Friday, October 10, 2008

الكوليرا تنشتر في العراق نتيجة الفساد

عن: الاندبندنت
ترجمة: علاء غزالة

ادى الانتشار المفاجيء لوباء الكوليرا الى تفجير فضيحة تورط بعض المسؤولين في عدم تعقيم المياه التي يتم تصفيتها في المحطات المحلية بسبب تلقيهم رشى من اجل شراء مادة الكلوراين من ايران والتي انتهت مدة صلاحيتها منذ زمن طويل.
ويقع مركز الوباء في محافظة بابل، جنوب بغداد، في منطقة تعج بالمستنقعات الى الشرق من نهر الفرات وليس بعيدا عن المدينة الاثرية في بابل. اما في بغداد، حيث لا يتوفر الماء الصالح للشرب لنصف سكانها الستة ملايين، يضطر الناس الى استهلاك المياه المعلبة في القناني او الماء المغلي.
وقد قام رئيس الوزراء، نوري المالكي، بتعيين لجنة للتحقيق حول الطريقة التي استخدم فيها الكلورين غير الفعال. كما انه يرفض اطلاق سراح ثلاثة من المسؤولين المحتجزين رغم المطالب التي تقدم بها المجلس الاسلامي الاعلى في العراق، كونهم محسوبين عليه. وفي مدينة المدحتية، جنوب محافظة بابل، وردت التقارير باطلاق سراح احد اعضاء المجلس المحلي متورط في شراء الكلورين، بعد هدد اعضاء مليشيات تابعة الى المجلس الاعلى الشرطة المحلية لغرض تحريره.
وقد اضحت الفضيحة التي اثارها هذا العقد بمثابة قضية اختبار الى نوايا حكومة المالكي للتصدي الى الفساد المستشري في العراق، حيث يرى المسؤولون وظيفتهم مجرد وسيلة للاثراء من خلال الرشوة بشكل اساس. كما انها تعد ايضا اختبارا لقدرته على فرض سيطرته على المجلس الاسلامي الذي بات مهيمنا على المناطق خارج بغداد.
ويعد مرض الكوليرا من الامراض المستوطنة التي يصعب التخلص منها في العراق، وقد تفشى بشكل وباء في العام الماضي في شمال العراق، لكن بشكل اقل جدية بكثير مما تم مشاهدته هذا العام. وقد اصيب حوالي 4700 شخص به في ذلك الحين، معظمهم من محافظة السليمانية.
وفي هذه السنة، أمِلت الحكومة في ايقاف انتشار جديد لهذا المرض من خلال اصلاح محطات الماء والمجاري المتضررة بشكل كبير وتزويد الماء الصالح للشرب بمادة الكلورين. يقول احد المسؤولين في وزراة الصحة، رفض نشر اسمه، ان الوزارة انفقت مبلغ 11 مليون دولار في شراء مادة الكلورين من ايران لاستخدامها في محافظات بابل والديوانية وكربلاء، وتقع جميعها على ضفاف الفرات جنوبي بغداد.
لاحظ المسؤولون في المحافظتين الاخيرتين ان الكلورين كان قديما وان تاريخ استخدامه بحيث يكون ذا فاعلية قد انتهى، فرفضوا استخدامه. لكن في محافظة بابل، تم بالفعل استخدام الكلورين في محطات مياه الشرب في المدحتية والهاشمية والقاسم، جنوبي شرق مدينة الحلة، عاصمة محافظة بابل. وفي الحال تم تأكيد اصابة 222 شخصا بالكوليرا في محافظة بابل، من بين 420 حالة اجمالية، توفي منهم سبعة اشخاص.
