في كيان واحد. يمكننا ان نشير الى نظامنا الفيدرالي وكيف بدأ ومعظم السلطات بايدي الولايات. كما يمكننا الاشارة الى حلول مشابهة في الامارات العربية المتحدة واسبانيا والبوسنة. يرغب معظم العراقيين في الحفاظ على بلدهم موحدا. ولكن اذا استمر قادة العراق في سماع القادة الامريكيين يقولون بان الفيدرالية تعادل او تؤدي الى التقسيم، فان ذلك ما سيصدقوه.
جاء بديل ادارة بوش من خلال الترويج لافكار غير واقعية عن حكومة مركزية قوية في بغداد. ان هذه الحكومة المركزية لا تعمل بالشكل الصحيح، وهي فاسدة وتـُعتبر بشكل واسع غير مناسبة. لقد فشلت في تحقيق مصالحة وطنية، وليس هناك دليل انها ستنجح في ذلك.
ثانيا، نحن لا نحاول ان نفرض خطتنا. اذا لم يرغب فيها العراقيون فلن يأخذوها ولن يتوجب عليهم ذلك، كما ينص تعديل مجلس الشيوخ بوضوح. ولكن العراقيين والبيت الابيض عليهم ان يراعوا الحقائق. الدستور العراقي مهيئ بالفعل للنظام الفيدرالي. وبالنسبة للمناطق التي تشكل مع بعضها خطوطا طائفية، فان الدستور يترك الخيار لمواطني المحافظات الثماني عشرة.
لا يستطيع البيت الابيض ان يشتكي اننا يمكن ان نفرض حلا غير مقبول في العراق. لم يتردد الرئيس بوش في الاطاحة برئيس الوزراء ابراهيم الجعفري لفسح المجال امام المالكي، وهو لن يتردد في فعل الشيء نفسه للمالكي.
تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤوليات تجاه العراق والتي لا يمكن ان نهرب منها. سوف يحتاج العراقيون لمساعدتنا في توضيح وتنظيم الدعم لحل فيدرالي. مع وجود 160 ألف امريكي في خطر في العراق، وانفاق مئات المليارات من الدولارات، ومع ما يزيد على 3800 قتيل وقرابة 28 ألف جريح، فاننا ايضا لدينا الحق في ان نـُسمع.
ثالثا، ان خطتنا لن يسفر عنها "المعاناة وسفك الدماء"، كما يدّعي بيان السفارة الامريكية بشكل غير مسؤول. كما انه من الصعب تخيل معاناة وسفك للدماء يفوق ما نراه واقعا من قبل المليشيات التي تغض الحكومة عنها النظر، والجهاديون، والبعثيون، وعدم الكفاءة الحكومية. لقد هرب ما يزيد على اربعة ملايين عراقي من بيوتهم، خشية العنف الطائفي في الغالب.
ينبغي على ادارة بوش ان تساعد في انجاح الفيدرالية –من خلال اتفاقية على توزيع عادل لعائدات النفط، وعودة سالمة للاجئين، وتكامل اعضاء المليشيات مع القوات الامنية المحلية، والدعوة الى مصالح مشتركة لبلدان اخرى في عراق مستقر، واعادة التركيز على بناء القدرات وتقديم المساعدة للمحافظات والاقاليم– وليس في اثارة فزعهم من خلال مساواة الفيدرالية بالتقسيم، والطائفية، والترهيب الاجنبي.
ولاثارة المزيد من التشويش فقد لجأت الادارة الى استراتيجية "من القاعدة الى الاعلى" الخدّاعة، والتي تبدو وكأنها فيدرالية، ولها رائحة الفيدرالية، ولكنها في الواقع وصفة للفوضى.
يبدو ان "من القاعدة الى الاعلى" تعني ان الولايات المتحدة سوف تساند اي فريق، في اي مكان، سوف يقاتل القاعدة او متطرفي الشيعة. الآن، كان منطقيا دائما ان نبحث عن حلفاء بين شيوخ العشائر لمحاربة عدو ارهابي مشترك. ولكن مساندة هذه الفرق ببساطة عندما تظهر، من غير سياق او غاية سياسية شاملة، انما هي دعوة للانفلات. لن يفرّق العراق شيء بقدر طريقة من القاعدة الى الاعلى، والتي تحرّض احد المجاميع ضد الاخرى وتفشل في وصل هذه المجاميع مع بعضها لتكوّن كيان يمكن السيطرة عليه.
تبدو الفيدرالية كتركيبة واحدة تلائم ما يبدو انها رغبات متضادة لمعظم العراقيين في الابقاء عليه موحدا، ورغبات الفرق المتنوعة التي تريد ان تحكم نفسها في الوقت الحالي. انها ايضا تشخـّص واقع الخيار الذي نواجه في العراق: تحوّل مدبّر الى الفيدرالية، او تقسيم حقيقي من خلال حرب اهلية.
*جوزيف بايدن: رئيس لجنة مجلس الشيوخ الامريكي للعلاقات الخارجية.
ليزلي غيلب: الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية.
ترجمة: علاء غزالة
استقبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قرار مجلس الشيوخ على السياسة في العراق –والذي بني على خطة اقترحت عام 2006– استقبله بسوء الفهم والاوهام. لقد صوت خمس وسبعون سيناتورا، بضمنهم ست وعشرون جمهوريا على الترويج لتسوية سياسية مستندة على تقاسم السلطة غير المركزي. لقد كان القرار بمثابة سفينة نجاة للسياسة في العراق، والتي تسير على غير هدى.
بدلا من ذلك، قام المالكي والادارة الامريكية –من خلال سفارتنا في بغداد– بتشويه تعديل بايدن–براونباك فلم يعد ممكنا التعرف اليه، مدعين اننا نبحث عن "تقسيم او تقطيع العراق من خلال الترهيب او القوة او وسائل اخرى".
نريد ان نوضح شيئا للتوثيق. اذا لم تستطع الولايات المتحدة على ان تضع الفيدرالية على الطريق، فلن يكون لدينا فرصة في تسوية سياسية في العراق ولن تكون لدينا فرصة –بدون ذلك– لمغادرة العراق بدون ان نخلف الفوضى خلفنا.
اولا، ان خطتنا ليست التقسيم، وان سميت بذلك خطأ حتى من قبل بعض المساندين ووسائل الاعلام. يمكن لخطتنا ان تحافظ على العراق موحدا من خلال نفخ الروح في النظام الفيدرالي الذي وقـّره ونص عليه الدستور. ان عراقا فيدراليا هو عراق موحد الا ان السلطات فيه تكون موزعة على حكومات الاقاليم، مع مسؤوليات محدودة للحكومة المركزية في القضايا العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية.
لم يعرف العراق الفيدرالية يوما. وهي، بغياب المحتل او الطاغية، كانت على مدى التاريخ الطريق الوحيد للحافظ على بلدان غير متحدة في كيان واحد. يمكننا ان نشير الى نظامنا الفيدرالي وكيف بدأ ومعظم السلطات بايدي الولايات. كما يمكننا الاشارة الى حلول مشابهة في الامارات العربية المتحدة واسبانيا والبوسنة. يرغب معظم العراقيين في الحفاظ على بلدهم موحدا. ولكن اذا استمر قادة العراق في سماع القادة الامريكيين يقولون بان الفيدرالية تعادل او تؤدي الى التقسيم، فان ذلك ما سيصدقوه.
جاء بديل ادارة بوش من خلال الترويج لافكار غير واقعية عن حكومة مركزية قوية في بغداد. ان هذه الحكومة المركزية لا تعمل بالشكل الصحيح، وهي فاسدة وتـُعتبر بشكل واسع غير مناسبة. لقد فشلت في تحقيق مصالحة وطنية، وليس هناك دليل انها ستنجح في ذلك.
ثانيا، نحن لا نحاول ان نفرض خطتنا. اذا لم يرغب فيها العراقيون فلن يأخذوها ولن يتوجب عليهم ذلك، كما ينص تعديل مجلس الشيوخ بوضوح. ولكن العراقيين والبيت الابيض عليهم ان يراعوا الحقائق. الدستور العراقي مهيئ بالفعل للنظام الفيدرالي. وبالنسبة للمناطق التي تشكل مع بعضها خطوطا طائفية، فان الدستور يترك الخيار لمواطني المحافظات الثماني عشرة.
لا يستطيع البيت الابيض ان يشتكي اننا يمكن ان نفرض حلا غير مقبول في العراق. لم يتردد الرئيس بوش في الاطاحة برئيس الوزراء ابراهيم الجعفري لفسح المجال امام المالكي، وهو لن يتردد في فعل الشيء نفسه للمالكي.
تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤوليات تجاه العراق والتي لا يمكن ان نهرب منها. سوف يحتاج العراقيون لمساعدتنا في توضيح وتنظيم الدعم لحل فيدرالي. مع وجود 160 ألف امريكي في خطر في العراق، وانفاق مئات المليارات من الدولارات، ومع ما يزيد على 3800 قتيل وقرابة 28 ألف جريح، فاننا ايضا لدينا الحق في ان نـُسمع.
ثالثا، ان خطتنا لن يسفر عنها "المعاناة وسفك الدماء"، كما يدّعي بيان السفارة الامريكية بشكل غير مسؤول. كما انه من الصعب تخيل معاناة وسفك للدماء يفوق ما نراه واقعا من قبل المليشيات التي تغض الحكومة عنها النظر، والجهاديون، والبعثيون، وعدم الكفاءة الحكومية. لقد هرب ما يزيد على اربعة ملايين عراقي من بيوتهم، خشية العنف الطائفي في الغالب.
ينبغي على ادارة بوش ان تساعد في انجاح الفيدرالية –من خلال اتفاقية على توزيع عادل لعائدات النفط، وعودة سالمة للاجئين، وتكامل اعضاء المليشيات مع القوات الامنية المحلية، والدعوة الى مصالح مشتركة لبلدان اخرى في عراق مستقر، واعادة التركيز على بناء القدرات وتقديم المساعدة للمحافظات والاقاليم– وليس في اثارة فزعهم من خلال مساواة الفيدرالية بالتقسيم، والطائفية، والترهيب الاجنبي.
ولاثارة المزيد من التشويش فقد لجأت الادارة الى استراتيجية "من القاعدة الى الاعلى" الخدّاعة، والتي تبدو وكأنها فيدرالية، ولها رائحة الفيدرالية، ولكنها في الواقع وصفة للفوضى.
يبدو ان "من القاعدة الى الاعلى" تعني ان الولايات المتحدة سوف تساند اي فريق، في اي مكان، سوف يقاتل القاعدة او متطرفي الشيعة. الآن، كان منطقيا دائما ان نبحث عن حلفاء بين شيوخ العشائر لمحاربة عدو ارهابي مشترك. ولكن مساندة هذه الفرق ببساطة عندما تظهر، من غير سياق او غاية سياسية شاملة، انما هي دعوة للانفلات. لن يفرّق العراق شيء بقدر طريقة من القاعدة الى الاعلى، والتي تحرّض احد المجاميع ضد الاخرى وتفشل في وصل هذه المجاميع مع بعضها لتكوّن كيان يمكن السيطرة عليه.
تبدو الفيدرالية كتركيبة واحدة تلائم ما يبدو انها رغبات متضادة لمعظم العراقيين في الابقاء عليه موحدا، ورغبات الفرق المتنوعة التي تريد ان تحكم نفسها في الوقت الحالي. انها ايضا تشخـّص واقع الخيار الذي نواجه في العراق: تحوّل مدبّر الى الفيدرالية، او تقسيم حقيقي من خلال حرب اهلية.
*جوزيف بايدن: رئيس لجنة مجلس الشيوخ الامريكي للعلاقات الخارجية.
ليزلي غيلب: الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية.
Monday, August 27, 2007
اختبار آخر في العراق: مساعدتنا للاجئين
عن الواشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
تؤكد ادارة بوش، بشكل صحيح، على ان عموم منطقة الشرق الاوسط، من القصور الرئاسية الى قواعد الارهابيين، هي في حالة ترقب لما ستؤول اليه الاوضاع في العراق لكي تحكم على القرار الامريكي. لكن المنطقة تتخذ اجراءات فورية اضافية حيال الالتزام الامريكي تجاه اصدقائها: استجابتنا الى ازمة اللاجئين العراقيين. وهذه هي ايضا قضية مصداقية وشرف وطني.
