Thursday, December 31, 2009

الجيش الأميركي في العراق يأمل انقاذ جدران مقدّسة

عن: هيرالد تربيون
ترجمة: علاء غزالة

حينما حطت الفرقة العاشرة المحمولة جوا رحالها في هذه القاعدة عام 2003 قامت دبابة أميركية بقصف برج دبابة اخرى من نوع تي 72، وألقت بها إلى جانب دير القديس إيليا، ثم احتمت هذه القوات العسكرية خلف حائط مبني بالحجر والطين، والذي وقف صامدا على مدى أكثر من الف سنة هنا كأحد الملاجئ المسيحية الأولى. تلك هي احدى مآسي الحرب.
بعد ذلك قامت الفرقة بتحويل المكان إلى حامية عسكرية ورسمت شعارها على التغليف الجبسي الذي يعلو الباب المنخفض لكنيسة الدير، وظلت تلك العلامة هناك حتى راودت أحد القساوسة شكوك بقصة النسور التي تصرخ في الدير، يقول القسيس، وهو يروي القصة: «هذا ليس أمرا صائبا».
وهكذا بدأت الوصاية الأميركية العرضية لدير القديس إيليا، ذلك الموقع المسيحي القديم للعبادة والشهادة الواقع في وسط تلك القاعدة العسكرية الهائلة جنوبي الموصل، في شمال العراق، والآن يأمل الاميركيون في إعادة دير القديس إيليا إلى سابق عهده، وذلك في مبادرة للحفاظ على الموقع، وربما للتكفير عما ارتكبوه بحقه.
وقد قام المهندسون العسكريون بوضع خطط لتدعيم سقف وجدران المبنى الرئيس، والذي يعتقد أنه بني في القرن الحادي عشر، قبل أن تغادر القوات الأميركية الدير وتتركه إلى مصير غير معروف. يقول السرجنت هوارد ميلر، مشيرا إلى العمل الذي لم يكتمل رغم الموارد الهائلة التي رصدها له الجيش الأميركي، مع دنو اجل الانسحاب: «تمر اوقات نقترب فيها من أتمام العمل، لكنه لا ينجز. إنني أرغب حقا في ان ارى ذلك الانجاز».
يعمل السرجنت ميلر ممرضا، وهو نائب ضابط اقدم في المستشفى الميداني في قاعدة ماريز. بيد انها قد تكون مجرد مصادفة، اوربما قدرا مقدّرا، ان يكون ايضا استاذا في البناء بالحجر ومتمرسا في الحفاظ على المباني التاريخية في موطنه في الولايات المتحدة.
وقد دأب السرجنت ميلر على جمع قطع الحجارة المكسورة من دير القديس إيليا خلال اوقات فراغه. ومن ثم يقوم بتسخين تلك القطع، في حديقة خلف المستشفى، ثم يسحقها في محاولة لإعادة صنع مونة الطين التي استخدمت بنفس الطريقة قبل ألف عام، من اجل اعادة بناء الاجزاء التي لا تزال قائمة حتى اليوم. ويصف هذه العملية بانها «اقدم عملية اعادة تدوير في العالم».
ومع كثرة المواقع التاريخية في العراق، فان دير القديس إيليا لا يحوز الا على اقل قيمة اثرية مقارنة بالحضارات السومرية والبابلية والآشورية، وجميعها تعرضت الى اخطار التهالك والسرقة، ولا تبعد آثار النمرود والحضر ونينوى سوى كيلومترات قليلة عن هذا المكان. وكذلك يوجد على مقربة منه ضريحا النبيين يونس المذكور في العهد القديم، وناحوم الذي أنذر في التوراة بدمار نينوى.
يقول باتريك مورفي، قائد فريق إعادة البناء الأميركي هنا والذي ينسق عمليات الاعمار، مشيرا إلى اسم المحافظة التي تضم مدينة الموصل: «نينوى هي أشبه بتصفح في التوارة».
واصبح دير القديس إيليا موضع اهتمام في السنوات التي تلت الاحتلال الاميركي، ونقطة تحول بالنسبة الى الجنود والمتعاقدين الذين ما كان لهم، بدون ذلك، ان يغادروا القاعدة للتعرف على تاريخ العراق المتشعب.
