Tuesday, September 15, 2009

القواعد الاميركية في العراق.. عالم منفصل

عن: نيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة

القاعدة المشتركة في مدينة، بلد – تحتاج المختصة بالتدليك، ميلا من قرغيزستان، الى ساعة من الزمن حتى تصل الى مقر عملها في تلك القاعدة الفسيحة. وتعد غرفة التدليك التي تعمل فيها احدى ثلاث غرف في هذه القاعدة، التي تزيد مساحتها على خمسة وعشرين كيلوترا مربعا، وتجاور مطعما للمأكولات السريعة يشغل مقطورة، وتحيط بها الجدران الخرسانية والرمال والحجارة. ويعمل في مطعم الوجبات السريعة عمال من الهند وبنغلاديش ليقدموا للجنود الاميركيين شطائر تحمل نكهة وطنهم. وحينما تنتهي مناوبة العمال فان عليهم ان يمروا في طريق عودتهم بمحطة توليد الطاقة، ومعمل للثلج، ومحطة لمعالجة مياه المجاري، ومستشفى، والعشرات من المنشآت الاخرى التي يتوقع المرء ان يجدها في مدينة صغيرة.
وعلى مدى ست سنوات كان هذا ما بناه الاميركيون في العراق: مدناً في الرمال.
ومع انسحاب القوات الاميركية خارج المدن العراقية، واستمرار اغلاق ما يزيد على مئة قاعدة في عموم البلاد او تسليمها الى العراق، فإن القوات الاميركية البالغ تعدادها مئة وثلاثين الف عسكري باتت في تراجع مضطرد الى تلك القواعد الكبيرة.
وعلى الرغم من أن بعضها يحمل تسمية المعسكرات او القواعد من الناحية التقنية، الا انها عادة ما يشار اليها باسم (قواعد العمليات المتقدمة). لقد ترسخت تسمية تلك القواعد المتقدمة في لغة هذه الحرب حتى ان الجنود الذين يسكنون تلك القواعد أصبح يُطلق عليهم تسمية (القواعديين) من قبل زملائهم خارجها، سخرية بهم. لكن الاميركيين اصبحوا يَخبرون الحرب من تلك القواعد بشكل متزايد.
وعلى سبيل التأكيد، فإن الآلاف من الاميركيين يتواجدون مع العراقيين في قواعد صغيرة، حيث يلعبون دورا استشاريا، وهناك الوف اخرى تسير على الطرقات الخارجية لتقديم الحماية المطلوبة لتنفيذ الانسحاب.
لقد اضحت تلك القواعد الامامية جزءا رمزيا من الحرب، سواء للذين يقاتلونها او العراقيين الذين بقوا خارجها طيلة فترة الحرب. لكنها في نفس الوقت عالم منفصل عن العراق، حيث تتوفر فيها الكهرباء والخدمات الصحية والشوارع النظيفة والقوانين الصارمة وقواعد السلوك.
ويبلغ تعداد نفوس بعض هذه القواعد اكثر من عشرين ألفاً، حيث يتواجد الآلاف من المتعاقدين والمواطنين من جنسية ثالثة (أي ليسوا اميركيين ولا عراقيين) يعملون على ادامة القواعد.
الا ان هذه القواعد هي جزء من المشهد الطبوغرافي العراقي. وما زالت قذائف الهاون تتساقط عليها بين الفينة والاخرى، وينام الجنود مع اصوات باتت دائمة للمروحيات المحلّقة، والانفجارات المسيطر عليها، واطلاق النار في ميدان الرمي.
يقول الكابتن براين نيسي، وهو طبيب في القوات الجوية الاميركية: «انها مكان غريب بكل تأكيد. لقد سألت ضابط الشؤون المدنية اذا كان لي ان افعل أي شيء خارج القاعدة، لكن لا يوجد أي شيء استطيع فعله. ليست صعوبة مهنتي هي ما يقتلني، بل السأم.»
وفي اوج الحرب كانت هناك اكثر من ثلاثمئة قاعدة في ارجاء العراق. لكن الأميركيين يأملون ان يقيموا في ست قواعد كبيرة فقط خلال الاشهر القليلة القادمة، حيث يتم استخدام ثلاث عشرة قاعدة اخرى للتحضير للانسحاب النهائي.
حين تدخل بسيارتك الى قاعدة اميركية فإن اول الاشخاص الذين تصادفهم هم ليسوا في الحقيقة من الاميركيين. انهم في العادة من الاوغنديين الذين وظفتهم شركة الحماية الخاصة التي تدعى تربل كانوبي، وهؤلاء الذين يتواجدون في بلد لديهم صلاحية كافية لتأخير ضابط اميركي في القوة الجوية برتبة كابتن لمدة خمس ساعات وهو يصحب صحفياً أميركياً الى داخل القاعدة.
