عن: واشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
لم تعد المنطقة الخضراء في بغداد مرتعا للاميركيين، بعد ان كانت ملجأ آمنا للمواطنين الغربيين في تلك العاصمة المضطربة. فقد أمر رئيس الوزراء نوري المالكي مؤخرا بان تتوقف القوات الاميركية عن حراسة نقاط التفتيش عند مداخل المنطقة، حيث تحولت السيطرة عليها كليا الى العراقيين.
واقام الجنود العراقيون نقاط تفتيش متنقلة في الداخل، ولم تعد هويات التعريف التي تصدرها السفارة والجيش الاميركي كافية لاعفاء حامليها من التفتيش. وهددت السلطات العراقية بمصادرة المركبات الاميركية التي لا تحمل لوحات تسجيل عراقية، ما اجبر المئات من الموظفين الحكوميين والمتعاقدين الاميركيين على التخبط في دوائر المرور ببغداد.
وفي غضون شهرين، سوف يبدأ العراقيون في اصدار بطاقات التعريف التي تحدد مستويات الدخول الى المنطقة الخضراء، وهي العملية التي كانت مقتصرة حتى الآن على الجيش الاميركي، والتي اخضعت العراقيين على مدى سنوات الى معاملة من الدرجة الثانية في عاصمتهم.
وقد فرضت السفارة الاميركية والجيش الاميركي ومتعاقدو الدفاع الخصوصيون قواعد صارمة في تلك المنطقة، خوفا من تهديدات بالخطف ومخاطر اخرى. كما فرضت هذه الجهات، في بعض الاحيان، حظر التجول لتقييد حركة المركبات التي تمر قرب مبنى السفارة الاميركية الهائل الجديد، والمباني المحمية الاخرى ضمن المنطقة الخضراء.
وبينما تشددت القوانين، وتضبب الخط الفاصل بين المنطقة الخضراء والمنطقة الحمراء (وهي جميع المناطق خارج تلك المنطقة المحمية)، يشعر الدبلوماسيون والمتعاقدون الذين كانوا هنا لسنوات بالاسف لتهاوي الملاذ السوريالي، والجامح احيانا، والذي اضحى من بين اكثر رموز الحرب ديمومة.
يقول احد قدامى الدبلوماسيين: «لقد كانت المنطقة الخضراء مكانا مسليا في العادة. اما الآن فلم يعد بإمكاننا عبور الشارع.»
انتظار طويل
طالما ارادت الحكومة العراقية ان تتولى السيطرة على المنطقة الخضراء، والتي كانت حتى وقت قريب تحت حكم قوة المهمات التابعة للجيش الاميركي والتي يطلق عليها (مجموعة اسناد المنطقة المشتركة)، وان لم يكن ذلك بشكل رسمي. لكن العراقيين تسلموا السيطرة الامنية على مجمل محيط المنطقة بعد انسحاب القوات الاميركية من المدن في 30 حزيران، وهي احدى الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتقييد القوات الاميركية وحضورها على الساحة.
يقول الجندي العراقي حيدر عباس، الذي يقف حارسا على مدخل القصر الذي كان مقرا للسفارة الاميركية حتى الاول من كانون الثاني الماضي: «يلزم الاميركيون الآن قواعدهم فلا يغادرونها.» ويضيف ان مغادرة الجنود الاميركيين لنقاط التفتيش في المنطقة الخضراء امر مرحب به من قبل العراقيين. ويؤكد: «حينما ترى احداً ما من حكومتك الوطنية فذلك افضل من أن تتولى القوات الاجنبية حكمك.»
وكانت المنطقة الخضراء، التي تبلغ مساحتها حوالي عشرة كيلومترات مربعة وتقع على امتداد نهر دجلة وسط بغداد، قد اصبحت مقرا للحكومة المؤقتة التي عيّنها الاميركيون بعد وقت قصير من الغزو في آذار 2003. وقد اكتسبت اسمها من وضع السلاح غير الملقم، او (الاخضر). اما خارجها، في المنطقة الحمراء، فيكون السلاح دائما ملقما، او (احمر).
