عن: النيويورك تايمز
ترجمة: علاء غزالة
في ما يبدو انه بداية لسلسلة من التهم الجنائية القضائية ستوجه ضد المسؤولين والمقاولين المشرفين على اعادة اعمار العراق، فقد وجهت التهم لاحد المسؤولين السابقين، ويدعى فيليب اتش بلوم، بدفع مئات الالاف من الدولارات كرشاوى وعطايا الى مسؤولي سلطة الاحتلال الامريكية وزوجاتهم للحصول على المقاولات الانشائية، استنادا الى لائحة الدعوى التي كشف عنها مؤخرا.
وكان بلوم، والذي ادار ثلاث شركات عملت في العراق في جهود الاعمار التي تقدر بعدة مليارات من الدولارات، قد وجهت له التهمة بالتآمر وتزوير التقارير وغسيل الاموال وتسهيل نقل وادخال مواد مسروقة الى الولايات المتحدة. وهذه كلها مرتبطة بالحصول على ما يصل الى 3.5 مليون دولار في مقاولات احتيالية موثقة.
وكانت لائحة الدعوى، التي اودعت في محكمة المقاطعة الفيدارلية في مقاطعة كولومبيا، قد طلبت حضور اثنين من المتآمرين للشهادة لم تذكر اسماءهم، من الذين عملوا في سلطة التحالف المؤقتة، وهي الادارة التي كانت تحكم العراق وقت احالة تلك المقاولات اوائل عام 2004. وقال جيمس ميتشل الناطق بلسان المفتش العام المختص بقضايا اعادة اعمار العراق: "هذه هي الحالة الاولى، ولكنها لن تكون الاخيرة". واضاف ان هناك ما يزيد على الاثني عشر قضية مشابهة لتلك قد احيلت الى وزارة العدل لدراسة امكانية اقامة الدعوى.
وقال محامي بلوم انه لا يعلم الا القليل عن هذه القضية ماعدا ما ورد لائحة الدعوى، ونحن بصدد مراجعة الادعاءات. وكان بلوم، والذي عاش في رومانيا لسنوات عديدة، قد تم اعتقاله مؤخرا في مطار ليبرتي الدولي بمدنية نيوارك.
وتقول لائحة الدعوى انه بغية الحصول على مقاولات اعادة الاعمار المربحة، فقد دفع بلوم مبلغ 200,000 دولار في الشهر الى عدد غير محدد من مسؤولي سلطة التحالف بضمنهم اثنين من المشاركين في المؤامرة. واشارتا الى ان احدهما يعمل بالتعاون من الادعاء العام. اما المتآمر الاخر، فهو مسؤول الحسابات والمالية لسلطة التحالف المؤقتة بمنطقة جنوب الوسط في العراق. وقد ادار هذا الشخص مبلغا قدره 82 مليون دولار تستخدم في دفع مستحقات العقود المنفذة في الحلة، والمتضمنة مقاولات احيلت بذمة بلوم نفسه. ويقول مسؤول حكومي ان اسم هذا الشخص هو روبرت جي ستاين.
وتقول الدعوى ان العقود التي حصل عليها بلوم قد خصصت لبناء العراق واستقراره في الحلة وكربلاء. وتضمن العمل تجديد بناية المكتبة العامة في كربلاء، وهدم الابنية القديمة ثم بناء اكاديمية الشرطة في الحلة محلها، ورفع المستوى الامني لاكاديمية الشرطة في الحلة، وانشاء مركز العشائر الاقليمي للديمقراطية". وتشير الوثيقة الى انه بمساعدة هؤلاء المشاركين في المؤامرة وغيرهم، فقد قام بلوم بتقديم اكثر من عطاء لنفس المقاولة مستعملا اسماء شركات مختلفة وهي اما مملوكة لبلوم نفسه او غير موجودة اصلا. وحينما تعلن المقاولات وتحال الى احدى تلك الشركات، فان هؤلاء المتآمرين بضمنهم ستاين، يصدقون على ان المقاولة احيلت اصوليا.
وتشير الدعوى "ان قيمة هذه العقود ترواحت بما دون الـ 498,900 دولار، حيث ان المتآمرين كانت لهم الصلاحية لاحالة العقود التي تقل عن 500,000 دولار". وكشفت ان الرشا الشهرية لمسؤولي التحالف قد تم توثيقها بالشهود العراقيين، واحد المتآمرين، وشخص آخر له معرفة شخصية بالمبالغ المدفوعة.
وتؤكد الدعوى انه في احدى الحالات فان السيد بلوم "الذي دفع الرشا المذكورة آنفا والاكراميات والعطايا، قد قام بتحويل اموال يبلغ مجموعها 267,000 دولار من حساب بمصرف اجنبي الى حساب مصرفي في الولايات المتحدة باسم المتآمر الاول وزوجته." وجاءت تحويلات اخرى من مصارف بالكويت وسويسرا وهولندا ورومانيا الى حسابات مصرفية للمتآمرين المدعى عليهم. وهناك بعض التحويلات الى صاغة، ووكلاء بيع السيارات والمؤسسات العقارية، لمنفعة العصبة المتآمرة على ما يبدو. وكتب العميل الخاص لمكتب المفتش العام، "اعتقد ان المعاملات المالية والنقدية الموصوفة اعلاه هي جزء من مؤامرة لمخالفة قانون الولايات المتحدة".
ولم تتوفر على الفور معلومات كاملة عن كل من بلوم وستاين. ولكن المفتش العام كان قد اشار من قبل انه في خضم العجلة للبدء بتنفيذ مشاريع اعادة الاعمار في منطقة حنوب الوسط فان العقود قد احيلت بشكل غامض، وباقل قدر من الاشراف.
ومن شأن هذه التهم ان تؤجج المزيد من النقد الى جهود اعادة البناء في العراق، والتي فشلت في الوصول الى مستوى آمال مسؤولي الولايات المتحدة. ان كمية كبيرة من الاموال المخصصة لاعادة البناء قد تم صرفها في مشاريع امنية، واصلاح آثار التخريب، وكلاهما نتج عن نشاطات المتمردين. وتعرضت هذه الجهود للنقد ايضا لفشلها في ان تأخذ بحسبانها المشكلات التي تواجه أي مشاريع بناء في العراق، بضمنها صعوبة زيارة مواقع تلك المشاريع.