Monday, October 13, 2008

اعمال العنف في الموصل تجبر المسيحيين العراقيين على الفرار

عن النيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة

بغداد – يفر المئات من المسيحيين من مدينة الموصل نتيجة سلسلة من اعمال القتل، التي يبدو انها تستهدف المسيحيين في هذه المدينة الشمالية من العراق، حيث لجأ الكثير منهم الى اجزاء اخرى من البلاد خوفا من الاضطهاد.
وقد قتل عدد لا يقل عن 11 مسيحيا، وربما يصل عددهم الى 14، في مدينة الموصل منذ شهر آب الماضي، حسب ما أفاد مسؤولون حكوميون ومنظمات حقوق الانسان. ومن بين الضحايا اطباء، ومهندس، وعاملي بناء اثنين، ورجلي اعمال، وصبي يبلغ من العمر 15 عاما تم قتله بالرصاص امام منزله. وقد قتل سبعة مسيحيين في الاسبوع الماضي وحده.
يقول خسرو كوران، نائب محافظ نينوى، المحافظة الواقعة في شمالي العراق ومركزها مدينة الموصل، ان صيدليا قتل بالرصاص يوم الجمعة من قبل رجل تظاهر انه رجل شرطة متخفٍ، وقد سأل الضحية ابراز هويته التعريفية.
وكان المطران لويس ساكو، رئيس اساقفة الكنيسة الكلدانية الكاثولوكية في كركوك، قد قال يوم الجمعة، ان اعمال القتل هي مثال على: "حملة التطهير، بالقتل والتهديد"، التي واجهها المسيحيون في العراق.
وقد جاءت اعمال القتل عقب المشاحنات الغاضبة حول قرار البرلمان اسقاط مادة كانت موجودة اصلا في النسخ الاقدم من قانون الانتخابات المحلية تنص على منح المسيحيين والاقليات الاخرى تمثيلا سياسيا. وقد وافق المشرعون على هذا القانون بدون تلك المادة في 24 أيلول.
كما نظم المسيحيون مظاهرات في بغداد والموصل احتجاجا على قرار البرلمان، حيث يعيش قرابة 250,000 مسيحي في بغداد، و50,000 في الموصل.
وفي احدى هذه المظاهرات في الموصل رفع المسيحيون شعارات تطالب بانشاء المحافظة التاسعة عشرة، يحكمها المسيحيون وترتبط بمنطقة كردستان في الشمال، استنادا الى وليم ورده، وهو صحفي عراقي ورئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان، والتي يقع مقرها في بغداد.
وقام مجلس الرئاسة، الذي يقوده الرئيس جلال طالباني، بالمصادقة على قانون انتخابات مجالس المحافظات في وقت سابق من الاسبوع الحالي، لكنه حث البرلمان على اعادة النظر في قضية تمثيل الاقليات من خلال التصويت على مادة مستقلة تتضمن المادة التي تم اسقاطها. لكن المجلس قرر بدلا من ذلك تشكيل لجنة لاعداد مسودة قانون لهذا الغرض، على ان يتم تقرير اي من المجموعات يجب ان تصنف على انها اقلية، وعدد مقاعد المجلس التي يجب ان تحجز لهم.
وقال عدد من القادة المسيحيون يوم الجمعة ان اعمال القتل في الموصل ربما تكون ذات صلة بالمظاهرات التي خرجت الاسبوع الماضي وطالبت بانشاء محافظة تتمتع بالحكم الذاتي.
وقال السيد كوران انه قد ظهرت منشورات في شوارع الموصل تهدد المسيحيين وتحذرهم اذا لم يغادروا المدينة. وقد انحى باللائمة في اعمال القتل على المسلحين، والاشخاص الذين وصفهم بـ"المتطرفين القوميين". لكن غيره القى اللوم على الاكراد، الذين يسيطرون على جزء كبير من الجزء الشرقي من الموصل والمنطقة المحيطة بها.
وفي الاسبوع الماضي، غادرت 150 عائلة مدينة الموصل الى مدن اخرى تقل الى الشمال الشرقي منها، مثل برطله وتل كيف وقره قوش، والتي يسكنها غالبية من المسيحيين، استنادا الى مسؤولين في المحافظة.
يقول جودت طعمة يوسف، الذي يملك محلا لبيع الملابس بالجملة في سوق الموصل المركزي، انه اضطر الى المغادرة بعد ان قتل اخاه، الذي كان يملك محلا للبيع بالجملة هو الاخر، في ظهيرة السبت الماضي.
يقول السيد يوسف: "في ذلك اليوم، اقفلت واخي محلنا في الساعة 12:15، ثم جاء اربعة رجال الى السوق، حيث اطلق احدهم الرصاص على اخي حازم. لقد قتله امام ابنه".
ويقول انه بعد هذا الهجوم، فان عائلته المكونة من 18 فردا قد اضطرت الى العيش في منزل صغير استأجروه في قره قوش. مضيفا: "لم نستطع ان نحمل اي متاع معنا سوى ملابسنا ونقودنا. لقد غادرنا الموصل فورا بعد ان دفنا جثة اخي".
وقد حدثت في الماضي اعمال اختطاف وقتل للمسيحيين في بغداد واجزاء اخرى من العراق. وفي الموصل، التي لم تتمتع بالحصانة من اعمال العنف، أرهبت موجة من اعمال القتل السكان المسيحيين. وفي شباط، تم اختطاف المطران بولص فرج رحو، رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في الموصل، ثم عثر على جثته في آذار مدفونة في منطقة تقع جنوب شرق المدينة.
وقد اتخذ الكثير من المسيحيين المدن الواقعة في سهل نينوى شمال شرق الموصل ملاذا امنا، حيث نادرا ما تعرضت هذه المدن الى الهجمات ضد المسيحيين. وتعد هذه المدن مسيحية الصبغة، حيث تنتشر القرى الاشورية والكلدانية القديمة، كما توجد اديرة بنيت في زمن النبي محمد.
لكن حتى في سهل نينوى، حدثت فورات من التوترات منذ العام 2003، حينما دخلت القوات الامنية الكردية الى المنطقة. ولا يزال العلم الكردي يرفرف على مداخل هذه المدن، بينما تسطير قوات البيشمركه، وهي القوات الامنية الكردية، على نقاط السيطرة فيها.
بيد ان المسيحيين ينقسمون بين هؤلاء الذين يريدون البقاء تحت الحكومة العراقية المركزية، واولئك الذين يفضلون محافظة ذات حكم ذاتي مرتبطة باقليم كردستان.
وقد انخفضت الهجمات ضد المسيحيين في الآونة الاخيرة في مناطق كثيرة من العراق، كما انخفضت نسبة اعمال العنف الأخرى. يقول كانون اندرو وايت، القس الانجليكاني في كنيسة القديس جورج في بغداد: "حقيقة ان الاعمال الانتقامية والهجمات ضد المسيحيين قد انتقلت الى الشمال تفرض وضعا صعبا؛ صعبا للغاية، لان هذا المكان بالذات هو الملجأ الذي يهرعون اليه بحثا عن الامان".