عن: واشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
هيرات، افغانستان – مرّ زمن اعتبر فيه عبد الوهاب، زعيم طالبان في مقاطعة بشتي زركون غربي افغانستان، نفسه مجسدا للقانون. نعجة مسروقة؟ سوف يختار عقوبة السارق: عادة اطلاقة نارية على يده او عضلة ساقه. وكان متأنيا في ذلك لتلافي اصابة العظم.
عندما وصلت الرواتب من قيادة طالبان في الباكستان، وهي مبلغ مئة دولار لكل رجل، قام بتوزيعها بينهم. ويأتمر بامره خمس وثلاثون رجلا. يقول: "ان سألتهم ان يلقوا بانفسهم الى النهر فيغرقوا فيه، فسوف يقومون بذلك."
السلطة والاحترام، هذا هو معنى طالبان لدى عبد الوهاب. حينما وافق على القاء السلاح في شهر تشرين الثاني، كان ذلك باعتقاد انه سيحصل بالمقابل على وظيفة حكومية، وحماية من الغارات الاميركية.
تحاول الولايات المتحدة، بالتعاون مع شركائها حلف في الناتو وحلفائها الافغان، ان "تعيد دمج" رجال المليشيا امثال عبد الوهاب، من خلال تقديم الوظائف لهم على افتراض انهم يفضلون الحصول على الراتب بدلا من امضاء وقتهم في القتال. هذه الجهود هي الدعامة المركزية في ستراتيجية ادارة اوباما في افغانستان.
غير ان قادة طالبان يسخرون من هذه الثلة، قائلين ان اولياءهم يشنون حربا مقدسة، بكل عزم واصرار، ضد جيوش الكفار ضد الغرب، ولا يمكن شراؤهم.
تبين المقابلات التي اجريت مع عبد الوهاب والمقاتلين الاخرين، الذين تركوا طالبان مؤخرا كجزء من جهود الحكومة الافغانية لابعادهم عن سوح القتال، انه في الكثير من الحالات فان صانعي السياسة الاميركية ربما يكونون عازمين على امر ما. فالعديد من المقاتلين السابقين يقولون انهم التحقوا بطالبان لا عن تشدد في دينهم، بل لاسباب دنيوية بحتة: الغضب على الحكومة في كابول، الانتقام لخسارة الوظائف الحكومية، الضغط من افراد العائلة، او لانهم –ببساطة– مفلسين. يقول عبد الوهاب: "لا احد يذهب الى الجهة الاخرى من اجل التسلية. لابد ان يكون هناك الم في قلبك."
قاتل البعض مع وضد طالبان، ضمن تعقيدات عالم الولاءات الافغانية. وكان القائد الاكثر هيبة في هيرات، الذي قتل في قصف جوي اميركي، هو عمدة المدينة.
ان تنوع تكتلات التمرد يجعل من الصعب تعميم دوافع المقاتلين عبر البلاد. فالمتمردين في هيرات ربما يختلفون عن نظرائهم في اماكن اخرى، خصوصا في جنوبي افغانستان، حيث وُلد الاتباع الاصليون لقائد طالبان، محمد عمر. لكن في تلك المدينة المهمة ستراتيجيا الكائنة في الجهة الغربية من الجبهة الافغانية، في الاقل، هناك براغماتية عميقة عندما يحين الوقت لاتخاذ جانب ما.
يقول ديلاور شاه ديلاور، معاون قائد شرطة هيرات: "عناصر طالبان ليسوا ايديولوجيين. هؤلاء النفر فقدوا شيئا، انهم يشعورن بالخجل لعدم امتلاكهم سيارة او حراس شخصيين. كيف لهم ان يواجهوا الناس حينما يمشون في الطرقات؟"
لا يناسب هذا الوصف احد اكثر من غلام يحيى اكبري، الذي سبق وان عمل عمدة لهيرات في اوائل التسعينيات بعد الانسحاب السوفيتي. وكان في ذلك الوقت معارضا عنيدا لطالبان، ومن ثم هرب الى ايران عندما استولت تلك الحركة على مقاليد السلطة. وبعد الغزو الذي قادته الولايات، عاد ليصبح مدير الاشغال العامة في هيرات وساعد على تطوير اكثر مدن افغانستان تمدنا. ولكنه فصل من وظيفته بعد خلافات مع المحافظ السابق في العام 2006.
يقول احمد يوسف نورستاني، محافظ هيرات: "لقد كان غلام يحيى رجلا طيبا. اذا سألت اي احد فسوف يقول لك هذا. يقول معظم الناس ان الحكومة اجبرته على تبني هذا الموقف. ربما لم يكن امامه من سبيل."
