عن: نيويورك تايمز
ترجمة:علاء غزالة
القاعدة المشتركة في بلد، العراق – ليست هناك من اشارة اكثر وضوحا على تجاوز الولايات المتحدة لحرب العراق من العملية الهائلة الجارية حاليا لإخراج قواتها منه،
حيث تمت اناطة الجهود اللوجستية بعهدة عشرين الف جندي، او قرابة سُدس القوات المتواجدة هنا. سيقوم هؤلاء الجنود بتفكيك حوالي ثلاثمئة قاعدة وارسال مليون ونصف المليون من الاجهزة المختلفة، من الدبابات الى مكائن صنع القهوة، الى خارج العراق.
ويقول الجيش ان هذه العملية هي اكبر تحريك للقوات والمعدات في العقود الاربعة الاخيرة. ان مثل هذا الانسحاب يعد امرا جللا بحد ذاته، لكنه يزداد تعقيدا مع استمرار الهجمات من قبل التمرد الذي لايزال نشيطا. يضاف الى ذلك حساسية الحكومة العراقية حول التواجد الاميركي المنظور، وعدم الاتفاق مع العراقيين حول ما سيُترك لهم، وتعيين المعدات التي ستمس الحاجة اليها في افغانستان.
تعيّن على الجيش، على حين غرة، ان يعلق مهمات قواته الحالية، البالغ عديدها 124,000 عسكري، في انحاء البلاد المختلفة، ومتابعة التجهيز بالوقود والغذاء والمواد التموينية الاساسية الاخرى، بينما تتخذ القرارات بشأن ما سيتم تركه للقوات المتبقية التي يقدر عددها بخمسين الف جندي، والذين سيقومون في الغالب بادوار استشارية حتى عام 2011.
يقول البريغادير جنرال بول وينتز، آمر قطعات التموين الاميركية، في مقابلة اجريت في مجمع بلد العسكري الواسع الواقع شمالي بغداد، والذي سيُستخدم كمقر لقيادة عمليات الانسحاب: «انها حقا لعبة مكعب روبكس (وهي لعبة فكرية عبارة عن مكعب يحتوي على صورة في كل من اوجهه الستة وطريقة الحل تعمتد على تدوير الاجزاء بحيث تظهر الصور الصحيحة على كل من الاوجه.)
ولكن كما كانت عملية بناء القوات في الصحراء الكويتية قبيل الغزو عام 2033 تدل بوضوح على ان الولايات المتحدة ماضية الى الحرب، فإن الاستحضارات الجارية للانسحاب تشير بجلاء الى نهاية الدور العسكري لاميركا هنا. غير ان عَكسَ هذه العملية، حتى مع تدهور الاستقرار النسبي نحو العنف، يزداد صعوبة كل يوم.
وقد بدأ مقياس الانسحاب في التصاعد. فبالمقارنة مع حرب الخليج عام 1991: دامت تلك الحرب 1,012 ساعة، او حوالي ستة اسابيع، وحينما انتهت كتب اللفتنانت جنرال وليام باغونيس، الذي كان مسؤولا عن العمليات اللوجستية للجيش آنذاك، كتابا اطلق عليه عنوان «تحريك الجبال»، حول التحديات التي تواجه عملية نقل القطعات العسكرية الى خارج مسرح الحرب.
واعتبر تلك المهمة مكافئة لنقل جميع الاشخاص القاطنين في الآسكا، بالاضافة الى ممتلكاتهم، الى الجانب الآخر من العالم «في وقت قصير.»
استمرت الحرب الحالية في العراق اكثر من 57,000 ساعة، او اكثر من ست سنوات ونصف السنة. واليوم يعمل ابن الجنرال باغونيس في احدى الوحدات اللوجستية الرئيسة التي اسندت اليها مهمة وضع الخطط لاخراج اميركا من الصحراء.
يقول الكولونيل باغونيس: «حينما اخبرت والدي حول المهمة التي اوليت بعاتقي، ضحك وقال: حظا طيبا.»
بيد ان الانسحاب الرئيس لن يبدأ الا بعد الانتخابات الوطنية المقررة في شهر كانون الثاني. الا ان من الممكن ملاحظة الاستعدادات لذلك الانسحاب على الشوارع في عموم العراق، حيث تعبر الشاحنات البلاد بمعدل 3,500 مركبة في اثناء الليل لتنفيذ مهمات الادامة واعادة الانتشار.
وكان الجيش قد عرّف المواد التي تعتبر غير اساسية الى حد كبير وبدأ في نقلها الى خارج البلاد، وفي بعض الاحيان الى افغانستان. فعلى سبيل المثال، تمسّ الحاجة الى الحواجز والذخيرة التي تستعمل للدفاع ضد السيارات المفخخة في افغانستان، وفي الوقت الذي يتم تفكيك القواعد هنا فإن هذه المواد يتم ارسالها للمجهود الحربي هنا، حسبما افاد القادة العسكريون.