غير ان الاوغنديين ليسوا الا جنسية واحدة من بين فريق العمال القادم من البلدان النامية والذين يعملون على ادامة الحياة في القاعدة الامامية خدمة للجنود الاميركيين. واكبر تلك الجاليات هي من الفلبين وبنغلاديش والهند. وهم يعيشون في مناطق منفصلة عن كل من المقاولين الغربيين والجنود في القاعدة، ولا يختلطون بهم الا بالمقدار الذي يتطلبه عملهم.
تقول ميلا، مختصة التدليك، والتي لا يمكنها التصريح باسمها الاخير لدواعٍ امنية: «يبقى الجميع منفصلين الى حد كبير.» وقد امضت الآن سنة في العراق، لكنها تقول ان العمال الآخرين كانوا هنا لمدة قد تصل الى ست سنوات، وبعضهم لم يأخذوا اجازة لزيارة اوطانهم. وتضيف: «نفتقد مناظر الطبيعة، الاشجار والعشب.»
وتوجد في القاعدة محطتان لتوليد الكهرباء، ومحطتا تصفية مياه بسعة 1,9 مليون غالون من الماء في اليوم لاستخدامها في الاستحمام واغراض اخرى. اما ماء الشرب فيأتي من معمل آخر، تديره شركة لتعليب المياه، حيث ينتج سبعة ملايين قنينة من الماء المعلب في الشهر لاستخدامها من قبل سكان هذه القاعدة.
ويوجد خمسة عشر خطاً للحافلات في القاعدة، حيث تسير ثمانون الى مئة حافلة على الشوارع في أي وقت من الاوقات. ويعقد ضباط القوة الجوية الذين يديرون القاعدة اجتماعات لمناقشة امن الشوارع، حيث تتنافس العجلات المصفحة الضخمة مع السيارات الصغيرة على مساحات محدودة من الشوارع، وهو ما يجعل الاصطدامات بينها امرا حتميا.
وهناك مركزان للاطفاء كذلك، وبما ان مدرج المطار في بلد هو المدرج المنفرد الاكثر ازدحاما في مجمل وزارة الدفاع الاميركية، فإن بإمكان مركزي الاطفاء ان يتعاملوا مع جميع انواع الحرائق، من الحرائق الناجمة عن تماس كهربائي في مقطورة الى احتراق طائرة حربية.
وقام الاميركيون كذلك بنصب محطتين لمعالجة مياه المجاري، مع الاخذ بنظر الاعتبار الوضع الكارثي لنظام المجاري في العراق.
لكن هناك مناطق قليلة يمكن للعراقيين في الواقع ان يروها، ومن بينها «المنطقة الحرة العراقية»، وهي منطقة مسورة تحيط بها الاسلاك الشائكة والجدران الخرسانية. ويمكن للعراقيين هناك ان يبيعوا افلام الفيديو غير المرخصة، والسجائر الرخيصة، والالكترونيات، والاعمال التذكارية العراقية.
لكل قاعدة في العراق نكهتها الخاصة. وقد كانت اغلب القواعد الاميركية الكبرى قواعد عراقية من قبل، لكن بعضها مثل معسكر بوكا في جنوب العراق قرب الحدود الكويتية قد أنشئت في منطقة لا يوجد فيها سوى الرمال.
يقول مترجم عراقي يعمل في معسكر بوكا، وكان يسكن مع عائلته في تكساس عندما بدأت الحرب، انه عندما اتصلت به شركة التوظيف للعمل في العراق فانه سألهم اين سيكون مقر عمله. ويضيف: «قالوا لي انك سوف تذهب الى مكان يدعى (بوكا). واشاروا الى المكان المقصود على الخارطة، فقلت لهم انا من العراق وليست هناك مدينة هناك تسمى (بوكا).»
وقد تبين ان المترجم كان على حق. فمعسكر بوكا، الذي يؤوي اكبر السجون الاميركية في العراق، قد اكتسب اسمه من رونالد بوكا، وهو احد جنود لواء الشرطة العسكرية رقم 800، واحد ضباط الاطفاء في مدينة نيويورك، وكان قد قتل في هجمات الحادي عشر من ايلول.
ويأتي الفنانون الى القواعد الاميركية هنا، حيث كان اكثرها ترددا مشجعات دوري كرة السلة، المعروف اختصارا NFL. وحينما زارت مشجعات مينيسوتا فايكنغز معسكر بوكا في الربيع الماضي، كان يمكن للمرء ان يتساءل عن الذي استنتجه الآلاف من المعتقلين، ومن بينهم متطرفون مسلمون يعتبرون اظهار المرأة لكاحلها سببا لعقوبات شديدة، من المشهد المثير المعروض على مبعدة ميل واحد من زنزاناتهم.
Big U.S. Bases Are Part of Iraq, but a World Apart
By MARC SANTORA
JOINT BASE BALAD, Iraq — It takes the masseuse, Mila from Kyrgyzstan, an hour to commute to work by bus on this sprawling American base. Her massage parlor is one of three on the base’s 6,300 acres and sits next to a Subway sandwich shop in a trailer, surrounded by blast walls, sand and rock.