وبعد طره من الوظيفة، عاد الى قريته الام التي تدعى سياووشان، والتي تقع وسط بساتين نظرة تخلب الالباب، وقام بتجنيد جيشه الخاص. ورغم انه طاجيكي، الا انه إئتلف مع حركة طالبان التي يهيمن عليها البشتون، والتي ارسلت المال والاسلحة وستة من خبراء المتفجرات من الباكستان وايران لتدريب اتباعه، حسبما افاد ضباط الشرطة.
تنامت سطوة مقاتليه في هيرات حتى صارت المليشيا الاكثر رعبا. وقاموا باطلاق الصواريخ، بانتظام، على مطار هيرات، ومقر الامم المتحدة، والقاعدة العسكرية للقوات الاميركية، حتى ان المسؤولون الاميركيون والافغان يقولون ان احدها تمكن من اختراق التحصينات الاميركية. وقام المقاتلون بقطع رؤوس معارضيهم، وموّلوا انفسهم من خلال الفدية التي يحصلون عليها من خطف رجال الاعمال.
يقول الرائد محمد رحيم بانجشيري، مدير مكافحة الارهاب في شرطة هيرات: "انضم اليه سفلة الناس. اتخذ القتلة والخاطفون ملاذا آمنا لدى غلام يحيى. وكان قد بدأ مجموعته بخمس او ست من الاتباع، حتى صار لديه ثلاثمئة او اربعمئة شخص."
وفي الثامن من تشرين الاول أدت غارة شنتها الطائرات الاميركية الى مقتل اكبري واثنين وعشرين من مقاتليه الذين عسكروا بمخيم في سياووشان. ودُفن بالقرب من المسجد الذي كان بناه، كما حضر مأتمه الالاف من الناس. يقول احد الضباط الاميركيون ان موت اكبري في هيرات هو "اكبر حدث امني في العامين الماضيين."
يبرز من بين مساعدي اكبري شخص يدعى شريف، وهو مزارع من قرية ادرسكان. وبدأ في اتخاذ الحكومة عدوا له بعد ان نفد ماء بئره. يقول ان الحكومة ساعدت في صيانة انظمة الري في اماكن اخرى، لكن لم يساعد احد قريته. ويضيف: "لم تقدم لنا الحكومة اي شيء منذ ان تأسست. لم يعرنا احد أية اهمية. لم يأتِ احد للوقوف على مشاكلنا. لقد توقفت الزراعة، لذا قررت ان التحق بطالبان."
ومن بين قادة المليشيا الاخرين شخص اسمه سليمان عامري، وهو قائد كتيبة في الجيش الافغاني طُرد من الخدمة، ومن ثم هرب الى الجبال مستعملا عجلة حكومية نوع فورد رانجر وبدأ في تشكيل مليشياه الخاصة.
يقول عامري: "اردت ان اكسب احترام الناس، اردت ان تكون لي حياة كريمة في هذه المحافظة. لماذا لم تسألني الحكومة لمساعدتها؟ ولماذا لم يسألني الاميركيون؟ إن اعطيت اوامري، في هذه اللحظة بموت خمسين الف عائلة، فانهم سيموتون، او ان شئت احييهم، فسوف يعيشون. انهم تحت قيادتي. استطيع ان افعل ما اشاء، ولكن لا احد يأخذ رأيي."
بعد موت اكبري، وازالة بعض من كبار ضباط الشرطة والاستخبارات (الافغانية)، بدأ التمرد بالتفكك. فقد سلّم حوالي ثلاثمئة من المقاتلين انفسهم الى الحكومة المحلية، حيث طمح الكثير منهم لنيل الحوافز التي عرضها مكتب المصالحة المحلي.
وقال جميع المقاتلين السابقين الذين تم استطلاعهم انهم وُعدوا بمنحهم وظائف اذا تخلوا عن القتال، لكن الحكومة لم تفِ بهذه الالتزامات على مدى الشهور الاربعة الماضية. غير انهم حصلوا على بعض المساعدات من بينها بعض المواد الغذائية وتجهيزات محدودة من الوكالة الدولية للتنمية الدولية (وهي وكالة اميركية تابعة لوزارة الخارجية) يطلق عليها "عدة الشتاء،" هي عبارة عن حقائب تحتوي على بطانيات وفحم.
واتخذ العديد من المقاتلين السابقين من مركز مدينة هيرات مسكنا لهم خوفا من انتقام طالبان اذا عادوا الى قراهم الاصلية. وهم يمضون اياما في الجدال فيما اذا كان عليهم العودة الى طالبان، كما قام بذلك بعضهم بالفعل.
