بقلم:ايريك سكميت وثوم شانكر
ترجمة: علاء خالد غزالة
عن: نيويورك تايمز
واشنطن، 24 كانون الاول. قال آمر السجون الامريكية في العراق ان الجيش لن يقوم بتسليم اي معتقلين او مراكز اعتقال الى ادارة السجون العراقية ما لم يقتنع المسؤولون الامريكيون بان العراقيين يطبقون المعايير القياسية الامريكية للسجون من الرعاية وظروف حجز المعتقلين.
يقول الميجر جنرال جون دي غاردنر، احد قادة الجيش الامريكي، في مقابلة هاتفية من العراق خلال هذا الاسبوع: "خط الشروع اننا لن نسلم المنشآت او المعتقلين الى ان يتم تطبيق المواصفات القياسية التي عرفناها والتي نستعملها اليوم". وجاءت تعليقات الجنرال غاردنر على اثر الغارتين الاخيرتين على السجون التي تديرها الحكومة العراقية والتي كشفت عن مجاميع من السجناء الذين أسيئت معاملتهم. وهم ايضا تتبعوا دعوات من المسؤولين الامريكيين الى الحكومة العراقية لمنع المليشيات من الهيمنة على القوات الامنية. وقد شارك خبراء من الجيش الامريكي مع المسؤولين العراقيين في تفتيش المعتقلات العراقية.
وتأتي تعليقات الجنرال في الوقت الذي تعاني فيه ثلاثة من السجون التي تديرها القوات الامريكية من الازدحام الشديد رغم صرف مبلغ 50 مليون دولار لاعمال التوسيع التي انتهت حديثا، وفي الوقت الذي تقوم به القوات الامريكية بتدريب العراقيين على تولي شؤون المعتقلات.
ويقول البنتاغون والمسؤولون العسكريون ان الجنرال جورج دبليو كايسي جي آر، وهو القائد الاعلى للقوات الامريكية في العراق، قد عبر عن استيائه بسبب الاعباء الثقيلة من الحماية والرعاية المطلوبة لجمهرة المعتقلين الاخذة بالتنامي، وباسرع من عملية معالجة وضع النزلاء وتحويلهم الى السلطات العراقية. وقد ارتفع عدد معتقلي اعمال العنف الى 14,000 بعد ان كان 8,000 في كانون الثاني الماضي. وقد تضاعف اعداد السجناء مع اضافة 3,100 شخص اليهم من الذين هم في طور التقديم للمحاكم العراقية لسماع قضاياهم.
وقد اعرب الجنرال غاردنر، والذي تولى المسؤولية في الثلاثين من تشرين الثاني، عن تفاؤله بان تفتيش السجون العراقية لن يؤدي الى تأخير غير مبرر في تحقيق الهدف الامريكي بتسليم المعتقلين العراقيين الى السلطات العراقية. ويقول مسؤولون عسكريون ان لديهم هدف مرحلي في تسليم السجون التي تديرها القوات الامريكية الى العراقيين بنهاية عام 2006، رغم انه لم تتم المصادقة على اي جدول زمني محدد. ولكن احد كبار القادة العسكريين قال بان تسليم جميع المعتقلين الى العراقيين قد يمتد الى عام 2007.
ويصف احد مسؤولي البنتاغون الاعداد الكبيرة من المعتقلين العراقيين بانهم عبء يستنزف القدرات البشرية والتي يمكن استخدامها في مهمات اكثر حراجة. ويقوم حوالي 3,700 موظف بمهمام عمليات ادارة المعتقل، وهو ما يعادل تعداد لواء كامل من بين السبعة عشر لواءا الموجودة الان في العراق، والتي يبدو انها ستقلل الى 15 لواءا في بداية السنة القادمة. ويقول مسؤولو البنتاغون والجيش ان العدد الهائل من المعتقلين تحت السيطرة الامريكية هومصدر مستمر للتوتر مع العراقيين العاديين، وذلك بعد مضي سنتين على تسليط الضوء على فضيحة سوء معاملة المعتقلين في ابو غريب. ويقول الجنرال غاردنر انه يعي مع بالغ الالم ميراث سجن ابو غريب، لكنه اصر على ان الظروف في المعتقلات التي تديرها القوات الامريكية قد تسحنت بشكل معتبر. ويقول: "لقد كان سجن ابو غريب جريمة وقد اصابتني بالصدمة" مضيفا.."لقد قطعنا شوطا طويلا منذ ذلك الوقت".
ان قضية المعتقلين العراقيين قد أدت الى توجيه اسئلة قانونية ودبلوماسية معقدة . فقد الزمت الولايات المتحدة نفسها بالمعاهدات الدولية، ومن ضمنها واحدة تتعلق بالتعذيب، وهي تمنع تسليم المعتقلين الى اي بلد اذا رُجّح تعرضهم الى التعذيب فيه. والعراق ليس موقعا على هذه المعاهدة، ومن الصعب على الولايات المتحدة في هذه المرحلة ان تؤكد عدم تعرض بعض هؤلاء المعتلقين الى التعذيب اذا ما وضعوا تحت سيطرة (السجانين) العراقيون.
ان استمرار توافد المعتقلين قد ادى الى تضخم الاعداد في السجن الرئيس تحت الادارة الامريكية ليصل الى 119% من طاقته التصميمة، كما يقول الجرنال غاردنر. ويقول المتحدث الرسمي للجيش، الملازم جي هننجر ان الجيش يحتجز هذا الاسبوع 14,055 معتقلا في اربعة سجون، بالاضافة الى 535 معتقلا في الالوية والفرق المنتشرة في عموم البلد.
