عن: الهيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة
بعد اكثر من ست سنوات ونصف من غزو الولايات المتحدة للعراق، والذي ظن الكثيرون انه كان من اجل النفط، فان الشركات النفطية الكبرى حصلت أخيراً على مدخل الى الاحتياطي النفطي العراقي. لكنها لم تحصل الا على القليل من الامتيازات التي طمحت اليها ذات مرة.
يبدو ان الشركات وضعت في حسبانها ان لامناص من القبول بفرص ربحية محدودة في الوقت الراهن طمعا في الحصول على صفقات اكثر سخاء في المستقبل، حسبما يقول محللو الصناعة النفطية. يقول ريدار فيسار، الزميل الباحث في المعهد النرويجي للشؤون العالمية، والذي يدير الموقع الالكتروني العراقي المسمى Historiae: «ان عامل الجذب الحقيقي لهذه الحقول النفطية لا يكمن في القيمة الربحية للبرميل، وهو مقدار ضئيل جدا، بل في قيمتها كتذكرة دخول الى القطاع النفطي في جنوب العراق، فمنطقة البصرة تبقى، من ناحية الحجم والإمكانات، أحد أكثر مناطق الاجتذاب للنمو المستقبلي في صناعة النفط العالمية».
وكانت أولى محاولات العراق في فتح صناعته النفطية امام الاستثمارات الأجنبية قد انتهت بخيبة أمل، وذلك في مزاد عقد في شهر حزيران الماضي، حيث رفضت معظم الشركات ان تقدم عروضها. لكن الكثير من هذه الشركات ذاتها، ومن بينها اكسون موبيل واوكسدنتال بتروليوم، وهي الشركات الأميركية الأولى التي تحصل على اتفاقيات إنتاج مع بغداد منذ الغزو عام 2003، وقعت بالفعل تلك الصفقات على الرغم من احتوائها على نفس الشروط التي رفضتها مسبقا.
ويقول المحللون ان الصفقات التي عقدت للاستثمار في ثلاثة من اكبر حقول النفط العراقية تبين ان العراق، بعد البداية المحرجة، قد يكون على الطريق الصحيح للالتحاق بالبلدان الأخرى المنتجة للنفط، وهو ما قد يؤدي بدوره الى إخلال التوازن في منظمة أوبك ويزيد التوترات مع البلدين النفطيين العملاقين المجاورين: إيران والسعودية.
وما يزيد الطين بلة ان حقوق التطوير في عشرة حقول نفطية أخرى سوف تقدم الى الشركات في مزاد علني من المقرر ان يُعقد ببغداد في 11 كانون الأول الجاري. وفي أية حال، فان المزاد والعقود يأتيان في توقيت غريب: قبل شهور قليلة من الانتخابات الوطنية والتي قد تجدد العنف او تأتي بحكومة جديدة يمكن ان تتبرأ من هذه الصفقات.
وقد وافقت الشركات النفطية الكبرى، في تلك العقود الأخيرة، على قبول عقود الخدمات التي تحصل بموجبها على أجور محددة عن كل برميل من النفط المنتج. لكنها كانت تفضل ان تحصل على اتفاقيات المشاركة في الإنتاج، والتي تحصل بموجبها على أسهم مشاركة في الصناعة النفطية ذاتها. ان مثل هذه الصفقات تدر واردات اكثر بكثير للشركات النفطية. غير ان مثل هذه الصفقات تذكر العراقيين بعهود الاستعمار، التي سيطرت فيها الشركات الأجنبية على الثروة النفطية الوطنية.
وكان وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني، قد صرح مؤخرا بالقول: «لقد أثبتنا ان بإمكاننا ان نجتذب الشركات العالمية للاستثمار في العراق، وزيادة إنتاج النفط، من خلال عقود الخدمات. تلك الشركات لن تحصل على حصة في نفط العراق، وسوف يكون لبلادنا السيطرة الكاملة على الإنتاج».
