عن واشنطن بوست، بقلم: جوزيف بايدن وليزلي غيلب*
ترجمة: علاء غزالة
استقبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قرار مجلس الشيوخ على السياسة في العراق –والذي بني على خطة اقترحت عام 2006– استقبله بسوء الفهم والاوهام. لقد صوت خمس وسبعون سيناتورا، بضمنهم ست وعشرون جمهوريا على الترويج لتسوية سياسية مستندة على تقاسم السلطة غير المركزي. لقد كان القرار بمثابة سفينة نجاة للسياسة في العراق، والتي تسير على غير هدى.
بدلا من ذلك، قام المالكي والادارة الامريكية –من خلال سفارتنا في بغداد– بتشويه تعديل بايدن–براونباك فلم يعد ممكنا التعرف اليه، مدعين اننا نبحث عن "تقسيم او تقطيع العراق من خلال الترهيب او القوة او وسائل اخرى".
نريد ان نوضح شيئا للتوثيق. اذا لم تستطع الولايات المتحدة على ان تضع الفيدرالية على الطريق، فلن يكون لدينا فرصة في تسوية سياسية في العراق ولن تكون لدينا فرصة –بدون ذلك– لمغادرة العراق بدون ان نخلف الفوضى خلفنا.
اولا، ان خطتنا ليست التقسيم، وان سميت بذلك خطأ حتى من قبل بعض المساندين ووسائل الاعلام. يمكن لخطتنا ان تحافظ على العراق موحدا من خلال نفخ الروح في النظام الفيدرالي الذي وقـّره ونص عليه الدستور. ان عراقا فيدراليا هو عراق موحد الا ان السلطات فيه تكون موزعة على حكومات الاقاليم، مع مسؤوليات محدودة للحكومة المركزية في القضايا العامة مثل حماية الحدود وتوزيع العائدات النفطية.
لم يعرف العراق الفيدرالية يوما. وهي، بغياب المحتل او الطاغية، كانت على مدى التاريخ الطريق الوحيد للحافظ على بلدان غير متحدة في كيان واحد. يمكننا ان نشير الى نظامنا الفيدرالي وكيف بدأ ومعظم السلطات بايدي الولايات. كما يمكننا الاشارة الى حلول مشابهة في الامارات العربية المتحدة واسبانيا والبوسنة. يرغب معظم العراقيين في الحفاظ على بلدهم موحدا. ولكن اذا استمر قادة العراق في سماع القادة الامريكيين يقولون بان الفيدرالية تعادل او تؤدي الى التقسيم، فان ذلك ما سيصدقوه.
جاء بديل ادارة بوش من خلال الترويج لافكار غير واقعية عن حكومة مركزية قوية في بغداد. ان هذه الحكومة المركزية لا تعمل بالشكل الصحيح، وهي فاسدة وتـُعتبر بشكل واسع غير مناسبة. لقد فشلت في تحقيق مصالحة وطنية، وليس هناك دليل انها ستنجح في ذلك.
ثانيا، نحن لا نحاول ان نفرض خطتنا. اذا لم يرغب فيها العراقيون فلن يأخذوها ولن يتوجب عليهم ذلك، كما ينص تعديل مجلس الشيوخ بوضوح. ولكن العراقيين والبيت الابيض عليهم ان يراعوا الحقائق. الدستور العراقي مهيئ بالفعل للنظام الفيدرالي. وبالنسبة للمناطق التي تشكل مع بعضها خطوطا طائفية، فان الدستور يترك الخيار لمواطني المحافظات الثماني عشرة.
لا يستطيع البيت الابيض ان يشتكي اننا يمكن ان نفرض حلا غير مقبول في العراق. لم يتردد الرئيس بوش في الاطاحة برئيس الوزراء ابراهيم الجعفري لفسح المجال امام المالكي، وهو لن يتردد في فعل الشيء نفسه للمالكي.
تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤوليات تجاه العراق والتي لا يمكن ان نهرب منها. سوف يحتاج العراقيون لمساعدتنا في توضيح وتنظيم الدعم لحل فيدرالي. مع وجود 160 ألف امريكي في خطر في العراق، وانفاق مئات المليارات من الدولارات، ومع ما يزيد على 3800 قتيل وقرابة 28 ألف جريح، فاننا ايضا لدينا الحق في ان نـُسمع.
ثالثا، ان خطتنا لن يسفر عنها "المعاناة وسفك الدماء"، كما يدّعي بيان السفارة الامريكية بشكل غير مسؤول. كما انه من الصعب تخيل معاناة وسفك للدماء يفوق ما نراه واقعا من قبل المليشيات التي تغض الحكومة عنها النظر، والجهاديون، والبعثيون، وعدم الكفاءة الحكومية. لقد هرب ما يزيد على اربعة ملايين عراقي من بيوتهم، خشية العنف الطائفي في الغالب.
ينبغي على ادارة بوش ان تساعد في انجاح الفيدرالية –من خلال اتفاقية على توزيع عادل لعائدات النفط، وعودة سالمة للاجئين، وتكامل اعضاء المليشيات مع القوات الامنية المحلية، والدعوة الى مصالح مشتركة لبلدان اخرى في عراق مستقر، واعادة التركيز على بناء القدرات وتقديم المساعدة للمحافظات والاقاليم– وليس في اثارة فزعهم من خلال مساواة الفيدرالية بالتقسيم، والطائفية، والترهيب الاجنبي.
ولاثارة المزيد من التشويش فقد لجأت الادارة الى استراتيجية "من القاعدة الى الاعلى" الخدّاعة، والتي تبدو وكأنها فيدرالية، ولها رائحة الفيدرالية، ولكنها في الواقع وصفة للفوضى.
يبدو ان "من القاعدة الى الاعلى" تعني ان الولايات المتحدة سوف تساند اي فريق، في اي مكان، سوف يقاتل القاعدة او متطرفي الشيعة. الآن، كان منطقيا دائما ان نبحث عن حلفاء بين شيوخ العشائر لمحاربة عدو ارهابي مشترك. ولكن مساندة هذه الفرق ببساطة عندما تظهر، من غير سياق او غاية سياسية شاملة، انما هي دعوة للانفلات. لن يفرّق العراق شيء بقدر طريقة من القاعدة الى الاعلى، والتي تحرّض احد المجاميع ضد الاخرى وتفشل في وصل هذه المجاميع مع بعضها لتكوّن كيان يمكن السيطرة عليه.
تبدو الفيدرالية كتركيبة واحدة تلائم ما يبدو انها رغبات متضادة لمعظم العراقيين في الابقاء عليه موحدا، ورغبات الفرق المتنوعة التي تريد ان تحكم نفسها في الوقت الحالي. انها ايضا تشخـّص واقع الخيار الذي نواجه في العراق: تحوّل مدبّر الى الفيدرالية، او تقسيم حقيقي من خلال حرب اهلية.
*جوزيف بايدن: رئيس لجنة مجلس الشيوخ الامريكي للعلاقات الخارجية.
ليزلي غيلب: الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية.