Tuesday, December 06, 2005

امريكيون يدققون في مقاولات الحلة

بقلم: روان سكاربورو
ترجمة: علاء خالد غزالة
عن: الواشنطن بوست
لم يمض وقت طويل منذ ان استقر حديثا فريق من المراقبين الماليين الامريكيين في بغداد، حتى استشعروا وجود فساد في الحلة. فعلى مدى اسابيع قليلة من ربيع عام 2004 في العراق، حاول الفريق تتبع عدة مليارات من الدولارات اعطيت نقدا من قبل سلطة التحالف المؤقتة المنحلة. وقد اطلعوا على وثائق عديدة تبين انفاق اموال طائلة من قبل مقر فريق اعادة الاعمار في الحلة، وهي مدينة تقع الى الجنوب من بغداد، ولكنهم وجدوا بضع قصاصات من الورق تظهر ما تم شراؤه.
وقد توجهت قوة استجابة سريعة الى الحلة وشاهدت ما يكفي لإقناع رئيسها، المفتش العام ستيوارت دبليو بوين جي آر، لكي يأمر باجراء تحقيق معمق. وعلى سبيل المثال فقد اعاد احد وكلاء الدفع اوراقاً نقدية من فئة مائة دولار تزيد عن تلك التي تسلمها فعلا. وكان هذا مجرد دليل واحد يثبت ان سيل الاوراق الخضر (الدولارات) المخصصة لتطوير العراق كانت تحظى بقدر قليل من الاشراف.
وقد تـُرجم هذا الانحراف المبكر في الحلة من خلال اول توجيه للتهم الجنائية تقوم به وزارة العدل في تحقيقاتها بمقاولات اعادة الاعمار. وقد اصبحت هذه القضية باكورة الغنائم التي حصل عليها السيد بوين في تصيده لقضايا التزوير في تسليم أكثر من 60 مليار دولار لإعادة الاعمار، يعود اكثر من نصفها الى العراقيين انفسهم.
وكانت تهم بالتآمر للتزوير وغسيل الاموال قد وجّهت لروبرت جي ستاين جي آر، وهو من مدينة فايتيفيل بولاية نورث كارولينا وفيليب اتش بلوم من مدينة نيوجيرسي. والسيد ستاين هو الرقيب المالي لسلطة التحالف المؤقتة في منطقة الحلة، والمسؤول عن احالة المقاولات النقدية التي تصل قيمتها الى 500 الف دولار، والتي تهدف الى تحريك الاقتصاد المحلي من جديد. والسيد بلوم هو رئيس مجموعة الاعمال العالمية في رومانيا وعدد من مؤسسات خدمات الانشاءات. وتقول وزارة العدل ان السيد بلوم قد دفع للسيد ستاين اكثر من 600 الف دولار رشاوى مقابل مقاولات تزيد على 13 مليون دولار.
والسيد بوين هو المحقق العام المختص بقضايا اعادة اعمار العراق، وهو منصب فرضه الكونغرس على ادارة الرئيس بوش لمراقبة انفاق 24 مليار دولار من اموال دافعي الضرائب المخصصة لإعادة البناء. ولكن ابتدأ اولا بمصدر اخر للاموال، وهو مبلغ 37 مليار دولار من اموال الشعب العراقي، ومعظمه من عائدات النفط الذي تشرف عليه الامم المتحدة.
وكانت الامم المتحدة قد افرجت عن هذه الاموال الى سلطة التحالف المؤقت عام 2003. بعد ذلك بدأت شحنات كبيرة من الاوراق المالية فئة 100 دولار بالوصول الى العراق بواسطة طائرات الشحن سي 17. لقد حطت اموال التنمية المخصصة للعراق. وقد اكتشف فريق السيد بلوم ان هناك شروطا قليلة جدا ارفقت بتلك الاوراق النقدية الغضة. ويقوم المفتش العام بالتحقيق في 50 جريمة تزوير محتملة، ولكن فريقه يرى اهمية خاصة للمعتقلين عن قضية الحلة. وقال السيد جيم ميتشيل، المتحدث بلسان السيد بوين: "لقد بعثت رسالة مفادها اننا سنتعقب الاشخاص الذين فعلوا ذلك، هؤلاء الذين اقترفوا الجرائم"، مضيفا "لا يهم اذا كانوا امريكيين او عراقيين، سنقوم بتعقبهم"
ولدى السيد بوين (كادر) صغير نسبيا يتكون من 145 موظفا لتعقب عشرات المليارات من الدولارات. ولكنه تلقى الدعم فعلا من المفتشين العامين الاخرين. ويقوم الجيش بتوفير صور الاقمار الصناعية لمواقع الانشاءات. ويقول موظفو المكتب انه من الخطر التجول في انحاء العراق، فاذا كانت الصور الفضائية تفي بالغرض، فلماذا المخاطرة بالسفر؟
كما ان هناك شريكاً حكومياً يسمى (سبت فاير) اي نافث اللهب، يستطيع تعقب الاموال والاشخاص، ويضم مكتب السيد بوين، ودائرة الهجرة والكمارك، ومكتب خدمة الموارد الداخلية. واحد برامج سبت فاير تعقب الاشخاص موضع الاهتمام والذين يخططون لزيارة الولايات المتحدة، وكانت هي التي ساعدت في اكتشاف ان السيد بلوم، البالغ من العمر 65 عاما، قد خطط للعودة الى الولايات المتحدة. والقت السلطات القبض عليه في 13 تشرين الثاني لدى وصوله الى مطار نيوارك لبرتي الدولي في نيو جيرسي، ولم يكن يدرك ان فريق السيد بوين قد ازاح النقاب عن تزويره في العطاءات. وقال السيد ميتشيل: "لقد سافر كثيرا، كنا نتوقعه"
وقال مكتب التحقيقات الفدرالي ان السيد بلوم قد دفع اموالا الى السيد ستاين من حسابات مصرفية في العراق وسويسرا ورومانيا وهولندا لاقتناص مقاولات اعادة تجديد مكتبة كربلاء وبناء اكاديمية الشرطة في الحلة ومركز الديمقراطية الاقليمي للعشائر. وكانت للسيد ستاين الصلاحيات للمصادقة على احالة المقاولات التي تقل قيمتها عن 500 الف دولار، وقد فازت شركات السيد بلوم باعمال مفردة تصل قيمتها الى 498,900 الف دولار.