غير ان العراق قد أرغم على الاعتراف بانه لا يمكن ان يأمل في إعادة إحياء صناعتها النفطية المتهالكة بدون الأموال والخبرات الفنية التي تتوافر لدى الشركات الكبرى، وعلى الرغم من المشاعر المعادية للولايات المتحدة لدى الشعب العراقي، فإنه لا يرغب في رفض النقود الأميركية الا القليل من المسؤولين العراقيين. يقول عبد الهادي الحسيني، نائب رئيس لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي: «ليست لدينا أية تفضيلات. نحن مهتمون فقط في القوة المالية للشركات وخبرتها التقنية. والشركات الأميركية مشهورة عالميا في ما يخص القطاع النفطي».
تم في الأسابيع الأخيرة إعلان التوقيع على صفقتين جديدتين فيما يجري استكمال الصفقة الثالثة، وذلك بعد شهور من المفاوضات السرية بين وزارة النفط العراقية والشركات النفطية العالمية. فقد وقع ائتلاف من شركة ايني، وهي شركة نفطية ايطالية، واوكسيدنتال وكوريا كاز، اتفاقية لتطوير حقل الزبير، الذي يحتوي على ما يقدر بـ 4,1 مليار برميل من النفط. وبعد ذلك بوقت قصير تمت المصادقة الرسمية على الاتفاقية الوحيدة التي تم التوصل اليها خلال المزاد المنعقد في حزيران، وهي شراكة بين شركة برتش بتروليوم وشركة النفط الصينية الوطنية لتطوير حقل الرميلة العراقي، وهو احد اكبر الحقول النفطية العالمية بخزين يبلغ 17,8 مليار برميل من النفط.
ولم تمض سوى أيام بعد المصادقة على تلك الصفقة حتى وقعت اكسون موبيل ورويال دوتش شيل عقدا مبدئيا لتطوير حقل القرنة الغربية، وهو من الحقول المفضلة كثيرا، حيث يعتقد انه يحتوي على ما لا يقل على 8,6 مليار برميل من النفط. وتقول الحكومة العراقية انها تتوقع ان يقفز الإنتاج من هذه الحقول الثلاثة وحدها الى سبعة ملايين برميل يوميا، صعودا من الـ 2,5 مليون برميل في اليوم التي كانت تنتج خلال السنوات الست الماضية، وبهذا سوف يرتفع ترتيب العراق من المرتبة الثالثة عشرة الى المرتبة الرابعة بين اكبر الدول المنتجة للنفط، استنادا الى إحصائيات وزارة الطاقة الأميركية.
وقال الشهرستاني، بعد الإعلان عن الصفقات: «العراق ماض قدما في طريقه». يقول المحللون المختصون بالصناعة النفطية انه لا يبدو الا تغييرا طفيفا في العقود التي سبق وان عُرضت في حزيران. لكن يظهر ان الشركات النفطية الكبرى أعادت التفكير في موقفها وقررت انه على الرغم من كون ما اعتبرته عائدات ضئيلة، فان ليس بإمكانها البقاء خارج الثروات العراقية. وقد توصلت الى انها عندما تضع قدمها على عتبة الباب الآن، فإنه ربما تحصل على عقود أفضل. يقول كولن لوثيان، الباحث والمحلل في مكتب وود ماكنزي لاستشارات الطاقة: «ان منح العقود الأخيرة في الزبير والقرنة الغربية يشير الى قبول أوسع بانه لا مناص من تقديم تنازلات من اجل تأمين هذه الحقول المهمة من الناحية الستراتيجية.» ففي حقل القرنة الغربي، على سبيل المثال، وافقت المجموعة المؤلفة من شركتي شيل واكسون موبيل على قبول 1,90 دولار عن كل برميل نفط إضافي ينتج فوق مستوى الإنتاج الحالي للحقل، وهو بالضبط ما طالبت به الحكومة في حزيران، ولكنه اقل من نصف المقدار الذي طالبت به الشركتان العملاقتان، والبالغ 4 دولارات للبرميل الواحد.
