Thursday, May 07, 2009

بريطانيا تنهي وجودها العسكري في العراق

عن: الاندبندنت
ترجمة: علاء غزالة

تـُليت الاسماء الواحد تلو الآخر بينما كان عازف البوق ينشد لحنا حزينا. لقد حفل الوداع الاخير للعراق بتذكر اولئك الذين لم يستطيعوا ان يعودوا الى الوطن.وفي لندن، اعلن رئيس الوزراء، غولدن براون، نهاية العمليات القتالية رسميا، في صراع استمر اكثر من الحربين العالميتين. اما في البصرة، فقد كانت الاذرع تمتد لعناصر القوات البريطانية تودعهم بحزن بينما كانوا يقومون بآخر دورياتهم على امتداد الشوارع التي خاضوا فيها معارك حامية، وفقدوا فيها رفاقهم.وكان التورط البريطاني في العراق قد ابتدأ حين اشترك توني بلير مع جورج دبليو بوش في غزوه للعراق، الا انه انتهى يوم امس بنفس الارتباط الاميركي. وتم تسليم السلطة العسكرية في البصرة الى القوات الامريكية المؤلفة من 5,000 جندي، وهم الذين سوف يحلون محل القوات البريطانية التي كان تعدادها 3,800 عسكري.
وكان هناك شعور بين افراد القوات البريطانية في العراق منذ وقت طويل، بعد ان ارسلوا الى حرب لا تحظى بدعم شعبي، بان الناس لم يتفهموا طبيعة التحديات التي يواجهونها، وما قاموا بانجازه. يقول احد الضباط الشباب، والذي خدم ثلاث مرات هنا: "لقد ساهمت جدتي في المسيرات المناهضة للاحتلال. وكانت لدي شخصيا شكوك قوية ايضا. لكننا كجنود علينا أن نتبع الأوامر، وكل ما ينبغي علينا فعله هو ان نقدم افضل ما نستطيع، وان لا نسيء استخدام قوتنا. اعتقد اننا فعلنا اشياء جيدة في البصرة، لكني استطيع تفهم السبب في عدم رغبة العراقيين بوجود قوات اجنبية في بلدهم."
وفي حفل التأبين يوم امس الذي اقيم امام حائط يحمل اسماء القتلى، بدا ان هناك عزما جديا على عدم نسيان هذه التضحيات، في اقل تقدير. وقام الرفاق بتلاوة اسماء 234 من البريطانيين والقوات المتحالفة معها، بالاضافة الى المتوفين من المدنيين، بعزيمة وتحد.
وقال الاسقف العسكري الاب باسكال هانرانهام، خلال حفل التأبين الذي دام لساعة من الزمن: "كل اسم هو فريد، وكل اسم يخبر قصة. قصة ابن او ابنة، زوج او زوجة، اب او ام. كل اسم سوف يستدعي ذكريات قوية، ليس اقلها لدى العائلة والمحبين في الوطن." عزف البوقي لحن "المهمة الاخيرة"، بينما كانت طائرات التورنادو تزأر وهي تحلق بمستوى منخفض. ومن ثم، في تمام الساعة 2:46 مساءا انزل العلم الخاص بالفرقة المدرعة العشرين البريطانية، وهي آخر القوات القتالية المتبقية في العراق، وسط تهليل وتصفيق متقطع بين البريطانيين والاميركيين والوجهاء العراقيين. لقد انتهت المهمة العسكرية البريطانية رسميا.
ولا يمكن اغفال تغيب غولدن براون الذي كان في افغانستان وباكستان قبل 24 ساعة من هذا الاحتفال. وقد ترددت خفية اقوال بانه يريد ان يبتعد عن تلك المهمة التي علقت في شراك التجادل. بيد ان وزير الدفاع البريطاني، جون هوتون، الذي حظر الاحتفال فعلا، قال ان السيد براون لم يكن يتجاهل العراق، حيث انه التقى رئيس الوزراء نوري المالكي في لندن.