وعُرض على عامري، قائد المليشيا السابق، منصب قائد شرطة المقاطعة، لكن لم تأتِ الموافقة على ذلك من كابول بعد. وهو يشاطر السكن مع العشرات من رجاله الذين ليس لديهم عمل ويتزايد قلقهم كل يوم. يقول: "انا ادفع رواتب لثمانين شخصا من جيبي الخاص." وهو مستعد للانتظار حاليا، ويقول: "سوف لن نترك الحكومة حتى تقول لنا: (لا شيء لكم عندنا.) ان لم يكن لدي خيار فسيتوجب عليّ ان اكون عنصرا في طالبان."
لا تبدو الامور افضل من منظور عبد الوهاب، قائد طالبان المحلي السابق الذي التحق بالتمرد بعد ان طُرد من وظيفته كرائد في الشرطة. وهو يستأجر غرفة طينية متهالكة في حي فقير بضواحي هيرات. تتحول الارضية الترابية في الايام المطيرة الى وحل، وفي الايام الباردة تتجمد الارض. ويتوجب عليه ان يقترض المال لشراء الدواء لاولاده الخمسة المرضى. وهو نادرا ما يكون قادرا على تقديم وجبة طعام ساخنة لضيوفه.
اتصلت "حكومة الظل" في هيرات التابعة لطالبان بوهاب في الاسابيع الثلاثة التي تلت تخليه عن التمرد على هاتفه الخليوي. وقيل له انه خائن وكافر ولا يفترق عن الجندي الاميركي، كما اخبروه: "سوف نقتلك كما نقتلهم."
لا يعتقد عبد الوهاب انه مؤهل لوظيفة مدنية، وهو الذي قاتل معظم حياته، لكن القوات الامنية الافغانية لم تعرض عليه اي شيء. وهو يرفض ان يعود ادراجه للزراعة في قريته، ساليمي، كما انه غير قادر على تحمل سخرية جيرانه لسقوطه الى الحضيض. بل انه قد يغادر افغانستان.
في حسابات السياسة الافغانية المعقدة، عبد الوهاب هو من بين الكثيرين الذين قاتلوا مع وضد طالبات. ولكنه، في الاقل، كان يحظى بالاحترام عندما كان قائدا لدى طالبان. اما الان فهو يقول: "ليس لدينا شيء."
Taliban defectors accept U.S. approach but wait for promises to be kept
Washington Post Foreign Service
HERAT, AFGHANISTAN -- As the Taliban commander in the Pusht-e-Zargon district of western Afghanistan, Abdul Wahab considered himself the law. A stolen sheep? He would choose the thief's punishment: often a gunshot to the forearm or calf muscle. He was careful to avoid the bone.
When salaries arrived from the Taliban leadership in Pakistan -- $100 a month per man -- he doled them out. Thirty fighters moved at his command. "If I asked them to jump in a river and drown, they would," he said.
Power and respect, this is what the Taliban meant for Wahab. A government job and protection from U.S. raids are what he thought he was getting when he agreed to lay down his weapons in November.
The United States, along with its NATO and Afghan allies, is trying to "reintegrate" militants like Wahab, offering them jobs on the assumption that they would rather earn a salary than spend their days fighting. The effort is a central pillar of the Obama administration's Afghan war strategy.
Taliban leaders scoff at that notion, saying their loyalists are waging a determined holy war against the infidel armies of the West and can't be bought off.
Interviews with Wahab and other fighters who recently left the Taliban as part of an Afghan government effort to lure them from the battlefield suggest that in many cases, U.S. policymakers may be on to something. Several ex-fighters said they joined the Taliban not out of religious zealotry but for far more mundane reasons: anger at the government in Kabul, revenge for losing a government job, pressure from family or tribe members -- or simply because they were broke.
"Nobody goes to the other side for fun," Wahab said. "There must be a pain in your heart."
In the complex world of Afghan loyalties, some had fought both for and against the Taliban. The most fearsome Taliban commander in Herat, killed by a U.S. airstrike in October, used to be the mayor.
The diverse strands of the insurgency make it difficult to generalize about the motives of fighters across the country. Insurgents in Herat probably differ from those elsewhere, particularly in southern Afghanistan, where Taliban leader Mohammad Omar's original following was born. But at least in this strategically important city on Afghanistan's western frontier, there's evidence of a deep pragmatism when it's time to choose sides.
"The Taliban here are not ideological," said Delawar Shah Delawar, Herat's deputy police chief. "These people have lost something. They feel ashamed that they have no cars, no bodyguards. How can they face people when they walk in the streets?"