وكان سيمون هنري، المدير المالي الأقدم لشركة شيل، قد قال في مؤتمر صحفي عقد يوم 29 تشرين الأول، أي قبل أيام من إعلان المصادقة البرلمانية: «من المنصف القول بان الكثير من الناس يتفاوضون الآن حول الصفقة، وهم ما كان لهم ان يقبلوا بدولارين من قبل.» على كل حال، بينما التزمت الشركات باستثمار المليارات من الدولارات في العراق، فان القليلين هنا يعتقدون بانه سيتم إنفاق الكثير من هذه الأموال في واقع الامر، وذلك حتى تجتاز البلاد انتخاباتها بنجاح وتحصل على فترة من السلام النسبي.
يحتوي العراق على ثالث احتياطي نفطي مؤكد في العالم، ويبلغ حوالي 115 مليار برميل، لكنه لا يرقى الى أي من المراتب العشرة الأولى في الإنتاج النفطي العالمي. وحينما يرتفع إنتاج النفط العراقي الى سبعة ملايين برميل يوميا او أكثر فإن العراق ربما يجد نفسه في مواجهة مع منظمة أوبك، والتي تعمل على توزيع الحصص النفطية بين أعضائها، وكان العراق قد اعفي من الحصة منذ فرض العقوبات عليه عام 1990، حسبما يؤكد مسؤولون عراقيون.
ويقول المسؤولون العراقيون انه ليس هناك من تبرير لفرض حصة على الإنتاج النفطي، حيث ان العراق كان ينتج اقل من حصته على مدى سنوات عديدة، ما سمح لغيره من البلدان المنتجة للنفط ان تتمتع بحصص اعلى. يقول الحسيني: «بكل تأكيد، سوف يهدد الإنتاج من هذه الحقول النفطية الثلاث البلدان المنتجة الأخرى، ويُري العالم أنه بإمكان العراق ان يضاهي المملكة العربية السعودية، لقد أخذت البلدان الأخرى حصتنا، وسوف نستعيد حصتنا مرة أخرى من البلدان التي استولت عليها».
Oil
Companies Look to the Future in Iraq
By TIMOTHY WILLIAMS
BAGHDAD — More than six and a half
years after the United States-led invasion here that many believed was about oil,
the major oil companies are finally gaining access to Iraq’s
petroleum reserves. But they are doing so at far less advantageous terms than
they once envisioned.
The companies seem to have
calculated that it is worth their while to accept deals with limited profit opportunities
now, in order to cash in on more lucrative development deals in the future, oil
industry analysts say.
“The attraction of these
fields to oil companies is not the per-barrel profit, which is very low, but
their value as an entrance ticket to the oil sector of southern Iraq,” said
Reidar Visser, a research fellow at the Norwegian
Institute of International Affairs who operates an Iraq Web site, Historiae.
“In terms of size and potential, the Basra
region remains one of the most attractive areas of future growth for the
international oil industry.”
Iraq’s first stab at opening its oil
industry to foreign investment ended in disappointment at an auction in June in
which most companies declined to bid. But last month many of those same
companies — including Exxon
Mobil and Occidental Petroleum, the first American
companies to reach production agreements with Baghdad since the 2003 invasion —
signed deals at much the same terms they rejected over the summer.
Analysts say the deals on
three of the country’s top fields show that Iraq, after an embarrassing start,
may be on a path to joining the world’s major oil-producing nations, which
could in turn upset the equilibrium in OPEC and increase tensions with the
neighboring oil giants Iran and Saudi Arabia. Adding to those strains,
development rights to 10 other Iraqi oil fields will be offered to foreign
companies at a public auction in Baghdad
on Dec. 11.
However, the auction and the
contracts come at an awkward time: just months before national elections that
could provoke renewed violence or sweep in a new government that could disown
the deals.
In the recent deals, the
major oil companies have agreed to accept service contracts, in which they earn
a fee for each barrel of oil produced. Yet they vastly prefer
production-sharing agreements, in which they gain an equity stake in the oil
itself. Such deals are far more lucrative to oil companies, but for Iraqis they
are reminiscent of the colonial era, when foreign companies controlled the
country’s oil wealth. “We have shown that we can attract international
companies to invest in Iraq
and boost production through service contracts,” Hussain al-Shahristani, Iraq’s oil
minister, said recently. “They will not have a share of Iraqi oil, and our
country will have total control over production.”
But Iraq has also
been forced to acknowledge that it cannot hope to revive its decrepit oil
industry without the money and the technical expertise of the major companies.
Despite strong anti-American sentiments among the Iraqi public, few officials
want to refuse American cash.
“We do not have any
preferences,” said Abdul Hadi al-Hassani, deputy chairman of Parliament’s Oil
and Gas Committee. “We are interested only in the financial health of the
company and in their technical know-how. American companies are well known in
the oil sector.”
After months of secret
negotiations between the Oil Ministry and the companies, two new deals and the
completion of a third were announced in recent weeks. A consortium of Eni, an
Italian oil company, Occidental and Korea Gas signed a preliminary agreement to
develop the Zubayr field, which has an estimated 4.1 billion barrels of oil.
Shortly thereafter came the formal ratification of the
only deal
reached during the June auction, a partnership between British
Petroleum and the China National Petroleum Company for Iraq’s
Rumaila oil field, one of the largest in the world, with an estimated 17.8
billion barrels of oil.
Within days of that deal’s
ratification, Exxon Mobil and Royal
Dutch Shell signed an initial contract to develop West Qurna, Iraq’s most
sought-after field in part because it is believed to have at least 8.6 billion
barrels of oil.
The government said it
expected production from the three fields alone to vault Iraq’s output
to 7 million barrels a day from 2.5 million barrels a day within six years,
which would move it from the world’s 13th largest producer to the fourth,
according to Department of Energy statistics.
“Iraq is now on its way,” Mr.
Shahristani said after the announcements.
Oil industry analysts said
that there appeared to have been little change from the contracts offered in
June. But the major oil companies appeared to have rethought their positions
and decided that despite what they considered paltry returns, they could not
afford to be left out of Iraq’s
riches. A foot in the door now, they reasoned, might lead to better contracts.
“The recent award of Zubayr
and West Qurna serves to illustrate a wider acceptance
that, in order to secure these strategically important developments, compromise
is required,” Colin Lothian, a research analyst for Wood Mackenzie,
an energy industry adviser, said via e-mail.
In the West
Qurna field, for example, the Exxon Mobil-Shell partnership agreed
to accept $1.90 for each barrel of oil it produced above the field’s current
production level, precisely what the government demanded in June and less than
half the $4 a barrel the oil giants wanted.
“It’s fair to say that there
are many people negotiating now who would not have taken $2 before,” said
Shell’s chief financial officer, Simon Henry, during a conference call with
reporters on Oct. 29, days before the preliminary agreement was announced.
However, while the companies
have pledged to invest billions in Iraq, few here believe much of that
will actually be spent until the country successfully concludes national
elections and attains a period of relative peace.
Iraq has the third largest proven reserves
of oil in the world, with about 115 billion barrels, but it does not rank in
the top 10 producers. If and when its oil production rises toward seven million
barrels a day or more, Iraq
might find itself in conflict with OPEC, which maintains production quotas for
its members. Iraq
has been exempt from the quotas since sanctions were imposed in 1990, Iraqi
officials said.
Iraqi officials say there is
no justification for imposing a quota on their production, saying they have
been underproducing for years, allowing others to enjoy higher quotas.
“The production from these
three fields will surely threaten other oil-producing countries and will show
the world that Iraq can
match Saudi Arabia’s
production,” said Mr. Hassani. “Our share has been taken by other countries,
and we will gain our share again from the countries that took it.”