عن: نيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
هبط الجنرال راي اوديرنو، في خضم الاضطراب الذي تلى الانتخابات في العراق، بقاعدة الولاء الامنية المشتركة الواقعة في اطراف مدينة بغداد للاطلاع على تفاصيل بعض الخطط قبل انهائها. وكانت فرقة من الشرطة العراقية قد نقلت مقرها الى هذه القاعدة التي كانت محمية مغلقة على الجيش الاميركي فحسب. تبقى نتائج الانتخابات العراقية والجهود المضنية لتشكيل الحكومة الجديدة محل شك، لكن انسحاب القوات الاميركية من هذا الجزء من البلاد، او "تقليص" هذه القوات حسب تعبير الجنرال، ماضٍِ قدما في طريقه على ما يبدو.
قال الجنرال اوديرنو لضباطه الذين تجمعوا حوله في غرفة ازدحمت بشاشات التلفاز المسطحة والخرائط المعلقة على الجدران: "ان كيفية اعادة نشر القوات، وتسليم زمام الامور (الى العراقيين)، سوف تقطع شوطا طويلا قبل ان تتكشف." "هذه" هي نهاية الحرب في العراق، الصراع الذي ساهم الجنرال اوديرنو بتشكليه بنفس القدر الذي ساهم فيه اي قائد عسكري اميركي آخر.
خدم هذا الحنرال، من بدء الغزو في عام 2003 الى القاء القبض على صدام حسين، ومن الايام الدموية للعنف الطائفي الى مقارعة التمرد، خدم الادارة الاميركية التي بدأت الحرب، والتي خاض الرئيس الحالي حملة لانهائها. كما جهد الجنرال، وهو ارفع ضابط عسكري رتبة في العراق، لمواجهة الغضب الشعبي من جهة، وعدم الاكتراث من جهة اخرى، في الولايات المتحدة، وحارب داخل الادارة من اجل الحصول على حصة العراق من التجهيزات التي يتزايد ارسالها الى افغانستان. وقال في مقابلة صحفية تلت اجتماعه مع ضباطه: "يجب على الناس ان تتجاوز سبب مجيئنا الى هنا" مشيرا الى النقاش المرير حول اسباب غزو العراق قبل سبع سنوات. واضاف: "يجب ان لا تخوض هذا الجدال وان تفهم لماذا نحن هنا. لدينا فرصة قد تكون افضل، ليس للولايات المتحدة فقط، وانما لاستقرار عموم منطقة الشرق الاوسط. وينبغي علينا الافادة من هذه الفرصة."
تحمل النتائج التي تمخضت عنها الانتخابات، التي تعد في غاية الاهمية لتطور الديمقراطية في العراق، بين طياتها توزيعا متفجرا للسلطة، لكن الجنرال اوديرنو يقول انه سوف يفي بموعد الرئيس اوباما النهائي لتخفيض عديد القوات الاميركية في العراق الى خمسين الفا، نزولا من العدد الحالي البالغ ثمانية وتسعين الفا، بنهاية شهر آب. ويتوقع ان يكون الجنرال نفسه من بين المغادرين في هذه الفترة.
يلعب الجنرال اوديرنو، كونه الضابط المسؤول عن تنفيذ اوامر اوباما بـ"الانسحاب المسؤول من العراق" دورا يتغير مع الايام: من القائد الذي ادار العمليات العسكرية في انحاء البلاد المختلفة الى الشخص الذي يجب عليه ان يفسح المجال امام القوات الامنية المحلية لتولي زمام الامور، حتى عندما يمارس ضغوطا من وراء الكواليس. واشار الجنرال انه يتوقع في الشهور القادمة ان يقل تركيزه على المهمات القتالية بينما يزداد هذا التركيز على محاولة بناء القوات الامنية العراقية، التي ما تزال ضعيفة، وعلى بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية. واكد ان ذلك يستدعي جهودا مستدامة تمتد الى ما وراء انسحاب القوات العسكرية.
وكان الجنرال قد قال، اثناء زيارة الى واشنطن قبل الانتخابات العراقية، انه يدعو الى انشاء مكتب التعاون العسكري ضمن السفارة الاميركية في بغداد من اجل ادامة العلاقات فيما بعد الحادي والثلاثين من كانون الاول، 2011، وهو الموعد النهائي لانسحاب القوات الاميركية. وعبّر عن شكوكه ان تقدم الحكومة العراقية طلبا لابقاء القوات الاميركية بعد ذلك الموعد النهائي، على الرغم من ان المعاهدة الثنائية بين البلدين تترك الباب مفتوحا امام هذا الاحتمال.
