عن الواشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
تؤكد ادارة بوش، بشكل صحيح، على ان عموم منطقة الشرق الاوسط، من القصور الرئاسية الى قواعد الارهابيين، هي في حالة ترقب لما ستؤول اليه الاوضاع في العراق لكي تحكم على القرار الامريكي. لكن المنطقة تتخذ اجراءات فورية اضافية حيال الالتزام الامريكي تجاه اصدقائها: استجابتنا الى ازمة اللاجئين العراقيين. وهذه هي ايضا قضية مصداقية وشرف وطني.
لقد نزح مليونا عراقي داخل العراق نتيجة للعنف الطائفي وانتشار الخوف، بينما هرب مليونان آخران من البلاد الى سوريا والاردن ولبنان ومصر وبلدان اخرى. واستنادا الى الامم المتحدة فان دفقا ثابتا من اللاجئين الجدد يستمر بمعدل 50,000 لاجيء كل شهر. هؤلاء العراقيون، في اغلب الاماكن، ليسوا مركزين في الخيام ولكن موزعين على مناطق حضرية فقيرة في مدن مثل دمشق وعمان، مما يجعل من الصعب على الوكالات الانسانية تعريفهم والوصول اليهم.
ان وصول مئات الالاف من العراقيين قد خلق حالة من التوتر. فقد غمروا الخدمات التعليمية والصحية، وزادوا من الاسعار، واثاروا الشبهات. وحسب كريستل يونز من منظمة اللاجئين الدولية، فان لبنان بدأت بالترحيل. بعض اللاجئين في الادرن مختبئين مخافة الاغارة عليهم. الخطر النهائي واضح: كما اظهر بعض الفلسطينيين، فان تجمعات اللاجئين يمكن ان تحتفظ بتظلماتها لتحيلها الى الحركات المتطرفة مما يقدح نزاع اوسع.
خلال الشهور القليلة الماضية تحسنت الاستجابة الامريكية من (شحيحة بشكل محزن) الى (اقل ما يمكن). تموّل الولايات المتحدة اعتياديا نسبة 30% من جهود اغاثة اللاجئين من خلال الامم المتحدة، وتتعاون بشكل وثيق مع منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي. لكن هذه المبادرات العالمية التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات والتي تقدم مساعدات الى ملايين اللاجئين، غير مكافئة اطلاقا لمقياس الحاجة. لقد بلغت مقدار جهود اغاثة النازحين داخل العراق التي قدمتها امريكا من خلال منظمة الهجرة العالمية مليار دولار العام الماضي، والتي يتعبرها يونز "مبلغا ضئيلا". واذا لم تقدّم امريكا وحلفاؤها مساعدة عمليّة للاجئين، فان المتطرفين الاسلاميين ماهرين في مليء الفجوة.
يقوم بعض اعضاء الكونغرس بالتأكيد على هذه القضية بوضوح كطريقة لاحراج الرئيس، على اساس النظرية التي تقول بان تدفق اللاجئين الضخم يثبت ان الجهود في العراق قد فشلت. لكن مشكلة اللاجئين في الواقع تعزز حجة مختلفة للغاية. كما يشير كين بولاك من معهد بروكينز، يمكن ان تسبب حربا اهلية في كافة انحاء العراق زيادة درامية في اعداد اللاجئين العراقيين. سوف يكون من الصعب على جيران العراق مثل الكويت والسعودية ان توقف تدفقهم. كما ان التوازن الطائفي الهش في عدة بلدان شرق اوسطية سوف يختل، مما يسبب اضطرابا خطيرا. ان انسحابا امريكيا كبيرا ومتعجلا من العراق سوف يؤدي الى جعل المشكلة البائسة اصلا، اكثر سوءا.
بيد ان مصداقية حجة احد منسوبي ادارة بوش، والتي تقضي بان امريكا يجب ان لا تترك العراقيين الى الفوضى والمجازر الجماعية بان تغادر قبل الاوان، سوف تـُدعّم اذا اظهرت امريكا التزاما الى النازحين العراقيين الآن. ان مساعدة اللاجئين العراقيين على مقياس اوسع هي ليست ضرورة محرجة. انها فرصة لاظهار التوافقية، والاهتمام بالاحتياجات الانسانية والتزام بنـّاء وطويل الامد في الشرق الاوسط. وبدلا من الخلي عن الدور القيادي في هذه القضية الى الكونغرس، فان الادارة الامريكية يجب ان تطور مقاربة مفصلة، بزيادة تمويلها الى جهود اغاثة اللاجئين، بينما تمارس ضغوطا على اصدقائها في الشرق الاوسط واوربا لتفعل المزيد كذلك.
واذا اردنا ان نكون مقنعين علينا نبدأ هذه الجهود برفع الاحراج القومي. لقد اوصت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة بمنح ثمانية الاف عراقي تأشيرة الدخول الى الولايات المتحدة هذا العام وذلك لانهم ساعدوا القوات الامريكية، وهم يعيشون الآن تحت تهديد القتل او الخطف او المحاكمة. لكن منح اللجوء لهؤلاء العراقيين كان على شكل قطرات: حوالي 200 فقط حصلوا على اللجوء في النصف الاول من هذا العام، والسبب الرئيس يعود على مخاوف الارهاب في وزراة الامن الوطني الامريكية. ان تدقيق ملفات اللاجئين مهم للغاية، مهم للدرجة التي تحتم على المسؤولين ذوي العلاقة ان يقوموا بها باسرع وقت، وان يتوقفوا عن تعريض امريكا الى المزيد من الازدراء.
بقد تعلق الامر بموضوع اللاجئين، فان العراق ليس فيتنام. لم تتخلَّ امريكا عن الشعب العراقي، وليست هناك حاجة لاعادة توطين مئات الالاف بشكل دائم، بل اننا لازلنا نأمل ان يقوم الكثير من اللاجئين بالعودة طواعية حينما يتحسن الوضع الامني. يوضح يونز: "نحن لا نقول ان الجهود في العراق كانت فاشلة. كما اننا لا نناقش نجاح او عدم نجاح هذه الجهود، لكنك لا يمكنك ان تمنع العواقب الانسانية".
ان تركيز الاهتمام على هذه العواقب سوف يرجح كفة النجاح.