لقد نزح مليونا عراقي داخل العراق نتيجة للعنف الطائفي وانتشار الخوف، بينما هرب مليونان آخران من البلاد الى سوريا والاردن ولبنان ومصر وبلدان اخرى. واستنادا الى الامم المتحدة فان دفقا ثابتا من اللاجئين الجدد يستمر بمعدل 50,000 لاجيء كل شهر. هؤلاء العراقيون، في اغلب الاماكن، ليسوا مركزين في الخيام ولكن موزعين على مناطق حضرية فقيرة في مدن مثل دمشق وعمان، مما يجعل من الصعب على الوكالات الانسانية تعريفهم والوصول اليهم.
ان وصول مئات الالاف من العراقيين قد خلق حالة من التوتر. فقد غمروا الخدمات التعليمية والصحية، وزادوا من الاسعار، واثاروا الشبهات. وحسب كريستل يونز من منظمة اللاجئين الدولية، فان لبنان بدأت بالترحيل. بعض اللاجئين في الادرن مختبئين مخافة الاغارة عليهم. الخطر النهائي واضح: كما اظهر بعض الفلسطينيين، فان تجمعات اللاجئين يمكن ان تحتفظ بتظلماتها لتحيلها الى الحركات المتطرفة مما يقدح نزاع اوسع.
خلال الشهور القليلة الماضية تحسنت الاستجابة الامريكية من (شحيحة بشكل محزن) الى (اقل ما يمكن). تموّل الولايات المتحدة اعتياديا نسبة 30% من جهود اغاثة اللاجئين من خلال الامم المتحدة، وتتعاون بشكل وثيق مع منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي. لكن هذه المبادرات العالمية التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات والتي تقدم مساعدات الى ملايين اللاجئين، غير مكافئة اطلاقا لمقياس الحاجة. لقد بلغت مقدار جهود اغاثة النازحين داخل العراق التي قدمتها امريكا من خلال منظمة الهجرة العالمية مليار دولار العام الماضي، والتي يتعبرها يونز "مبلغا ضئيلا". واذا لم تقدّم امريكا وحلفاؤها مساعدة عمليّة للاجئين، فان المتطرفين الاسلاميين ماهرين في مليء الفجوة.
يقوم بعض اعضاء الكونغرس بالتأكيد على هذه القضية بوضوح كطريقة لاحراج الرئيس، على اساس النظرية التي تقول بان تدفق اللاجئين الضخم يثبت ان الجهود في العراق قد فشلت. لكن مشكلة اللاجئين في الواقع تعزز حجة مختلفة للغاية. كما يشير كين بولاك من معهد بروكينز، يمكن ان تسبب حربا اهلية في كافة انحاء العراق زيادة درامية في اعداد اللاجئين العراقيين. سوف يكون من الصعب على جيران العراق مثل الكويت والسعودية ان توقف تدفقهم. كما ان التوازن الطائفي الهش في عدة بلدان شرق اوسطية سوف يختل، مما يسبب اضطرابا خطيرا. ان انسحابا امريكيا كبيرا ومتعجلا من العراق سوف يؤدي الى جعل المشكلة البائسة اصلا، اكثر سوءا.
بيد ان مصداقية حجة احد منسوبي ادارة بوش، والتي تقضي بان امريكا يجب ان لا تترك العراقيين الى الفوضى والمجازر الجماعية بان تغادر قبل الاوان، سوف تـُدعّم اذا اظهرت امريكا التزاما الى النازحين العراقيين الآن. ان مساعدة اللاجئين العراقيين على مقياس اوسع هي ليست ضرورة محرجة. انها فرصة لاظهار التوافقية، والاهتمام بالاحتياجات الانسانية والتزام بنـّاء وطويل الامد في الشرق الاوسط. وبدلا من الخلي عن الدور القيادي في هذه القضية الى الكونغرس، فان الادارة الامريكية يجب ان تطور مقاربة مفصلة، بزيادة تمويلها الى جهود اغاثة اللاجئين، بينما تمارس ضغوطا على اصدقائها في الشرق الاوسط واوربا لتفعل المزيد كذلك.
واذا اردنا ان نكون مقنعين علينا نبدأ هذه الجهود برفع الاحراج القومي. لقد اوصت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة بمنح ثمانية الاف عراقي تأشيرة الدخول الى الولايات المتحدة هذا العام وذلك لانهم ساعدوا القوات الامريكية، وهم يعيشون الآن تحت تهديد القتل او الخطف او المحاكمة. لكن منح اللجوء لهؤلاء العراقيين كان على شكل قطرات: حوالي 200 فقط حصلوا على اللجوء في النصف الاول من هذا العام، والسبب الرئيس يعود على مخاوف الارهاب في وزراة الامن الوطني الامريكية. ان تدقيق ملفات اللاجئين مهم للغاية، مهم للدرجة التي تحتم على المسؤولين ذوي العلاقة ان يقوموا بها باسرع وقت، وان يتوقفوا عن تعريض امريكا الى المزيد من الازدراء.
بقد تعلق الامر بموضوع اللاجئين، فان العراق ليس فيتنام. لم تتخلَّ امريكا عن الشعب العراقي، وليست هناك حاجة لاعادة توطين مئات الالاف بشكل دائم، بل اننا لازلنا نأمل ان يقوم الكثير من اللاجئين بالعودة طواعية حينما يتحسن الوضع الامني. يوضح يونز: "نحن لا نقول ان الجهود في العراق كانت فاشلة. كما اننا لا نناقش نجاح او عدم نجاح هذه الجهود، لكنك لا يمكنك ان تمنع العواقب الانسانية".
ان تركيز الاهتمام على هذه العواقب سوف يرجح كفة النجاح.
ترجمة: علاء غزالة
تؤكد ادارة بوش، بشكل صحيح، على ان عموم منطقة الشرق الاوسط، من القصور الرئاسية الى قواعد الارهابيين، هي في حالة ترقب لما ستؤول اليه الاوضاع في العراق لكي تحكم على القرار الامريكي. لكن المنطقة تتخذ اجراءات فورية اضافية حيال الالتزام الامريكي تجاه اصدقائها: استجابتنا الى ازمة اللاجئين العراقيين. وهذه هي ايضا قضية مصداقية وشرف وطني.