واضاف الجنرال قائلا: "يجب علينا ان نُبقي على التزامنا بعد 2001. انا اعتقد ان الادارة (الاميركية) تعي ذلك. كما اعتقد ان عليهم ان يقوموا بذلك لكي نصل بهذا الامر الى غايته. من المهم ان ندرك اننا لن ننتهي من العراق بمجرد ان يغادر الجنود الاميركيون اراضيه."
وصف الكولونيل ديفيد ميلر، قائد اللواء الثاني التابع للفرقة الجبلية العاشرة، ذلك بعبارة اخرى، اثناء شرحه للخطط التي تقضي بالاستمرار في تمويل مشاريع المياه والبيوت الخضراء في ضواحي بغداد حتى بعد ان انحسبت القوات الاميركية الى المناطق النائية في الصحراء، قائلا: "نحن لا نوقف المشاريع ثم نلوذ بالفرار."
امضى الجنرال اوديرنو الان خمس واربعين شهرا من شهور الحرب الاربع والثمانين، وهي مدة طويلة بما فيه الكافية لكي يشهد الصراع بسرّائه وضرّائه.
ادت تكتياته كقائد للفرقة الرابعة مشاة في صلاح الدين في الشهور التي تلت الغزو عام 2003، والتي وجهت اليها الانتقادات بانها عدوانية زيادة عن الحد، الى خلق الانطباع العام عنه بانه قائد شديد الوطأة، بل وحتى متوحش.
على ان الكثير من الناس تحدوا مثل هذا النقد، وصوّروه على انه القائد المحترف الذي ساعد على تخطيط وتنفيد ستراتيجية مقارعة التمرد، بضمنها زيادة القوات التي اعلن عنها الرئيس بوش في كانون الثاني من عام 2007، وهو ما ادى الى قطع دابر العنف الطائفي. وتلقى القائد الاعلى في ذلك الوقت، الجنرال ديفيد بترايوس، جلّ الاهتمام الشعبي، لكن الضباط والمحللين يقولون ان الجنرال اوديرنو هو من اوصل هذه الستراتيجية الى سدة النجاح.
يقول جون ناجل، احد قدامى المحاربين في العراق، ويشغل الان منصب رئيس مركز الامن الاميركي الجديد، وهي مؤسسة غير حزبية بواشنطن: "خاض بتراويس الحرب من الاعلى، لكن اوديرنو خاضها من الاسفل، حيث انه كان مسؤولا عن تنفيذ ستراتيجية مكافحة التمرد الجديدة، وهو ما قام به بشكل حسن للغاية." واضاف ان مساهمة الجنرال في هذا الامر لقيت "تقديرا اقل مما تستحق."
وجد الجنرال اوديرنو طريقه خلال الفترة الانتقالية من ادارة بوش الى ادارة اوباما بطريقة افضل من قرينه في افغانستان، الجنرال ديفيد مكيرنان، والذي أجبر على التقاعد في شهر آيار، 2009 بسبب شعور الرئيس اوباما والبنتاغون بانه لم يفعل ما فيه الكفاية لعكس اتجاه التيار في حرب طالما اختفت وراء ظل الحرب في العراق.
وبالمثل، خلق تركيز ادارة اوباما على افغانستان توترا وراء الكواليس عندما دعى الجنرال اوديرنو للابقاء على اكبر عدد ممكن من القوات القتالية والاسلحة، في الوقت الذي يجري فيه خفض عدد القوات هنا للايفاء بمتطلبات الانسحاب الذي خطط له اوباما.
وقاوم الجنرال، في اجتماع سري عبر الدائرة المغلقة، بضراوة تحويل عدد كبير من الطائرة المسيرة المستخدمة لاغراض الاستخبارات العسكرية، والتي تمس الحاجة لها لمسح سوح المعارك والدفاع عن القوات الاميركية والعراقية عند الضرورة.
يقول احد كبار موظفي وزراة الدفاع، طلب عدم ذكر اسمه حتى يتسنى له مناقشة نلك الجلسة السرية: "كانت حجته تقول: (لازال عندي عمل اؤديه هذا اليوم. لازالت امامي اراضِ اغطيها. عليّ ان اتدبر المخاطر.) لقد كان عنيدا ولم يكن ليترك الامر على حاله."
