عن: نيويورك تايمز
بقلم: اليسا جَي روبن
ترجمة: علاء غزالة
جئت الى العراق بعد ثلاثة ايام من فرار صدام. كان ذلك في الثاني عشر من نيسان 2008. كان العراقيون في ذلك الوقت تقشعر ابدانهم اذا سألهم احدهم فيما اذا كانوا سُنة او شيعة او اكرادا. كانوا يقولون انه ليس هناك من فرق بينهم، فهم اخوة. وبدا ذلك الامر صحيحا لفترة وجيزة تلت تلك الحرب الحامية. واليوم يتبدى مثل هذا الموقف من جديد في ارجاء البلاد، وهو موقف مُرحب به بعد ست سنوات من الجرائم الدامية بين الطوائف والاعراق والاديان المختلفة. فهل سيدوم هذا؟ ام سيدير الاميركيون ظهرورهم للحقائق المزعجة الماثلة في الخلافات بين الاعراق والاديان، وتجذر اصول الحقد، والصراع على السلطة والارض، كما فعلوا في كوسوفو والبوسنة وربما الان في افغانستان؟ وكما ان تركيز الامة (الاميركية) بات منصبا شرقا، على افغانستان، فاني قمت ايضا برحلة الى كابول كونها مقر وظيفتي الجديدة. ومن المغري القيام بالمقارنة بين هذين المكانين المنهكين. هناك بعض اوجه التشابه، لكن لاشك في ان هناك اختلافات بنفس القدر.
ماهي الدروس التي حملتـُها معي من العراق؟ تختلف الثقافتين بقدر اختلاف الجبال عن الصحارى. وبالنسبة للقادمين من الخارج، هناك كفاح مألوف لرؤية المكان كما هو على حقيقته، لا كما نتمنى ان يكون عليه. في عام 2003 اراد الاميريكون ان يعتقدوا بان عصرا من الاخاء والتكامل، واللذان ربما قام الجيش الاميركي بفصم عراهما، قد وفد الى العراق. وبالمثل، رغب العديد من العراقيين بنفس الاعتقاد. لقد كان التفكير المطول في عمق انعدام الثقة، الذي اختبأ طويلا بين القوميات والطوائف، يعني الاعتراف بان وطيس العنف كان منتظرا على الابواب. اجتاح الاميركيون بادية الكفاح الطويل بين السنة والشيعة للسيطرة على الحوض الخصيب بين نهري دجلة والفرات. لقد كان الامر كما لو ان المسؤولين اعتقدوا انهم ربما بقولهم انهم اخوة فسيصبحون كذلك.
اراد الاميركيون ان يؤمنوا بان نسختهم من الديمقراطية كانت على وشك ان ترعرع في العراق: بلد مسالم متعدد الاديان والاثنيات العرقية يخضع لحكم القانون. هذه الرغبة الجامحة في ان نجد في بلد آخر مرآة عن انفسنا غلبت التحليلات الباردة وقادت الى سنوات من الانكار لم تنتهِ الا بعد تزايدت الجثث المشوهة في مشرحة بغداد كل يوم: ثلاثون، اربعون، واخيرا خمس وسبعون الى مئة. شيعة قتلوا على ايدي سنة، وسنة قتلوا على ايدي شيعة.
ادركت ان التناحر الطائفي بدأ في الظهور في تشرين الثاني 2003، ولكن لم يكن لدي ادنى فكرة الى أي مدى سيذهب هذا التناحر. كان يجب على ان اكون كطائر الكناري في منجم الفحم، ولكني لم اكن اريد ان اصدق ما ارى، شأني في ذلك شأن الكثيرين من حولي. وكنت اعمل في صحيفة لوس انجلس تايمر في ذلك الوقت، أي قبل حوالي اربعة اعوام من قدومي الى هذه الصحيفة.