تعكس الفضيحة الطريقة التي تعمل بها الحياة السياسية في العراق، حيث تحتكر احزاب السلطة الوظائف والعقود. من المسحتيل ان تجد عملا على أي مستوى في اية وزارة بدون رسالة توصية من احد الاحزاب المشاركة في الحكومة. ان وسائل الحكومة العراقية الهائلة، والتي توظف قرابة مليوني مواطن، هي آلة اسناد لها. يوجد الان عدد اكبر من المسؤولين الحكوميين من عددهم تحت حكم صدام، لكن الحكومة غير قادرة على توفير الكهرباء، ولا مفردات البطاقة التموينية، ولا الماء النظيف، رغم عائدات النفط العراقية المتجمعة التي بلغت 80 مليار دولار.
تعد المحافظات الشيعية جنوبي العراق بين بغداد والبصرة، مركز قوة المجلس الاسلامي الاعلى، اكثر الاحزاب الدينية نفوذا. ويتوقع ان تحمي الاحزاب السياسية اعضاءها من الاعتقال. وهذا ما يوضح ما حدث تاليا. فالمسؤول الذي اعتقل في محافظة بابل ينتمي الى منظمة بدر، الجناح العسكري للمجلس الاعلى. وطالب قادة الحزب الافراج عنه لكن السيد المالكي رفض. فما كان من من اعضاء المليشيات الا توجهوا صوب مركز الشرطة في المدحتية لاطلاق سراح عضو المجلس المحلي المتورط في شراء الكلورين.
لكن عقد الائتلاف الشيعي العظيم، الذي فاز باكثر من نصف مقاعد البرلمان العراقي في انتخابات كانون الثاني عام 2005، قد انفرط. بينما يحاول السيد المالكي ان يبني حزب الدعوة الذي ينتمي اليه، باستخدام موارد الدولة.
وقد عمق المالكي الخلافات مع المجلس الاسلامي الاعلى الذي فاز بمعظم مجالس المحافظات في جنوب العراق. وهم يتهمونه في محاولة خلق قواعد في المناطق التي كانت خاضعة لهم سابقا عن طريق دفع الاموال الى العشائر التي تنضم الى "مجالس الاسناد" التي ترعاها الدولة، في جنوب العراق. وهو يهدف الى ضمان انتخاب مرشحيه في الانتخابات المحلية والبرلمانية العام القادم. يقول احد كبار المسؤولين العراقيين: "سوف تكون هذه الانتخابات حيوية في تقرير من سيحوز على القوة في العراق في المستقبل".
تعطي السيطرة على العائدات النفطية بطاقة مهمة للسيد المالكي. فنسبة البطالة تبلغ بين 50-60 بالمائة في العراق، حيث تكون معظم الوظائف مع الدولة. وقد ازدادت رواتب الموظفين بشكل حاد. لكن الحكومة تبقى عاجزة بشكل كبير رغم تنامي قوتها العسكرية. ويتم تشجيع الصحفيين العراقيين او الدفع لهم ليكتبوا تقارير تحمل "اخبارا طيبة". ويلاحظ المواطنون في بغداد انه لا يذكر مرض الكوليرا في وسائل الاعلام الا قليلا. وهذا ما يثير مخاوف من ان الوباء قد يكون اسوأ مما تقر به الحكومة.

الخدمات في العراق بعد الغزو
* كانت بغداد تحصل على 16-24 ساعة في اليوم من الكهرباء قبل الغزو، وقد اخفضت هذه النسبة الان الى اقل من 12 ساعة.
* لم يكن هناك شبكة للهاتف المحمول في العراق، اما الان فيبلغ عدد المشتركين 12 مليون مشترك على الاقل.
* بلغ عدد مشتركي الانترنت عام 2007 حوالي 261,000 مشترك، بينما كان العدد يقدر بـ 4,500 قبل الحرب.
* من بين 34,000 طبيب مسجل قبل الحرب في العراق، هرب 20,000 منهم الى خارج العراق، وقـُتل 2,000 منهم، بينما تعرض 250 طبيبا الى الاختطاف.
* تضاعف عدد السيارات المسجلة ليبلغ 3,1 مليون سيارة بحلول تشرين الاول من عام 2005.