لقد نزح مليونا عراقي داخل العراق نتيجة للعنف الطائفي وانتشار الخوف، بينما هرب مليونان آخران من البلاد الى سوريا والاردن ولبنان ومصر وبلدان اخرى. واستنادا الى الامم المتحدة فان دفقا ثابتا من اللاجئين الجدد يستمر بمعدل 50,000 لاجيء كل شهر. هؤلاء العراقيون، في اغلب الاماكن، ليسوا مركزين في الخيام ولكن موزعين على مناطق حضرية فقيرة في مدن مثل دمشق وعمان، مما يجعل من الصعب على الوكالات الانسانية تعريفهم والوصول اليهم.
ان وصول مئات الالاف من العراقيين قد خلق حالة من التوتر. فقد غمروا الخدمات التعليمية والصحية، وزادوا من الاسعار، واثاروا الشبهات. وحسب كريستل يونز من منظمة اللاجئين الدولية، فان لبنان بدأت بالترحيل. بعض اللاجئين في الادرن مختبئين مخافة الاغارة عليهم. الخطر النهائي واضح: كما اظهر بعض الفلسطينيين، فان تجمعات اللاجئين يمكن ان تحتفظ بتظلماتها لتحيلها الى الحركات المتطرفة مما يقدح نزاع اوسع.
خلال الشهور القليلة الماضية تحسنت الاستجابة الامريكية من (شحيحة بشكل محزن) الى (اقل ما يمكن). تموّل الولايات المتحدة اعتياديا نسبة 30% من جهود اغاثة اللاجئين من خلال الامم المتحدة، وتتعاون بشكل وثيق مع منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي. لكن هذه المبادرات العالمية التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات والتي تقدم مساعدات الى ملايين اللاجئين، غير مكافئة اطلاقا لمقياس الحاجة. لقد بلغت مقدار جهود اغاثة النازحين داخل العراق التي قدمتها امريكا من خلال منظمة الهجرة العالمية مليار دولار العام الماضي، والتي يتعبرها يونز "مبلغا ضئيلا". واذا لم تقدّم امريكا وحلفاؤها مساعدة عمليّة للاجئين، فان المتطرفين الاسلاميين ماهرين في مليء الفجوة.
يقوم بعض اعضاء الكونغرس بالتأكيد على هذه القضية بوضوح كطريقة لاحراج الرئيس، على اساس النظرية التي تقول بان تدفق اللاجئين الضخم يثبت ان الجهود في العراق قد فشلت. لكن مشكلة اللاجئين في الواقع تعزز حجة مختلفة للغاية. كما يشير كين بولاك من معهد بروكينز، يمكن ان تسبب حربا اهلية في كافة انحاء العراق زيادة درامية في اعداد اللاجئين العراقيين. سوف يكون من الصعب على جيران العراق مثل الكويت والسعودية ان توقف تدفقهم. كما ان التوازن الطائفي الهش في عدة بلدان شرق اوسطية سوف يختل، مما يسبب اضطرابا خطيرا. ان انسحابا امريكيا كبيرا ومتعجلا من العراق سوف يؤدي الى جعل المشكلة البائسة اصلا، اكثر سوءا.
بيد ان مصداقية حجة احد منسوبي ادارة بوش، والتي تقضي بان امريكا يجب ان لا تترك العراقيين الى الفوضى والمجازر الجماعية بان تغادر قبل الاوان، سوف تـُدعّم اذا اظهرت امريكا التزاما الى النازحين العراقيين الآن. ان مساعدة اللاجئين العراقيين على مقياس اوسع هي ليست ضرورة محرجة. انها فرصة لاظهار التوافقية، والاهتمام بالاحتياجات الانسانية والتزام بنـّاء وطويل الامد في الشرق الاوسط. وبدلا من الخلي عن الدور القيادي في هذه القضية الى الكونغرس، فان الادارة الامريكية يجب ان تطور مقاربة مفصلة، بزيادة تمويلها الى جهود اغاثة اللاجئين، بينما تمارس ضغوطا على اصدقائها في الشرق الاوسط واوربا لتفعل المزيد كذلك.
واذا اردنا ان نكون مقنعين علينا نبدأ هذه الجهود برفع الاحراج القومي. لقد اوصت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة بمنح ثمانية الاف عراقي تأشيرة الدخول الى الولايات المتحدة هذا العام وذلك لانهم ساعدوا القوات الامريكية، وهم يعيشون الآن تحت تهديد القتل او الخطف او المحاكمة. لكن منح اللجوء لهؤلاء العراقيين كان على شكل قطرات: حوالي 200 فقط حصلوا على اللجوء في النصف الاول من هذا العام، والسبب الرئيس يعود على مخاوف الارهاب في وزراة الامن الوطني الامريكية. ان تدقيق ملفات اللاجئين مهم للغاية، مهم للدرجة التي تحتم على المسؤولين ذوي العلاقة ان يقوموا بها باسرع وقت، وان يتوقفوا عن تعريض امريكا الى المزيد من الازدراء.
بقد تعلق الامر بموضوع اللاجئين، فان العراق ليس فيتنام. لم تتخلَّ امريكا عن الشعب العراقي، وليست هناك حاجة لاعادة توطين مئات الالاف بشكل دائم، بل اننا لازلنا نأمل ان يقوم الكثير من اللاجئين بالعودة طواعية حينما يتحسن الوضع الامني. يوضح يونز: "نحن لا نقول ان الجهود في العراق كانت فاشلة. كما اننا لا نناقش نجاح او عدم نجاح هذه الجهود، لكنك لا يمكنك ان تمنع العواقب الانسانية".
ان تركيز الاهتمام على هذه العواقب سوف يرجح كفة النجاح.