وبعد فترة وجيزة من قيام الجيش الاميركي بقصف القصور والمباني الحكومية في وسط مدينة بغداد اثناء حملة «الصدمة والتخويف» في عام 2003، انتقل المسؤولون الاميركيون الى احد القصور القليلة التي لم تمس، وهو القصر الجمهوري الذي كان يشغله صدام، ومن ثم صار مقرا للسفارة الاميركية.
وقام الجنود الاميركيون بحراسة نقاط التفتيش، ونظموا الدخول الى المنطقة بشكل صارم، حيث اضحت تلك المنطقة في وقت قصير موئلا للالاف من الدبلوماسيين والعسكريين والمتعاقدين الاميركيين.
وتوجب على العراقيين المقيمين في داخل المنطقة الخضراء، والذين هم بحاجة دائمة للتنقل منها واليها، ان يخضعوا الى عملية تحقيق شاملة يجريها الجيش الاميركي لغرض الحصول على هويات التعريف. ولم يُستثنَ من ذلك حتى كبار المسؤولين الحكوميين العراقيين. وهم طالما انتظروا في صفوف طويلة، بينما كان الغربيون الذين يحملون بطاقات تعريف بمستويات اعلى يمرون بانسيابية من خلال نقاط التفتيش.
سكان الحصون
في الوقت الذي انحدرت باقي مناطق بغداد، التي سيطرت عليها المليشيات والمتمردون، الى حالة من انعدام القانون والفوضى شبه التامة في السنوات اللاحقة، اصبحت المنطقة الخضراء بشكل متزايد منطقة غير قابلة للاختراق، وافترقت عن الواقع المتبدي خارج الجدران الخرسانية.
لقد كانت مدينة حرة وسط مدينة معاقة، فقاعة تمر فيها الايام طويلة، يجمح سكانها وتكثر فيها الخمور. وتحولت جوانب المسبح في القصر الجمهوري الى ساحة لمسابقة برنامج تلفزيون الواقع المسمى «نجم بغداد». وكان هذا المسبح يستخدم في السابق لتعميد المسيحيين الجدد. وحشر الدبلوماسيون الاميركيون ملفاتهم في زهريات قصر صدام الغائرة، واقاموا القسم السياسي للسفارة في غرفة نومه.
وضمنت بطاقات التعريف الزرقاء التي تصدرها السفارة الاميركية، والملابس ذات فتحات الصدر الواسعة، كما تقول النساء الدبلوماسيات على سبيل المزاح، ضمنت الدخول الى المناطق ذات السرية العالية. ولعل المنطقة الخضراء من بين المناطق القليلة في العالم التي ترتدي فيها النساء احذية ضيقة ذات كعوب عالية، واحزمة جلدية ذات جيوب، بدون ان يبدو ذلك خارجا عن المألوف.
وفي اعالي سطوح قصر الزيتون، وهو منشأ يديره متعاقدو شركة (جنوب افريقيا) الامنية، اتاحت ليالي الصيف القائظة المجال امام مسابقات مختلفة. وهناك ناد عسكري بالقرب من القصر بالإضافة إلى نادي الـ(اف بي أي) ونادي الـ(سي أي ايه) الغامض، التي يدعي الجميع معرفته به، غير ان القليل فقط بإمكانهم تعيين مكانه على الخارطة.
وكانت مختلف مسميات المنطقة الخضراء تجتمع في ليالي الخميس عند نادي بغداد الريفي المعتبر، وهو حانة ومطعم تنعت نفسها بانها «واحة الهدوء» في «بغداد الفوضى.» وحيث ان المطعم يقدم قطع اللحم المشوي الجيد، والخمور الراقية، والروبيان في بعض الاحيان، فان من غير الضروري اقناع الزبائن للحضور. فقد اجتذب في احدى المرات عددا من الرواد يبلغ ستمائة شخص. ولكن هذا النادي اغلق في عام 2007 تحت ضغط من الجيش الاميركي.