وقد تم شحن ثلاثة آلاف حاوية والفي مركبة الى خارج العراق في شهر آب، لكن نقل الاحمال الثقيلة قد بدأ للتو. يقول الجنرال وينتز: «حينما يخرج اللواء القتالي، لا اريد ان اكون في موقف اضطر فيه الى التعامل مع التجهيزات والمعدات الفائضة في نفس الوقت.»
يعمل العشرات من الجنود، في قاعة مؤتمرات بهذه القاعدة، على مراقبة كل مركبة اميركية في البلاد من خلال شاشتي تلفاز مسطحتين ضخمتين، باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي والاتصالات بالراديو، والحصول على المعلومات الآنية حول الهجمات وتقدم القوافل. ويتم التخطيط لكل حركة قبل ست وتسعين ساعة من اجل السماح بإجراء التمارين عليها والقيام بالتعديلات اللازمة.
ومع تصاعد وتيرة الانسحاب يتوجب على الجيش الاميركي ان يخفف من قلق السياسيين العراقيين الذين يرغبون في ان تكون القوات الاميركية اقل ظهورا للعيان، وعليه تتم معظم المهام في ظلمة الليل.
ويأمل الاميركيون ان تتم العمليات، بحلول الربيع القادم، من مركز وصفه الجنرال وينتز على انه نظام يربط بين مراكز واطراف عديدة، حيث يضم ست قواعد كبيرة وثلاث عشرة قاعدة أخرى اصغر حجما. ان التقليل من عدد القواعد يعني الترحال لمسافات اطول والتعرض الى مخاطر اكبر.
يقول الكولونيل باغونيس، مؤكدا ان العمليات اللوجستية تحت قيادته هي ايضا عمليات قتالية: «لا يمكن ان تكون المسافة بين نقطتين اقصر من هذا.»
وقد ثبت ان تسليم القواعد الاميركية السابقة الى العراقيين، واتخاذ القرار بشأن ما سيترك لهم، هو من بين اكبر التحديات. فقبل شهر آيار الماضي، لم يكن هناك نظام يبين من يملك العقارات التي اقام الاميركيون معسكراتهم عليها. لقد ادى هذا الى حدوث مشاهد مثل التي وقعت في قاعدة وورهورس حينما قدِم ضابط عراقي محلي ليطلب قائمة بالاشياء التي لم يكن الاميركيون مستعدين لتسليمها. ولهذا تشكلت لجنة مؤلفة من مسؤولين عراقيين واميركيين في الربيع الماضي للعمل على حل مثل هذه القضايا.
وكان الكونغرس قد حدد قيمة المعدات، مثل اجهزة الحاسوب والاثاث، التي يمكن للجيش ان يسلمها للعراقيين بحوالي خمسة عشر مليون دولار لكل قاعدة. لكن هذا السقف لا يشتمل على المواد التي تعتبر جزءا من البنية التحتية، مثل المباني وانظمة الصرف الصحي ووحدات توليد الكهرباء. ويصعب تخمين قيمة بعض الاستثمارات الاميركية بسبب تضخم كلفة العديد منها نتيجة الانفاق الهائل لتوفير الامن لها.
ويقول القادة انه عادة ما يكون تسليم التجهيزات الى العراقيين اكثر اقتصادية من اخذها بسبب كلف النقل الباهظة. كما اعلن الجيش الاميركي في الشهر الماضي عن نهاية العمليات في معتقله بكامب بوكا الكائن قرب الحدود الكويتية، وقال انه سيجري تسليم بنية تحتية تبلغ قيمتها خمسين مليون دولار للعراقيين.
بالاضافة الى ذلك، قامت الولايات المتحدة بالتعاقد مع شركة نقليات عراقية، يديرها تحالف من شيوخ العشائر، لنقل المعدات التي لا تعتبر حساسة بين القواعد العسكرية. ويقول القادة الاميركيون ان شاحنات هذه الشركة تقوم بنقل حوالي ثلاثة بالمئة من مجمل التجهيزات الاميركية هنا.
كما يقول القادة العسكريون انهم يترقبون عن كثب الانتخابات النيابية المقررة في شهر كانون الثاني، للوقوف على وثوقية القوات الامنية العراقية والاتجاه الذي تسير نحو البلاد. لكن بالنسبة للاشخاص الذين يخططون للانسحاب ليس هناك من وقت للانتظار.
يقول البريغادير جنرال هيدي براون، مساعد القائد المشرف على الانسحاب: «لا يمكنك ان تنتظر تحسبا لحصول عظيم. لا يمنحك مثل هذا الانتظار اية مرونة، بل سوف يحشرك في صندوق».
Pullout
From Iraq
Poses Daunting Challenges
By MARC SANTORA
JOINT BASE BALAD, Iraq —
There is no more visible sign that America is putting the Iraq
war behind it than the colossal operation to get its stuff out: 20,000
soldiers, nearly a sixth of the force here, assigned to a logistical effort
aimed at dismantling some 300 bases and shipping out 1.5 million pieces of
equipment, from tanks to coffee makers.
It is the largest movement
of soldiers and matériel in more than four decades, the military said.