Saturday, June 23, 2007
الولايات المتحدة تعتمد على السودان رغم ادانتها
عن: لوس انجلس تايمز
كتابة: غريغ ميللر وجوش ميير
ترجمة: علاء غزالة
عملت السودان بشكل سري مع وكالة الاستخبارت المركزية (الامريكية) CIA للتجسس على الحركات المسلحة في العراق، في مثال على كيفية استمرار تعامل الولايات المتحدة مع النظام السوداني رغم ادانته لدوره المشتبه به في مقتل عشرات الالاف من المدنيين في دارفور
وقد ادان الرئيس بوش اعمال القتل في مناطق غرب السودان على انها ابادة جماعية، ثم فرض عقوبات على حكومة السودان. لكن بعض النقاد يقول ان الادارة الامريكية قد خففت من تطبيق العقوبات للمحافظة على التعاون الاستخباري المكثف مع السودان.
ان هذه العلاقة تؤكد الحقائق المعقدة لعالم ما بعد الحادي عشر من ايلول، حيث اعتمدت الولايات المتحدة بكثافة على االتعاون العسكري والاستخباري مع دول عدة من بينها السودان واوزبكستان، والتي كانت تعد من الدول المنبوذة بسبب سجلها في مجال حقوق الانسان.
قال احد مسؤولي الاستخبارات الامريكية، وقد طلب مثل غيره عدم الكشف عن هويته، حينما دارت مناقشة حول تقييم الاستخبارات: "يحدث التعاون الاستخباري لاسباب كثيرة جدا. وهو لا يكون دائما بين اناس يحب بعضهم بعضا كثيرا".
وقد تزايدت اهمية السودان بالنسبة للولايات المتحدة منذ هجمات 11 ايلول بسبب ان هذه الدولة العربية السنية اضحت معبرا للمقاتلين الاسلاميين الذين يعتزمون الذهاب الى العراق او الباكستان. يقول المسؤولون ان تدفق المقاتلين الاجانب المستمر قد وفر غطاءا للمخابرات السودانية لزرع جواسيس في العراق. ويؤكد احد موظفي الاستخبارات الامريكية السابقين، وقد كان يشغل منصبا رفيعا وهو مطلع جيدا على التعاون بين السودان والـ CIA على انه: "اذا كان لديك جهاديين يسافرون عبر السودان الى العراق، فان هناك نمطا متواترا في هذا البلد يمنع بحد ذاته من اثارة الشكوك. انه يخلق فرصا لارسال سودانيين ضمن الجموع المتدفقة".
وكنتيجة لذلك، فان الجواسيس السودانيين كانوا عادة في موقع افضل من وكالة الاستخبارات الامريكية في جمع المعلومات عن تواجد القاعدة في العراق، بالاضافة الى نشاط الجماعات المسلحة. يقول مسؤول سابق آخر في المخابرات الامريكة، وهو كسابقه ضليع في الشؤون السودانية: "ليس بامكان الاشخاص شقر الشعور، وزرق العيون، ان يفعلوا الكثير في عموم منطقة الشرق الاوسط، وليس بامكنهم فعل اي شيء في العراق. السودانيون بامكانهم الذهاب الى الاماكن التي لا نستطيع الذهاب اليها، فهم عرب وبامكانهم استطلاع ما حولهم".
يرفض المسؤولون الافصاح عمما اذا كانت المخابرات السودانية قد ارسلت ضباطها الى العراق، ويعبرون عن قلقهم حيال حماية المصادر الاستخبارية والطرق المستخدمة. وهم يقولون ان السودان قد اسس شبكة من المخبرين في العراق يقومون بتوفير المعلومات عن المسلحين. كما ان بعضهم تم تجنيده بينما كانوا يسافرون عبر الخرطوم.
ان العلاقات الامريكية–السودانية لا تقتصر على العراق. فقد ساعدت السودان على تعقب الاضطرابات في الصومال من خلال رعاية الاتصالات مع اتحاد المحاكم السلامية والمليشيات الاخرى ضمن الجهود الرامية لايجاد مشتبهي القاعدة المختبئين هناك. كما قدمت السودان تعاونا مكثفا في عمليات مكافحة الارهاب، وقامت، تلبية لطلب الولايات المتحدة، باحتجاز المشتبه بهم لدى مرورهم بالخرطوم.
وبالمقابل فان السودان تحصل على بعض المنابع. فقد حصلت، من خلال علاقتها مع الاستخبارات الامريكية، على قناة خلفية مهمة للاتصالات مع الحكومة الامريكية. كما ان واشنطن استخدمت هذه القناة ايضا في الاتكاء على الخرطوم في الازمة في دارفور وقضايا اخرى.
وفي الوقت الذي كانت السودان تتعرض الى ادانات من المجتمع الدولي، فان عملها في مجابهة الارهاب قد حاز على جائزة ثمينة. لقد اصدرت وزارة الخارجية الامريكية حديثا تقريرا ينعت السودان بانه "شريك قوي في الحرب على الارهاب".
يتهم بعض النقاد ادارة بوش بانها لينة تجاه السودان لخوفها من تعريض جهود مكافحة الارهاب الى الخطر. يصف جون بريندرغاست، وهو مدير الشؤون الافريقية في مجلس الامن القومي بادارة كلينتون، يصف العقوبات الاخيرة التي اعلنها بوش الشهر الماضي بانها "ملابس النافذة" المصممة لاظهاره حازما، بينما لا يضع الا القليل من الضغوط الحقيقية على السودان ليمنع المليشيات، التي يُعتقد بشكل واسع انه يساندها، من قتل افراد القبائل المقيمة في دارفور.
يضيف بريندرغاست، وهو حاليا المستشار الاقدم في مجموعة الازمة الدولية: "ان واحدة من المحددات غير الملحوظة في التحرك النوعي الحقيقي في الاستجابة الى جرائم الابادة في دارفور، هي العلاقات النامية مع السلطات في الخرطوم في معارضة الارهاب. انه العامل المفرد الاكبر الذي يوضح لماذا تكون الفجوة بين الاقوال والافعال كبيرة الى هذه الدرجة".
وقد بيّن السفير السوداني في الولايات المتحدة جون اوكيك، في مقابلة صحفية، ان العقوبات قد تؤثر على نيات بلده في التعاون في الشؤون الاستخبارية. وقد تضمنت الخطوات التي اعلنها بوش منع 31 شركة حكومية سودانية من الدخول ضمن النظام المالي الامريكي.
يقول اوكيك ان قرار فرض عقوبات مالية "ليس بالفكرة الصائبة. انها تخرب التعاون فيما بيننا، وتزيد من قوة الذين اتخذوا جانبا متطرفا، اولئك الذين لا يرغبون في التعاون مع الولايات المتحدة". لكن مسؤولي البيت الابيض و الاستخبارات الامريكية قللوا من شأن الرأي القائل بان التعاون الاستخباري سوف يعاني جرّاء ذلك، ويقولون بانه يصب في مصلحة كلا البلدين. يقول جوردان جوندروي، وهو الناطق الرسمي بلسان مجلس الامن القومي: "ان الشيء الاول الذي أخذ بعين اعتبار عند فرض عقوبات اشد هو ان السودان لم يوقف العنف هناك وان الناس يستمرون في معاناتهم. نحن نتوقع بالتأكيد بان السودان سوف يستمر في جهوده ضد الارهاب لانها تصب في مصلحته، وليس فقط في مصلحتنا".وتكمن مصلحة السودان في تعقب الحركات المسلحة في ان المتطرفين السودانيين والمقاتلين الاجانب الذين يمرون عبر البلاد سوف يعودون ادراجهم، على الارجح، ليكونوا عنصرا كامنا في اثارة عدم الاستقرار. واستنادا الى احد المسؤولين فان تراخي قبضة السودان على المسافرين قد حوله الى "محطة سفر" بالنسبة الى المليشيات الاسلامية، ليس فقط في شمال افريقيا وانما ايضا بالنسبة الى المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج (الفارسي) الاخرى.
يقول بعض موظفي الاستخبارات الامريكية السابقين ان مساعدة السودان حول العراق لا تعدو ان تكون محدودة القيمة، وذلك جزئيا بسبب ان هذا البلد مسؤول عن جزء بسيط من المقاتلين الاجانب، وهم بشكل رئيس على مستويات دنيا من التمرد.
يقول احد مسؤولي المخابرات الامريكية السابقين، وقد عمل سابقا ببغداد: "لن يكون هناك شخص سوداني قريب من القيادة العليا للقاعدة في العراق. قد يكون هناك بعض المقاتلين ولكنهم ليسوا سوى ذخيرة المدفعية. انهم لا يحظون بالثقة والقدرة على تسلق طريقهم الى اعلى. الاشخاص الذين يقودون القاعدة في العراق هم عراقيون واردنيون وسعوديون".
ولكن آخرون يقولون بان مساهمة السودان اصبحت مهمة لان السودانيين قد اضحوا يحتلون بشكل متكرر مواقع الاسناد في عموم المجتمع العربي، بضمنها التمرد في العراق، مما يعطيهم امكانية الوصول الى سلسلة التحركات والامدادات.
يقول مسؤول سابق اخر في وكالة الاستخبارت الامريكية، وقد كان مشرفا على جمع المعلومات الاستخبارية من العراق: "كل مجموعة بحاجة الى سلاح، وكل مجموعة بحاجة الى مكان للاجتماع. يمكن للسودانيين ان يكونوا مشاركين في سلسلة الاسناد او قنوات التهريب من السعودية او الكويت".
ويقول المسؤول في وزارة الخارجية ان السودان قد "وفر معلومات حيوية كان من شأنها ان تساعد جهودنا في مكافحة الارهاب حول العالم"، لكنه يلاحظ ان هناك صراعا موروثا يشوب هذه العلاقة. ويضيف: "لقد فعلوا اشياء انقذت ارواح امريكيين. لكن الخلاصة انهم يقصفون شعبهم خارج وازو في دارفو. في تعاملنا مع السودان، يبدو انهم يلعبون دائما على كلا الطرفين مقابل الوسط".
تميل وكالة الاستخبارت الامريكية الى مناقشة التعاون مع السودان. يقول باول جيميغليانو، الناطق بلسانها: "لا تلتزم الوكالة، كقاعدة عامة، بالعلاقات مع منظمات الاستخبارت الاجنبية". بينما يقول اوليك، السفير السوداني: "ان تفاصيل ما نقوم به في مكافحة الارهاب غير متوفرة للنقاش". لكنه يلاحظ ان وزارة الخارجية الامريكية "قد قالت علنا اننا مشاركون في مكافحة الارهاب"، وان المساعدة التي يقدمها بلده "لا تقتصر على السودان فقط".
وكانت العلاقات بين الاستخبارات الامريكية والسودان قد قـُطعت في منتصف تسعينات القرن المنصرم. ففي ذلك الوقت كانت السودان تقدم ملجأ آمنا لاسامة بن لادن وقادة القاعدة الاخرين. ولكن العلاقات اعيدت بعد فترة قصيرة من اعتداءات 11 ايلول، حينما اعادت الـ CIA فتح مقرها في الخرطوم.
وقد تركز التعاون في البداية على المعلومات التي يمكن ان يقدمها السودان حول نشاطات القاعدة قبل ان يغادر ابن لادن الى افغانستان عام 1996، بضمنها محاولات القاعدة الحصول على اسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية، وحول واجهاتها التجارية العديدة وشركائها هناك.
لكن السودان انتقل منذ ذلك الحين الى ما بعد مشاطرة المعلومات التاريخية عن القاعدة ليشارك في العمليات الجارية لمكافحة الارهاب، مركزا على المناطق التي يبدو فيها ان المساعدة تلقى اكثر تقدير. يقول المسؤول في الاستخبارات الامريكية: "سوف يكون العراق المكان الذي تلعب الاستخبارات فيه اكبر تأثير على امريكا".
في عام 2005 ارسلت الـCIA طائرة نفاثة الى السودان لتقل رئيس مخابرات هذا البلد، الجنرال صلاح عبد الله غوش الى واشنطن لحضور اجتماع عـُقد في مقر الوكالة. لم يعد بعد ذلك غوش الى واشنطن، لكن موظف سابق يقول بان "هناك زيارات تواصلية كل يوم" بين وكالة الاستخبارت الامريكية والمخابرات السودانية.