القصر نفسه، لكنه ليس هادئاً
ادت الهجمات الصاروخية، التي صارت شبه يومية في ربيع عامي 2007 و2008، الى تقييد الحياة الليلية، لكن دوائر الحفلات فاقت في حيويتها اعمال العنف المتزايدة. لقد بدأ تلاشي المنطقة الخضراء كملاذ يديره الاميركيون في الاول من كانون الثاني، حينما تسلمت الحكومة العراقية زمام السيطرة على المنطقة. واجبر العراقيون الاميركيين على مغادرة مبنى السفارة القديم، قبل منتصف الليل، وقطعوا المداخل المؤدية الى مناطق واسعة مقابل تلك البناية، التي كانت تضم ايضا مركزا للتسوق تابعا للجيش، ومطعما للوجبات السريعة.
لكن مع تسليم ومغادرة الاميركيين والغربيين للمنشآت والعقارات الاخرى اصبحت شوارع المنطقة الخضراء مهجورة واكثر قذارة. وارتفعت لافتات بالعشرات تعلن عن عقارات معروضة للايجار.
وتحول ما كان يقترب من حياة الكلية في منطقة الحرب الى ما يشبه اقسام داخلية ذات قواعد صارمة عادة ما تتغير بين الحين والآخر.
عقد روبرت فورت، نائب السفير الاميركي في بغداد، اجتماعا عاما في الاسبوع الماضي للاعلان عن قواعد اكثر صرامة. وكانت رسالته التي تقول: ايها الاخوة، لم تعد المنطقة الخضراء تلك المنطقة الخضراء التي نعرفها، عسيرة الهضم بالنسبة لبعض قدامى المنتسبين في السفارة.
وظل هؤلاء يعيشون اليوم مع ذكرياتهم عما كان يوما منطقة ساخنة، مثل نادي بغداد الريفي، الذي غدا اثرا بعد عين. يقول مؤسس النادي، جيمس ثورنات: « كان ذلك المكان مصمما لغرض اطلاق العنان بعض الشيء. لقد استمتعت في تلك الفترة من حياتي بكل ما اوتيت من قدرة.»
Change of Guard in Baghdad's Green Zone
A Haven for Westerners Transforms as Iraqis Take Over the Reins From U.S. Forces
A Haven for Westerners Transforms as Iraqis Take Over the Reins From U.S. Forces
By Ernesto Londoño
Washington Post Foreign Service
Thursday, August 6, 2009
Washington Post Foreign Service
Thursday, August 6, 2009
BAGHDAD -- Baghdad's
storied Green Zone, for six years a bunkered refuge for Westerners in this
beleaguered capital, is America's
turf no more.
Prime
Minister Nouri al-Maliki recently ordered that U.S. troops stop manning the area's
entry points; they are now controlled solely by Iraqis.
Iraqi
soldiers have set up roving checkpoints inside, and U.S. Embassy and military
badges no longer exempt holders from inspection. Iraqi authorities have
threatened to seize U.S.
vehicles that do not have Iraqi license plates, sending hundreds of American
government employees and contractors scrambling to Baghdad's equivalent of the DMV.
In two
months, the Iraqis will start issuing badges granting varying levels of access
to the Green Zone, a process that until now had been the purview of the U.S. military
and for years subjected Iraqis to second-class status in their own capital.
Citing
a higher threat of kidnappings and other dangers, the U.S. Embassy, the U.S.
military and private defense contractors have imposed strict rules and, in some
cases, curfews to restrict nonessential travel outside the mammoth new embassy
compound and other fortified compounds within the Green Zone.
As
rules have tightened and the line between the Green Zone and the Red Zone --
all the areas outside the fortified refuge -- has blurred, diplomats and
contractors who have been here for years are mourning the demise of a surreal
and often-wild haven that became among the most enduring symbols of this war.
"The
Green Zone used to be fun," a veteran U.S. diplomat lamented. "Now
we can't walk across the street."
A Lengthy Wait
The
Iraqi government has long wanted to assert more control over the Green Zone,
which until recently was informally governed by a U.S. military task force called the
Joint Area Support Group. But the Iraqis assumed complete control over security
of the perimeter after the June 30 withdrawal of U.S. troops from Iraqi cities --
one of several steps the government took to curb American power and visibility.