كان الوقت في اوائل الشتاء، سماءٌ غائمة وجوٌ رطب، حينما قـُتل امام مسجدٍ اعمى في حي يسمى الوشاش بينما كان ماشيا في طريقه الى بيته بعد اداء صلاة الفجر في اول ايام شهر رمضان. وقـُتل معه اخوه وصبي يافع كان يرشده في طريقه. سادت الفوضى المنطقة، وباتت البيوت مزدحمة، وسرعان ما انتشر العنف في الطرقات الضيقة. تحت مظلات متهرأة انبسط سوق مفتوح للفواكه والخضر ليعرض زهور القرنبيط الشاحبة والخس والبرتقال الرديء. سادت الحي اغلبية ساحقة من الشيعة على الرغم من ان معظم المناطق المحيطة به كانت من السُنة. بعد عامين كان اشقياء الشيعة والقاتلين منهم ليجبروا السُنة على الفرار، لكن ذلك لم يكن قد حدث بعد.
لم يشأ الناس في السوق ان يتحدثوا عن الامام، الذي كان سُنيا. هزّوا اكتافهم حينما سألتهم ما الذي جرى. سألتهم ان كان عليه دَين، او ان كان قد اساء الى أي احد. صَفًقوا اديهم، حتى الشيعة بينهم كانوا يخشون سطوة المسحلين. وجدتُ دار الامام، وهو بيت متواضع ليس فيه سوى غرفة واحدة يطل على احد شارعين كان السُنة يقطنوهما. اخبرني ابنه بقصة والده. كان ابوه، الذي فقد بصره منذ سنوات عديدة، يخطب في مسجد صغير ليس ببعيد عن منزله، يؤذن كل صباح لصلاة الفجر، يستدل بعصاه لتساعده على بلوغ المسجد في الوقت المناسب ليؤدي الصلاة. وحالما سقط نظام صدام بدأ الامام في تلقي التهديدات. وحينما انهى تنظيف المسجد وخرج بمفرده الى الشارع همس الناس ان وقته قد انتهى. لم يعد السُنة مرحب بهم هناك.
وفي يوم مقتله كانت الوقت باكرا، لكن الشوارع لم تكن خالية تماما من المارة. بيد انه لم يقرّ احد من سكنة الحي برؤية أي شيء. قال لي ابن عم الامام: "لقد اردوا ان نرحل." سألتُ: "من؟" هزّ كتفه ولم يقل شيئأ. طلبتْ العائلة مني ان اغادر. من شأن وجود اجنبي لديهم ان يجلب الانتباه. كانت ارملة الامام تحزم امتعتها في حقيبة رثة، كانوا سيذهبون للاقامة عند احد اقاربهم.
بعد ذلك لم اثق بالكلمات المنمقة عن الاخوة بين السنة والشيعة. لم اصدق الادعاءات بان الطائفة لا تهم.
واليوم تعود لغة التآخي للظهور مجددا. والعراقيون في معظهم متعبون، على الاقل من الحرب الطائفية، وبينما ينظم المرشحون انفسهم لخوض الانتخابات البرلمانية في عام 2010، فانهم باتوا يعزفون على اسطوانة الوطنية. وهم يشكلون احزابا تضم كافة الطوائف. ربما يكون صحيحا ان سفك الدماء قد انتهى الى حد كبير، لكن اكثر ما اخشاه ان لا تكون الحروب بين الفصائل المتنازعة قد انتهت.
وحتى قبل التفجيرات الرهيبة التي وقعت في الاسبوع الماضي عند المباني الحكومية في قلب مدينة بغداد، فان بعض الرحلات التي قمتُ بها في الاشهر الستة الماضية اظهرت لي بوضوح مدى عدم اليقين حول الطريق الذي تسلكه الامور، خصوصا في الصعوبة الكامنة في محاولة تحقيق تكامل بين الناس الذين لا يثق بعضهم بالبعض الاخر. كانت رحلتي الاولى من مدينة السليمانية في منطقة كردستان العراقية، الى بغداد. تتضمن هذه الرحلة عبور الجبال القوسية التي تشمخ في شمال العراق بالقرب من الحدود الايرانية، وايضا تمر من خلال السهول المرتفعة الواقعة جنوبها، ومن خلال الصحاري المقفرة بالقرب من بغداد.