وفي وسط مصاعب العمليات العسكرية الحديثة، اصبح هذا المكان –مرة اخرى– موضعا للعبادة. يقول الميجر جيفري ورتون، القسيس الكاثوليكي الروماني، والذي تولى اقامة قداس في الدير حضره عدد من الجنود بملابسهم العسكرية بينما اتكأت بنادقهم على إحدى الزوايا: «نحن نقف في صف طويل من الناس الذين يهبون الايمان الينا».
ولا يعرف الكثير عن تاريخ دير القديس إيليا أو دير مار إليا. ولم تتم دراسة المكان أو التنقيب فيه، بحسب هيأة الآثار والتراث العراقية التي تشرف على جميع المواقع الأثرية في العراق، وكان الحرس الجمهوري العراقي قد استولى على هذا المكان قبل الحرب، واستخدموا احواضه كمراحيض، حسبما يقول الاميركيون.
ومن المعروف ان هذه الهيأة سبق ان انتقدت بشدة النشاطات الاميركية في المواقع الاثرية، بضمنها مدينة بابل الاثرية، وهي تقوم الآن بتقييم مقترح ترميم دير القديس إيليا. ويعتقد أن تاريخ الدير يعود إلى أواخر القرن السادس الميلادي، عندما نزح إيليا الراهب الأشوري مما يعرف الان بتركيا، ومن ثم اضحى الدير جزءا من الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، وتقدم جوانب التلال المنحوتة للزراعة هنا دليلا على ان الرهبان عاشوا في هذا المكان، غير ان المنظر المحبب للوادي الذي يضم الدير تشوبه بقايا من الفيلق الخامس الذي كان تابعا لصدام، إضافة الى محرقة النفايات التابعة الى الجيش الاميركي.
وفي عام 1743 قام ملك فارسي بغزو المنطقة وامر الرهبان بالتحول الى الإسلام، ولكنهم اختاروا ان يموتوا بدلا من ذلك، وفي مكان مبتلى بالعنف، حيث مايزال المسيحيون مستهدفين، وآخرها التفجيرات التي طالت كنيستين في الموصل هذا الاسبوع، لاعجب ان تتردد اصداء التاريخ في دير القديس إيليا.
تلا الميجر جوليان باجيت، القسيس المعمداني، صلواته بعد جولة الجنود والمتعاقدين الاسبوعية في الدير قائلا: «عسى ان اكون ملتزما كما كان هؤلاء الذين عاشوا في هذا المكان، وهلكوا دون دينهم». ويضم الدير 26 غرفة مبنية حول باحة مركزية، وهي تتراوح في درجة تداعيها.
تشوه بعض الجدران كتابات خطت بالغرافيت باللغتين العربية والانكليزية. كتب شخص يدعى راؤول في تهجئة خاطئة «أديوس موصل».
يقول الميجر باجت، متحدثا عن اساءة معاملة الجيش للمكان بادئ الأمر، وجهودهم الآن لترميمه: حينما سنرحل سوف نترك المكان في حالة من الفوضى كذلك.
تبقى الكنيسة في حد ذاتها، بما تحويه من بيت المعمودية وصحن الكنيسة ومذبح الكنيسة، سليمة لم تصب بأضرار كبيرة، لكن الجدران الداخلية تضررت بشكل كبير. اما المكان الذي حفرت عليه الصلاة والذي يتخذ شكل صدفة فلم يتضرر هو الآخر، بيد ان مواقع اخرى تبدو وكأنها تعرضت للنهب، تغطي أرضية الكنيسة الأتربة وقد سقط جزء من السقف بينما تعرضت اركان وسقف الكنيسة الى التشقق، ما يسمح بدخول أشعة الشمس وكذلك الأمطار والتي تسبب المزيد من الأضرار. يقول السرجنت ميلر: «نهدف الى منح دير سان إيليا 100 عام أخرى، مهما يكون النظام حينها».
G.I.’s in Iraq Hope to Heal Sacred Walls
By STEVEN LEE MYERS
FORWARD OPERATING BASE MAREZ, Iraq — When the 101st Airborne Division captured this base back in 2003, an American tank blasted the turret off a T-72 tank, catapulting it into the side of St. Elijah’s Monastery.
The force buckled a wall of mortar and stone that had stood for more than 1,000 years here in one of the earliest redoubts of Christianity. Such is the tragedy of war.
The division then made the site a garrison and painted its emblem on the stucco above the low door to the monastery’s chapel. The insignia remained there until a chaplain contemplated the righteousness of having “Screaming Eagles” adorn a house of God.
