عن: لوس انجلس تايمز
ترجمة: علاء غزالة
من الذي اعطى الضوء الاخضر الى عمليات الاستجواب (المحسنة)؟ لقد فعلنا ذلك جميعا. فمن فعلها اذا؟
في اواخر عام 2005، قامت وكالة الاستخبارات المركزية CIA باتلاف اشرطة فيديو تظهر المئات من ساعات الاستجواب لاثنين من كبار مشتبهي القاعدة، بينما كانت تـُلمح باستمرار الى لجنة 11/ 9 والمحاكم بعدم وجود اية اشرطة للتحقيقات البتة.
ماذا كانت تحمل هذه الاشرطة مما يجعل مسؤولي وكالة الاستخبارات متحمسين جدا لاتلافها، بدلا من مجرد بيعها الى منتجي مسلسل "24" والتقاعد بصورة مريحة؟ ومن رخـّص، او علم بهذا الاتلاف؟ يصرُّ مقررنا القومي، من خلال المتحدثة الرسمية للبيت الابيض، دانا بيرينو، انه لم يـُقرر اي شيء بهذا الخصوص، لانه "لا يتذكر انه أُحيط علما بوجود الاشرطة، فضلا عن تدميرها". وهذا يتناقض مع مستشارة البيت الابيض السابقة، هارييت ميرز، والتي يبدو انها علمت بشأن الاشرطة، ولكن لم تكلف نفسها ان تطلع رئيسها على الانباء.
تؤكد مصادر غير مُعرّفة في الادارة، برغم ذلك، ان ميرز اوصت وكالة الاستخبارات بالاحتفاظ بالاشرطة. (ليس من الصعب تخيل كلماتها: "يا الهي، لو حدث واختفت اشرطة التحقيق هذه او ضاعت، فمن المؤكد انه سيكون من الصعب على اي احد ان يقدم جرائم الحرب والتعذيب في المستقبل الى المحاكمة ضد اي شخص في هذه الادارة. لذلك آمل ان تولي الـCIA عناية جيدة جدا لهذه الاشرطة").
بينما يقول مصدر غير مُعرّف في الـ CIA، وهو مسؤول سابق في هذه الوكالة، ان البيت الابيض لم يأمر ابدا بعدم اتلاف هذه الاشرطة، على الاقل لم يقل احدٌ كلماتٍ كثيرةً: "لم يقولوا لنا: قطعا كلا"، حسبما اوردت النيويورك تايمز. كما يقول المسؤولون الحاليون والسابقون في الـCIA ان قنصلها العام بالوكالة، جون ريزو، كان مشتركا في جميع النقاشات حول الاشرطة. في هذه الاثناء، لايزال مسؤول مجهول الهوية مُصرا على ان ريزو لم يُحَط علما وانه كان "غاضبا" بشأن اتلاف الاشرطة.
حينما جاء وقت اقرار الميزانية، ذكـّر مدير الوكالة الحالي، مايكل هايدن، الكونغرس بانه لم يكن حتى في الوكالة عام 2005، ولذلك لم يكن لديه علم من اعطى الاوامر بتدمير الاشرطة، ولذلك فمن الطبيعي انه سيتحرى عن الامر.
وكما اخبر الرئيس شبكة ABC الاخبارية: "سيكون مثيرا ان نعرف ما هي الوقائع الحقيقية". حقا! ولكن السؤال عمن أمر باتلاف الاشرطة يفتقر الى الهدف من عدة نواح. من المحتمل ان لا تكون الاجابة عن هذا السؤال على قدر كبير من الصعوبة. التحقيقات التي يجريها الكونغرس جيدة بما فيه الكفاية بهذا الشأن. ربما يمكن لنا ان نرى محاكمات كنتيجة لهذا الفعل، لان الاشرطة كانت، على الارجح، ادلة مهمة للغاية في المحاكمات الجنائية والاجراءات القانونية الاخرى. ان هؤلاء الذين يرومون الاطاحة بالرؤوس من اجل ذلك فمن المحتمل ان يحصلوا على مبتغاهم.
ولكن، وان يكن؟ في هذه الحالة، كما يذكـّرنا كاتب اليوميات والاستاذ بجامعة جورج تاون، مارتي ليدرمان: "التغطية عن الجريمة ليست اسوأ من الجريمة، وهم يعرفونها. لابد ان تلك الاشرطة قد اظهرت دلائل رهيبة عن عمل جنائي خطير." طريقة الاغراق بالماء؟ بالتأكيد، حسبما اوردت تقارير صحفية والمسؤول السابق في وكالة الاستخبارت الامريكية، جون كيرياكو. ان الطرق "المحسنة" الاخرى في الاستجواب تبدو بالنسبة للعين غير المحسنة تعذيبا واضحا لا يقبل التمييز. انه رهان جيد نوعا ما. اذا كان لي ان اخمن، فان الاشرطة قد اتلفت بسبب ان تهم اعاقة العدالة لا تمثل شيئا يذكر في مواجهة تهم جرائم الحرب.
بعد ان نعثر على من اصدر الاوامر باتلاف الاشرطة، فسوف يبقى السؤال الحقيقي عمن فعلها: من اعطى وكالة الاستخبارات الضوء الاخضر لاستعمال طرق الاستجواب التي كانت الوكالة تشتبه بانها بالتأكيد جنائية؟ من الذي قرر السماح للولايات المتحدة بتبني طرق استجواب يستعملها المئات من الطغاة قليلي الشأن؟
الاجابة عن هذا التساؤل سوف يكون غير مريح على الاطلاق. سوف يكون من الافضل القاء اللوم على كبش فداء (أها! لقد كان ديك تشيني وراء ذلك!) ولكن الحقيقة غير السارة ان اللوم يقع على شريحة عريضة نوعا ما.
اذن، من فعلها حق؟
انه تشيني والاقزام الاشرار الصغار من موظفيه، والمـُقرر الذي اعطى الموافقة، والذي علم هو الاخر ولم يبد اهتماما، او لم يبد اهتماما بان يعلم. كذلك، قيادة الـCIA وجميع موظفي العمليات والذي كانوا راغبين في تجربة قائمة طويلة من الوسائل غير المشروعة، والتي جلبوها من اعدائنا، لاختصار الطريق. واللوم يقع على المحافظين الاختصاصيين الذين تحمسوا لطرق الاستجواب المحسنة. ويجب ان لا ننسى قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس الذين اعطوا الادارة دفترا كاملا من الموافقات على بياض.
بيد اننا نحتفظ ببعض اللوم على رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، والتي لم تصدر عنها كلمة واحدة للتعبير عن الصدمة عندما أوجزت عام 2002 حول طرق الاستجواب المحسنة، والتي تضمنت الاغراق بالماء. والامر ذاته ينطبق على بضعة ديمقراطيين في الكونغرس، والذي اعتقدوا ان تجاهل وتجاوز جرائم الادارة كان شكلا مشروعا من رقابة الكونغرس. كما ان علينا، كمجموع، ان نلوم انفسنا ايضا. فبعد كل شيئ، نحن الامة التي جعلت مسلسل "24" التلفزيوني عملا ناجحا جدا.
كيف يمكن لنظام ديمقراطي ان يتبنى سياسة تعذيب المعتقلين؟ لاعادة صياغة مقولة هيلاري كلينتون، انها تتطلب قرية.