"The
Americans now stay in their bases," Iraqi soldier Haider Abas said, as he
stood guard outside the Green Zone palace that served as the U.S. Embassy until
Jan. 1. The departure of American soldiers from the checkpoints in the zone is
a welcome development for Iraqis, he added. "When you see someone from
your own government, it's better than being governed by foreign forces."
The
Green Zone, a four-square-mile area in central Baghdad
along the Tigris River,
became the hub for the interim government the Americans set up shortly after
the March 2003 invasion of Iraq.
It got
its name from the green, or unloaded, status of weapons inside. Outside, in the
Red Zone, weapons were always in red, or loaded, status.
Shortly
after the U.S. military
bombed palaces and government buildings in central Baghdad
during the "shock and awe" campaign in 2003, American officials moved
into one of the few unscathed ones, Saddam Hussein's Republican Palace,
which became the U.S. Embassy.
American
soldiers manned checkpoints and strictly regulated access into an area that
would soon become home to thousands of U.S. diplomats, troops and
contractors.
Iraqis
who resided inside and those who needed to visit regularly -- including top
government officials -- had to be screened by the U.S. military to obtain badges.
They often waited in long lines as Westerners with higher-security badges
breezed through checkpoints with nary a pat-down.
Parties in a Fortress
As the
rest of Baghdad,
bedeviled by Shiite militias and Sunni insurgents, descended into lawlessness
and near-anarchy in the ensuing years, the Green Zone became increasingly
impenetrable and divorced from the reality that unfolded outside its cement
walls.
It was
a freewheeling city within a crippled one, a bubble where the days were long,
the parties wild and the booze plentiful.
The
poolside of the Republican
Palace became the
backdrop for "Baghdad Idol," a spoof of the reality TV show. The pool
was used by born-again Christians for baptisms. U.S. diplomats stacked files in
Hussein's sunken tub and set up the political section in his bedroom.
A blue
U.S. Embassy badge and a low-cut neckline, female diplomats joked, guaranteed
unfettered access to the A-list parties. The Green Zone was among the few
places in the world where women wore stilettos and holsters without seeming out
of place.
There
were rooftop parties at the Olive House, a compound run by South African
security contractors where sweltering summer nights gave way to wet T-shirt
contests. There was the Lock and Load bar near the palace, the FBI bar and the
enigmatic CIA bar, which everyone professed to know about but few could point
out on a map.
The
who's who of the Green Zone convened Thursday nights at the venerable Baghdad
Country Club, a bar and restaurant that billed itself as an "oasis of
calm" in the "chaos which is Baghdad."
With
decent steak, fine wine and occasionally shrimp, however, the sales pitch wasn't
necessary. At one point, it drew crowds of more than 600. The establishment
closed in 2007 under pressure from the U.S. military.
Same Place, but Not Quite
Rocket
attacks, which became a near-daily occurrence in the springs of 2007 and 2008,
put a damper on the nightlife, but the party circuit outlived the spates of
violence. The demise of the Green Zone as an American-run haven began Jan. 1,
when the Iraqi government assumed control of the area. The Iraqis forced the
Americans to depart the old embassy before midnight and cut off access to a
large area in front of it that had included a military store and fast-food
restaurants.
As
Americans and other Westerners have turned over or left other compounds and
properties, the Green Zone's streets have become dirtier and more deserted.
For-rent signs have gone up by the dozen.
What
was once akin to college life in a war zone has become more like a strict
boarding school with often-changing rules.
Last
week, Robert Ford, the deputy chief of mission at the U.S. Embassy in Baghdad, held a town hall
meeting to announce more-stringent rules. His message -- the Green Zone, folks,
is no longer the Green Zone as we knew it -- was hard for some embassy veterans
to stomach.
Now
they are left to reminisce about onetime hot spots, like the Baghdad Country
Club, that are only a memory. "It was designed as a place to let off a
little bit of steam," said the club's founder, James Thornett. "It
was a period of my life I enjoyed thoroughly."