Thursday, May 21, 2009

بعد الهجمات الانتحارية الأخيرة هل تعود القاعدة من جديد؟

عن: كريستيان ساينس مونيتر
ترجمة :علاء غزالة

لا يعتقد المسؤولون الأميركيون والعراقيون، الذين يواجهون زيادة في الهجمات الانتحارية النوعية، انها تشير الى انعكاس في ظاهرة انخفاض الهجمات. لكنهم يقولون ان من الراجح ان تكون المناورات السياسية بين القيادات العراقية التي تتهيأ لخوض الانتخابات الوطنية قد احدثت اثرا في القرارات التي لها دور مهم في تفجير الوضع الامني. وقال مسؤولون اميركيون وعراقيون رفيعو المستوى، ومسؤولون في الاستخبارات الاميركية، في سلسلة من المقابلات الصحفية، انهم يتوقعون ان تستمر المكاسب التي تحققت في الحرب على تنظيم القاعدة في العراق، والمتمثلة بالحد من قدرات هذه المجموعة على زعزعة استقرار القوات العراقية التي اصبحت اكثر قوة، وحكومته التي باتت اكثر ثقة.
لكن الاستطلاع المقدم في بعض اكثر مدن البلاد تعرضا للعنف يقلل من هذا اليقين. وكان المسؤولون الامنيون في الموصل وديالى قد قالوا باستمرار انهم بحاجة الى مساعدة القوات الاميركية فيما بعد تاريخ 30 حزيران، وهو الموعد النهائي لمغادرة القوات الاميركية للمدن العراقية. لكن تصريحات رئيس الوزراء الاخيرة بانه لن يطلب من القوات الاميركية ان تبقى في هذه المدن، ، قد أدت الى تخبط المخططين العسكريين.
يقول ضابط اميريكي رفيع المستوى، طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع: "هناك اتفاق واضح جدا، في عدة اجزاء من البلاد، بين القادة العسكريين العراقيين والاميركيين. وكلما ارتفع مستوى المسؤولين اقحمت عوامل اخرى الى المعادلة." ويقول انه في ذلك المستوى "فان الحملة الانتخابية لخوض الانتخابات الوطنية قد بدأت بالفعل."
يذكر ان اتفاقية مستوى القوات، التي ابرمت بين الولايات المتحدة والعراق في شهر تشرين الثاني الماضي بعد مفاوضات شاقة استمرت على مدى عام كامل، تقضي ان تسحب القوات الاميركية قواتها خارج المدن العراقية بنهاية حزيران، وتنسحب الى خارج العراق باكمله بنهاية عام 2011.
ويعمل المسؤولون الاميركيون والعراقيون على تقويم الحاجة الى ابقاء القوات القتالية فيما بعد شهر حزيران في المناطق الواقعة شمال العراق، حيث يتخذ المتمردون ملجأ آمنا بعد ان طردوا من بغداد.
وكان الجنرال راي اوديرنو، وهو اعلى ضابط اميركي في العراق، قد حذر من ان القوات الامنية العراقية في ثالث اكبر مدينة عراقية، وهي الموصل، بحاجة الى وقت اضافي من اجل انهاء تطهير بعض المناطق من المتمردين لضمان عدم عودتهم مجددا.
وينظر الى الستراتيجية التي اتبعتها القوات الاميركية بالتمركز قريبا من التجمعات السكانية على انها عامل اساس في نجاح القوات الاضافية على تقليل العنف.
تصريحات المالكي
يعتقد معظم المسؤولين الاميركيين والعراقيين بان تصريحات المالكي هي للاستهلاك المحلي، وهي لا تمنع عمل استثناءات من موعد حزيران النهائي في بعض المدن. ومن الناحية التقنية، فان الاستثناء يعتبر مختلفا عن التمديد، وهو ما قال رئيس الوزراء انه لن يسمح به.
يقول مسؤول عرافي رفيع المستوى: "يعلم المالكي جيدا بالحاجة الى وجود القوات الاميركية في هذه المناطق."
وقد قدحت زيادة الهجمات الانتحارية، التي قتلت اكثر من 350 عراقيا في شهر نيسان، المخاوف من ان يستعر العنف مجددا بما يتجاوز قدرة القوات العراقية، في الوقت الذي تنسحب القوات الاميركية من المراكز الرئيسة.