وقال وزير الدفاع ان تحقيقا سوف يفتح في المستقبل لتقييم التورط البريطاني في العراق، لكن علينا في هذا الوقت ان "نفتخر بقواتنا. فهم الافضل في العالم، ويجب ان نكون جدا فخورين بما حققوه من تمكين العراقيين في بناء الديمقراطية."
وكان اكثر من 15,000 عنصر في الجيش البريطاني قد خدموا في العراق. وسوف يتم تحويل القاعدة في مطار البصرة الى فندق، بينما سيضم المقر الاميركي الجديد حفنة من عناصر الجيش البريطاني. ستكون طبعات اقدام المملكة المتحدة على الرمال العراقية في المستقبل تجارية وسياسية، وهو احد اسباب استضافة السيد المالكي ومعظم وزراء الحكومة العراقية في مؤتمر تجاري في لندن.
يقول نايجل هايدوود، القنصل العام البريطاني: "لقد بدأ دورنا في التغير، ولن يكون عسكريا بعد الان. لكننا عملنا الكثير من الاستثمارات في هذا المكان وننوي بكل تأكيد ان يكون لنا وجود مؤثر هنا. يمتلك العراق مستقبلا اقتصاديا نابضا، ونحن نساعد في بنائه."
تمتلك البصرة حوالي 70 بالمائة من الاحتياطي النفطي العراقي، رغم أن تدني أسعار النفط يعني انه يتوجب تخفيض ميزانية المحافظات الى النصف. لكن ميناء ام قصر، حيث سيبقى فريق من البحرية الملكية لتدريب نظرائهم من العراقيين، هو مثال على الامكانية المستقبلية للاقتصاد العراقي، مع احتمال ان يتحول الى منطقة للتبادل التجاري الحر للمنطقة باسرها. وقام السيد هوتون بزيارة ام قصر قبل ان يضع باقة من الزهور على ضريح الشهداء في منطقة الحيانية بمدينة البصرة، والذي كان مخصصا لضحايا "علي الكيمياوي."
وتعد منطقة الحيانية من المناطق المعروفة للبريطانيين. فقد كانت معقلا للمليشيات ومن ثم صارت مسرحا للكمائن ضد الدوريات البريطانية وموقع اطلاق قذائف الهاون والصواريخ على مقرهم في مطار البصرة.
على كل حال، فان بادرة السيد هوتون تؤكد على الدور البريطاني في تحرير العراق من نظام صدام، وهو ما يكن له في جنوب العراق، على وجه الخصوص، الشكر والعرفان. بيد ان الاضطراب الذي اعقب الغزو في عام 2003 قد ادى الى وقوع الكثير من الضحايا
اذ فقد حاكم علي ابراهيمي، البالغ 58 عاما من العمر، اثنين من افراد عائلته في اعمال العنف قبل وبعد الحرب، كما تعرض هو نفسه الى السجن من قبل الشرطة السرية. يقول: "بدأ البريطانيون بشكل حسن في العراق وقد رحب بهم معظمنا حينما جاءوا. وكنا نكن التقدير اليهم لانهم لم يكونوا عدوانيين مثل الاميركيين، كما انهم احترموا حضارتنا. لكنهم سمحوا للمليشيات بان تكبر بحيث لم يعد بالامكان السيطرة عليها، ثم عانينا."
لا يستطيع هاني القادر، المعلم الذي لديه ست ابناء، ان يفهم كيف انه بعد مرور ستة اعوام من اعلان بوش النصر في الحرب رسميا، مازالت كهرباء المدينة غير صالحة. لكنه يقول: "غير إننا لا نستطيع ان نلوم البريطانيين والاميركيين فقط، فماذا عن سياسيينا ؟ الآن مع رحيل البريطانيين يتوجب علينا ان ننظر في انفسنا."
البصرة بالأرقام
3,302 هو اقل تقدير لعدد العراقيين الذين قتلوا في البصرة منذ بداية الحرب. وقتل 179 جنديا بريطانيا في العراق.
51% نسبة الاقبال على التصويت في الانتخابات المحلية التي اجريت هذا العام
هجومان صاروخيان على قاعدة المطار هذا العام مقارنة بـ 400 هجوم في العام 2005.