At the Subway, workers from India and Bangladesh make sandwiches for American soldiers looking for a taste of home. When the sandwich makers’ shifts end, the journey home takes them past a power plant, an ice-making plant, a sewage treatment center, a hospital and dozens of other facilities one would expect to find in a small city.
And in more than six years, that is what Americans have created here: cities in the sand.
With American troops moved out of Iraq’s cities and more than 100 bases across the country continuing to close or to be turned over to Iraq, the 130,000 American troops here will increasingly fall back to these larger bases.
While some are technically called camps or bases, they are commonly referred to as forward operating bases, or F.O.B.’s. The F.O.B. is so ingrained in the language of this war that soldiers who stayed mainly on base were once derisively called Fobbits by those outside the wire. But increasingly, the encampments are the way many Americans experience the war.
To be sure, thousands of Americans are with Iraqis at small bases, where they play an advisory role, and thousands more are on the roads and highways providing the protection needed to carry out the withdrawal.
But the F.O.B. has become an iconic part of the war, both for those fighting it and for the Iraqis, who have been largely kept out of them during the war.
They are in some ways a world apart from Iraq, with working lights, proper sanitation, clean streets and strictly observed rules and codes of conduct. Some bases have populations of more than 20,000, with thousands of contractors and third-country citizens to keep them running.
But the bases are also part of the Iraqi landscape. Mortar shells still occasionally fall inside the wire, and soldiers fall asleep to the constant sounds of helicopters, controlled detonations and gunfire from firing ranges.
“It is definitely a strange place,” said Capt. Brian Neese, an Air Force physician. “I’ve asked the Civil Affairs guy if there is anything that I can do off base, and there just isn’t anything for me to do. What kills is not the difficulty of the job but the monotony.”
At the height of the war, more than 300 bases were scattered across Iraq. Over the next few months, Americans hope to be at six huge bases, with 13 others being used for staging and preparing for a complete withdrawal.
The first people you encounter when driving up to an American base are not actually American. They are usually Ugandans, employed by a private security company, Triple Canopy, and those at Balad had enough authority to delay for five hours an American Air Force captain escorting an American reporter onto the base.
The Ugandans make up only one nationality of a diverse group of workers from developing nations who sustain life on the F.O.B.’s for American soldiers. The largest contingents come from the Philippines, Bangladesh and India. They live apart from both Western contractors and soldiers on base, interacting with them only as much as their jobs demand.
“Everyone stays pretty much separate,” said Mila, the massage therapist, whose last name could not be used out of security concerns. She has been in Iraq a year, but she said other workers had been here as long as six years, some never taking a break to go home. “You miss nature, trees and grass,” she said.
The base has two power plants, and two water treatment plants that purify 1.9 million gallons of water a day for showers and other uses. The water the soldiers drink comes from yet another plant, run by a bottling company, which provides seven million bottles of water a month for those on base.
Fifteen bus routes crisscross the complex, with 80 to 100 buses on the roads at any given moment. The Air Force officers who run the base have meetings to discuss road safety; with large, heavily armored vehicles competing for space with sedans, there are bound to be collisions.
There are two fire stations as well, and because Balad has the single busiest landing strip in the entire Defense Department, they can handle everything from an electrical fire in a trailer to a burning airplane.
The Americans also installed two sewage treatment plants, given how deeply troubled Iraq’s sewage system remains.
The facilities, like much in Iraq, are run by KBR, a company based in Houston. But as Americans prepare to turn bases over to Iraqis, they are working to bring in Iraqi companies to run some facilities, a process that has been slow and complex largely because of safety concerns.
One of the few places Iraqis can be seen, in fact, is the “Iraqi Free Zone,” a fenced-in area enclosed with barbed wire and blast walls. There, Iraqis sell pirated movies, discount cigarettes, electronics and Iraqi tchotchkes.
Each large base in Iraq takes on its own distinct flavor. Most large American bases were once Iraqi bases, but some, like Camp Bucca in southern Iraq near the Kuwaiti border, were created where there was only sand.
An Iraqi interpreter at Bucca who was living in Texas with his family when the war started said that when a contracting firm approached him, he asked where he would be working.
“They told me, ‘You would be going to a place called Bucca,’ ” said the interpreter, whose name the military asked not to be printed for security reasons. “I said, ‘There is no city called Bucca.’ They showed me it on the map and I said, ‘I am from Iraq and there is no city called Bucca.’ ”
It turned out that the interpreter was correct. Bucca, which would house the largest American-run prison in Iraq, was named after Ronald Bucca, a soldier with the 800th Military Police Brigade and a fire marshal in New York who was killed in the Sept. 11 attacks.
Entertainers come to American bases here, the most frequent being N.F.L. cheerleaders. When the Minnesota Vikings cheerleaders visited Bucca this spring, one could only wonder what the thousands of detainees, among them Muslim extremists for whom the flash of an ankle is cause for severe punishment, would have made of the spectacle less than a mile from their cells