وبينما يقول مسؤولو الاستخبارات انهم لا يعتقدون ان هجمات الشهر الماضي هي استمرار لظاهرة، فانهم قلقون بشأن العوامل غير المتوقعة، واهمها تأثير تقليل الميزانية على القوات الامنية العراقية التي لاتزال ضعيفة، وعلى مستقبل قوات المتطوعين مدفوعة الاجر التي كان لها الدور المهم في تقليل العنف.
يقول احد مسؤولي الاستخبارات: "ان كان مستوى العنف اليوم هو على ما هو عليه، فلا بأس. لكنك ان سحبت قوات ابناء العراق من الشوارع فسوف تكون هناك فجوة... ما هو التأثير المتوقع لتقليل النفقات، وتأثير عدم حل هذه المسائل الشائكة، وتاثير الانتخابات؟ هناك الكثير من عدم اليقين هنا."
تتضمن "المسائل الشائكة" القوانين التي طال تأخيرها والتي سوف تحكم طريقة اقتسام السلطة والموارد النفطية، بالاضافة الى وضع مدينة كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها .
ترقب أنماط الهجمات
شعر العراقيون بالقلق من هجمات الشهر الماضي، والتي ادت الى مقتل اكبر عدد من الناس منذ شهر ايلول، اغلبهم من المدنيين. وكانت اهداف هذه الهجمات اضرحة شيعية كبرى في بغداد، ويبدو انها هدفت الى اعادة قدح الاقتتال الطائفي الذي جرّ العراق الى حرب اهلية قبل عامين.
لكن مجتمع الاستخبارات يراقب انماط الهجمات، وبالتحديد المدة الزمنية التي تفصل بين تخطيط وتنفيذ التفجيرات. يقول مسؤولو الاستخبارات ان قدرات تنظيم القاعدة في العراق على شن هجمات متكررة وفعالة ومعقدة قد اضمحلت بعد ان فككت الولايات المتحدة والعراق العناصر الرئيسة في شبكتها.
يقول احد مسؤولي الاستخبارات، والذي طلب عدم ذكر اسمه وهي سياسة متبعة في القضايا الاستخبارية: "لازلت ارى ان ظاهرة انخفاض الهجمات سوف تستمر في الوقت الذي نقترب فيه من موعدين رئيسين: الموعد النهائي للخروج من المدن، ومن ثم الانتخابات."
ويقول انه سوف يكون قلقا ان شهد تجددا سريعا في تنظيم هجمات منسقة:
ويقول احد مسؤولي الاستخبارات: "انها رؤية وتشخيص العنف، تأثير العنف، نوعية العنف، واين يقع ذلك العنف،" اكثر مما هي عدد الهجمات.
ويضيف هذا المسؤول: "القضية الاكبر هي البيئة التي تجري فيها هذه العمليات، حريتهم في الحركة، تجنيدهم. وفي نفس الوقت لديك تنامٍ في قدرات الحكومة على المستويات المحلية والوطنية، بينما تتطور القوات الامنية العراقية ببطء."
وعلى الرغم من ذلك، فان الهجمات الانتقامية من المتطرفين قد تعيد دورة العنف مجددا.
يقول مسؤول عالي المستوى في وزارة الخارجية الاميركية: "ان ما يثير خوفهم حقا هو ان القاعدة تركز على هجمات من شانها ان تقدح التوترات الطائفية. والعامل الحيوي هو: هل تنجح هجمات القاعدة في احداث هجمات مضادة؟ انت ترى ارتفاعا بسيطا في الهجمات، وارتفاعا كبيرا في الضحايا المدنيين، لكنك لا ترى تصاعدا في العنف الطائفي."
المستوى "المقبول" من العنف
بالنسبة الى المسؤولين الذين تحدثوا طويلا عن "المستوى المقبول من العنف" الذي بامكان القوات العراقية ان تتصدى له، والذي يتقبله الشعب العراقي، فان الوضع الحالي قد يكون اقرب ما يكون من ذلك المستوى.
يقول احد مسؤولي الاستخبارات: "سوف تبقى تشاهد هجمات نوعية، في عشرة اشهر، او اثني عشر شهرا او خمسة عشر. سوف تستمر في رؤية ذلك، لكنها ستكون اقل تأثيرا."
لكن السؤال الاقل توقعا سيبقى، مع انسحاب القوات الاميركية وتضافر المشاكل السياسية والمالية العراقية، هل ان القوات العراقية ستكون بعد عام من الان قادرة على الحد من هذه الهجمات بنفسها؟