يجب ان لا يختلف الخط الغير منظور الذي يفصل بين كردستان العراق عن المحافظات الواقعة تحتها الا قليلا عن الخط الفاصل بين ولايتي ميتشيغان وانديانا على سبيل المثال. لكن الحال انه يقترب من شكل الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة. يقوم الحراس الاكراد، الذين يطلق عليهم تسمية البيش مركه، بتفتيش سيارتك، عليك ان تظهر بطاقة الهوية الخاصة بك، وان تذهب الى مكتب حدودي صغير لكي تبرز كتابا رسميا، وتجيب على بعض الاسئلة. ربما يتطلب هذا الامر ساعة من الزمن او اكثر.
وعلى الجانب الآخر من الحدود تومض اضواء ساطعة على طرقات اربيل والسليمانية، وهما كبريات مدن الاقليم. هناك توجد فنادق فارهة تتوفر على خدمة الانترنت في الغرف، وترى العديد من النسوة حاسرات الرأس ويرتدين الملابس الغربية، كما يتم تقديم الكحول مع الموسيقى في بعض المنشآت التي تديرها الحكومة. ويشعر اكثر الزائرين الغربيين هناك انهم في موطنهم.
لكن الى الجنوب من الحدود يقع بلد آخر، على سبيل الاستعارة على الاقل. ففي كل يوم تقريبا يأتي خبر عن عمليات قتل اخرى. بعضها يأتي من متطرفي السنة الذين يسعون الى نشر بذور الفتنة بين مختلف الطوائف والاديان في المنطقة، وبعضها جرائم اكثر تنظيما، والبعض الاخر هي عمليات انتقامية بين التركمان والاكراد، والعرب والتركمان، والمسلمين والمسيحيين.
ان نقطة التفتيش في الحدود الجنوبية لاقليم كردستان هي بمثابة قطع في التكامل بين مختلف المجاميع التي تحاول الخروج بصعوبة. وتتحدث القوات العسكرية والشرطة المحلية والشرطة الوطنية لغات مختلفة. فهم يرتدون بزات نظامية مختلفة عن بعضها البعض، ويبدون مترابطين في شرنقتهم الخاصة من اللغة والملابس. وهم يراقبون بعضهم بعضا بحذر: المتحدثون بالتركية من الاقلية التركمانية، البيش مركه الكردية، والشرطة المحلية ذات الاغلبية من العرب. اما الشرطة الوطنية التي يهيمن عليها الشيعة فيبدو انهم يهيمون لوحدهم. والعديد من منهم من مناطق الجنوب وهم حتى اقل ارتياحا من غيرهم من القوات الامنية هنا. هل ان نقاط السيطرة المتعددة اللغات هذه هي اشارة على توحد البلاد ام انها دلالة على تفرقها؟
وددت لو امكنني تصديق ما سلف، لكنه يمكن ان يذهب بكلا الاتجاهين: ربما يكون القتل الطائفي قد انتهى، لكن الحقد الاثني وانعدام الثقة قد لا يكونا قد استنفدا بعد.
والى الجنوب من بغداد هناك قصة مختلفة تماما. يقودك الطريق الى مدن على حافة بغداد: المحمودية واللطيفية واليوسفية، تلك المنطقة التي عرفت ذات مرة باسم (مثلث الموت). هناك، تمكن بعض من اعتى متطرفي السنة من تثبيت موطيء قدم لهم. كان هؤلاء وحوشا نصبوا نقاط سيطرة وهمية للامساك بالشيعة، واصدروا عليهم حكمهم بانهم مذنبين استدلالا بشريط مسجل وجدوه في السيارة او من اسمائهم في بطاقة الهوية. قاموا بتعذيبهم، وقطع رؤوسهم، وتشويه اجسادهم. كما نصبوا الكمائن للرعايا الغربيين وخطفوهم وقتلوهم في بعض الاحيان. وغالبا ما اعتراني الخوف، حينما اسافر على هذا الطريق، بان احدهم سيتعرف عليّ كصيد ثمين. كنت اجلس في المقعد الخلفي للسيارة، ابتلع انفاسي، الجأ في نظري الى داخل السيارة بدلا من التطلع عبر النوافذ حتى يكون من الصعب على المارّة ان يلمحوا وجهي بشكل واضح.
واليوم هذا الطريق آمن. ولا يوقفك عليه الا نقاط التفتيش العسكرية (القانونية)، لكنك تشاهد الكثير من صور تمثل الامام علي على الطريق، وهي اشارة على ان تلك المنطقة اصبحت خاضعة للشيعة. ويكتسب الامام علي جلالة قدره باعتباره مؤسس الفرع الشيعي في الاسلام. لكن صوره هي ايضا احتجاج صامت ضد السُنة، وطريقة لتعريف انتماء المنطقة، وتذكير بان الشيعة يديرون الامور الان. انها اشارة على النصر بقدر ما هي اشارة على السلام.
والنصر في العراق عادة ما يقدح الانتقام.
بعد خمس اعوام في العراق، تلاشى كل ما وددت ان آمن به. كل من الشيعة والسُنة ارتكبوا جرائم رهيبة. اما الاكراد، الذين بنوا مدنا حديثة على الطراز الغربي التي بدت مألوفة لنا للوهلة الاولى، فقد اتضح انهم قادرون على ان يرتكبوا اعمالهم الوحشية الخاصة بهم. كما ان الاميركيين اخذوا حصتهم من العنف، ومن بين اسوأ ما عملوا كان التفكير المتمني، والقراءة الخاطئة للتوجهات المختلفة، متيحين لما اطلق عليه الشاعر ييتس "المد الدامي" بان يتضخم. هل كان بامكانهم ايقافه؟ ربما لا. هل كان بالامكان تقليمه لكي يحدث ضررا اقل، بحيث ينقذ بعضا من الاباء والاخوة والامهات والابناء؟ نعم، اكاد اكون موقنة، نعم.
اذا، الدرس الذي استخلصه هو بان لا نستهين ابدا بالحقد الدفين، او بالتاريخ، او بتعقيد اماكن الغرباء. لقد وقعتُ في غرام صحراء العراق الجرداء وظلال نخيله واهواره، ولكن فوق ذلك كله اعجبتُ بشعبه الذي لم يفقد ايمانه بمقدرات البلاد،على الرغم من الخسائر البشرية الكبيرة: الائمة الذين أدوا صلواتهم برغم التهديدات، صديقتي الشيعية سلمى الخفاجي، التي فقدت ابنها الاكبر في كمين نصبه السنة في مثلث الموت لازالت مع ذلك مستمرة في العمل من اجل تكامل الشعب. مرّت على العراق احداث جسام خلال السنوات الست الماضية، واليوم اذهب الى افغانستان وانا اشعر باننا مدينون لكل شخص مات في العراق، عراقيا كان ام اميركيا، بان لا ننسى، وان لا نرميه خلف ظهورنا، وان لا نفكر بالامر على انه مسألة نجاح وفشل، او نصر وهزيمة، بل ان ننظر بكل ما اوتينا من خلال الزجاج، وان لم يسرنا ذلك.
From Iraq,
Lessons for the Next War
By ALISSA J. RUBIN
I came to Iraq three days after Saddam Hussein fled Baghdad. It was April 12,
2003. At the time, Iraqis bristled when asked if they were Sunni, Shiite or
Kurd. It made no difference, they said, they were brothers. And, in the heady
aftermath of the war, for a short while it almost seemed true. That mood seems
to be upon the country again, and it is most welcome after the last six years
of bloody murders between Shiites and Sunnis; between Arabs and Kurds; between
Muslims and Christians. Will it last? Or are Americans, as they have been in
Kosovo and Bosnia and perhaps now in Afghanistan, turning away from the
inconvenient realities of ethnic and religious differences, the depth of
animosities, of struggles for power and territory? As the country’s attention
turns east to Afghanistan,
I, too, have made the journey to Kabul,
as my new assignment. It is tempting to make analogies between the two troubled
places, and there are some, but there are at least as many differences.
What are the lessons of Iraq
that I carry with me? The cultures are as different as mountains and desert,
and for outsiders, there is a familiar struggle to see the place as it truly
is, not as we might wish it would be. Back in 2003, the Americans wanted to
believe that an age of brotherhood and integration, loosed by American military
might, had come to Iraq.
Many Iraqis wanted to believe it, too. Thinking too much about the depth of
distrust, long latent between sects and ethnicities, would mean acknowledging
that a frenzy of violence waited in the wings. They swept into the desert sands
the centuries-long struggle of Sunnis and Shiites for dominance in the fertile
river basin between the Tigris and Euphrates
Rivers. It was as if
officials thought that perhaps by saying they were brothers, they would become
them.
Americans wanted to believe
that their version of democracy was just waiting to spring to life in Iraq — a
peaceful multiethnic, multireligious society adhering to the rule of law. That
longing to find in another country a mirror of ourselves trumped cold analysis
and led to years of denial that came to an end only when the mutilated bodies
at the Baghdad morgue mounted each day: to 30, 40 and finally 75 to 100.
Shiites murdered by Sunnis; Sunnis murdered by Shiites.
I realized that a sectarian
fight was starting to play out in November 2003, but I had no idea how far it
would go. I should have been the canary in the coal mine — but like so many
others around me, I did not want to believe what I saw. I was working for The
Los Angeles Times then; it would be nearly four years before I would come to
this newspaper.
It was early winter, gray
and damp, and in a poor neighborhood called Washash a blind imam had been
assassinated as he walked home from the dawn prayer on the first day of
Ramadan. Killed with him was his brother and a small boy who acted as his
guide. The area was run down, the houses cramped, the narrow streets littered.
Under tattered awning, an open-air fruit market sold mangy cauliflowers,
browning romaine lettuce and bruised oranges. The neighborhood was predominantly
Shiite although most surrounding areas were Sunni. Two years later Shiite thugs
and killers would force many of the Sunnis to flee, but that hadn’t happened
yet.
People in the market didn’t
want to talk about the imam, who was a Sunni. They shrugged when I asked what
had happened. I asked if he had debts, if he had hurt anyone. They shook their
heads; even the Shiites among them were afraid of the gunmen. I found the
imam’s house, a humble building with just one room to a floor on one of two
streets where Sunnis lived. His son told me his father’s story. Blind for many
years, his father preached at a small mosque just a few blocks away, rising
every morning before dawn, using his blind man’s stick to help him arrive in
time to offer the prayer. Soon after the fall of Saddam
Hussein, the imam began to hear threats; when he had finished
cleaning the mosque and emerged alone into the street, people would whisper
that his time was up. Sunnis were no longer welcome there.
The day he was shot, it was
early, but hardly a time when the streets are empty. Yet no one in the
neighborhood admitted to having seen anything. “They want us to leave,” said a
cousin of the imam. “Who?” I asked. He shrugged and said nothing. Was it Shiite
neighbors or outsiders? No one would say. The family asked me to leave. Having
a foreigner there drew attention. The imam’s wife was packing a battered
suitcase; they would go stay with relatives.
After that, I didn’t trust
the flowery words of brotherhood between Sunni and Shiite. I didn’t trust the
claims that sect didn’t matter.
Now the language of
brotherhood is welling up again. Iraqis, for the most part, are tired, at least
of sectarian warfare, and as candidates organize themselves to run for the
Parliament in the 2010 elections they have latched on to a narrative of
nationalism. They are creating cross-sect parties. Perhaps it is true that the
worst of the bloodletting has run its course, but my fear is that the wars of
division are not over.
Even before the horrific
bombings last week at government buildings in the heart of Baghdad, several trips I took in the last six
months writ large for me the uncertainty on the road ahead — the difficulty of
integrating people who distrust each other. The first was a drive from
Sulaimaniya, in Iraqi Kurdistan, to Baghdad.
The journey traverses the arching mountain peaks of northern Iraq near the Iranian border, the high plains
that lie just to the south and the low scrub desert near Baghdad.
The invisible line that
separates Iraqi Kurdistan from Iraq’s
lower provinces should be little different than crossing from, say, Michigan into Indiana;
instead, it is reminiscent of the border between Mexico
and the United States.
Kurdish guards known as pesh merga look into your vehicle, you must show
identification and go into a small border office to show an official letter and
answer a few questions. It can take an hour or more.
On one side of the border,
bright lights flash on the streets of Erbil
and Sulaimaniya, the region’s largest cities. There are luxury hotels with
Internet in the rooms; many women wear Western clothes and do not cover their
hair; music and alcohol are offered at some government-sponsored functions.
Most Westerners feel at home.
South of the border is
another country — metaphorically, at least. Almost every day brings news of
another killing. Some are by Sunni extremists trying to sow hatreds among the
different sects and faiths in the area; some are more mundane crimes; and some
are revenge killings between Turkmen and Kurd; Arab and Turkmen; Muslim and
Christian.
The checkpoints south of the
Kurdistan border make a stab at integrating the different groups who exist
uneasily, but the troops from the army, the local police and the national
police speak different languages, wear different uniforms and appear bound in
their own cocoons of language and custom. They watch one another warily: Turkic
speakers from the Turkoman minority, Kurdish pesh merga and the mostly Arab
local police. The national police, who are predominantly Shiites, seem to be at
sea. Many are from the south and are even less at ease here than the other security
forces. Are these polyglot checkpoints a sign that the country is coming
together or falling apart?
I want to believe the
former, but it might go either way: while the sectarian killing may have run
its course, the ethnic hatreds and distrust may not have played themselves out
yet.
South of Baghdad is a
different story. The road goes through towns on the edge of Baghdad: Mahmudiya, Latifiya and Yusufiya,
once known as the Triangle of Death. There, some of the most brutal Sunni
extremists made their stand. These were monsters who threw up fake checkpoints
to catch Shiites, judging them culpable because of a tape in the car or the
name on an identification card. They tortured them, beheaded and mutilated
their bodies. They ambushed Westerners, kidnapping and sometimes killing them.
I used to be afraid, when I traveled that road, that I would be recognized as
valued prey. I rode in the back seat, my breathing shallow, resolutely looking
into the car instead of out the window, so that it would be hard for passersby
to get a clear view of my face.
Now the road is safe. Army
checkpoints — legal ones — are the only ones that stop you, but huge posters of
Imam Ali punctuate the streets, a signal that this is now Shiite-land. Imam Ali
is revered as a founder of the Shiite branch of Islam, but a poster of him is
also a silent rebuke to Sunnis, a way of marking territory, of reminding them
that the Shiites run things now. It is a sign of victory as much as peace.
And victory in Iraq almost
always begets revenge.
In my five years in Iraq, all that
I wanted to believe in was gunned down. Sunnis and Shiites each committed
horrific crimes, and the Kurds, whose modern-looking cities and Western ways
seemed at first so familiar, turned out to be capable of their own brutality.
The Americans, too, did their share of violence, and among the worst they did
was wishful thinking, the misreading of the winds and allowing what Yeats
called “the blood-dimmed tide” to swell. Could they have stopped it? Probably
not. Could it have been stemmed so that it did less damage, saved some of the
fathers and brothers, mothers and sons? Yes, almost certainly, yes.
So the lesson I take away is
never to underestimate hatred or history or the complexity of alien places. I
came to love Iraq’s scrub desert, its date palm groves and marshlands, but most
of all its courageous people who despite great personal losses did not lose
faith in their country’s possibilities: the imams who prayed despite threats;
my Shiite friend Salama Khafaji, who lost her eldest son in a Sunni ambush in
the Triangle of Death yet continues to work for integration. Terrible things
happened in Iraq over the last six years, and I go to Afghanistan feeling that
we owe it to everyone who has died in Iraq — Iraqi and American — not to
forget, not to gloss over, not to think in terms of success and failure, or
victory and defeat, but to see as best we can, through a glass darkly.