لكن اوديرنو اعترف، في مقابلتين صحفيتين اجريتا مؤخرا، انه كان يحضّر لليوم الذي تنتهي في الحملة على العراق، ومن ثم ينتهي دوره فيها. وعندما سُئل اذا ما كانت الحرب في العراق قد انتهت فعليا تردد في الاجابة اولا، ثم اطال فيها. قال: "الحرب مفهوم مختلف جدا. هذه ليست حربا، انا افضل وصفها بالعملية. لن نتمكن من معرفة ما اذا كنا نجحنا فيها، كما قلت في يوم سابق، الا بعد ثلاث او خمس او حتى عشر سنوات. على ان النجاح يعتمد على ما تفعله الحكومة العراقية بما اعطيناه لها، وعلى كيفية استمرار دعمنا لهم وديمومة العلاقات التي طورناها معهم فيما بعد 2011."
عندما يحين موعد رحيله يكون قد امضى اربع سنوات في العراق، ومثله مثل عشرات الالاف من الجنود كان ذلك على حساب تكلفة شخصية كبيرة. ففي عام 2004، فقد ابنه، الملازم انتوني اوديرنو، ذراعه عندما ألقيت رمانة يدوية على مدرعته التي كانت تقوم بدورية في بغداد. ولا يقوم افراد العائلة بمناقشة هذا الامر علانية، على الرغم من ان هذه الاصابة عمّقت من التزامهم نحو الجنود الجرحى. كما عملت زوجة الجنرال، ليندا، على تدريب كلبة العائلة، توتسي، لتكون "كلبة علاج"، وهم يقومون بزيارة الجنود في مركز والتر ريد الطبي العسكري بانتظام.
وقال الجنرال اوديرنو لجنوده في القاعدة مرة ان كل تضحية تؤثر فيه شخصيا بعمق. وذكر، في اجتماع اجري مؤخرا مع قادة اللواء الثاني، الحادثة التي ادت الى مقتل جنديين قبل يوم من ذلك الاجتماع، حيث اقلبت العجلة التي كانت تقلهم، ربما بسبب تهور سائقها. قال لضباطه: "يا لها من خسارة."
ثم قام لاحقا بتعليق اوسمة (القلب البنفسجي) على صدرَي اثنين من الجنود جُرحا بقذيفة هاون اصابت نقطة الحراسة التي كانا فيها. وقال للجنود الذين تجمعوا لمراسيم منح الاوسمة: "حتى عندما تكون جنرالا، يبقى هذا الامر شخصيا جدا."
JOINT SECURITY STATION LOYALTY, IRAQ — In the muddled aftermath of Iraq’s election, the American commander here, Gen. Ray Odierno, landed at this base on the edge of Baghdad and reviewed the plan to close it.
An Iraqi police division has moved its headquarters to the base, once the fortified enclave of Americans alone. The outcome of Iraq’s election, the torturous effort to form a new government, remained in doubt, but the withdrawal of American troops in this part of the country — “the thinning” of them, as the general put it — proceeded, seemingly irrevocably.
“How we redeploy, how we turn this over,” General Odierno told the officers who gathered to brief him in a room crowded with flat-panel television screens and wallpapered with maps, “will go a long way to determining how this turns out.”
“This” is the end of the war in Iraq, a conflict that General Odierno has shaped as much as any other American commander.
From the 2003 invasion to the capture of Saddam Hussein, from the bloodiest days of sectarian carnage to the counteroffensive known as the surge, he has served the administration that started the war and now the one whose president campaigned to end it.
As the senior American officer in Iraq since the fall of 2008, he has struggled against popular anger and apathy at home and fought internally for Iraq’s share of matériel increasingly flowing to Afghanistan. Ultimately, he is laboring to salvage the legacy of a deeply unpopular war.
“People have to get past why we came here,” he said in an interview after his briefings, referring to the bitterly disputed reasons for invading Iraq seven years ago this month.
“You have to stay away from that argument and understand we’re here,” he went on. “We have an opportunity. It could be better not only for the United States, but for overall stability in the Middle East. And we should take advantage of that.”
Results from an election considered crucial to Iraq’s democratic evolution suggest a potentially explosive split in power, but General Odierno said he would meet President Obama’s deadline to reduce the number of American troops in Iraq to 50,000, from 98,000 today, by the end of August. Among those expected to leave Iraq then is the general himself.
As the officer who must carry out Mr. Obama’s order to “responsibly withdraw from Iraq,” General Odierno plays a role that is changing over time: from a commander who ran military operations across the country to one who now must give way to local security forces — even as he exerts influence behind the scenes. In the months ahead, the general said, he anticipates that he will focus less on combat missions and more on trying to build Iraq’s still feeble security, political and economic institutions. That, he said, will require a sustained effort extending beyond the troop withdrawal.