“That’s not right,” the chaplain said, as the story goes.
Thus began the accidental American stewardship of St. Elijah’s, an ancient site of Christian worship and martyrdom now stuck in the middle of a sprawling military base just south of Mosul, in northern Iraq.
Now, in one small act of preservation, and perhaps penance, the Americans hope to restore St. Elijah’s. Army engineers have drawn up plans to shore up the roof and walls of its main sanctuary — believed to have been built in the 11th century — before the last American troops leave the monastery to an uncertain fate.
“We get so close sometimes, but we don’t finish,” Master Sgt. Howard C. Miller said, referring to the unfinished business that increasingly consumes the American military as a deadline for withdrawal nears. “I’d really like to see this through.”
The sergeant is a nurse, the senior noncommissioned officer at the combat hospital here on Marez, but either by coincidence or higher purpose, he is also a master stone mason, experienced in historic preservation back home.
In his offhours, he has gathered the broken chunks of mortar from St. Elijah’s. In a garden behind the hospital, he has refired the chunks on a grill and then pulverized them in an attempt to recreate the mortar used more or less the way it was 1,000 years ago to rebuild the parts of St. Elijah’s that remain standing. He calls it “the world’s oldest recycling program.”
As historic sites in Iraq go, St. Elijah’s has little of the significance of the ruins of the great Sumerian, Babylonian and Assyrian civilizations, all endangered by decay and looting. The ruins of Nimrud, Hatra and Nineveh are only a few miles away. So is the tomb of the Old Testament prophet Jonah, and that of another, Nahum, whose short chapter in the Bible warns Nineveh of its destruction.
“Nineveh is like a walk through the Bible,” said W. Patrick Murphy, the leader of the American provincial reconstruction team here, which is coordinating the restoration, referring to the modern name for the province that includes Mosul.
In the years of American occupation, St. Elijah’s became a curiosity, a diversion for soldiers and contractors who might otherwise never leave the base and encounter Iraq’s deeply layered history. Amid the hardship of modern military operations, it once again became a place of prayer.
“We stand in a long line of people who bequeathed the faith to us,” said Maj. Jeffrey Whorton, a Roman Catholic chaplain, presiding over Mass in the monastery the other day, attended by three camouflaged soldiers, their rifles leaning in a corner.
Little definitive is known about the history of St. Elijah’s, or Dair Mar Elia. The site has never been studied or excavated, according to the State Board of Antiquities and Heritage, which oversees all of Iraq’s historic sites. Before the war, Iraq’s Republican Guard occupied the base and, according to the Americans, used the cistern as a latrine.
The board, which has previously been critical of American activities at ruins, including Babylon, is now reviewing the proposal to restore St. Elijah’s.
The monastery is believed to date from the late 500s, when Elijah, an Assyrian monk, traveled from what is now Turkey. It later became part of the Chaldean Catholic Church. Terraced hillsides nearby are evidence of cultivation that sustained the monks who lived here. The valley where it stands would be lovely were it not for the ruined remains of Saddam Hussein’s Fifth Army Corps nearby and the ever smoldering pit where the Americans burn trash and sewage down the road.
In 1743, a Persian king swept through the area and ordered the monks to convert to Islam. They chose instead to die. In a violent place where Christians are still targets, most recently in bombings this week that struck two churches in Mosul, St. Elijah’s history resonates.
“May I be committed like those who lived here and perished instead of denouncing their faith,” Maj. Julian L. Padgett, a Baptist chaplain, prayed after leading soldiers and contractors on the weekly Friday tour of the monastery.
The monastery itself has 26 rooms, built around a central courtyard, in various stages of decay. Graffiti in English and Arabic mar some walls. “Adiós Mozul,” someone named Raoul wrote with imperfect spelling.
“When we left, we ended up leaving a mess, too,” Major Padgett told the tour, recounting the military’s initial mistreatment of the place and its efforts now to make amends.
The church itself, with a baptistery, nave and altar, remains largely intact, but the interior wall has buckled badly. A shell-shaped niche remains undisturbed, inscribed with a prayer, but another appears to have been chiseled out, possibly by looters. The floor is covered in dirt. Part of a ceiling arch has collapsed. Cracks run along the corners and ceiling, letting in sunlight, but also rain, which will ultimately cause more damage.
The goal, Sergeant Miller explained, is to give St. Elijah’s “another 100 years of life — in whosever regime it is then.”