By itself, such a withdrawal
would be daunting, but it is further complicated by attacks from an insurgency
that remains active; the sensitivities of the Iraqi government about
a visible American presence; disagreements with the Iraqis about what will be
left for them; and consideration for what equipment is urgently needed in Afghanistan.
All the while, the Army
must sustain its current force of about 124,000 troops across the country,
trucking in fuel, food and other essential supplies while determining what to
leave behind for the 50,000 troops who will remain in a mostly advisory role
until 2011.
“It’s a real Rubik’s Cube,”
Brig. Gen. Paul L. Wentz, the commander of the Army’s logistical soldiers, said
in an interview at this sprawling military complex north of Baghdad, which will
serve as the command center for the withdrawal effort.
But just as the buildup in
the Kuwaiti desert before the 2003 invasion made it plain that the United States
was almost certain to go to war, the preparations for withdrawal just as
clearly point to the end of the American military role here. Reversing the
process, even if Iraq’s
relative stability deteriorates into violence, becomes harder every day.
The scale of the withdrawal
is staggering. Consider a comparison with the Persian Gulf war in 1991: it
lasted 1,012 hours, or about six weeks, and when it was over, Lt. Gen. William
G. Pagonis, in charge of the Army’s logistical operations at the time, wrote a
book, “Moving Mountains”
(Harvard Business Press Books, 1992), about the challenges of moving soldiers
and equipment in and out of the theater.
He called the undertaking
the equivalent of moving all the people of Alaska, along with their belongings, to the
other side of the world “in short order.”
The current war in Iraq has lasted
more than 57,000 hours, or more than six and a half years. And now General
Pagonis’s son, Col. Gust Pagonis, is one of the leading logisticians assigned
to the task of figuring out how to extricate America from the desert.
“When I told my dad what my
assignment was, he just laughed and said good luck,” Colonel Pagonis said.
A major reduction in troops
is not scheduled to begin until after the January national elections.
But preparations for that withdrawal can be seen on the roads across Iraq, with an average
of 3,500 trucks a night traversing the nation on sustainment and redeployment
missions.
The military has largely
identified which materials are not essential anymore and has begun to move them
out of the country, in some cases to Afghanistan. For instance, lumber,
ammunition and barriers used to defend against car bombs are all desperately
needed in Afghanistan,
and as bases are taken apart here, those are among the items sent to the fight
there, commanders said.
In August, about 3,000
shipping containers and 2,000 vehicles were shipped out of Iraq, and the
heavy lifting is just beginning.
“When the brigade combat
teams come out, I want to be in a position where I don’t have to deal with the
excess equipment and matériel at the same time,” General Wentz said.
In a conference room here at
the base, dozens of soldiers monitor the movements of every American truck in
the country on two large flat-screen televisions, using GPS technology and
radio communications, getting current information about attacks and the
progress of convoys. Every movement is planned about 96 hours in advance to
allow for rehearsals and readjustments.
As the pace of withdrawal is
stepped up, the American military must also assuage the worries of Iraqi
politicians who want the American troops to be less visible, so most missions
are carried out in the dark of night.
The Americans hope that by
next spring, they will be operating from what General Wentz described as a
hub-and-spoke system, with 6 supersize bases and 13 smaller ones. Fewer bases
means traveling greater distances, at greater risk.
“The distance between two
points does not get any shorter,” said Colonel Pagonis, asserting that the
logisticians in his command — known as “loggies” — are also warriors.
Turning the former American
bases over to the Iraqis, and deciding what to give them, have proved to be
among the biggest challenges.
Until May, there was no
system in place even to figure out who legally owned the property where
Americans had set up camp. This led to scenes like the one at Forward Operating
Base Warhorse, where a local Iraqi commander showed up essentially demanding a
list of items that the Americans were not ready to turn over.
So last spring, panels made
up of Iraqi and American officials were set up to help work through some of
these issues.
Congress has limited the
total value of equipment — like computers and furniture — that the military can
leave to the Iraqis to roughly $15 million per base, but that amount does not
include items considered part of the infrastructure, like buildings, sewerage
and power facilities.
Even coming up with a value
for some of the American investments is hard because in many cases the initial
costs were inflated by large outlays for security.
Commanders say it is often
simply more economical to turn over more equipment to the Iraqis because the
cost of moving it is prohibitive. Last month, the military announced the end of
its detention operations at Camp
Bucca on the Kuwaiti
border and said that $50 million worth of infrastructure and equipment would be
given to the Iraqis.
The United States
has also brokered a deal with an Iraqi trucking network, led by a coalition of
tribal sheiks, to move equipment that is not deemed sensitive between bases.
The truckers currently move about 3 percent of all American matériel here,
commanders said.
Commanders also said they
would closely watch the January elections for what they say about the
reliability of Iraq’s
security forces and the direction the country is heading. But for the planners
of the withdrawal, there is no time left to wait and see.
“You can’t wait for some big
‘Aha!’ moment,” said Brig. Gen. Heidi Brown, a deputy commander overseeing the
withdrawal. “That does not give you flexibility. That just puts you in a box.”