During a visit to Washington before the election, the general said he was advocating the establishment of an Office of Military Cooperation within the American Embassy in Baghdad to sustain the relationship after the Dec. 31, 2011, deadline for withdrawing all American troops. He expressed doubts that the Iraqi government would request the presence of American ground forces after the deadline, although the bilateral treaty leaves open the possibility.
“We have to stay committed to this past 2011,” he said. “I believe the administration knows that. I believe that they have to do that in order to see this through to the end. It’s important to recognize that just because U.S. soldiers leave, Iraq is not finished.”
Or as Col. David M. Miller, commander of the 10th Mountain Division’s Second Brigade, told the general as he described plans to keep financing water and greenhouse projects on Baghdad’s outskirts even after his troops pulled back to a more remote base in the desert: “We’re not just cutting and running.”
General Odierno has now been in Iraq for 45 of the 84 months of the war, a period of his career that parallels the uneven narrative of the conflict, for better and worse.
His tactics as commander of the Fourth Infantry Division in Salahuddin in the months after the invasion in 2003, which were criticized as overly aggressive, created a public impression of him as a heavy-handed, even brutish, leader.
Thomas E. Ricks, the military writer who has waged what amounts to an argument of years with the commander, stridently criticized General Odierno’s first tour in Iraq for what he said were ogre-like tactics and bitingly called him “Shreko” in an online column last month.
Many people dispute such characterizations, portraying him as a skilled commander who helped devise and then carried out the counterinsurgency strategy that, with the increase in soldiers that President George W. Bush announced in January 2007, helped stem the sectarian violence. The senior commander at the time, Gen. David H. Petraeus, received most of the public attention, but officers and analysts say that General Odierno made the strategy a success.
“Petraeus fought the war ‘up,’ but Odierno fought it ‘down,’ since he was responsible for implementing the new counterinsurgency strategy, which he did very, very well,” said John A. Nagl, an Iraq veteran who now is president of the Center for a New American Security, a nonpartisan policy institute in Washington. He said General Odierno’s contributions remained “underappreciated.”
General Odierno navigated the transition from the Bush administration to the Obama administration far better than his counterpart in Afghanistan, Gen. David D. McKiernan, who was forced into retirement in May 2009 because President Obama and the Pentagon leadership felt he had not done enough to reverse the drift in a war long overshadowed by Iraq.
The Obama administration’s focus on Afghanistan has created tensions behind the scenes as General Odierno has lobbied to keep as many troops and weapons as possible, while still reducing the force here to meet Mr. Obama’s planned withdrawal.
In secret video-teleconferences at the Pentagon, he has animatedly resisted the transfer of too many intelligence drone aircraft, essential for surveying the battlefield and defending American and Iraqi forces when necessary.
“His argument is: ‘I still have a job today. I still have this geography to cover. I have to manage the risk,’ ” a senior Department of Defense official said, speaking on condition of anonymity in order to discuss the classified strategy sessions. “He’s like a pit bull on a poodle. He’s just not going to let go.”
In two recent interviews, though, General Odierno acknowledged that he was preparing for a day when the Iraq campaign — and his role in it — ended. Asked if the war in Iraq was effectively over, he replied with some hesitation, then at length.
“War is a very different concept,” he said. “This is a — I call it more of an operation, not a war. We won’t know if we were successful, as I said the other day, for 3, 5 or 10 years. And successful will be what the government of Iraq does with what we’ve given them, and how we continue to support them and the relationship that we develop with them post-2011.”
By the time he leaves, he will have spent more than four years in Iraq, like tens of thousands of soldiers, at great personal cost.
In 2004, his son, Lt. Anthony Odierno, lost an arm when a grenade slammed into his Humvee while he was on a patrol in Baghdad.
Family members do not discuss it publicly, although the experience no doubt deepened their commitment to wounded soldiers. The general’s wife, Linda, put the family’s golden retriever, Tootsie, through a special program to be trained as a “therapy dog,” and they regularly visit troops at Walter Reed Army Medical Center.
General Odierno’s remarks to soldiers at the base here suggested that each casualty affected him deeply.
In a recent meeting with the Second Brigade’s commanders, General Odierno brought up an accident the day before that had killed two soldiers. Their armored vehicle rolled over, possibly as a result of reckless driving. “It’s a waste,” he told the officers.
He later pinned Purple Hearts on two soldiers wounded when a rocket-propelled grenade struck their guard post.
“Even when you are a general,” he told dozens of soldiers attending the medal ceremony, “this business is very personal.”