وفي معتقل ابو غريب، والذي شهد اسوأ حالات اساءة معاملة السجناء نهاية عام 2003، يوجد 4,924 معتقلا، اي بما يزيد على 40% من الطاقة الاستيعابية التي حددها الجيش. وفي اكبر مراكز الاعتقال، وهو سجن بوكا في الجنوب، تم تقسيم السجن الى اقسام يضم كل منها 150 شخصا بدلا من 600 او اكثر، لتمكين الحراس من السيطرة بشكل افضل. ويوجد 7,795 سجين في هذا المعتقل. اما كامب كروبر في مطار بغداد فيضم 140 سجينا من بينهم العشرات من الذين اصطلح عليهم (المعتقلين ذوي القيمة العالية). كما تم تحويل حصن سوس، والذي كان في ثمانينات القرن الماضي ثكنة روسية بشمال العراق، الى معتقل في تشرين الاول ويحتوي على 1,196 معتقلا.
ان تزايد اعداد السجناء من المقاتلين الاجانب من 391 في حزيران الى 465 يبين طبيعة التغيير في وضع المسلحين المحتجزين حديثا. وهؤلاء المسلحين قدِموا بشكل رئيس من سوريا ومصر والممكلة العربية السعودية والسودان والاردن، كما يقول آمر السجن. ويقول احد المسوؤلين العسكريين ان مسحا اجري في تشرين الاول على 3,500 معتقل جديد في السجون التي تديرها القوات الامريكية منذ كانون الثاني اظهر ان 87% منهم يعتبرون (خطرين) او (خطرين بشكل مفرط) اتجاه سجانيهم الامريكيين، وهي ضعف النسبة المسجلة في نهاية العام الماضي. ويقوم المسؤولون الامريكيون باعاد تصنيف جميع المعتقلين على انهم اما (قليلي الخطورة) او (متوسطي الخطورة) او (ذوي خطورة عالية). وقد اعتبر بعض السجناء انهم خطرين الى درجة ان هيئتان للمراجعة، تتكون كل منهما من ستة عراقيين وثلاثة مسؤولين لقوات التحالف، قد امرت بالافراج عن 35 الى 40% فقط من الحالات، كما يقول الجنرال غاردنر، بما يمثل تراجعا عن نسبة 60% التي سجلت في العام الماضي، مضيفا ان كل هيئة تقوم بمراجعة 400 قضية اسبوعيا.
يقول المقدم غاي روديسيل وهو محتدث آخر بلسان الجيش انه وفقا لقانون دخل الى حيز التنفيذ في حزيران 2004، فان الولايات المتحدة يجب ان تفرج عن النزلاء الذين امضوا فترة 18 شهرا في الحجز ما لم يوافق رئيس الوزراء العراقي والجنرال كايسي على استمرار اعتقالهم ولفترة محدد. ويضيف في رسالة الكترونية ان 130 معتقلا سيواجهون جلسة استماع ضمن هذه العملية في كانون الثاني وعدد مماثل في شباط.
ان تحويل مراكز الاعتقال الخاضعة للادارة الامريكية يتطلب تدريب العراقيين وتجهيزهم بالمعدات لتمكينهم من ادارة هذه السجون. وفي رسالة الكترونية اخرى يقول المقدم باري جونسن، مدير مركز الاعلام الصحفي لقوات التحالف في بغداد، ان الخطة الانتقالية تتكون من اربعة خطوات اساسية. الاولى هي تعليمات عن اساسيات العمل كحارس سجن، ويدرس في هذه الدورة اساتذة زائرين من وزارة العدل الامريكية. وقد اكمل 300 حارس من الذين تم اختيارهم للعمل جنبا الى جنب مع سجانين امريكان في مراكز الاعتقال تدار من قبل القوات الامريكية، كما يقول المقدم جونسون. وهناك حاليا 450 حارس ضمن هذه الدورة، بينما يتوقع ان تضم الدورة التالية ما يقارب 150 حارس عراقي.
الخطوة الثانية تشمل الحراس العراقيين الذين يعملون حقيقة برفقة الحراس الامريكيين في مراكز الاعتقال تحت السيطرة الامريكية. ويفيد المقدم جونسن ان الحراس الـ300 الذين اكملوا الدورة المذكورة في تشرين الثاني يعملون الان في مركز حصن سوس مع الحراس الامريكيين. وسيتم استقبال 150 حارس عراقي في معسكر بوكا خلال هذا الشهر، بينما يستقبل حصن سوس 150 حارس عراقي اخر قبل بداية السنة الجديدة، مما يرفع العدد الكلي الى 450. وفي بداية العام المقبل سيستقبل معسكر بوكا 300 حارس عراقي اضافي، رافعا العدد الاجمالي الى 450 ايضا، كما يقول المقدم جونسن. ويضيف ان الخطوة الثالثة تتضمن اناطة المسؤولية بالحراس العراقيين لادارة المعتقلات التي تشرف عليها القوات الامريكية، قائلا: "ان ذلك يتيح لنا بالعمل المستمر معهم للتأكد من ان كل معايير المعاملة الانسانية ونوعية العناية تتم مراعاتها"، مضيفا.. "ان هذه العملية تعكس ما نقوم به من نقل المسؤولية الامنية في عموم البلاد".
وفي المرحلة الاخيرة، فانه " سوف يتم تخفيض الاشراف الى ان يصبح العراقيون على اتم الاستعداد لتولي كامل المسؤولية"، على حد قوله. ولم يتم اعداد جدول زمني لعملية التحويل النهائية، فهو يقول: "ان عملية الانتقال تتم استنادا الى كيفية تطبيق المعايير القياسية، وليس وفقا لجدول زمني".