Sunday, November 11, 2007

اصداء الثورة الايرانية تتردد في الباكستان

كتابة: ديفيد اغناتيوس، عن: واشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة

بينما نكافح من اجل ان نفهم الازمة الحالية في الباكستان، من المفيد ان نتفكر في ما جرى قبل ما يقرب من ثلاثين سنة مضت، عندما اطاحت موجة من المظاهرات بشاه ايران وانتهت باقامة الجمهورية الاسلامية، الزلزال الثوري الذي لازالت موجاته الارتدادية تعصف بالشرق الاوسط.
لقد كان الشاه صديقا لامريكا، كما هو حال الرئيس الباكستاني برويز مُشرّف. لقد كان حليفنا القوي والمخلص ضد بُعبع الشر في ذلك الوقت، الاتحاد السوفيتي، تماما كما كان مُشرّف شريكا لامريكا في الحرب على القاعدة. لقد تجاهل الشاه التحذيرات الامريكية لتنظيف نظامه الغير ديمقراطي، كما يفعل مُشرّف الان. وحينما تعمقت متاعب الشاه، أملت الولايات المتحدة ان يحافظ المعارضون المعتدلون على البلاد بمأمن من المتعصبين المسلمين، تماما كما نأمل الان في الباكستان.
ومع ذلك، جاء الانفجار الايراني عاصفة نارية من الغضب احرقت كل محاولة للاعتدال او التسوية. لقد بدأت عملية مشابهة لاحداث تغيير كبير غير اعتيادي. لكن هناك فرقا واحدا مرعبا: الباكستان لديها اسلحة نووية.
لقد قدم غاري سيك، وهو استاذ في جامعة كولمبيا ساعد ادارة كارتر في مراقبة السياسة الايرانية اثناء فترة الثورة، قدم المقارنة الايرانية بشكل قوي، حيث كتب قائلا: "لم تكن هناك (الخطة ب)"، وهو يرى ان نفس الدينامية تجري في الباكستان، مضيفا: "لقد رهنا المزرعة لرجل واحد، بوفيز مُشرّف في هذه الحالة، وليس لدينا موقعا نتراجع اليه، ليس لدينا استراتيجية بديلة في حالة الاخفاق".
اذا، لنسأل انفسنا: الان، وقد فهمنا الموقف بعد فوات الاوان، هل كان للسياسة تجاه ايران اي معنى، مع الاخذ بنظر الاعتبار العواقب الوخيمة للثورة الايرانية؟ هل كان على الولايات المتحدة ان تشجع الشاه لان يضرب المتظاهرين بشكل اشد وان ينجو من العاصفة، كما كان يدعو بعض المتشددين في ذلك الوقت؟ ام كان ينبغي التشجيع على الاسراع في تغيير النظام بعد ان اصبح واضحا عدم قدرة الشاه على الاصلاح؟
حتى الآن، بعد مضي ثلاثين عاما، من الصعب معرفة ما الذي توجب علينا فعله في ذلك الوقت. وربما يكون ذلك هو بيت القصيد. يشعر الكثير من الامريكيين –غريزيا– انه كان على الولايات المتحدة ان تدفع من اجل اصلاح فوري، وان تساعد في هندسة التحول الى ايران ديمقراطية. كان ينبغي لنا ان نتقدم على العاصفة، استنادا الى هذه الجدلية (قبل ان تـُستغل حركة التغيير الايرانية من قبل اية الله الخميني، والذي تبين انه يسعى الى تدمير الحداثة) من اجل دولة علمانية كانت في مخاض الولادة اثناء فترة حكم الشاه المضطربة.
يتخذ الدعاة الى التدخل (الرفيق) في الباكستان خطا مشابها. لم يكن فرض مُشرّف لحالة الطواريء سوى تصرفا يائسا. حسب هذا النقاش فان تغيير النظام قادم في الباكستان، وينبغي علينا العمل مع زعماء المعارضة المسؤولة مثل رئيسة الوزراء السابقة بينازير بوتو من اجل التشجيع على احداث انتقال سياسي. وما لم يوافق على المضي قدما في اجراء الانتخابات النيابية المقررة في كانون الثاني، فان على امريكا ان تحاصره من خلال تخفيض مقدار المساعدات التي تقدمها له والبالغة 150 مليون دولار شهريا.
يجادل دعاة تغيير النظام الاصلاحيون ابعد من ذلك بالقول باننا في وضع افضل في حالة الباكستان مما كنا عليه في حالة ايران. فقد بدأت ادارة بوش باقناع مُشرّف قبل عدة اشهر لتوسيع القاعدة السياسية من خلال السماح بعودة بوتو. كما ان العديد من المتظاهرين في شوارع لاهور واسلام اباد وكراتشي ليسوا اسلاميين سلفيين، بل محامين من الطبقة المتوسطة. وقائدهم ليس المتعصب اسامة بن لادن، ولكن افتخار محمد جاودري رئيس المحكمة العليا المُـقال.
بيد اننا بينما نراقب آلام ولادة باكستان افضل، فنحن نعلم ان نشطاء القاعدة يخططون للاستفادة من الفوضى. ونحن نعي ايضا انه اذا اطيح بمشرف فان هناك تهديدا جديدا سوف ينشأ عن الاسلحة النووية الباكستانية، والاكثر من ذلك تهديدا يتمثل في السماح للاخرين بالاستفادة من القدرات النووية لبناء اسلحة نووية او قنابل قذرة.
ان الحقيقة الراسخة، حول ايران والآن حول الباكستان، ان الغرباء لا يفهمون القوى الفاعلة في هذه المجتمعات بالقدر الكافي لكي يحاولوا التلاعب بالاحداث. ان كارثة ايران حدثت جزئيا بسبب التوسط الامريكي، من خلال تنصيب الشاه بالمقام الاول، ومن ثم تمكينه من الحكم الاوتوقراطي. وبالمثل، عانت الباكستان على مدى سنين من التدخلات الامريكية الكثيرة.
لقد جاب الباكستانيون الشوارع احتجاجا على اعتداء مُشرّف الفظ على الديمقراطية. وانا آمل ان ينجحوا في تأسيس باكستان اكثر حرية وديمقراطية. وانا اصلي لكي يعمل الاصلاحيون مع الجيش الباكستاني لاخماد تحركات القاعدة وحركة طالبان، واللتين يمكن لهما ان تدمرا اي أثر للديمقراطية في ذلك البلد.
ولكن تغيير الباكستان هو مهمة الباكستانيين، ويبين التاريخ اننا كلما افرطنا في التدخل، كلما زادت فرص ان نقوم بالاشياء الخاطئة.