كتابة: غريغ ميللر وجوش ميير
ترجمة: علاء غزالة
البلد المتهم بمساعدة اعمال القتل في دارفور يوفر الجواسيس في العراق ويحصل بالمقابل على تسهيلات في واشنطن
عملت السودان بشكل سري مع وكالة الاستخبارت المركزية (الامريكية) CIA للتجسس على الحركات المسلحة في العراق، في مثال على كيفية استمرار تعامل الولايات المتحدة مع النظام السوداني رغم ادانته لدوره المشتبه به في مقتل عشرات الالاف من المدنيين في دارفور
وقد ادان الرئيس بوش اعمال القتل في مناطق غرب السودان على انها ابادة جماعية، ثم فرض عقوبات على حكومة السودان. لكن بعض النقاد يقول ان الادارة الامريكية قد خففت من تطبيق العقوبات للمحافظة على التعاون الاستخباري المكثف مع السودان.
ان هذه العلاقة تؤكد الحقائق المعقدة لعالم ما بعد الحادي عشر من ايلول، حيث اعتمدت الولايات المتحدة بكثافة على االتعاون العسكري والاستخباري مع دول عدة من بينها السودان واوزبكستان، والتي كانت تعد من الدول المنبوذة بسبب سجلها في مجال حقوق الانسان.
قال احد مسؤولي الاستخبارات الامريكية، وقد طلب مثل غيره عدم الكشف عن هويته، حينما دارت مناقشة حول تقييم الاستخبارات: "يحدث التعاون الاستخباري لاسباب كثيرة جدا. وهو لا يكون دائما بين اناس يحب بعضهم بعضا كثيرا".
وقد تزايدت اهمية السودان بالنسبة للولايات المتحدة منذ هجمات 11 ايلول بسبب ان هذه الدولة العربية السنية اضحت معبرا للمقاتلين الاسلاميين الذين يعتزمون الذهاب الى العراق او الباكستان. يقول المسؤولون ان تدفق المقاتلين الاجانب المستمر قد وفر غطاءا للمخابرات السودانية لزرع جواسيس في العراق. ويؤكد احد موظفي الاستخبارات الامريكية السابقين، وقد كان يشغل منصبا رفيعا وهو مطلع جيدا على التعاون بين السودان والـ CIA على انه: "اذا كان لديك جهاديين يسافرون عبر السودان الى العراق، فان هناك نمطا متواترا في هذا البلد يمنع بحد ذاته من اثارة الشكوك. انه يخلق فرصا لارسال سودانيين ضمن الجموع المتدفقة".
وكنتيجة لذلك، فان الجواسيس السودانيين كانوا عادة في موقع افضل من وكالة الاستخبارات الامريكية في جمع المعلومات عن تواجد القاعدة في العراق، بالاضافة الى نشاط الجماعات المسلحة. يقول مسؤول سابق آخر في المخابرات الامريكة، وهو كسابقه ضليع في الشؤون السودانية: "ليس بامكان الاشخاص شقر الشعور، وزرق العيون، ان يفعلوا الكثير في عموم منطقة الشرق الاوسط، وليس بامكنهم فعل اي شيء في العراق. السودانيون بامكانهم الذهاب الى الاماكن التي لا نستطيع الذهاب اليها، فهم عرب وبامكانهم استطلاع ما حولهم".
يرفض المسؤولون الافصاح عمما اذا كانت المخابرات السودانية قد ارسلت ضباطها الى العراق، ويعبرون عن قلقهم حيال حماية المصادر الاستخبارية والطرق المستخدمة. وهم يقولون ان السودان قد اسس شبكة من المخبرين في العراق يقومون بتوفير المعلومات عن المسلحين. كما ان بعضهم تم تجنيده بينما كانوا يسافرون عبر الخرطوم.
ان العلاقات الامريكية–السودانية لا تقتصر على العراق. فقد ساعدت السودان على تعقب الاضطرابات في الصومال من خلال رعاية الاتصالات مع اتحاد المحاكم السلامية والمليشيات الاخرى ضمن الجهود الرامية لايجاد مشتبهي القاعدة المختبئين هناك. كما قدمت السودان تعاونا مكثفا في عمليات مكافحة الارهاب، وقامت، تلبية لطلب الولايات المتحدة، باحتجاز المشتبه بهم لدى مرورهم بالخرطوم.
وبالمقابل فان السودان تحصل على بعض المنابع. فقد حصلت، من خلال علاقتها مع الاستخبارات الامريكية، على قناة خلفية مهمة للاتصالات مع الحكومة الامريكية. كما ان واشنطن استخدمت هذه القناة ايضا في الاتكاء على الخرطوم في الازمة في دارفور وقضايا اخرى.
وفي الوقت الذي كانت السودان تتعرض الى ادانات من المجتمع الدولي، فان عملها في مجابهة الارهاب قد حاز على جائزة ثمينة. لقد اصدرت وزارة الخارجية الامريكية حديثا تقريرا ينعت السودان بانه "شريك قوي في الحرب على الارهاب".
يتهم بعض النقاد ادارة بوش بانها لينة تجاه السودان لخوفها من تعريض جهود مكافحة الارهاب الى الخطر. يصف جون بريندرغاست، وهو مدير الشؤون الافريقية في مجلس الامن القومي بادارة كلينتون، يصف العقوبات الاخيرة التي اعلنها بوش الشهر الماضي بانها "ملابس النافذة" المصممة لاظهاره حازما، بينما لا يضع الا القليل من الضغوط الحقيقية على السودان ليمنع المليشيات، التي يُعتقد بشكل واسع انه يساندها، من قتل افراد القبائل المقيمة في دارفور.
يضيف بريندرغاست، وهو حاليا المستشار الاقدم في مجموعة الازمة الدولية: "ان واحدة من المحددات غير الملحوظة في التحرك النوعي الحقيقي في الاستجابة الى جرائم الابادة في دارفور، هي العلاقات النامية مع السلطات في الخرطوم في معارضة الارهاب. انه العامل المفرد الاكبر الذي يوضح لماذا تكون الفجوة بين الاقوال والافعال كبيرة الى هذه الدرجة".
وقد بيّن السفير السوداني في الولايات المتحدة جون اوكيك، في مقابلة صحفية، ان العقوبات قد تؤثر على نيات بلده في التعاون في الشؤون الاستخبارية. وقد تضمنت الخطوات التي اعلنها بوش منع 31 شركة حكومية سودانية من الدخول ضمن النظام المالي الامريكي.
يقول اوكيك ان قرار فرض عقوبات مالية "ليس بالفكرة الصائبة. انها تخرب التعاون فيما بيننا، وتزيد من قوة الذين اتخذوا جانبا متطرفا، اولئك الذين لا يرغبون في التعاون مع الولايات المتحدة". لكن مسؤولي البيت الابيض و الاستخبارات الامريكية قللوا من شأن الرأي القائل بان التعاون الاستخباري سوف يعاني جرّاء ذلك، ويقولون بانه يصب في مصلحة كلا البلدين. يقول جوردان جوندروي، وهو الناطق الرسمي بلسان مجلس الامن القومي: "ان الشيء الاول الذي أخذ بعين اعتبار عند فرض عقوبات اشد هو ان السودان لم يوقف العنف هناك وان الناس يستمرون في معاناتهم. نحن نتوقع بالتأكيد بان السودان سوف يستمر في جهوده ضد الارهاب لانها تصب في مصلحته، وليس فقط في مصلحتنا".وتكمن مصلحة السودان في تعقب الحركات المسلحة في ان المتطرفين السودانيين والمقاتلين الاجانب الذين يمرون عبر البلاد سوف يعودون ادراجهم، على الارجح، ليكونوا عنصرا كامنا في اثارة عدم الاستقرار. واستنادا الى احد المسؤولين فان تراخي قبضة السودان على المسافرين قد حوله الى "محطة سفر" بالنسبة الى المليشيات الاسلامية، ليس فقط في شمال افريقيا وانما ايضا بالنسبة الى المملكة العربية السعودية وبلدان الخليج (الفارسي) الاخرى.
يقول بعض موظفي الاستخبارات الامريكية السابقين ان مساعدة السودان حول العراق لا تعدو ان تكون محدودة القيمة، وذلك جزئيا بسبب ان هذا البلد مسؤول عن جزء بسيط من المقاتلين الاجانب، وهم بشكل رئيس على مستويات دنيا من التمرد.
يقول احد مسؤولي المخابرات الامريكية السابقين، وقد عمل سابقا ببغداد: "لن يكون هناك شخص سوداني قريب من القيادة العليا للقاعدة في العراق. قد يكون هناك بعض المقاتلين ولكنهم ليسوا سوى ذخيرة المدفعية. انهم لا يحظون بالثقة والقدرة على تسلق طريقهم الى اعلى. الاشخاص الذين يقودون القاعدة في العراق هم عراقيون واردنيون وسعوديون".
ولكن آخرون يقولون بان مساهمة السودان اصبحت مهمة لان السودانيين قد اضحوا يحتلون بشكل متكرر مواقع الاسناد في عموم المجتمع العربي، بضمنها التمرد في العراق، مما يعطيهم امكانية الوصول الى سلسلة التحركات والامدادات.
يقول مسؤول سابق اخر في وكالة الاستخبارت الامريكية، وقد كان مشرفا على جمع المعلومات الاستخبارية من العراق: "كل مجموعة بحاجة الى سلاح، وكل مجموعة بحاجة الى مكان للاجتماع. يمكن للسودانيين ان يكونوا مشاركين في سلسلة الاسناد او قنوات التهريب من السعودية او الكويت".
ويقول المسؤول في وزارة الخارجية ان السودان قد "وفر معلومات حيوية كان من شأنها ان تساعد جهودنا في مكافحة الارهاب حول العالم"، لكنه يلاحظ ان هناك صراعا موروثا يشوب هذه العلاقة. ويضيف: "لقد فعلوا اشياء انقذت ارواح امريكيين. لكن الخلاصة انهم يقصفون شعبهم خارج وازو في دارفو. في تعاملنا مع السودان، يبدو انهم يلعبون دائما على كلا الطرفين مقابل الوسط".
تميل وكالة الاستخبارت الامريكية الى مناقشة التعاون مع السودان. يقول باول جيميغليانو، الناطق بلسانها: "لا تلتزم الوكالة، كقاعدة عامة، بالعلاقات مع منظمات الاستخبارت الاجنبية". بينما يقول اوليك، السفير السوداني: "ان تفاصيل ما نقوم به في مكافحة الارهاب غير متوفرة للنقاش". لكنه يلاحظ ان وزارة الخارجية الامريكية "قد قالت علنا اننا مشاركون في مكافحة الارهاب"، وان المساعدة التي يقدمها بلده "لا تقتصر على السودان فقط".
وكانت العلاقات بين الاستخبارات الامريكية والسودان قد قـُطعت في منتصف تسعينات القرن المنصرم. ففي ذلك الوقت كانت السودان تقدم ملجأ آمنا لاسامة بن لادن وقادة القاعدة الاخرين. ولكن العلاقات اعيدت بعد فترة قصيرة من اعتداءات 11 ايلول، حينما اعادت الـ CIA فتح مقرها في الخرطوم.
وقد تركز التعاون في البداية على المعلومات التي يمكن ان يقدمها السودان حول نشاطات القاعدة قبل ان يغادر ابن لادن الى افغانستان عام 1996، بضمنها محاولات القاعدة الحصول على اسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية، وحول واجهاتها التجارية العديدة وشركائها هناك.
لكن السودان انتقل منذ ذلك الحين الى ما بعد مشاطرة المعلومات التاريخية عن القاعدة ليشارك في العمليات الجارية لمكافحة الارهاب، مركزا على المناطق التي يبدو فيها ان المساعدة تلقى اكثر تقدير. يقول المسؤول في الاستخبارات الامريكية: "سوف يكون العراق المكان الذي تلعب الاستخبارات فيه اكبر تأثير على امريكا".
في عام 2005 ارسلت الـCIA طائرة نفاثة الى السودان لتقل رئيس مخابرات هذا البلد، الجنرال صلاح عبد الله غوش الى واشنطن لحضور اجتماع عـُقد في مقر الوكالة. لم يعد بعد ذلك غوش الى واشنطن، لكن موظف سابق يقول بان "هناك زيارات تواصلية كل يوم" بين وكالة الاستخبارت الامريكية والمخابرات السودانية.
Subscribe to:
Posts (Atom)