Nobody fit this description better than Ghulam Yahya Akbari, who served as Herat's mayor in the early 1990s after the Soviet withdrawal. Back then, he was a staunch opponent of the Taliban, and he fled to Iran when the group came to power. After the U.S.-led invasion, he came back to run Herat's Department of Public Works and helped develop one of Afghanistan's most modern cities. But after a dispute with the previous governor, Akbari was fired in 2006.
"Ghulam Yahya was a good man. Anyone you ask will tell you," said Ahmad Yousaf Nuristani, the governor of Herat. "Most people say he was forced by the government to adopt this position. Maybe he had no choice."
Following his firing, Akbari retreated to the picturesque orchards of his home village of Siyawooshan and recruited an army. Even though he was Tajik, he aligned with the Pashtun-dominated Taliban, which sent money, weapons and a half-dozen explosives experts from Pakistan and Iran to train his followers, police officials said.
His fighters grew into Herat's most feared militia. They periodically launched rockets at the Herat airport, the United Nations compound or the American military base, including one that pierced the barracks, according to U.S. and Afghan officials. The fighters severed opponents' heads and financed themselves by demanding ransom from kidnapped businessmen.
"Bad people got along with him. Killers, kidnappers, their safe haven was with Ghulam Yahya," said Maj. Mohammad Rahim Panjshiry, director of counterterrorism in the Herat police department. "He started with five or six people and eventually had 300 to 400 people."
On Oct. 8, a U.S. airstrike killed Akbari and 22 of his fighters as they camped in a tent in Siyawooshan. He was buried next to a mosque he had built. A procession of thousands mourned his passing. For Herat, Akbari's death "was the biggest security event in a couple of years," one U.S. official said.
One of Akbari's subordinates was Sharif, a wheat farmer from the village of Adraskan. He had viewed the government as his enemy after his well ran dry. Elsewhere, the government helped maintain the irrigation system, he said, but his village saw no help. "Since the government has been established, it hasn't done anything for us. Nobody paid attention. Nobody came to see what our problems were," he said. "The farming stopped, so I decided to join the Taliban."
Another militia leader, Suleiman Amiri, fired from his job as a battalion commander in the Afghan army, took to the mountains in a government-owned Ford Ranger and amassed a militia.
"I wanted people to respect me. I wanted to have an honored life in this province," Amiri said. "Why isn't the government asking me for help? Why aren't the Americans asking me? Right now, if I ordered 50,000 families to die, they will die, or to live, they will live. They are under my command. Whatever I want I can do, but nobody is asking my opinion."
After Akbari's death and a purging of several top police and intelligence officials, the insurgency began to fray. Nearly 300 fighters surrendered to the provincial government, many drawn in by incentives offered by the local reconciliation office.
All of the former fighters interviewed said they were promised jobs if they gave up the fight, but for the past four months, the government has honored none of these commitments. Among the aid available are some food rations and the limited supply of USAID-funded "winterization kits" -- sacks of blankets and coal.
Many former fighters have taken up residence in downtown Herat, afraid enough of Taliban reprisals that they do not return to their villages. They idle away the days debating whether to return to the insurgency, as some already have.
Amiri, the former militia commander, has been offered a position as a district police chief, but the approval from Kabul has not come. He shares a house with dozens of his men who have no work and grow more anxious by the day. "I pay for 80 people out of my own pocket," he said.
For now, he is prepared to wait. "We will not leave the government until they say, 'We have nothing for you,' " he said. "If I have no choice, I have to become a Talib."
The prospects for Wahab, the former Taliban district commander who joined the insurgency after being fired from his job as a major in the police department, look no better. He rents a decrepit mud hut in a slum on the outskirts of Herat. On rainy days, the dirt floors turn to mud; on cold ones, to frozen earth. He must borrow money to medicate his five sniffling children. He can rarely offer hot food to his guests.
For the first three weeks after he left the insurgency in November, the Taliban's "shadow governor" in Herat called Wahab on his cellphone. He was a traitor, an infidel, no different from an American soldier, he was told: "As we kill them, we will kill you."
As a fighter for most of his life, Wahab does not feel qualified for a civilian job, but the Afghan security forces have offered him nothing. He refuses to go back to farming in his village of Salimi, unwilling to endure the jeers of his neighbors for falling so low. He might leave Afghanistan.
In the complex calculus of Afghan politics, he is one of many who have fought both against and with the Taliban. At least as a Taliban leader, he had respect. Now, he said, "we have nothing."
Special correspondent Javed Hamdard contributed to this report.